لا يجد وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ تبريراً مقنعاً لعدم حضور لبنان القمة العربية، لكون الأخير "جزءا لا يتجزأ من الأمة العربية". آملا في "ان يتم انتخاب رئيس للجمهورية وفق مندرجات الحل السياسي، ليكون الرئيس العتيد إلى جانب الملوك والرؤساء العرب".. وخلاف ذلك "يجب التفكير في آلية تمثيل مناسبة تراعي التوازنات والحساسيات".
هذا التمني "عاجله" صلوخ بتمنٍّ آخر هو "ان لا تكون مقاطعة القمة هدفها إجهاض الحل العربي المتمثل بالمبادرة العربية".. لافتاً إلى "ان قرار مقاطعة القمة ليس قراراً سهلاً لكي يُتخذ بخفة وتسرع"، داعيا في الوقت ذاته الى الاستفادة قدر الامكان "كعرب من الدور الإيراني في تقوية موقفنا على الصعيد الاستراتيجي، بدلا من ان نجعل ايران موضع خلاف عربي ـ عربي".
القمة العربية شؤونها وشجونها وما يدور في فلكها حتى موعد انعقادها، كانت محاور لأسئلة حملتها "الانتقاد" الى قصر بسترس حيث الوزير صلوخ يمارس مهامه وزيرا للخارجية ـ في موقع تصريف الاعمال ـ حتى "يصدر نص قانوني يلغي مفاعيل الذي عينه في الوزارة".
وهنا نص الحوار:
ـ السؤال المطروح اليوم هل سيحضر لبنان القمة العربية في دمشق، وبرأيك على أي مستوى من التمثيل السياسي؟
نحن نرى أمراً طبيعياً ومطلوباً أن يحضر لبنان القمة العربية، فلبنان عضو مؤسس لجامعة الدول العربية، وجزء لا يتجزأ من الأمة العربية، وبالتالي من البديهي أن يلتزم لبنان آليات العمل العربي المشترك، وفي طليعتها حضور القمم العربية، أما مستوى التمثيل فنحن نعتبر أن تمثيل لبنان في القمة، أية قمة، يجب أن يكون على مستوى رئيس الجهورية، وبالتالي نأمل أن يتم انتخاب الرئيس قبل القمة وفقاً لمندرجات الحل السياسي الشامل المعروفة، وحينها يكون الرئيس العتيد إلى جانب اخوانه الملوك والرؤساء العرب.
أما إن لم تحصل الانتخابات الرئاسية لا سمح الله، فيجب التفكير في آلية تمثيل مناسبة تراعي التوازنات والحساسيات، وأن يكون التمثيل اللبناني حكيماً وشاملاً ومدروساً قدر الإمكان، مع علمنا التام بأنه سيكون تمثيلاً منقوصاً نظراً للفراغ على مستوى رئاسة الجمهورية.
ـ كيف وافقت على استلام الدعوة مع أنك وزير مستقيل؟
أنا وزير مستقيل وملتزم بموقفي السياسي مع زملائي الوزراء المستقيلين الآخرين، وأقوم بتصريف أعمال وزارة الخارجية والمغتربين انطلاقاً من حقي وواجبي الدستوري ما دامت استقالتي لم تُقبل.
تصريف الأعمال يتم في الإطار الاداري الضيق وبما لا يتضمن أعمالاً تصرفية تتعلق بأساس ممارسة العمل الوزاري، أما موضوع استلام الدعوة إلى قمة دمشق، فهو من الأمور التي لم أجد فيها تجاوزاً لمبدأ تصريف الأعمال، باعتبار أن تلقي الدعوة هو قضية بروتوكولوية، وان كانت متعلقة بقمة على جانب كبير من الأهمية، اضافة لذلك فقد أردنا المساهمة بحل هذا الاشكال بما يحفظ الكرامات ويصون العلاقات ويكفل تجاوز هذه القضية بشكل مناسب.
