ارشيف من :آراء وتحليلات

لقاء البطريرك صفير ولارسن في باريس: محاولة لتدويل المسالة اللبنانية

لقاء البطريرك صفير ولارسن في باريس: محاولة لتدويل المسالة اللبنانية

سركيس ابوزيد

اكتسبت زيارة البطريرك الماروني نصر الله صفير إلى فرنسا أهمية استثنائية، خاصة لجهة اللقاءات الرسمية والجانبية التي قام بها، والتصريحات النارية التي أدلى بها.

وأراد البطريرك من خلال إطلالته الباريسية أن يشن حملة صليبية مركزة ضد حزب الله وسلاحه وضد التيار الوطني الحر وزعيمه ميشال عون بسبب تحالفه مع المقاومة، وتوقيعه وثيقة تفاهم معها. وبالإضافة إلى ذلك حمل إيران وسوريا مسؤولية التدخل في الشأن اللبناني، متجاهلا دور إسرائيل واطماعها وتهديداتها، مساويا بين الجارين إسرائيل وسوريا دون أن يميز بين من هو الصديق ومن هو العدو.

أراد البطريرك من خلال المنبر الفرنسي إثارة حملة دولية لدعم مواقفه، بعد تراجع الإهتمام الدولي بالشأن اللبناني. وبعد انحسار موجة العداء الأوروبية لسوريا، وعودة التواصل بين العواصم الغربية ودمشق. وكان لافتا أيضا تزامن لقاءات البطريرك مع وجود رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع والنائب في البرلمان اللبناني نديم الجميل في فرنسا! وقد أراد البطريرك تسويق مثلث التطرف هذا في زمن تشهد فيه المنطقة تهديدات، وينذر بتطورات يراهن البعض على نتائجها وتداعياتها.

 لارسن هو أول مبعوث دولي على مستوى عال، يُتاح له الدخول إلى مخيم جنين. وقد قال آنذاك إنه لا يتهم إسرائيل بارتكاب مذابح في حين كان كل العالم يرى المذابح الإسرائيلية دون أن يهتم
واضح أن الزيارة الباريسية للبطريرك تجاوزت البعد الديني والرعوي، واتخذت طابعا سياسيا بإمتياز. وتحول البطريرك إلى وزير خارجية يحاول إعادة الروح إلى زمن الإنتداب الفرنسي والعلاقات التاريخية والصداقة الدولية التي ربطت فرنسا في زمن الإنتداب بلبنان الكبير.

وإلى جانب اللقاءات المعلنة والحملات الإعلامية التي قادها البطريرك أجرى مقابلات سرية وخاصة طرحت العديد من التساؤلات منها اللقاء مع تيري رود لارسن. فبأي صفة تم هذا اللقاء؟ وما هي أبعاده؟ وهل يمثل البطريرك لبنان الرسمي أم يقيم علاقات خارجية لطائفة معينة في لبنان تتجاوز الإطار الديني والرعوي؟!

فتيري رود لارسن إسرائيلي الهوى، وأقرب إلى حزب العمل، و صاحبه مخطط "الشرق الأوسط الجديد " شمعون بيريز، وهي العينة النواة لمفهوم "الشرق الأوسط الكبير". كما أنه الصديق الودود لقادة حزب الليكود. 

كان لارسن هو أول مبعوث دولي على مستوى عال، يُتاح له الدخول إلى مخيم جنين. وقد قال آنذاك إنه لا يتهم إسرائيل بارتكاب مذابح في حين كان كل العالم يرى المذابح الإسرائيلية دون أن يهتم! 

هو اللاعب الأكثر تلوّناً وكذباً في السياسة الدولية لصالح إسرائيل. وهو الوجه الآخر لعملة فيليب حبيب الذي ظل يكذب يوماً بعد يوم لتمرير عمليات إسرائيل. وهو الأمين على القرار 1559 ومهندسه في الرواق الخلفي مع عدد من المهندسين الآخرين حيث كتب في تقريره إلى الأمم المتحدة في 26/10/2005 عن استحالة التوفيق بين "حزب الله المسلّح" ومشاركته في السلطة اللبنانية، داعيا إلى دمجه بالجيش اللبناني. وأشار إلى استمرار تدخل سورية في لبنان، وما زعمه من إرسالها للأسلحة لحزب الله، فدعا إلى ترسيم الحدود وتبادل البعثات الديبلوماسية.

وهو من انتقد بشدة مفاوضات اسرائيل غير المباشرة مع سورية مما دفع جريدة "هآرتس" للتعقيب في حينها قائلة: "أن لارسن يعتبر احد خبراء الامم المتحدة البارزين في شؤون الشرق الاوسط، خصوصاً حول المسائل السورية واللبنانية. ومع ذلك، فان لديه وجهة نظر سلبية للغاية تجاه الرئيس السوري بشار الاسد ".

رود لارسن دبلوماسي نرويجي ساهم في رعاية محادثات اوسلو السرية التي ادت الى اتفاقات اوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل. لكنه سرعان ما انقلب ضد الفلسطينيين وادان عرفات وتواطئ عليه  عندما كان محاصرا في رام الله .

ولكن رود لارسن الذي كان صديقاً للسياسي الاسرائيلي المخضرم شمعون بيريز وحصل من مركزه على جائزة مالية تقديراً لمساهمته في عملية السلام الفلسطينية-الاسرائيلية تعرض لانتقادات في بلاده على قبول الجائزة لانه لم يدن جريمة اسرائيل في جنين.

من هنا إذا تعرفنا على تاريخ ودور ووظيفة تيري رود لارسن يمكن أن نفهم أبعاد هذا اللقاء الذي يأتي ضمن شبكة دولية تهدف إلى التدخل في لبنان وتسعى إلى تدوليه وتحييده.

2010-06-18