ارشيف من : 2005-2008

خطة اسرائيلية لاحتواء مفاعيل خطابه ودعوات إلى اغتياله: نصر الله يتمشى تحت قبة السماء ويواصل الاستهزاء بنا

خطة اسرائيلية لاحتواء مفاعيل خطابه ودعوات إلى اغتياله: نصر الله يتمشى تحت قبة السماء ويواصل الاستهزاء بنا

توزعت ردود الفعل الإسرائيلية على خطاب الأمين العام لحزب الله في العاشر من محرم بين الدعوة إلى اغتياله والعمل على محاولة احتواء مفاعيل خطابه وسط الجمهور الإسرائيلي. وفيما لم يتمكن قادة العدو وأجهزته من التشكيك بصحة ما قاله السيد عن أشلاء الجنود الإسرائيليين في مقابل نجاحه في تقديم "البقرة المقدسة (الجيش)"، كجهة تكذب على شعبها، وبأنه ليس بالصورة المثالية التي يعتقدونها، لجأوا إلى توجيه الإساءات الشخصية إليه في تعبير عن مدى شعورهم بالغضب في الوقت الذي يرون فيه جيشهم مكبلا عن القيام بردود فعل تستهدف تنفيس الاحتقان الذي ولّده الخطاب. واستثناءً سنحاول هذه المرة الاقتصار على نقل بعض الاقتباسات التي اوردتها وسائل الاعلام الإسرائيلية متجنبين في الكثير من الاحيان العبارات المسيئة التي تم استخدامها.
وفيما يتعلق بدعوات وزراء في الحكومة الإسرائيلية إلى اغتيال سماحته تناول العديد من المراسلين والصحافيين المختصين المسألة من زاوية الجدوى وقدرة تل أبيب على القيام بذلك. وفي هذا السياق رأى المعلق في صحيفة "جيروزالم بوست"، يعقوب كاتس، أن "القضاء على نصر الله قولاً أسهل من الفعل"، واشار الى انه "من الصعب الحصول على معلومات استخبارية وثيقة" تمكن من اغتياله. واعتبر أن "المشكلة الثانية تكمن في تداعيات الاغتيال لجهة رد حزب الله عليه بحيث تجد إسرائيل نفسها في صراع جديد مع المنظمة، وحالياً هذا ليس من مصلحتها، وخصوصاً في الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل عملية محتملة وواسعة النطاق في قطاع غزة".
والتقى محلل الشؤون العسكرية في القناة العاشرة من التلفزيون الإسرائيلي، ألون بن دافيد، مع كاتس واشار إلى أن "إسرائيل لن تخاطر باستهداف نصر الله لأنها ستفتح حرباً" إن فعلت ذلك. وبحسب بن دافيد، فإنه لا أحد في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية يدرس الأمر بجدية في الوقت الراهن.
وأكد كبير المحللين في القناة الثانية، أمنون ابراموفيتش، الخشية الإسرائيلية من الثمن المترتب على خطوة بحجم اغتيال نصر الله، مذكراً بما تعرضت له إسرائيل في أعقاب اغتيال الأمين العام السابق للحزب، عباس الموسوي.
ــــــــــــــــ
يمزق أعصاب المجتمع الإسرائيلي
دعت صحيفة هآرتس (21/1/2008) في افتتاحيتها، الحكومة إلى عدم مفاوضة نصر الله على أشلاء الجثث. ووصفته بأنه أبو نظرية "بيت العنكبوت"، وسبق أن اثبت بأنه ينصت إلى المزاج في المجتمع الاسرائيلي ويعرف كيف يمزق اعصابه ويثير الخلافات في أوساط قيادته في كل ما يتعلق بفداء الأسرى، أحياء أم أمواتا. ووصفت تصريحه بأن لدى حزب الله اشلاء جنود إسرائيليين، بأنه يصيب قلب الحساسية الإسرائيلية.
