ارشيف من : 2005-2008
مؤتمر الوسطية إختتم أعماله بمجموعة توصيات
إختتم اليوم "المؤتمر الدولي الأول للوسطية في لبنان" أعماله بحضور حشد كبير من الشخصيات السياسية ورجال الدين والمفكرين وممثلي المرجعيات الاجتماعية النقابية والإعلاميين. وتحدث في الجلسة الختامية مروان الفاعوري عن أهمية الإعتدال والوسطية في عالمنا اليوم، قبل أن يُعلن د. وسيم قلعجية التوصيات بإسم جمعية العزم والسعادة.
البيان الختامي
وقال د. قلعجي في البيان الختامي:"في نقلة متقدمة من أجل تفعيل الفكر الوسطي، باعتبار أن الوسطية مشروع الإنسانية الحضاري، واستكمالاً لمشاريع تعميق منهج الوسطية والذي أصبح ظاهرة ايجابية في عدد من الاقطار العربية، عقدت جمعية العزم والسعادة الاجتماعية في لبنان، بالتعاون مع المنتدى العالمي للوسطية، والذي يتخذ من عمان مقراً له، مؤتمراً دولياً بعنوان: "الوسطية مشروع الإنسانية الحضاري" في مدينة طرابلس لبنان من 11 نيسان/أبريل 2008 حتى الثالث عشر منه، وبمشاركة نخبة من علماء ومفكريّ العالمين العربي والإسلامي لمناقشة دور ومنهج الوسطية وتقديمه للعالم ليكون مشروع الإنسانية الحضاري في جميع مجالات الحياة وفي تجلياته الدينية والسياسية والإقتصادية والاجتماعية، وإسهاماً في صياغة مشروع عالمي إنساني رائد، واستمراراً للدور التاريخي والحضاري للبنان على مر العصور والأزمنة والذي كان له الأثر الكبير في تقدم وحضارة الشعوب".
وأضاف :"وإيماناً من جمعية العزم والسعادة الاجتماعية والمنتدى العالمي للوسطية بضرورة تعميق التواصل الحضاري وإعادة إستخراج المكنون الكبير لحضارة الإسلام الوسطية، والذي تحتاج إليه البشرية جمعاء في خِضَمِّ الأزمة العالمية الراهنة. عقد المؤتمرون خمس جلسات على مدار الأيام الثلاثة الماضية، ناقشوا خلالها محاور خمسة تناولت الوسطية والإسلام، الوسطية في الحياة السياسية، الوسطية في المعادلات السياسية، موقع الوسطية في القضايا المعاصرة، والوسطية في النظم الاقتصادية".
وأضاف د. قلعجي :"وبعد أن تداول المؤتمرون جميع هذه المحاور، اتفقوا على إصدار القرارات والتوصيات التالية:
أولاً:
توجيه الشكر إلى جمعية العزم والسعادة الاجتماعية، وإلى راعي المؤتمر دولة الرئيس نجيب ميقاتي على الجهود الكبيرة التي بذلت من أجل انعقاد المؤتمر وإنجاح أعماله.
يدعو المؤتمر إلى غرس روح التسامح والمحبة والتعاون، واحترام الحرية الدينية والفكرية والسياسية، باعتبار أن هذه المفاهيم هي الأساس في مرتكزات فكر الوسطية.
دعوة المفكرين إلى ضرورة ترسيخ فكر ومنهج الوسطية في سبيل الإرتقاء بالإنسانية نحو الأفضل.
يؤكد المؤتمر على ضرورة الإصلاح السياسي واعتماد مبادئ الحرية والعدالة والمشاركة والمساءلة وحكم القانون، باعتبار أن ذلك يعزز الوسطية ويقود بالتالي إلى الإستقرار السياسي في العلاقات الداخلية والدولية.
يدعو المؤتمر إلى معالجة ظاهرة التطرف والعنف التي تعصف بالمجتمعات البشرية، وذلك باعتماد نهج الوسطية القائم على الحق والعدل واعتباره حبل النجاة للبشرية من التيه والضياع الذي يهدد حاضرها ومستقبلها.
