ارشيف من : 2005-2008
الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني خالد حدادة : مواجهة الفقر والغلاء من مواصفاتنا للرئيس العتيد
جلس تحت صورة الثائر الكوبي "تشي غيفارا" وبجانبه بقايا غنائم إسرائيلية في إحدى زوايا المكتب، كان غنمها مقاومون شيوعيون من مارون الراس إبان حرب تموز 2006.
هكذا استقبلنا الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني د. خالد حدادة، الذي تحدث بألم عن انشغال الجميع في المهاترات السياسية دون ان يلتفتوا الى أن هناك أزمة اقتصادية واجتماعية بدأت تنهش بالسواد الأعظم من اللبنانيين. وبالتالي فالتحرك الذي قاده الحزب الشيوعي في الفترة الأخيرة احتجاجاً على السياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة "إنما جاء متأخراً، ولم يكن خطأ في توقيته"، ولكنه أراد من خلال هذا التحرك ان يضرب عصفورين بحجر واحد: "مواجهة السياسات التي تُمّرر تسللاً من قبل الحكومة"، وإضافة شرط اساس لـ"مواصفات الرئيس العتيد"، لأن برأيه "سياسة تأمين رئيس كيفما كان، من شروطها أن يصل الشعب اللبناني إلى اليأس من إمكانية تحقيق أي مطلب إصلاحي".
ولكون الحزب ذا باع طويل في العمل المقاوم منذ بداية الثمانينيات، شاء حدادة أن يذكر من خانته الذاكرة بـ"كلام لكمال جنبلاط في بداية الستينيات عندما طالب بتسليح القرى الحدودية وإنشاء مقاومة شعبية، لأن هناك حالة فراغ بالتصدي للإسرائيلي"، وهو بذلك أراد أن يغمز من قناة وليد جنبلاط وحليفه المستجد سمير جعجع في أن مصلحتهما وجدت بـ"المراهنة على انتصار المشروع الأميركي في المنطقة".
في مكتبه في مقر قيادة الحزب الشيوعي كان لـ"الانتقاد" جولة أفق مع حدادة رسم خلاها ملامح الوضع الاقتصادي والسياسي راهناً.
ـ نظمتم اعتصاماً شعبياً في عدد من المناطق احتجاجا على السياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة، ألا تعتقد ان تحرككم هذا جاء في توقيت خاطئ نظراً لانشغال الجميع في الاستحقاق الرئاسي؟
* (يبتسم) في الحقيقة هذا السؤال طرحناه أولا على أنفسنا، وُيطرح علينا بشكل دائم، برأينا لا.. التحرك جاء متأخراً ولم يكن خطأ في توقيته، لكوننا نعتبر ان أزمة البلد ليست فقط أزمة سياسية، فجزء أساسي منها يتعلق بأزمة الدولة والحكومة ببرنامجها الاقتصادي الاجتماعي، وبالتالي إذا كانت الحكومة والدولة والأكثرية في ظل الأزمة السياسية الكبيرة لم تنسَ اتخاذ قرارت اقتصادية، حيث لمسنا خلال الفترة الماضية وفي ظل الضجة الإعلامية السياسية والدخان السياسي حول ما يسمى الاستحقاق الرئاسي، محاولة الحكومة ان تمرر بالقطعة الكثير من المتطلبات والشروط الموضوعة من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمرافقة لبرنامج "باريس 3"! هذا دفعنا للقول انه ما دامت الدولة المعنية أكثر بالاستحقاق الرئاسي تأخذ الإجراءات التي تنعكس سلباً على الناس: زيادة الضرائب، الكهرباء، زيادة أسعار نفط، زيادة أسعار القمح، بحيث إن نسبة الغلاء والتضخم باعتراف الدولة وصلت إلى 4،6%، فيفترض على القوى السياسية التي تواجه هذه السياسة أيضاً أن تتحرك.