ــــــــــــــ
على قائمة الاستهداف
أكد المعلق الرئيسي في صحيفة يديعوت احرونوت (21/1/2008) ناحوم برنياع أن نصر الله يحتل مكانا مركزيا في قائمة التصفيات الإسرائيلية منذ زمن بعيد، ليس بسبب خطاباته بل أفعاله. وخلال حرب لبنان الثانية كانت تصفيته أمنية الجيش الإسرائيلي وقيادة الحكومة. ولو أنه قتل في هجمات سلاح الجو على الضاحية في بيروت أو في احدى عمليات الكوماندو للجيش الاسرائيلي في عمق لبنان، فإن صورة الحرب كانت ستتغير. ولكان القاضي فينوغراد متقاعدا اليوم يعيش على ذكرياته، وبدل تظاهرات جنود الاحتياط والتحقيقات اللاذعة كنا سنجد هنا مجلدات صور النصر.
ـــــــــــــــ
الجيش يتحين الفرص للنيل منه
كشف المعلق يعقوب كاتس في صحيفة جيروزليم بوست (21/1/2008) انه بعد حرب لبنان الثانية, وفي اجتماعات صحفية سُئل فيها كبار ضباط الجيش الإسرائيلي (أعضاء هيئة الاركان) ومن ضمنهم رئيس هيئة الأركان, آنذاك, دان حالوتس حول ما إذا كان زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله هدفاً لاغتيال إسرائيلي. فكان الجواب من كبار الضباط على الشكل التالي: "الحقيقة بأنه لا يترك مخبأه ما يعني أنه يعرف الجواب عن هذا السؤال". وأكد كاتس أن ظهور نصر الله في بيروت السبت الماضي كان موجها للجمهور الإسرائيلي.
ـــــــــــــ
عدم استعادة الجثث مؤذ لمعنويات الجيش
أكدت سلطة تابعة للحاخامية العسكرية في الجيش الإسرائيلي (الجيروزليم بوست/ ماثيو واغنر/21/1/2008) أن عدم استعادة الجثث مؤذ لمعنويات الجنود. وانه في حين لا تقبل الشريعة اليهودية بتعريض حياة الشخص للخطر لتأدية معظم الأوامر, فإن استرجاع جثة الجندي الميت أمر مختلف. وأوضحت مصادر تابعة لهذه السلطة انه "في حال لم نوضح بأن الجيش الإسرائيلي سيفعل ما باستطاعته لجلب الجنود لكي يُدفنوا, فإن هذا يمكن أن يؤذي معنويات الجنود. ويجب أن يطمئن الجنود وعوائلهم الى أنه إذا ما حدث شيء لهم فإنهم سيُمنحون دفناً يهودياً".
ـــــــــــــ
يجب التعامل مع تهديدات نصر الله بجدية
أكد رون بن يشاي في صحيفة يديعوت احرونوت (20/1/2008) أن نصر الله لا يكتفي بحرب الأعصاب بموضوع الأسرى وأشلاء الجثث، بل يحاول أن يخلق نقطة توتر جديدة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. ففي الأسابيع الأخيرة، حصلت على الأقل ثلاثة حوادث تسلل فيها رعاة وصيادون لبنانيون إلى مناطق تسيطر عليها إسرائيل. ثم قام الجيش الإسرائيلي باعتقال المتسللين وبعد تحقيق قصير أعادهم إلى لبنان. لكن نصر الله وصف ذلك بأنه نوع من العدوان الإسرائيلي، وحذر من أنه لا يستطيع أن يصبر على ذلك لفترة طويلة... ويجب التعامل مع هذا التهديد بجدية، كما هو الحال مع أغلب التصريحات التي أطلقها نصر الله. ومن المعروف بأن حزب الله أعاد منذ حرب لبنان الثانية تسليح نفسه، وتزود بأسلحة لم تكن موجودة لديه من قبل. ومنها الصواريخ الإيرانية البعيدة المدى من طراز "فتح 10" يحمل رأسا حربيا بزنة نصف طن من المواد المتفجرة. وهذه الصواريخ قادرة على الوصول إلى تل أبيب، بل إلى الجنوب منها. ومن هنا فإن تهديد نصر الله، ليس تبجحا فارغ المضمون.