يطالب المؤتمر بترسيخ مفهوم الاعتراف بالرأي الآخر في المجتمعات العربية والإسلامية، لأن التعصب للرأي لا يفتح نافذةً للحوار مع الآخرين، ويؤدي إلى الإنغلاق والجمود وعدم معرفة ما عند الآخر من رأي أو فكر، ويمنع التطور نحو الأفضل.
يؤكد المؤتمر على ضرورة إعتماد الديمقراطية كوسيلة استراتيجية في ممارسة الحكم في العالم العربي.
ثانياً: على الصعيد اللبناني
بناءً على توصية المؤتمرين بإنشاء مؤتمر الوسطية في لبنان قررت جمعية العزم والسعادة الاجتماعية إطلاق منتدى الوسطية في لبنان (هيئة لبنانية غير حكومية) ليكون جزءاً من الحركة الوسطية العالمية.
يهدف منتدى الوسطية في لبنان إلى نشر فكر الوسطية والإعتدال والدعوة إلى الإلتزام به سلوكاً وممارسةً في الحوار مع الآخر.
السعي إلى تحويل المنتدى إلى مؤسسة ثقافية دولية فاعلة على المستوى العالمي معترف بها من قبل جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة.
السعي إلى نشر فكر الوسطية عن طريق إنشاء دار نشر وترجمة تتولى إطلاق "المكتبة العالمية للوسطية" عبر طباعة ونشر كافة الأفكار والآراء التي تعنى بالفكر الوسطي وترجمتها من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى وبالعكس.
إعتماد الموقع الإلكتروني لمنتدى الوسطية في لبنان نواة لنشر الفكر الوسطي ومنهج الإعتدال.
الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي سنوي في لبنان يناقش قضايا الوسطية ويعمل على تفعيل مفهومها".
وبعد إعلان التوصيات قُدّمت دروع تكريمية الى كافة المتحدثين في المؤتمر بالإضافة الى مجموعة من الشخصيات. وأختُتم المؤتمر بآيات من القرآن الكريم.
جلسات اليوم الثاني
وكان اليوم الثاني للمؤتمر شهد طرح مجموعة من القضايا الأساسية المتصلة بالوسطية في المجال السياسي وموقع الوسطية في القضايا المعاصرة والوسطية في النظم الإقتصادية.
الوسطية في المعادلات السياسية
وتحدث في الجلسة الثالثة كل من منتصر الزيات، د. عدنان السيد حسين، د. محمد أحمد الحاج ود. فايز الربيع. وقال الزيات الذي يشغل منصب أمين عام النقابة العامة للمحامين في مصر ورئاسة لجنة الحريات في نقابة المحامين، في كلمة بعنوان "الوسطية والتوازن السياسي:" يسود اعتقاد مغلوط لدى البعض أن ترويج مضامين "الوسطية" يتم لصالح الحكومات، كما يفهم بعض المتشددين الوسطية على غير ما أراد الله ونبيّه، فيتأبون عليها ظنا منهم أنها تباعد عن مواطن الجهاد ويصفون دعاتها بالدعة والضعف". وشدد الزيات على أهمية الإعتدال مستشهدا بأحاديث للنبي محمد(ص). ثم تناول الإعتدال في مجال اللغة قبل أن يتهم البعض من شباب العالم العربي بالتعرض لآفة الجهل وعدم تلقي العلم من شيوخه حسب الأصول المعتمدة، كما إتهم "البعض" بوضع النتائج مسبقا ثم البحث عن أدلة وفق مزاجه وتأويلاته. كما حمّل الزيات بعض المؤسسات الدينية الرسمية والعلماء والدعاة في دول عربية مسؤولية عدم النهوض بواجب الإشراف العلمي والفقهي. وقال أن قادة بعض الجماعات الدينية في مصر إعترفوا ببطلان أسانيدهم وتوفرت لديهم الشجاعة للإعتراف والإعتذار عن الخطأ والندم. وشجّع الزيات على أن تسبق "الفكرة الفعل" وعلى إعادة التوازن للعلاقة بين الفكر والفعل. وختم معتبرا التخلف عدوا للأمة في المفهوم الوسطي ولا يقل خطرا عن أعداء الخارج . وختم مثمنا التوجه الى الإعتدال ومعتبرا التساهل والتشدد وجهان لعملة واحدة.