برأينا هذا التحرك جاء في وقته لتنبيه كل القوى السياسية في الدولة والمعارضة ان هناك جانباً هاماً من مواصفات أي رئيس وأي حل، وهو الجانب المتعلق بالموقف من القضايا الاقتصادية ـ الاجتماعية، لأننا لا نريد أن يبدي رأيه بما يجري في المنطقة ورأيه في الحل الداخلي فحسب، أيضا ما هو رأيه بالاستحقاقات المعيشية للناس؟ لأنه إذا كان المطلوب من حل الأزمة الحالية مراعاة هواجس البعض من سياسيين ومن قوى سياسية وطائفية فالمطلوب أكثر مراعاة هواجس المواطنين التي تتمثل إضافة إلى حاجاتهم للأمن والاستقرار، حاجاتهم إلى معالجة هواجسهم في ما خص الوضع الاقتصادي الاجتماعي، لأن أي حل للازمة السياسية يريد ان يبتكره الرئيس العتيد بمعزل عن هواجس الناس يكون حلاً ناقصاً، وسيوقع البلد بعد مرحلة وجيزة بحالة جديدة من التوترات ذات الطابع السياسي.
ـ .. إذاً تحرككم يأتي في سياق دق ناقوس الخطر وإمكانية تلمس مواصفات الرئيس العتيد؟
* طبعاً.. جزء منه مواجهة السياسات التي تُمّرر تسللاً من قبل الحكومة بخصوص الضمان الاجتماعي وزيادة الضرائب والغلاء الذي يطال كل السلع الغذائية التي يحتاجها المواطن، وجزء منه في تحديدنا لمواصفات الرئيس العتيد.
ـ هل شعرتم بأن صوتكم هذا الذي رفعتموه في أرجاء بيروت قد وجد له صدى عند المعنيين من أهل السلطة، أم ان صوتكم كان رجع صدى؟
* ستتفاجأ إذا قلت لك إن أكثر الناس الذين شعروا بأهمية هذا التحرك هم السلطة!
ـ كيف؟
* حصلت بعض المضايقات ذات الطابع الإعلامي، لا سيما من خلال بعض المعوقات التي كانت تضعها بعض الأجهزة الأمنية بخصوص بعض التحركات في بعض المناطق، ثم الاستفزازات التي رافقتها من خلال الحملة التي قامت بها بعض القوى السياسية ضد التحرك برغم انه لم يكن بالملايين، وهذا مؤسف بالحقيقة. الدولة هي التي تفعل بالمجال الاقتصادي الاجتماعي بشكل سلبي، بالمقابل ممنوع على الفقراء والمتضررين أن يحتجوا وأن يكون لهم رد فعل.. في هذا الإطار الدولة كانت تعلم ان إثارة المواضيع الاقتصادية على أبواب المدارس سيحرجها أولا أمام الجمهور الذي يمشي وراءها ويتبعها بطريقة الشحن المذهبي، لأجل ذلك كانت قوى السلطة أكثر حماساً من الناحية السلبية في محاولة منع هذا التحرك وإمداده.. وثانياً، نعم شعرنا بلا مبالاة بعض الهيئات التي يفترض أن تتحرك على المستوى النقابي وهيئات المجتمع المدني وعلى مستوى قوى المعارضة.
الاستحقاق الرئاسي والأزمة الداخلية
ـ برأيك ما تأثير التطورات الراهنة والاستحقاقات المقبلة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد؟
* للأسف الحالة التي أوصلتنا إليها الدولة والحكومات المتعاقبة بعد الطائف، من حالة التضخم وزيادة الضرائب والدين العام الذي وصل الى 45 مليار دولار، جعلت الناس على شفير الهاوية الاجتماعية. ففي ظل تعطيل العجلة الاقتصادية، وخصوصاً الاقتصاد المنتج، اللبنانيون اليوم يعيشون مرحلة الاستفادة فقط من المال السياسي، وهذا المال الذي يدفع في البلد لا "يعيّش" شعباً، بل فئات محددة في إطار التبعية السياسية، ما يدفع شبابنا للهجرة. هذا المال لا يمكن أن يعمل اقتصادا وطنيا أو انتاجا، من الممكن أن يقدم معالجات مؤقتة، ولكن إذا ما استمرت الازمة السياسية بالتدهور فهذا المال لن يكون بمقدوره أن ينهض بشعبنا، وبالتالي سيعاني أكثر من الأزمات الاقتصادية الموجودة.
ـ هل هناك من رابط بين الضغط الاقتصادي المعيشي التي تعيشه البلاد والحركة السياسية التي نعيش غمارها اليوم من اجل تمرير الاستحقاق الرئاسي؟
* طبعاً.. سياسة تأمين رئيس كيفما كان من شروطها أن يصل الشعب اللبناني إلى اليأس من إمكانية تحقيق أي مطلب إصلاحي، سواء على المستوى السياسي او على المستوى الاقتصادي الاجتماعي بهدف أن يقبل بأي حل كيفما كان. برأيي هذا جزء أساسي من عملية الضغط السياسي القائمة في البلاد، وجزء متعلق بمصلحة الفئات الحاكمة. ونحن بتقديرنا كل تأزيم للوضع الاقتصادي في لبنان والمنطقة عائد إلى رغبات سياسية عند القوى الدولية والإقليمية والمحلية.
