ارشيف من : 2005-2008
رُبـُوع الشهيـد
ضَمَّ الترابُ النعشَ، و اهْتَزَّ المــدى
يا أرضُ ما يوماً نقمْتِ على الـردى!
حَضَنَ الأثيرُ الروحَ، أبْـرقَتِ السما:
عـادَ الغريبُ، سَلُوا المجرَّةَ فرْقَــدا
الكـونُ يبكي ضاحكاً، ما بــالُـهُ؟
في الصيف منديلَ الخريفِ قدِ ارْتدى.
***
"يا قبضـةً ضَمَّتْ ثَـرَايَ اسْتيقِظـي
مـا بـالُها عَيْنــا حبيبـي شارِدَهْ
نحوَ السَّمـا؟ هل غادَرَتْ روحُ الفتى؟
روحُ الـذي بالروح أَوْصـالي فَـدا؟
وا، يا سـمَا مُـنِّي عَلَـيَّ بروحِــهِ
أَيـموتُ و هْوَ فِدا رُبــاهُ اسْتشهِدا؟
مَنْ يَلْثُــمُ الخـدَّ الجـريحَ مُبَلسِماً؟
حـاشـا مُحَيَّــا النورِ أنْ يتخدَّدا."
***
مهلاً, أيــا ربعَ الشهيدِ, تضمُّــه:
دَيْــنُ الثّرَى, فإلى الثّرَى قدْ سُـدِّدا
زَرَعَ الــربوعَ إرادةً و كرامـــةً
و رَوَى ظَمــا بَيْــداكَ دَمُّ الأوْرِدَه
شَـدَّ الرِّحالَ ضُحَىً، و سارَ مـودِّعاً
و الفجرُ أهْدَى كلَّ عـينٍ مَوْقِـــدَا
فـجحيمُ مَنْ غَصَـبَ الترابَ لقـادمٌ
و جحيمُ مَنْ زَرَعَ الجحـيمَ قَدِ ابْتَـدَا
ثـارتْ بـراكينُ الفؤادِ، فأمْطَــرَتْ
حِمَمَـاً تَــكِيْ مَنْ ليس فيهِم أفئِـدَهْ
و القيـدُ يكسِـرُهُ سلاحُ مقــاوِمٍ
و الأرضُ تسعى للربــوعِ مُزَغـرِدَهْ
و الفـارسُ الجبّـارُ يُحْنِـي مَتْنَــهُ
و يضُمُّ حَبَّــاتِ الثـرى مُتَفَقِّــدَا:
"أَرَضِيتِ يا أُمّـي؟ أَأَمْضِي وافِيــاً؟..
ضُمِّي ضلوعِي، الرِّيحُ أمْسَتْ بــارِدَهْ
قَدْ أثْخَنَتْ جسدي الجـراحُ، فبَلْسِمِي
بدَمِي الرُّبى. بِدِمـايَ نَفسي زاهِـدَهْ".
***
"يــا ريحُ أَسْرِي بالشراعِ مُخَضَّبـاً
ألْقِـي بِـهِ يَغْفُو بحِجْـرِ الوالِــدَهْ
لا..لنْ تَضِلِّـي: الْكونُ زاهٍ كُلُّــهُ،
و تَضُمُّ والدتي الِخمـارَ الأسْــوَدَا!"
***
"لا تدْمعي، أمّـي، الـلآلئُ غالِيَـهْ
و المـوجُ يعْلُو، الرُّوحُ تُبْحِرُ قاصِـدَهْ
وَجْـهَ السَّما. و أخافُ تَبْكِيَنِي السّما:
في الحِجْرِ قَدْ ظَـلَّ الشِّراعُ مُمَـدَّدَا".
***
"ها قِصَّتـي احْكِيها بِكُـلِّ عَشِيَّـةٍ
نَصْـراً يُبَلْسِمُ لِـي جِراحَ السّـارِدَهْ
أُمّي، إذا صوتي افْتَقَـدْتِهِ فاسـمعي:
"ألله أكبــرُ" حُـرّةً، فهْيَ الصَّـدَى
ضُمِّــي الترابَ بعـزَّةٍ، فشَهِيدُكِ
بِـتُرابِ أرضٍ حُـرَّةٍ قَدْ خُلِّـــدَا".
ملاك فواز