ارشيف من :ترجمات ودراسات
صمود الفلسطينيين ينتج فك الحصار عن غزة.. و"مرمرة" عامل مساعد
حسان ابراهيم
ينشغل كيان العدو، في مرحلة ما بعد مجزرة سفينة "مرمرة" والتداعيات التي اعقبتها، في مساع حثيثة لتأجيل استحقاقات باتت واقعة لا محالة، بعد ان تبين تعذر منعها، وفي مقدمتها فك الحصار عن قطاع غزة، الحصار الذي استمر طويلا منذ ان فازت حركة حماس في الانتخابات وشكلت الحكومة، الامر الذي يعتبر إعلانا وتتويجا لخسارة اسرائيلية بيّنة، حيال المواجهة مع الفصائل الفلسطينية المقاومة في القطاع، وفي المقابل اعلانا ايضا عن انتصار هذه الفصائل في مواجهة مريرة وصعبة جدا، استمرت سنوات من الحصار والتضييق، للاسف شاركت فيه ايضا جهات عربية، وفي مقدمتها مصر.
كانت المراهنة الاسرائيلية على حصار قطاع غزة طموحة جدا، وكانت ترمي من بين امور اخرى، وفي محصلة نهائية، الى إسقاط حكم حركة حماس على القطاع، وبالتالي انهاء الخيار المقاوم بأداة فلسطينية داخلية من خلال تأليب الجمهور الفلسطيني على المقاومين، وعملية اللجوء الى الحصار جاءت بعد ان ادرك العدو في حينه، وما زال، ان اي عملية عسكرية محدودة او واسعة النقاط، لن يكتب لها النجاح ولن توصل الى الاهداف المرجوة منها، خاصة في ظل عدم وجود ـ وامكانية وجود، استراتيجية خروج سياسي من القطاع ما بعد اجتياحه عسكريا، وبالتالي كان الحصار هو المخرج المؤاتي في ظل فقدان الادوات العسكرية الناجعة.
مرت ثلاث سنوات على الحصار، اثبت المقاومون في قطاع غزة، كما اثبت الغزاويون عموما، ان قدرة الصمود الفلسطينية غير محدودة وتفوق التصور، جرى الدمج ما بين الارادة والصمود والاستعداد للتضحية، وبين تلاحم الشعب مع المقاومة. لقد ثبت ايضا وبالملموس ان الجمهور الفلسطيني جمهور معطاء وعلى استعداد دائم لتقديم التضحيات، لكنه بحاجة الى قيادة مستنيرة وقادرة على ادارة الصراع بحكمة ونجاعة.. والحصار الاسرائيلي في هذا الاطار جاء بنتيجة نقيضة لما اراده الاسرائيلي، ودفع الفلسطينيين دفعا نحو الصمود برغم ان صمودهم يصل الى حدود الاشباع في الاساس، اذ لم تدع تل ابيب خيارات اخرى امامهم.
تلمس الاسرائيلي نهاية العام 2008، فشل سياسة الحصار والتضييق على قطاع غزة، الامر الذي دفعه من بين عوامل اخرى، الى العدوان على الفلسطينيين بما جرت تسميته اسرائيليا بعملية "الرصاص المسكوب"، كان الهدف من العدوان اسقاط اللحمة ما بين الجمهور الفلسطيني والمقاومة من خلال ضرب المدنيين الفلسطينيين، اضافة الى تدمير البنية العسكرية للمقاومين، الامر الذي اوهم الاسرائيليين في حينه بإمكان المراهنة عليه باتجاه اسقاط السلطة السياسية لحركة حماس في القطاع، وبالتالي اسقاط الخيار الفلسطيني المقاوم دفعة واحدة.. في حينه، كان عراب العدوان الرباعي الاسرائيلي: ايهود أولمرت، وايهود باراك وغابي اشكنازي، وايضا تسيبي ليفني.. وكل منهم كانت لديه اهداف خاصة وشخصية، اضافة الى الاهداف المتعلقة بايجاد الفرصة والارضية الملائمة لاسقاط سلطة حركة حماس، وبالاخص ان خطأ التقدير في "اسرائيل" كان يرى بأن العدوان على غزة سيكون من دون اثمان، ما مكن رباعي متخذي القرار في الكيان الاسرائيلي من اتخاذ قرار الضربة العسكرية، وبسهولة نسبية.