ـ كيف ترد على انتقادات أعضاء في الحكومة غير الشرعية استغربوا كيف أنك في لحظة تكون وزيراً مستقيلاً ثم تمارس صلاحياتك؟
هذا الكلام مردود لقائليه، لأن الحكومة نفسها التي ينتمي اليها هؤلاء رفضت استقالتنا وعادت تنكر علينا حق تصريف الأعمال، نحن نقول باختصار انه من الناحية الدستورية الوزير يبقى وزيراً لحين صدور نص قانوني يلغي مفاعيل النص الذي عينه في الوزارة، وبالتالي فإن على الحكومة إن أرادت الانسجام مع الأصول، أن تقبل هذه الاستقالات إذا رأت ذلك ملائماً من الناحية السياسية، وحينها لا يحق لنا ممارسة أية صلاحية وزارة، أما ان تمتنع الحكومة عن قبول الاستقالة لكي تدفع عن نفسها عيب اللاميثاقية وتقوم بنفس الوقت بتسليم حقائبنا إلى وزراء بالوكالة بشكل مناف للأصول القانونية، فهذا لا يستقيم، الحل هو في الاتفاق السياسي الشامل الذي يتضمن حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع بفعالية، وذلك في إطار الحل الشامل الذي يشمل وفق التسلسل الزمني الدستوري انتخاب رئيس الجمهورية.
ـ كيف قرأتم المطالبة بمقاطعة القمة العربية من جانب قوى الموالاة بذريعة أن سوريا هي المسؤولة عن تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية؟
نحن لدينا المبادرة العربية وهي المبادرة التي يجمع عليها كافة الأطراف في لبنان، وهذه المبادرة صادرة عن الدول نفسها التي سوف تجتمع في دمشق. سوريا هي البلد المضيف للقمة، ولكن القمة سوف تجمع العرب جميعاً، وهي إحدى أهم آليات العمل العربي المشترك، وبالتالي فإن مقاطعتها هي مقاطعة للمبادرة العربية ولإمكانيات تفعيلها وتزخيمها.
ـ إلى أي حد تعتقدون أن قرار المقاطعة من جانب هذه القوى مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالرغبة الاميركية لإفشال القمة؟
نحن نلاحظ منذ فترة طويلة أن الموقف الأميركي غير مؤيد للمبادرة العربية وغير مؤيد كذلك لحل الأزمة السياسية بشكل متكامل وشامل في الإطار العربي، وهذا على كل حال ليس موقفاً اميركياً مخفياً، بل خرج إلى الاعلام مرات عديدة. انطلاقاً من هذا الموقف لا بد أن الأميركيين لا يستسيغون أن تكون القمة العربية في دمشق قمة لرأب الصدع العربي وتكريس امكانيات الحل العربي في لبنان من خلال تكريس توافق العرب، ولذلك نراهم يشككون بالقمة العربية وامكانيات نجاحها، هذه المواقف تجد بعض التناغم في الداخل وهذه ملاحظة موضوعية.
على كل حال نأمل أن تكون الخلفيات مختلفة وألا تكون الدعوة إلى مقاطعة قمة دمشق هدفها إجهاض الحل العربي المتمثل بالمبادرة العربية، لأن الحلول الأخرى غير متاحة وغير قابلة للنجاح وهي غير موجودة أصلاً.
ـ الملاحظ أن هناك تبايناً بين قوى الموالاة حول حضور لبنان القمة، هل يعود ذلك لتوزيع في الأدوار أم أن المسألة عائدة إلى اختلاف في الممارسة السياسية؟
قرار مقاطعة قمة جامعة الدول العربية ليس قراراً سهلاً لكي يتم اتخاذه بخفة وتسرع. وهناك بلا شك أطراف تدرك هذا الموضوع وتتريث قبل أن تندفع في موجة المطالبة بالمقاطعة، هناك في فريق الموالاة شخصيات لديها باع في الدبلوماسية الدولية والعلاقات بين الدول والمنظمات وتدرك جيداً ما هي انعكاسات قرار مقاطعة قمة، خاصة قمة عربية، ولذلك نجد هذا التباين في المواقف.
ـ ما هي الحجة التي قد يتذرع بها الرئيس السنيورة فيما لو رفض لبنان المشاركة بالقمة؟
نحن نأمل ألا يتم التذرع بأية حجة لعدم المشاركة، وأن تكون المشاركة اللبنانية مدخلاً لمرحلة جديدة في العلاقات اللبنانية ـ السورية، وخاصة أن جامعة الدول العربية قد أدخلت عامل العلاقات اللبنانية ـ السورية في اطار مندرجات حل الأزمة السياسية اللبنانية.