ـــــــــــ 
تعليمات للتخفيف من وقع تصريحات نصر الله
كشف مراسل الشؤون الأمنية في القناة الثانية، نيردفوري (20/01/2008) عن تعليمات وجهت من وراء الكواليس تفيد "بأن نعمد إلى التخفيف من وقع تصريحات الأمين العام لحزب الله، بل طلبوا منا تقريبا عدم نشر أقواله. والنقطة المركزية انهم يخشون هنا في إسرائيل من أن تحرك أقوال نصر الله عائلة أو عائلتين وهذه بدورها تضغط باتجاه تحريك مفاوضات أو ما شابه.
ــــــــــــ
يتمشى تحت قبة السماء أهكذا يبدو الزعيم المضغوط؟
وجه الكاتب جاكي حوغي في صحيفة معاريف (21/1/2008) نقدا قاسيا للمسؤولين والخبراء الاسرائيليين في تعليقاتهم على خطاب السيد نصر الله ومما قاله:
حينما يتبنى العرب نهجا شاذا أو يعلنون عن سلام ـ هم مضغوطون. لكن حينما تقوم إسرائيل باتخاذ نهج أحمق وشاذ ـ فهي تظهر حزما. انه قاموس تعابير اسرائيلي. قام نصر الله مرة أخرى بمناورة (...)، فنفض خبراؤنا هذا الشق من قاموس التعابير الخاوي. وقال "مسؤولون رفيعون" في الجوقة الموسيقية إنه مضغوط، هو بحاجة إلى إنجازات. هكذا هي الأمور في هذه الدولة، حينما تتخذ القيادة الإسرائيلية نهجا شاذا، وتقول انها قررت أن تتخذ خطوات تصعيدية تجوّع أطفال غزة، فيرون بذلك حزماً. وعندما يرسل رئيس الولايات المتحدة، "جورج بوش"، جنوده بغباء إجرامي لإبعاد رئيس عربي مستقر، يمدحه الجميع كقائد للعالم الحر. لكن إذا أعلن الرئيس السوري، "بشار الأسد" مثلا، بأنه اختار السلام كخيار استراتيجي، فمن المؤكد هو يشعر بالضغط. كذلك عن (السيد) نصر الله، المتجرئ بأسلوبه لإنعاش المفاوضات من اجل إحضار قتلى حزب الله إلى قبور وطنهم، يندفع الجميع بجوقة موسيقية وينشرون في الجو تصريحات تنتهك الحرمات.
ليس هناك أهمية لذلك "الضغط" الذي يلصقونه هنا بـ(السيد) نصر الله. هو لن يدفعه للاستقالة، والفرص ضعيفة لأن تؤدي قريبا الى ارتكاب أخطاء مصيرية. التوتر، الذي يعاني منه نصر الله هامشي مقارنة بذلك المكفن به في هذه الأيام "إيهود أولمرت"، الذي سيواجه بعد عشرة أيام إحدى اللحظات المصيرية في مجرى حياته، مع نشر تقرير فينوغراد.
... بدلا من الانشغال بالوضع النفسي لزعيم حزب الله، كنا نتوقع من أولئك المسؤولين الحكوميين المجهولي الهوية، أن يفسروا لنا ضعفهم. كيف تحوّل نصر الله من زعيم مطارد، يقضي معظم أيامه في المخابئ منذ خطف الجنديين، في تموز 2006، إلى الرجل القائد في السياسة اللبنانية، يعترض، يقيل الوزراء وهو الوحيد الذي بكلمته يحل الأزمة الرئاسية التي تعيد لبنان إلى الهدوء (...) يبقى على قيد الحياة وهو الآن حي ويركل برجليه، ويواصل الاستهزاء بنا.
حتى زمن غير بعيد نشر زعماؤنا تهديدات موجهة الى هذا الرجل، وأجبروه على العيش في المخابئ. وها هو ينطلق من الملجأ، يتمشى تحت قبة السماء ويلوح بثبات للجمهور الذي ينظر إليه، وكل ذلك بدون خوف. اهكذا يبدو الزعيم المضغوط؟
جهاد حيدر
الانتقاد/ العدد1251 ـ 25/1/2008


2008-01-24