التدخل الاميركي
ـ ما رأيك بحجم التدخلات الأميركية في الملف الداخلي، وشاهدنا بعض فصولها في كلام فيلتمان وعدد من المسؤولين الأميركيين والقرارات التي اتخذتها الادارة الاميركية؟
* نحن أول من حذر من أن طبيعة القوى السياسية الحاكمة في لبنان لا يمكن ان تعيش من دون وصي، وهي سابقاً كانت جزءاً من حالة الوصاية السورية التي كانت قائمة في البلد. الأطراف الحاكمة اليوم هي نفسها التي كانت تحكم باسم الوصاية السورية، وفي القرار1559 كنا نعتبر ان هذا القرار هو المؤشر الحقيقي ليس لاستقلال وسيادة لبنان، وإن كان في البندين الأولين حاول أن يعطي لنفسه مساحة على قاعدة تحقيق الديمقراطية والسيادة وغيرها من الشعارات التي رفعت، إنما جوهره إبدال الوصاية التي كانت قائمة في لبنان بسبب ظروف المنطقة بوصاية دولية مباشرة تحت السيطرة الأميركية. يومها قلنا ان هذه الحركة القائمة تحت شعار الاستقلال والسيادة هي حركة نقل البلد من حالة التبعية لعنجر إلى حالة التبعية لعوكر، وكنا اعتبرنا حينها أن هذا أخطر ما يتضمنه فعلياً القرار 1559، فضلاً عن تضمنه نقل حالة الفوضى البناءة من العراق إلى لبنان تحت شعارات مختلفة والإصرار على نزع سلاح المقاومة في لبنان لتسهيل السيطرة العسكرية غير المباشرة لـ"إسرائيل"، والسيطرة السياسية المباشرة للولايات المتحدة الأميركية على الوضع في البلد.. إضافة لتضمنه وتحت شعار تنظيم الوضع الفلسطيني، إزالة السلاح الفلسطيني وإيجاد حالة خلاف فلسطينية ـ لبنانية تمهد لحلول مرتبطة بما تراه أميركا، وأخطره موضوع التوطين. وهنا أذكر بعض قيادات الأكثرية التي كانت عبرت بوضوح، ومنهم سمير جعجع الذي قال صراحة ان هذه الحكومة هي حكومة الـ1559، وليست حكومة الطائف، فلو كانت فعلاً حكومة الطائف لكانت نفذت البنود الفعلية التي لم تنفذ بعد، والمتعلقة بالإصلاح السياسي وتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، وإنشاء قانون انتخاب عادل وإعادة الاعتبار للمجلسين الاقتصادي الاجتماعي والدستوري، فضلا عن بندين كانا مطبقين من اتفاق الطائف وتراجعت عنهما الحكومة وأهملتهما، وعنيت بهما المجلسين المذكورين آنفا.
ـ هل تواجه المعارضة في لبنان حلفاً دولياً يقف خلف فريق 14 شباط وتحدث البعض عنه في انتخابات المتن مثلاً؟
* في الحقيقة كما ان هناك ملاحظات على الحكومة بما أنتجت من أزمات، أعتقد ان غياب مشروع متماسك لدى المعارضة لاستكمال مهمة التحرير بمهمة التغيير الديمقراطي في الداخل وإصلاحات حقيقية وخوض معركتها كما خاضت المقاومة معركة التصدي للاعتداءات الإسرائيلية وهزمتها، أنا برأيي المعارضة في هذا المجال أيضاً تتحمل المسؤولية.