ـ الرئيس السنيورة قال انه قد يكون من الحكمة انتظار موعد جلسة الانتخابات الرئاسية في 25 الشهر الجاري حتى يقرر المشاركة أو عدمها، ماذا يعني ذلك؟
الجميع يترقب جلسة الخامس والعشرين، ولكن هذا لا يعني ان نرهن مشاركة لبنان على مآل هذه الجلسة. نحن نأمل من كل قلبنا أن تسفر جلسة 25 عن انتخاب الرئيس، وحينها تحل عقدة المشاركة، ولكن إن لم يحصل ذلك هل نمضي بمزيد من التعقيد وتوتير الأجواء وتشتيت المبادرة العربية من خلال مقاطعة أحد أطرافها، والمؤسسة التي خرجت عنها المبادرة، أعتقد أن اتصالات عديدة داخلية وخارجية تجري لحين موعده، وحينها تصبح الصورة أوضح، واعتقد أن هذا ما قصده الرئيس السنيورة.
ـ هل تتوقع انتخاب رئيس للجمهورية قبل موعد القمة وبالتالي تزول كل الاشكالات حول حضور لبنان القمة؟
آمل ذلك وأعرف أن جهوداً كبيرة تبذل في هذا السبيل، ولكن الأمور لا يبدو أنها بهذه البساطة، وإنما يجب ألا نستسلم لليأس، فالامكانية موجودة وقائمة ويمكن أن تتطور.
ـ ماذا أضافت القمة الإسلامية في دكار على روزنامة الحلول لناحية الخروج من الأزمة اللبنانية؟
قمة دكار، اضافة لدعمها وتبنيها للمبادرة العربية في بيانها الختامي، كانت مناسبة لإجراء اتصالات جانبية بين العديد من الوفود نأمل أن تساهم في الوصول إلى الحل.
ـ برأيك كل هذه الضغوط حول قمة دمشق ألا يعطيها زخماً أكبر بغض النظر عن مستوى التمثيل؟
لا شك أن قمة دمشق هي قمة هامة وذلك بسبب الظروف التي ترافقها والتحديات الملقاة على عاتق المشاركين فيها، وأعتقد أنها ستكون مؤشراً للصحة السياسية للعالم العربي وقدرته على توحيد رؤاه وتنسيق مواقفه تجاه الأخطار المحدقة.
ـ كيف قرأت الدور الإيراني في محاولة التقريب بين العرب ولا سيما سوريا والسعودية على أبواب القمة؟
ايران دولة مهمة على الصعيد الاقليمي، وهي جارة للعالم العربي وتشاركنا هموما كبيرة لا سيما في الصراع العربي ـ الاسرائيلي، وبالتالي علينا أن نستفيد كعرب من الدور الايراني في تقوية موقفنا على الصعيد الاستراتيجي بدلاً من أن نجعل ايران موضع خلاف عربي ـ عربي، لأن المستفيد من هذا الخلاف هو بالدرجة الأولى اسرائيل التي يهمها أن توجد للعرب أخصاما وهميين تصرفهم من خلالهم عن حقوقهم وقضاياهم الأساسية وفي طليعتها قضية فلسطين، إيران مدركة تماماً لهذه الحقيقة لذلك نجدها تعمل دائماً على خط التنسيق مع العالم العربي ودوله وخط التقريب بينها، لأن أي خلاف تستفيد منه اسرائيل، وهي عدوة كل العرب وعدوة إيران في الوقت عينه.
ـ هل يمكن أن يقبل الوزير صلوخ تمثيل لبنان في قمة دمشق؟
أنا لدي موقفي السياسي المنسجم مع مواقف حلفائي السياسيين، وهو موقف معروف ومستمر ولم تطرأ أية معطيات تجعلنا نبدله.
ـ ما رأيك في ما طرح عن اقتراح ان تحضر أنت القمة إلى جانب وزير من الموالاة؟
الوضع الحالي للأمور لا يسمح بهكذا ترتيب، وكما قلت موقفي السياسي منسجم مع مواقف الحلفاء السياسيين، ولم نر معطيات حالياً تسمح بتغيير هذا الموقف القاضي بعدم المشاركة في الاجتماعات الدولية، نحن يهمنا أن يكون لبنان مشاركاً في القمة بشكل لائق ومناسب وهذا هو الأساس في الموضوع.
حوار: أمير قانصو وحسين عواد
تصورير : عصام قبيسي
الانتقاد/ العدد1259 ـ 21 آذار/مارس 2008