ارشيف من : 2005-2008
لماذا التصعيد المفاجئ لتيار "المستقبل"؟ وماذا طلبت المملكة؟
فُسّر على أنه يأتي في سياق الضغط على الواقع السياسي الجديد بعد اتفاق الدوحة، وعلى مسار تشكيل الحكومة الجديدة التي تشهد منذ ما بعد الاستشارات النيابية حالة تجاذب حادة بين شخصيات فريق الموالاة الطامحة بالجملة الى التوزير!
وفي قراءة لمصدر متابع، فإن قرار المستقبل يحمل مجموعة دلالات، أولها محاولة إثارة الوضع الأمني مجدداً تحت عنوان أن المشكلة الأمنية التي كان تيار المستقبل يسعى دوما الى وضعها في سلم أولياته ما زالت قائمة ومستمرة ولم تنتهِ. بيد أن هذه المحاولة بحسب المصدر المتابع قد أُحبطت سريعاً في مهدها عندما كشفت الوقائع الأمنية أن الشخص الذي قيل إنه تعرض للضرب هو مطلوب بست مذكرات توقيف بحقه في قضايا مختلفة، ثم إنه أُوقف من قبل الجهات القضائية، في حين أن رد الرئيس نبيه بري كان حازماً لجهة قرار رفع الغطاء عن أي مرتكب، ودعوة الجهات المسؤولة الى ممارسة دورها.. وبالتالي المطلوب هو معالجة سريعة، وليس التحريض والتعبئة اللتين يواصلهما "التيار" على اختلاف أبواقه السياسية والإعلامية.
الأمر الآخر له علاقة بالبعد الإقليمي، على ما يقول المصدر، وهو نابع من أن المملكة العربية السعودية لم تهضم بعد المناخ الذي تشكل بعد الأحداث التي عصفت بلبنان مؤخراً، وأنتج في النهاية "تسوية الدوحة". ولعل هذا ما يفسر برأي المصدر المعلومات التي تحدثت عن تحريض سعودي لأركان "المستقبل" بالتشدد في الشروط والمحاولة قدر الإمكان المماطلة في تشكيل الحكومة بهدف كسر هيبة الرئيس ميشال سليمان في أول العهد، بما يسمح لاحقاً بممارسة ابتزاز سياسي عليه في الفصول المقبلة عند تطبيق بنود اتفاق الدوحة، وتحديداً في الشروط الأميركية المتصلة بالعقيدة القتالية للجيش اللبناني وبأجهزة المخابرات التابعة له، بحيث يكون فريق المولاة هو الأداة لإخضاع العهد الجديد للأجندة الأميركية السعودية.
أما الأمر الثالث فله بعد داخلي، ويتعلق ـ بحسب المصدر ـ بكسب مزيد من الوقت من أجل التغلب على التناقضات والمطالب المتعاكسة عند أطراف الموالاة المستميتة للدخول في الحكومة، لا سيما في المقاعد السنية والمسيحية. والتعبير عن ذلك جاء من خلال ما نُقل عن رغبة لدى سعد الحريري بسحب يده من التسميات وترك الأمر للرئيس المكلف فؤاد السنيورة. فيما تردد ان الحريري تداول وجنبلاط باختيار أسماء من خارج نواب "تيار المستقبل" للتخلص من الإحراج الذي وقع فيه، فضلا عن الإحراج الذي سببه جعجع بتنطحه لدخول الحكومة، لما يمثل الأخير من عنوان تحدٍّ كبير للمعارضة. وفي المقابل نجد أن السنيورة متمسك بجهاد أزعور (ماروني) والحريري بغطاس خوري (ماروني)".
ويضيف المصدر: "هذه المعطيات بمجملها شكلت مأزقا فعليا للموالاة، وهي تحاول من خلال ما قامت به مؤخراً أن تعيد تظهير المرجعية السياسية لسعد الحريري وتأثيره في سير الأحداث. هذا فضلا عن ترميم التداعيات في صفوف "المستقبل" بعد الأحداث الأخيرة". ومن هنا يرى المصدر ان فريق الموالاة ومن خلفه الأميركي والسعودي، غير راغب بإقلاع سريع لعهد الرئيس سليمان، وهو بالتالي يفتش عن مكاسب سياسية صغيرة من هنا وهناك لتحقيقها، بعدما عجز عن تحقيق أرباح بالجملة".
الانتقاد/ العد1270 ـ 9 حزيران/ يونيو 2008