ـ ما المطلوب اذاً؟
* المطلوب اليوم مواجهة هذه المؤامرة الكبيرة التي من المرجح أن تكبر بقدر ما يشعر الأميركي بأن خسائره في العراق وفي المنطقة تزيد، حيث سيعمد الى الإمساك أكثر بمواقع النفوذ التي يعتبرها اليوم ملك يديه. وواحد من هذه المواقع هو لبنان، وهذا ما يبرر أن تدفع أميركا كثيرا في اتجاه تصعيد الوضع في لبنان، لأنها تعتبر أي تنازل فيه هو بداية هزيمة فعلية لها، وسيؤدي الى فقدان نفوذها بعدما بدأت بذلك في العراق. وانطلاقا من هذه الرؤية أعتقد ان مشكلتنا اليوم ان هناك حكومة سقطت بمعناها الاقتصادي والاجتماعي والوطني، وللأسف المعارضة لم تمتلك مشروعا وطنيا ينجي البلد، بدليل أن هذا النظام الطائفي والتحاصصي "يقبر" كل الانتصارات.. بمعنى أنه سنة 82 و2000 و2006 حقق شعبنا بمقاومته وبجيشه انتصارات تأثيرها سيشمل كل المنطقة، في حين نجد أن هذا المنتصر يصبح متهماً! هذا دليل على ان هذا النظام لا يحتمل مواجهة مع العدو الوطني للبنان بشكل كامل، انما أولويته محاصصة طائفية وليس التصدي للمهمات الوطنية.
ـ لماذا تصرّ المعارضة على تشكيل حكومة وحدة وطنية أو حكومة إنقاذ قبل الانتخابات الرئاسية؟
* في الحقيقة نحن لدينا موقف من موضوع حكومة الوحدة الوطنية، وبرأينا إحدى المشاكل التي نعانيها أن بلدنا لم تتكّون لديه معايير موحدة للانتماء الوطني، وهذا السبب يجعل البعض إذا ما انتصرت المقاومة لا يعتبر نفسه منتصراً، لأن هناك مشكلة ولاء للوطن وانتماء وطني ومشكلة انقسام، ما يجعل اللبنانيين دائماً بحاجة الى وصي خارجي، وبالتالي الحديث عن حكومة وحدة وطنية من جهة وعن ان الاستحقاق الرئاسي يفترض أن يحصل في وقته لا يفترض أن يكون هما أساسياً عند اللبنانيين. اللبنانيون يجب أن يكون همهم الانتقال من هذه الحالة التي هم فيها إلى مشروع إنقاذ فعلي وبناء دولة وطنية.
ـ ما هو مدخلها؟
* تنفيذ ما تبقى من اتفاق الطائف، نحن كشيوعيين لا نطالب بالاشتراكية، نطالب بما تم الاتفاق عليه في الطائف برعاية أميركية وسورية وسعودية.
ـ هل هناك من يريد نسف اتفاق الطائف؟
* طبعاً.. هناك محاولة لتجاهل ما تبقى من اتفاق الطائف، وهو الإصرار على إبقاء الوضع على ما هو عليه، والإصرار على الترقيع مما ينتج بكل لحظة أزمات أخرى. وحتى ولو افترضنا انهم توصلوا إلى توافق على حل بشأن الرئيس العتيد، فربما الأمور تعود وتنفجر بعد سنة، لأنه لم توضع أسس لحل وطني حقيقي. ربما بعد سنة سنشهد طرح موضوع سلاح المقاومة أمام استمرار الاعتداءات الإسرائيلية وعجز الدولة عن صياغة سياسة دفاعية، وحاجة شعبنا الدائمة إلى المقاومة. وهنا أذكر ـ للأسف البعض ينسى ـ كلاما لكمال جنبلاط في بداية الستينيات وكان من أوائل الأطراف اليسارية، عندما اعتبر الدولة اللبنانية عاجزة وممتنعة عن الدفاع عن لبنان، حينها طالب بتسليح القرى الحدودية وإنشاء مقاومة شعبية، لأن هناك حالة فراغ بالتصدي للإسرائيلي، وذلك قبل أن تأتي المقاومة الفلسطينية. معنى ذلك ان المقاومة ليست ملهاة، وليست قراراً ذاتياً عند الذين قاوموا، أكان عند الشيوعيين أو حزب الله، هي مفهوم تكون بضرورة التصدي للاعتداءات الإسرائيلية وغياب الدولة عن القيام بهذه المهام.. وأيضا ربما بعد سنة سُيعاد طرح موضوع موجبات تنفيذ "باريس 3" وطبيعة العلاقات اللبنانية السورية واللبنانية ـ العربية.. معنى ذلك ان الأمور ستعود لتنفجر على قاعدة إمكانية تجاوز أميركا لأزماتها في المنطقة، وبالتالي إذا لم نستفد من هذه اللحظة وضغطنا لحل إنقاذي قائم على إلغاء الطائفية وعلى قانون انتخابي عادل وعلى إنشاء مجلس الشيوخ وعلى إعادة الاعتبار للمجلس الدستوري وللمجلس الاقتصادي الاجتماعي، فبرأيي أننا نمهد لأزمة جديدة بعد فترة.