أما د. حسين فإعتبر ان الوسطية التي تقوم على العدل والاعتدال، تقود إلى الاستقرار السياسي داخل الدولة وفي المجتمع الدولي. وأن العدل يؤسس للاستقرار السياسي. وأن الوسطية ترفض في طبيعتها التطرّف والغلو، وتساعد على الاستقرار السياسي بدون انقسامات مجتمعية داخلية وتهديد هيكلية الدولية بالسقوط. وذكر أهمية أحزاب الوسط في المجتمعات الغربية التي حدت من تطرّف أحزاب اليمين واليسار، معتبرا أن التعددية تضع أمام الشعب مجموعة خيارات وبدائل، بدلا من نظام الحزب الواحد والرأي الواحد. وأضاف أن في الفكر السياسي تكبح جماح التطرف الذي يتمظهر في العنف والإرهاب وسيادة القوة. وتناول مصطلح الوسطية في اللغة قبل أن يحلل وضع الوسطية في المجال السياسي. كذلك شدد حسين على أن الوسطية هي حل لمشاكل "الإرهاب" معتبرا أن الوسطية العقلانية تجافي الإرهاب وتكافحه. ثم عرّف الإرهاب بحسب معاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب الدولي (1999). وختم بتناول فلسفة الحياد الإيجابي والإستقرار الدولي.
ثم قدم د. الحاج كلمة بعنوان "سبيل النهوض الحضاري" ذكر فيها بموقف الإسلام من الحوار الحضاري وكيف تعاملت الثقافة الاسلامية مع الثقافات الأخرى حين بدأت ببناء حضارتها. وإعتبر أن هذا التوجه كان إيجابيا ومعتدلا ووسطيا. ورأى ان الاسلام ونتيجة مقاربته الوسطية أثناء بناء حضارته لم يستبعد الموروثات الثقافية الأخرى بل أخذ منها وعززها وإستبعد ما لم يتناسب مع تجربته. وأضاف ان المسلمين مع توجههم الى العالم حملوا معهم وسطيتهم وتعاملوا مع الحضارات الأخرى بأسلوب معتدل فأخذوا النافع وتركوا الضار. وبهذا لم تنكفئ الحضارة الاسلامية على نفسها ولم تتشرنق بل مضت تأخذ وتعطي. وختم متحدثا عن سبل النهوض الحضاري وأهمية الجوانب الفكرية والثقافية والعلمية مشددا على ان يلتقي القرار السياسي مع المال وجهود الباحثين.
أما د. الربيع فقدم موجزا لدراسة بعنوان "حوار الحضارات"، تناول فيها الحوار في القرآن، ساحات الحوار، مشكلات الحوار، آثار الحوار، منطلق الحوار. ثم حلّل مسألة حوار الحضارات في عصر العولمة، وذكر أن العرب والمسلمين اليوم لا ينتجون وسائل الحضارة الإنسانية الحديثة ولا علومها ولا فلسفتها. لكن المقابل أكد أنه بإمكان العالم الإسلامي إمتلاك قوة الثقافة ومنظومة القيم التي أدهشت الغرب في قدرتها على الإستمرار والإنبعاث والتجدد. وتابع الربيع متناولا مجموعة أخرى من أفكار دراسته ضمن شؤون الحوار بين الحضارات.
الوسطية في القضايا المعاصرة
وترأس الجلسة الرابعة التي كانت بعنوان "موقع الوسطية في القضايا المعاصرة" سماحة السيد محمد علي أبطحي. وتحدث في الجلسة كل من سيادة ألأب أنطوان ضو، د. محمد نديم الجسر، النقيب رشيد درباس، نهاد المشنوق ومحمد القضاة.
