ارشيف من : 2005-2008

مصطلحات

مصطلحات

كتب إبراهيم الموسوي
العدو الإسرائيلي يطالب بإعادة تعريف مصطلح "الأعمال العدائية" كما هو وارد في القرار الدولي الرقم 1701، هذا هو الطلب، ولكن من الواضح أن الهدف يتمثل في إعادة النظر في "قواعد الاشتباك" التي تحكم المعادلة الحساسة التي رست عليها الأوضاع منذ نهاية حرب تموز 2006، وهو ما لم يتأخر مرشح اليمين الايطالي لرئاسة الحكومة، رئيس الوزراء السابق برلسكوني بالإفصاح عنه، من خلال إبداء الرغبة بإطلاق يد كتيبة بلاده في الجنوب بما يتناسب مع الهدف الآنف الذكر.
يريد الإسرائيليون إطلاق اليد في الجنوب ويريدون توسعة صلاحيات القوات الدولية بما يتناسب مع مصالحهم، ويريدون أيضاً التضييق على المقاومة لمنعها من القدرة على مواجهة أي عدوان مقبل، أو على الأقل تقليص هذه القدرة إلى أقل حد ممكن، يترافق كل هذا مع تكثيف للخروقات الإسرائيلية براً  وبحراً وجواً، ومحاولات حثيثة لإجراء تغييرات جغرافية على الحدود اللبنانية ـ الفلسطينية.
قوات الأمم المتحدة في الجنوب تقوم بإحصاء خروقات العدو، ولكنها لا تحرّك ساكناً لمنعها، ولا تتخذ موقفاً حاسماً لجهة مطالبة السلطات المسؤولة عنها باتخاذ قرارات ملزمة تحد من العربدة الصهيونية، والكيان الصهيوني مرتاح إلى وضعه لدى المرجعيات الدولية بفعل الفيتو الأميركي الحاضر لتعطيل أي قرار يمس من قريب أو بعيد بمصالحه، وعليه فإنه يأتي متسلحاً بحصانة مسبقة تعفيه من أية مساءلة، فضلاً عن الإجراءات الرادعة بحقه.
ما يحاوله العدو هو إعادة خلط الأوراق في الجنوب اللبناني، ومحاولة تحوير للقرار 1701، والالتفاف عليه لتحويل قوات اليونيفيل إلى قوات ردع، والردع طبعاً لن يكون بحسب ما تريده "اسرائيل" إلا باتجاه واحد، هو الداخل اللبناني، وعليه، فإن المطالب المتوخاة واضحة ومحددة، وتتمثل في إنتاج معادلة جديدة تحمل طابعاً فضفاضاً يتيح تفسيرات خاصة لبعض المصطلحات ولا سيما "الأعمال العدائية" بما يمكن من القيام برزمة اجراءات ميدانية جديدة لم تكن مطبقة من قبل، من مثل القيام بحملات دهم وتمشيط، وإقامة حواجز طيّارة وثابتة، وتوسعة هامش القدرة على التفتيش، وهو ما سيحوّل حياة الناس في تلك المنطقة إلى معاناة كبرى، وبالمقابل، فإن قوات الأمم المتحدة تظل أسيرة معادلات القوى والمصالح الكبرى، بما لا يمكّنها من القيام بأي إجراء حقيقي بوقف الانتهاكات الإسرائيلية التي تزايدت مؤخراً.
من المعروف أن قوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان تدين بالتبعية للجيش اللبناني، ولا تتصرف على الأرض إلا بعد الرجوع اليه والتنسيق معه كمرجعية أصيلة، ومن المعروف أيضاً، أن التفسيرات وإعادة تعريف المصطلحات والمفاهيم وبنود القرارات لا تقل خطورة وأهمية عن القرارات نفسها وكيفية اتخاذها، وفي ظل أية موازين وظروف وأوضاع سياسية سائدة، وبهذا المعنى، فإنه، وبحسب منطوق القرارات نفسها، لا يمكن لأية دولة أو جهة واحدة أن تتولى التفسير والتعريف خارج الأمم المتحدة، المسؤول الأول عن إصدار هذه القرارات، وإزاء ذلك، فإن السؤال يكون حول استهدافات التفسير بحد ذاته أيضاً، وما إذا كان يتضمن التحوير بفرض تجويف قرارات الأمم المتحدة ومعها المؤسسة أيضاً، بعد أن انتهكت وأنهكت بالتدخلات الأميركية ومحاولات  الهيمنة وفرض الشروط والابتزاز.
ربما آن الأوان إلى مساءلات من نوع خاص، وتعريفات للمصطلحات تطالب بها الشعوب هذه المرة، بعد أن رضخت الحكومات المعنية على طول الطريق، تعريفات لها علاقة بإرهاب الدولة المنظّم الذي تديره وترعاه كل من الولايات المتحدة واسرائيل منذ زمن، فيكون إذذاك للضحية صوت ورأي، بعد أن أمعن الجلاّد في وضع المصطلحات، ثم العمل لإعادة تعريفها وتحديدها خدمةً لهدفٍ لم تعد تخدمه التعريفات والتحديدات السابقة!
الانتقاد/ العدد1263 ـ 18 نيسان/ أبريل 2008

2008-04-18