ـ يبدو انه كلما اقتربنا من موعد الاستحقاق الرئاسي فإن لهجة فريق الموالاة تتصاعد، كما لوحظ من تصريحات وليد جنبلاط وسمير جعجع الذي قال انه يريد رئيس للجمهورية "كيفما كان"، ومن ثم "شو ما كان"، فيما المعارضة ما زالت تلتزم الهدوء نسبياً؟
* هناك تفسير واحد، هو ان قوى الموالاة ترى ان أي تنازل لها سيلغي الحالة التي استفادت منها خلال السنتين الماضيتين، وبالتالي هي تدافع عن مصالحها باسم الوجود السياسي وبالسيطرة السياسية. هذه القوة استفادت من التشرذم ومن حدة الصراع المذهبي والطائفي، والصراع الإقليمي والدور الأميركي الموجود، وبالتالي تعتبر أي تنازل سيضر بمصالحها، وأن أي تنازل هو تنازل عن مكتسبات كانت لها على حساب البلد وعلى حساب قوى أخرى. وبالإمكان القول هنا ان جعجع وجنبلاط وجدا مصلحتهما بالمراهنة على انتصار المشروع الأميركي في المنطقة.
ـ هل سنشهد مع دخولنا حلبة الاستحقاق الرئاسي منازلة ومواجهة سياسية، وما هو موقفكم في الحزب الشيوعي مما يطرح، خصوصاً ما يتعلق بتفسير بعض نصوص الدستور؟
* المهم بالنسبة الينا ليس الشكل الدستوري ولا موعد الاستحقاق الدستوري، المهم أن يتفق اللبنانيون على برنامج إنقاذ حقيقي لا يعرض البلد لهذه التجربة مرة اخرى، وإلا فسنكون أمام صراعات على "جلد دب لم يتم اصطياده بعد". مع العلم ان نصاب الثلثين في إطار الديمقراطية التوافقية ـ غير المتحمسين لها ـ يصبح ضروريا، مع العلم اننا مع إلغاء هذا المنطق والعمل على إصلاح سياسي حقيقي وقانون تمثيلي يكون على أساس النسبية، عندها تصبح الأكثرية تحكم والأقلية تعارض. أما إلى أين البلد.. فنحن لسنا متفائلين.
ـ هل تتوقع أن تجري الانتخابات في موعدها؟
* في الواقع لست متفائلا نتيجة ربط هذا الاستحقاق بالصراع الدائر في المنطقة، والأرجح أننا سنكون امام مرحلة انتقالية نتمنى ان تكون غير عنيفة.
المقاومة
ـ بعد عام على انتصار المقاومة في مواجهة العدوان، هل تجد ان لبنان استفاد من حجم هذا الانتصار؟
* غريب هذا البلد الذي لا يعرف كيف يستفيد من انتصاره، ثم ان تأثير هذا الانتصار في مستوى العالم العربي والإسلامي وفي "إسرائيل" كان أكثر بكثير منه في المستوى اللبناني. وأرى ان ملامح هذا الانتصار ستكون أكثر وضوحاً في المنطقة بعد فترة من الزمن.. وأريد ان أوجه رسالة للناس بأن لا تعود للحديث عن الصراع العربي الإسرائيلي، مع أننا جزء منه شئنا ام أبينا، ولكن ما يهمنا اكثر هو الصراع اللبناني الإسرائيلي، فهناك صراع بين المفهوم الوطني اللبناني المستقل والاعتداءات الإسرائيلية علينا وأطماعها، ومنها توطين الفلسطينيين في لبنان.
ـ هل بالفعل بتنا امام معسكرين على مستوى المنطقة هما: أميركا وحلفاؤها والمقاومة؟
* (مقاطعاً) صحيح، ولكن أضيف انه مطلوب من المعادين للمشروع الإسرائيلي في المنطقة ان يصيغوا برنامج مواجهة حقيقيا يشمل كل الجوانب التي تعتدي أميركا بها علينا من خلال مصادرة ثرواتنا، سيطرتها السياسية، محاولة فرض الحروب الأهلية، وتغييب الديمقراطية الفعلية.
حوار : حسين عواد
الانتقاد/ العدد1230ـ 31 آب/أغسطس 2007