ارشيف من : 2005-2008
شكوك حول سبب تأخير ولادة الحكومة!
سادت لدى حصول الاستشارات النيابية غير الملزمة في مقر المجلس النيابي يومي الجمعة والسبت الماضيين، والتي كانت توحي بأن ولادة سريعة للحكومة ستحصل.. لكنها تبددت مع مرور الأيام دون أن يظهر أن ولادة عادية للحكومة تلوح في الأفق.
المصادر المتابعة تشير الى احتمالات عدة لهذا التأخير في انجاز التشكيلة الحكومية، منها:
أولا: الخلافات داخل فريق الموالاة على الحصص الوزارية، خصوصا في صفوف مسيحيي فريق السلطة، ومطالبتهم بزيادة حصصهم في الحكومة الجديدة في محاولة لمواجهة تكتل التغيير والإصلاح برئاسة النائب العماد ميشال عون الذي سيتمثل بخمسة وزراء مسيحيين، وهو ما يكرس المعادلة على الساحة المسيحية التي مفادها ان التيار الوطني الحر يمثل الأغلبية، فيما مسيحيو فريق السلطة يشكّلون الأقلية. والأرجح انه لمواجهة هذا الواقع اندفع كل من رئيس القوات اللبنانية سمير جعحع ورئيس حزب الكتائب أمين الجميل للمطالبة بالمشاركة شخصيا في الحكومة قبل ان يتراجع الثاني عن مطلبه ويبقى الأول على إصراره.. لكن دون ذلك عقبات عديدة، منها عدم رغبة السنيورة نفسه دخول جعجع الى الحكومة لما يشكله له من عبء، نظرا "لتركته الثقيلة" المحرجة له، وثانيا لأن المعارضة ستلجأ حينها الى توزير أشخاص لخوض معركة داخل الحكومة في مواجهة "فريق التخريب".
ثانيا: ترى الأوساط المتابعة أن التأخير في تشكيل الحكومة مرده أساسا الى سياسة سعودية أميركية كانت قد اعتمدت مؤخرا في محاولة لجعل فريق السلطة يلتقط أنفاسه بعد الهزيمة السياسية التي تعرض لها في مواجهة المعارضة، والتي تمثلت أولى معالمها بإعادة تسمية السنيورة لرئاسة الحكومة، وإبقاء سعد الحريري "على الرف".. والآن تتمثل هذه السياسة بمحاولة كسب مزيد من الوقت وعرقلة عملية التشكيل وابتزاز المعارضة وعدم إعطائها الحصة التي تستحقها في الحقائب الوزارية.
وما يؤكد هذا المنحى بحسب الأوساط، هو عدم مبادرة السنيورة الى الاتصال برئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون برغم مرور ايام عدة على انتهاء الاستشارات للتشاور معهما في التشكيلة الحكومية. وهذا ربما ما دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري للاتصال الثلاثاء برئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني للتدخل ومنع العرقلة والعمل على الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة.
ثالثا: ترى الأوساط ان هذه المماطلة في تشكيل الحكومة تدخل ايضا في سياق مخطط فريق السلطة لـ"تنفيس" الاندفاعة القوية لعهد الرئيس ميشال سليمان. وتتخوف الأوساط من ان يكون المخطط القديم الجديد لفريق السلطة هو اعاقة تشكيل الحكومة لإبقاء حاكمية السنيورة في حكومة تصريف الأعمال، ما يعني توجيه ضربة لاتفاق الدوحة، وهو ما سيرتب تداعيات خطيرة في المرحلة المقبلة اذا لم يجر الالتزام ببنود هذا الاتفاق التي تحددت بانتخاب الرئيس وتشكيل حكومة وحدة وطنية للمعارضة فيها الثلث الضامن، وإقرار قانون انتخاب على اساس قانون الستين، مع التوافق على دوائر العاصمة.
مصادر المعارضة التي لا تنفي الأسباب المذكورة للتأخير في تشكيل الحكومة، تؤكد ان المعارضة ثابتة على موقفها، وهي لن تسمح بعرقلة تنفيذ اتفاق الدوحة، ولن يجدي معها الابتزاز حتى لو تأخر تشكيل الحكومة شهرا كاملا.
هلال السلمان
الانتقاد/ العد1270 ـ 9 حزيران/ يونيو 2008