ارشيف من : 2005-2008
ماذا يتغير بعد التوافق على قانون الـ(60) في الانتخابات المقبلة؟
ما هو الجديد؟ وما الذي تغير في هذا القانون عن سابقه من القوانين؟ وماذا سيحمل الى التركيبة السياسية في لبنان؟ "الانتقاد. نت" أجرت قراءة في القانون من خلال رأيين لخبيرين هما: رئيس مركز بيروت للأبحاث عبدو سعد ونائب رئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق د. عبد الحليم فضل الله.
فالباحث عبدو سعد لا يجد في القانون المزمع "أي تغيير جوهري عن القوانين السابقة الصادرة في لبنان، لأن لبنان يعتمد منذ العام 1926 قانونا انتخابيا لم يُغير باستثناء التقسيمات الانتخابية (الدوائر الانتخابية)". ويعتبر سعد أن "أهم مكوّن في قانون الانتخاب هو نظام الاقتراع وعملية الاحتساب، وهذا الأمر لم يغير لا سابقا ولا لاحقاً، وبالتالي فإن قانون الستين لم يغيّر في البنية السياسية اللبنانية القائمة منذ ثمانين عاماً، إذ ان من تجليات الديمقراطية هو تداول السلطة، وآلية تداول السلطة هو قانون الانتخاب، والسلطة لم يتم تداولها في لبنان منذ أن نشأ الكيان السياسي لهذا البلد، فبقيت السلطة محصورة في أيدي زعماء الطوائف والإقطاعيين، ولم يدخل الى البرلمان نخب سياسية جديدة، فتغيرت الوجوه، لكن بقي زعماء الطوائف يمسكون البلد بسبب قانون الانتخاب المعتمد".
ويرى سعد أن "قانون الـ(60) سيفضي الى نفس النتيجة التي أفضى إليها قانون الألفين. لكن قانون الـ(60) يعتبر بالنسبة الى المسيحيين الأقل سوءا من القانون الذي سبقه، ولا أقول أفضل، لأنه ليس جيدا، لأن في القوانين المتعاقبة منذ العام 1992 لم يتغير القانون، بل تغيرت الدوائر، لأنه بقي النظام الأكثري في التقسيمات، ولم يُسمح للمسيحيين بأن يأتوا بأكثر من (20) نائبا، وأحيانا (18) نائبا، بينما أتت البقية بالصوت المسلم".
ويأخذ سعد على هذا القانون وغيره من القوانين أنها تأتي على قياسات الزعامات السياسية والطائفية ويقول: "لو اعتُمدت النسبية فهي لن تأتي على قياس أحد، بل على قياس كل القوى السياسية في لبنان، أي تمثيل عادل". ويشرح عبدو سعد أن التصويت للائحة في القانون النسبي سواء كانت مكتملة او غير مكتملة تنال كل لائحة عددا من المقاعد بحسب نسبتها من الأصوات التي تحصل عليها، والناخب يصوت لكل اللائحة ولا يشكل فيها، أما في النظام الأكثري فيُمكن أن تحصل اللائحة على 45 في المئة من الأصوات ولا تأخذ أي نائب".
وحول القانون الذي اتُفق على إقراره في الدوحة وانعكاساته على الواقع السياسي الداخلي، يرى سعد أن "المنافسة بين الموالاة والمعارضة ستكون في مدينة طرابلس، ولن تكون الأجواء كما كانت عليه عام 2005، لأن الرئيس نجيب ميقاتي سيدخل المعركة الانتخابية وكذلك الرئيس عمر كرامي، وعلى الأرجح أن تدخل أيضا الجماعة الإسلامية في تحالف مع الرئيس ميقاتي". ويعتقد سعد أن "طرابلس ستشهد لائحتين قويتين تتنافسان على مقاعدها النيابية. ومن المناطق التي ستشهد منافسة بين الموالاة والمعارضة وفق ما يرى سعد: البترون والكورة والمتن وزحلة".
