ارشيف من :آراء وتحليلات

إعلاميو أميركا في لبنان.. والتمويل "الأخضر"

إعلاميو أميركا في لبنان.. والتمويل "الأخضر"

مصطفى خازم

قبل أعوام كتب منصور الرحباني نصاً مسرحياً عن أحداث سنة 1840 في جبل لبنان، وكيف واجهت الطوائف اللبنانية في عامية انطلياس المحتل أنذاك.

وفي سياق تقديم صورة القيادات اللبنانية المتعاملة مع الأجنبي "يتبادل" أبو الياس (زعيم لبناني تقليدي) وأحد المسؤولين الأجانب حديثاً تأتي خلاصته بطلب أبو الياس من المسؤول الأجنبي أموالاً ليدفعها لمحازبيه ليقفوا مع دولة المسؤول الأجنبي.. فيعلق الأخير:

ـ "مفهوم.. مفهوم شيخ أبو الياس، زعامات لبنانيات يلزم دوماً مدفوعات".

هكذا هم هؤلاء الذين لا وطن لهم الا الدراهم.. ولا عقيدة لهم الا المصلحة الخاصة، ولا شريك لهم الا أنفسهم..
ولمن لم يصدق، ها هو كلام السفير "الفتنجي" جفري فيلتمان في إطار تبريره لفشل سياسته لتحسين صورة بلاده في بلادنا، وسعي إدراته لتشويه صورة المقاومة الإسلامية وحزب الله تحديداً، ومما قاله فيلتمان في جلسة الاستماع أمام الكونغرس الاميركي في 8 حزيران/ يونيو2010، وتحديداً تحت العنوان الفرعي..
"الطريق إلى الأمام:

" .. علاوة على ذلك، إن الولايات المتحدة تقدم المساعدة والدعم في لبنان اللذين يعملان على إيجاد بدائل للتطرف، والحد من صورة حزب الله الايجابية لدى الشباب اللبناني، وتمكين الناس من خلال المزيد من الاحترام لحقوقهم وتوفير حظوظ الحصول على فرص. لقد ساهمنا من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية ومبادرة الشراكة الشرق أوسطية، بأكثر من 500 مليون دولار لهذه الجهود منذ عام 2006. وتمثل برامج المساعدة النشطة هذه إحدى مظاهر دعمنا الثابت للشعب اللبناني ولدولة لبنان القوية والمستقرة والديمقراطية ذات السيادة. منذ عام 2006، تجاوز مجموع المساعدات التي نقدمها إلى لبنان المليار دولار..".

دفع فيلتمان منذ العام 2006 ما تجاوز مجموعه المليار دولار أميركي فقط لا غير.. من أجل ماذا؟

ـ إيجاد بدائل للتطرف..

ـ الحد من صورة حزب الله الإيجابية لدى الشباب اللبناني..

ـ تمكين الناس من خلال المزيد من الاحترام لحقوقهم..

ـ توفير حظوظ الحصول على فرص..

هي أربعة أبواب صرفت عليها دولارات فيلتمان، ولكن يبقى سؤال من قبض وأين صرف وكيف؟

في الباب الأول: منذ ما قبل اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وصولا إلى الاغتيال لم يظهر في لبنان أي وجه من وجوه التطرف التي برزت في محيطنا العربي بل على العكس تمكنت الدولة اللبنانية من الحصول على المرتبة الأولى في مصاف الدول التي كافحت الجريمة ونالت أجهزته الامنية جوائز وتنويهات في هذا المجال.

بعد الاغتيال انتشرت ظاهرة "التطرف" وبدأت الحملات من أجل "الحد منها". ألا تطرح هذه النتيجة سؤالا يقول، من أحضر التطرف ومن عزّزه وبتمويل مِن مَن؟
ومن موَّل "التطرف" الذي دخل إلى بلادنا بعد الاغتيال ومن حماه وسهل له التنقل؟

في الباب الثاني: تبدو المقاومة وحزب الله وإقتناع الشباب اللبناني بحقهم بالدفاع عن أرض بلادهم بوجه العدو المغتصب المحتل والذي شن في العام 2006 ـ عام دفع فيلتمان بإقراره، لملايينه الـ 500 وهو عام العدوان الصهيوني على لبنان ـ هو المقصود بهذا الكلام، بالتالي يستدعي هذا الوقوف قليلاً هنا لنسأل:

ـ لمن دفع جفري فيلتمان أمواله: للشباب ليتخلوا عن المقاومة دفاعاً عن أرضهم (هذا يفتح الباب على كل السياق الثقافي والتربوي والفني والإعلامي..ألخ)، أو للعملاء ليتعاملوا مع عدو لبنان (وهذا يفتح باب الخيانة العظمى ويستدعي العمل داخل كل المؤسسات الأمنية والعسكرية على كل الصعد لمعرفة تفاصيله كالاتفاقية الأمنية)..
أما حزب الله أو حزب المقاومة فهنا نتذكر النسق الإعلامي المستمر حتى اليوم عبر أبواق في لبنان من أجل تشويه صورته والمصطلحات من حزب ولاية الفقيه، حزب السلاح، الحزب الشمولي، الجمهور الحديدي.. إلخ، إلا يستحق الموضوع الوقوف عنده والسؤال:

من يدفع لهذه الأبواق، وحتى متى سيبقى القلم والصورة وموقع الانترنت والجمعيات الصحفية غير الرسمية ومراكز التدريب الصحفي والتاهيل المهني، والحملات الدعائية تعمل بوحي بالخارج، وهل هي مشمولة بنظام الدفع "الفيلتماني"؟

في الباب الثالث: احترام حقوق الناس تحول إلى سلطات داخل السلطة، وتأسيس لجمعية تعمل لتعيد صياغة النظام والقوانين وفق ما يجعل الامور تتوجه نحو مصلحة معاداة المقاومة، وتمييز على قاعدة تأمين الحقوق لمن يخدم حملة أميركا فقط لا غير أو لمن يقتنع بثقافتها وعملها.

في الباب الرابع: الحصول على فرص.. جملة يمكن أن تشكل مفتاحاً لبحث طويل عن مؤسسات وجمعيات وبرامج تخدم المشروع الأميركي وتموّل من ضمن المليار الأميركي..

بعد كل هذا وهو موجز، ألا يجب الوقوف دقيقة لنلتفت الى الوراء ونعيد فتح الملفات على قاعدة تعلم الدروس، وفضح المتلاعبين، ولنفهم أكثر سر الحملات على المقاومة وعلى حزب المقاومة وعلى جمهور المقاومة وعلى الدولة التي دعمت المقاومة وعلى الشعب الذي خفق قلبه للمقاومة.. لنفهم هذا الحقد الدفين والكره المستبد بعقول البعض بهذه الحروف الستة...التي كتبت بالدم.

2010-06-18