وفي كلمته التي كانت بعنوان "الوسطية والإختلاف السياسي" قدم ضو لمحة موجزة عن الوسطية في الإسلام وإعتبرها قيمة إنسانية دينية حضارية وثقافية وفي الوقت ذاته هي كنز مشترك للجميع. وشدد على أن الوسطية هي ثقافة إسلامية شاملة تغطي حياة الإنسان والمجتمع والدولة والأمة والعالم كله، وأن دعوة القرآن الكريم الى الوسطية ليست موجهة فقط الى المسلمين بل الى الجميع من خلال عمل المسلمين الذين دعاهم القرآن الى ان يكونوا شهودا على الناس وشركاء مع كل الناس في بناء عالم أفضل. وشدد على أن الوسطية هي دعوة إلى الانفتاح والتواصل والرفض المطلق لمبدأ الإنقلاب والفصل. واعتبر ان الإعتراف بالآخرهو بداية تحقيق الوسطية في أي مجتمع.
وبدأ د. الجسر كلمته عن "الاستبداد والديمقراطية" بتعريف الوسطية على مستوى القرآن قبل ان ينتقل الى تحليل العلاقة بين الاستبداد والديمقراطية، واذا كان هناك ثمة من وسط بينهما. واعتبر د. الجسر ان الشريعة الاسلامية هي التي تستطيع ان تقدم الجواب الكامل. ثم تطرق الى الاسلام ومفهومه للحكم والسلطة والاكثرية والاقلية. وقال :" ليس في الاسلام سلطة دينية وسلطة مدنية، هناك سلطة واحدة تسوس البشر بما لا يخالف احكام الدين، قيادة وسياسة واخلاق، وفي هكذا نظام يصبح الحكم والحاكم والحكومة جزءا من الدين". كذلك استعرض الجسر انواع الحكم قبل ان يحلل النظام الديمقراطي، ونظم اختيار الحاكم في الاسلام.
أما درباس فبدأ كلمته التي كانت بعنوان "الاحتــلال والمقـــاومة بتناول مجموعة من الأحداث التاريخية التي دلت على أهمية المقاومة ومدى نجاعتها في التحرر والاستقلال. ثم طرح عدة محاور بدأت عند مسألة الموقف الوسط بين الاحتلال والمقاومة . وقال :" لا أظن العقل بحاجة للتأمل فليس من وطني يكون حيادياً تجاه الإحتلال، ولكنني لا أرى أن نركن بهذه البساطة لهذه النتيجة السريعة، سيما اذا كان النسيج الاجتماعي قد أصيب بتلف ما". ثم تناول مسألة المقاومة والاجماع الوطني. وسأل "هل الإحتلال ذريعة للخلاف أم سبب للتوحد" ثم إستعرض مجموعة أحداث دلت على أهمية الوفاق خصوصا أمام الإحتلال. ثم تعرض لوضع التعقل والواقعية واللحظة المناسبة التي يسقط فيها التطرف. وهنأ درباس منظمي المؤتمر معتبرا الوقت والمكان مناسبين لطرح مسألة الوسطية.
المشنوق الذي كانت له كلمة تحت عنوان "الوسطية في الإعلام"، تحدث عن موضوع مختلف ربما يكون قريبا جدا الى عنوان"حظوظ الوسطية وتكلفتها وسط الصراع الدولي". وبعد أن قدم لمحة موجزة عن تعريفات الوسطية لدى مرجعيات دينية ودولية قال أن كل التعريفات تثير الإرتباط لأن الوسطية ليست أمرا واحدا بسيطا ومشروط بعدد كبير من العوامل. وقال :" لا يعرف المرء عن الوسطية في نفسه سوى عندما يقرأ عنها. الوسطية ليست حلا وسطا او وساطة بين طرفين، بغض النظر اذا كانوا متفقين او مختلفين، وليست توافقا بين حقين. إنها موقف يدعم او يدين ولكن بطريقة مقبولة". وإنتقل المشنوق الى الشق السياسي للوسطية في خضم الصراع في المنطقة. وإعتبر ان الصراع الحالي هو بين الشرعية الرسمية العربية ومشروع ترعاه ايران وتدعمه بالمال والسلاح. ويسبب هذا الصراع انقسام في البلدان العربية. والمشروع الايراني اتى نتيجة فراغ ولأن ثمة من لا يقوم بواجبه في فلسطين. وسأل :" أين الوسطية في هذا الموضوع، هل تقول الوسطية ان نتخلى عن المقاومة او تقول نتخلى عن الأرض؟". وختم :" الانقسام جدي وكبير ويحتاج الى كثير من الوعي". وأن ثمة قضايا لا نستطيع ان نجد فيه الوسط وان تعمل فيه الوسطية بشكل كامل.