أما حصيلة هذه الاصطفافات فستكون وفق تقدير سعد على الشكل التالي:
ستحصل المعارضة في الشمال على (7) مقاعد نيابية مقابل (21) للموالاة.
وفي الجبل (19) للمعارضة مقابل (16) للموالاة.
وفي الجنوب (22) للمعارضة ونائب واحد للموالاة.
وفي بيروت (2) للمعارضة و(12) للموالاة.. وتبقى الدائرة الأولى (5) مقاعد في حمى التنافس.
ويرى سعد أن "القوى الأخرى او ما يُعرف القوى الوسطية، لن يكون لها أي دور جدي من دون التحالف مع احد من الموالاة او المعارضة".
بدوره يرى الدكتور فضل الله أن "قانون الـ(1960) يقوم على أساس القضاء الإداري مع بعض التعديلات". مشيرا الى أن "النقاش الأساس كان حول تقسيمات بيروت بعد الاتفاق على اعتماد قانون الستين في المناطق الأخرى".
ويوضح فضل الله الذي حضر في مباحثات الدوحة التي أفضت الى الاتفاق، أنه "كان هناك خلاف على تقسيمات بيروت، وكان هناك أكثر من مطلب لأكثر من جهة.. فالمسيحيون كان مطلبهم القدرة على المنافسة والتمثيل في إحدى دوائر العاصمة الثلاث، والمعارضة عموما كانت متفقة على تمثيل المسيحيين في إحدى الدوائر (الأولى)، وأن يكون هناك دائرة للسنة (الثانية)، باعتبار أن بيروت ذات غالبية سنية، وأن يكون هناك دائرة ثالثة مختلطة تتمثل فيها كل الشرائح (الثالثة). لكن الموالاة قدمت وجهة نظر تقوم أساسا على استفراد أطراف الموالاة بتمثيل العاصمة عبر تقسيم معين للدوائر، وبعدها تراجعوا بحيث يكون هناك دائرة للتمثيل المسيحي، ورفضوا أن يكون هناك دائرة مختلطة يتمثل فيها الجميع (الثانية)، وهذه هي العقدة التي أخرت الوصول الى حل".
ويضيف فضل الله: "قدمت المعارضة عدة طروحات للحل، بينها اعتماد النظام النسبي لبيروت، ومنها اقتراحات أخرى تراعي مصالح كل الإطراف، ورُفضت جميعا من قبل الموالاة، وهي اثنا عشر اقتراحا. وبعدها جرى التوافق على تقسيم بيروت بالشكل الذي اتُفق عليه في الدوحة، أي ثلاث دوائر".
ويرى أن "من مزايا قانون الستين أنه طمأن المسيحيين من ناحية، وأعطى فرصا متساوية لكل الأطراف للمنافسة من ناحية أخرى".. وإن كانت المعارضة متفائلة بقدرتها على المنافسة، وقادرة بقوة على المنافسة في إطار القانون ومستفيدة من أرجحيتها الشعبية. ويشير فضل الله الى أمر مهم، وهو "طرح المعارضة النظام النسبي في سائر الدوائر، وهذا ما رُفض.. وبرأي المعارضة فالنظام النسبي هو نظام إصلاحي، يساعد ليس فقط على تطوير قانون الانتخابات، وإنما على تطوير الحياة السياسية ككل".
ويعتبر ان "قانون الستين هو قانون تسوية، لكنه أفضل من قانون الألفين ومن أفضل القوانين التي اعتمدت منذ اتفاق الطائف حتى اليوم، لأنها كانت تقوم على الدوائر الكبرى مع النظام الأكثري، وتحرم شرائح كبيرة من التمثيل المناسب".
ويؤكد ان "هناك معركة انتخابية حقيقية في ظل هذا القانون، لكن مع أرجحية للمعارضة. وهذا لا يعود الى القانون كقانون والى التقسيمات كتقسيمات، لكن لأن المعارضة لديها أرجحية شعبية وانتشار على كل الأراضي اللبنانية".
مصعب قشمر
الانتقاد/ العد1270 ـ 9 حزيران/ يونيو 2008