وفي مداخلة موجزة قال د. القضاة ان الوسطية تنبع من الدين الإسلامي وجذورها تذهب عميقا في تاريخ الإسلام. ثم قدم لمحة موجزة جدا عن مفاهيم مثل الحوار والجدل والمناظرة، الاحترام المتبادل. وقال ان الحوار يفترض وجود معايير يؤمن بها الطرفان. وقال ان ثمة ضوابط يجب ان يخضع لها الحوار مثل التكافؤ والمساواة والانطلاق من المبادئ المتفق عليها وان يكون المتحاورون صادقون وعدم التعصب لفكرة مسبقة وانصاف المتحاور فضلا عن مجموعة أخرى من المعايير.
الوسطية في النظم الإقتصادية
وترأس الجلسة الخامسة التي تمحورت حول "الوسطية في النظم الإقتصادية" معالي د. محمد الحلايقة. وتحدث فيها كل من رئيس إتحاد رجال الأعمال المتوسطي جاك صراف، د. أحمد منصور، د. علي الشطي ود. محمد الفنجري. وتناول الحلايقة فكرة الوسطية في النظم الإقتصادية، ومدى أهمية الإسلام وأنظمته المالية في خدمة الافراد والمجتمعات. كما تحدث عن مجموعة من المصطلحات المستخدمة في الكلمات التي سبقت، وحذر من أخطاء شائعة. وقدم تعريفا للوسطية والعلمانية وعلاقتهما بالاسلام. كما تحدث عن المسؤولية تجاه المجتمع ونظرة الاسلام الى هذا الجانب.
المتحدث الثاني في الجلسة كان الصراف الذي قدم كلمة بعنوان "الوسطية ومشكلات التنمية المستدامة". وقال الصراف :"لعل مسار القرن العشرين هو مسار التحول عن الليبرالية و التخلي عنها باتجاه الوسطية الأقتصادية أي اعلاء شأن الدولة التدخلية وفرض ضوابط تنظيمية على سير المنظومة العالمية للرأسمالية. مسار الاستقطاب هذا نحو الوسطية الأقتصادية ظهر يوم أعلن فلاسفة فرنسا عن "نهاية الايديولوجيات" حسب تعبير آلان تورين أو سقوط "النظريات الشاملة". أما الأستقطاب الأكبر للوسطية الأقتصادية فقد بدأ يوم بدأت الدول بالاصلاح الاقتصادي و التوجه نحو اقتصاد السوق وهو ما حصل في المجر، الصين، ثم الاتحاد السوفياتي. فكان ذلك اعترافاً بوجود "خطأ" ما في النظم الأشتراكية المبتدعة في القرن العشرين. وأضاف:" ترى الوسطية الأقتصادية أن التنمية الشاملة مسؤولية وطنية للمجتمع والدولة". ويستنتج صراف فيقول :" اذا تهدف "الوسطية الأقتصادية" الى تشكيل النموذج أو القدوة التي تساهم في تنمية موارد البشرية ورفع المستويات الانتاجية و تحسين الظروف المعيشية لحياة الناس خاصة والأسر. وختم معتبرا أن الطمع والجشع والاستكبار والطغيان يمكن ان يعالج بالوسطية الاقتصادية. كما أكد على دور الطبقة الوسطى في نمو وازدهار الاقتصاد الوطني.
وقدم منصور كلمة بعنوان "الوسطية أداة توازن للمعرفة الاقتصادية". ثم قال في بداية حديثه ان لديه فرضية تقول "أن مفهوم الوسطية الاقتصادية هي أداة توازن في الاقتصاد الإسلامي إذا ما انطلقت من نظرية المعرفة ومصدرها إسلامياً العقل والنقل وسلوكاً بالرشد الاقتصادي وليس العقلانية المقترنة بالهوى". ثم تحدث عن الاقتصاد والمعرفة قبل ان الى شرح المعرفة الاقتصادية ضمن الإطار الفلسفي. وشرح عن الأنموذج الوضعي قبل ان يركز على الأنموذج المعرفي الإسلامي مستشهدا بآيات من القرآن الكريم. كذلك تحدث منصور عن الوسطية والتوازن، وشرح أن البعد الأخلاقي لمفهوم الوسطية والتوازن يتجسّد في المنظور الإسلامي من خلال النظرة الواقعية التي تتميز بها المعالجات الإسلامية. ثم شرح فلسفة التحليل الاقتصادي في إطار الشريعة أي المقولات الفقهية والتحليل الاقتصادي. وتطرق أيضا الى الأحكام الشرعية "الحاكمية" وإطار العلاقة بين النظرية الاقتصادية الإسلامية والأحكام الشرعية وفلسفة النظرية الاقتصادية الإسلامية.
وتحدث الشطي عن "الإسلام والتوازن الإقتصادي"، فقال بداية أن الإسلام يشكل منظومة منظومة معرفية متكاملة وشاملة لجميع الأبعاد. وأن جميع مفردات وجزئيات هذه المنظومة لا تتناقض مع بعضها البعض، وإنما تتكامل لتشكل معا بناء متراصا. وأضاف ان الإسلام كبناء معرفي لا يعلي من شأن قيمة إسلامية على حساب قيمة أخرى، ولكنه يفاضل بينهما بما ينسجم ومصلحة الإنسان. وإعتبر ان الاسلام دين التوازن في كل شيء، فهو يوازن بين حاجات الانسان الجسدية وحاجاته المعنوية وبين القيم المادية والقيم الروحية. وبحسب الشطي، تتضح قيمة التوازن في الاسلام من خلال تحقيق التوازن بين الواقعية والمثالية، التحليل والتحريم والفرد والمجتمع. ثم تحدث عن نظام الاقتصاد الاسلامي فعرّف به وقدم مقاربة للخلفية الفلسفية للنظام الاقتصادي الاسلامي ومبادئه العامة وعدالته. وختم متناولا مجموعة أخرى من قواعد الاقتصاد في الصيغة الاسلامية واركانها وقواعدها.
وقال د. الفنجري في كلمة بعنوان "الوسطية فى الاقتصاد الاسلامى" أن الوسطية التي نتناولها اليوم تعني الإعتدال والملاءمة، وهي ليست وسطية حسابية مطلقة، بل هي وسطية اجتماعية نسبية إذ أن الاعتدال هو سمة الاسلام وأسلوبه فى كافة نواحي الحياة. ولا يمكن أن يوضع في قالب واحد أو صيغة محددة، وإنما هو أمر إعتباري يختلف باختلاف الزمان والمكان بل وبإختلاف الأشخاص وإمكانياتهم وقدراتهم. ثم تناول مجموعة واسعة من المسائل المتصلة بالوسطية في الاقتصاد الإسلامي مثل الجمع بين المصلحتين الخاصة والعامة أو خاصة التوفيق والموازنة بين المصالح المتضاربة والجمع بين المصالح المادية والحاجات الروحية. كما تحدث عن أصل الملكية المزدوجة الخاصة والعامة. وذكّر ان الاسلام أقر كل من الملكية الخاصة والملكية العامة، ولكنه على خلاف مختلف المذاهب والنظم الوضعية لم يطلقهما، وإنما وضع عليهما قيودا عدة أحالهما إلى مجرد وظيفة شرعية "اجتماعية". ثم تناول أصل الحرية الاقتصادية وتدخل الدولة فى النشاط الاقتصادى، وأصل التنمية الاقتصادية الشاملة، وأصل ترشيد الاستهلاك إضافة الى مسائل أخرى مثل الجمع بين المصلحتين الخاصة والعامة. وختم متحدثا عن أهمية الإقتصاد الإسلامي وأورد آراء لعلماء أجانب في ما جاء به الإسلام على هذا المستوى.