تأتي مجزرة سفينة مرمرة والتداعيات التي اعقبتها، لتنقل الكيان الصهيوني من مكان الى اخر.. من سياسة الحصار المطبق على القطاع الى الاقرار بفك الحصار.. ويجب في هذا الاطار الاشارة وتصويب الامور، فليست مجزرة مرمرة، برغم اهميتها، الا حادثة كان من شأنها ان تكشف عدم جدوى الحصار اساسا، نتيجة صمود الفلسطينيين، وعدم جدوى المراهنة عليه، وبالتالي مكّن "اصحاب الضغوط" على العدو، الذين احرجهم الموقف والاداء التركي المتميز، ومعظمهم من مؤيدي خنق الفلسطينيين في الاساس، بان يدفعوا باتجاه فك الحصار، خاصة ان لا نتيجة متوخاة لديهم من الحصار تستأهل مواصلة دعم الظلم والعدوان الاسرائيليين، وبشكل سافر كما كان في الفترة الماضية.
الجهد الاسرائيلي الحالي ينصبّ في هذه المرحلة حول صورة اخراج فك الحصار عن القطاع.. ابتداءً في تأجيل الاستحقاق قدر الاستطاعة املا في تليين المطالب الدولية والغاء عدد من البنود المدرجة في هذه المطالب، وصولا الى فرض آلية ما، تأمل ان تكون ناجعة، كي يتواصل الحصار بأدوات واساليب اخرى، وتحديدا فيما يتعلق بتزويد المقاومين بوسائل قتالية تعاظم قدراتهم العسكرية في مقابل الجيش الاسرائيلي.
في هذا الاطار، وصلت المسائل الى المرحلة الاخيرة من الاخذ والرد، باتجاه الاقرار النهائي بما يتعلق بشكل انهاء الحصار على قطاع غزة.. اي يمكن القول ان المقاومة الفلسطينية قد استحصلت بالفعل على فك الحصار، انما بطريقة لم تحدد بشكل نهائي، وتحديدا ما يتعلق بالبضائع والسلع والحاجات المدنية الفلسطينية.. اذ تجهد سلطة الاحتلال كي تبقي على صورة الحصار الى حد ما قائمة، كي لا يكون الانكسار الاسرائيلي في هذا الموضوع فاضحا جدا، اي في عدم استخدام ميناء غزة لايصال البضائع الى القطاع، وبالتالي العمل على اقرار طريقة ما تضمن إمرار هذه البضائع عبر الموانئ الاسرائيلية، حتى وإن كان ذلك باشراف دولي يضمن نقلها لاحقا الى الغزاويين.
اما عمليات تفتيش السفن لمنع دخول الوسائل القتالية لقطاع غزة، التي تصر عليها تل ابيب، فهي عمليات وجهود غير ذات صلة، ولن تضر كثيرا بالمقاومين، ويجب التذكر جيدا ان المقاومين قد تزودوا خلال سنوات الحصار الاخيرة، وبرغم قساوة الحصار، بقدرات عسكرية يقر العدو انها لم تكن مسبوقة.. ويجب التذكر ايضا، بأن الحصار لم يكن موجها تحديدا نحو الحيلولة دون وصول قدرات عسكرية الى الفصائل الفلسطينية المقاومة في القطاع، برغم اهمية ذلك لدى الاسرائيلي، بل موجها نحو الجمهور الفلسطيني نفسه باتجاه تجويعه كي ينقلب على خياراته ومقاومته.. وفي هذه الناحية، يمكن القول ان اسرائيل قد فشلت فشلا ذريعا.
سفينة مرمرة والمجزرة الاسرائيلية على متنها، كانت محركا للعوامل القائمة والموجودة اساسا باتجاه فك الحصار عن قطاع غزة.. وما كانت "مرمرة" او اي عامل او حادث اخر لينجح في اطلاق عملية فك الحصار، ما لم يكن مصحوبا ومسبوقا بصمود فلسطيني، اثبت نفسه خلال السنوات الثلاث الماضية.
ينشغل كيان العدو، في مرحلة ما بعد مجزرة سفينة "مرمرة" والتداعيات التي اعقبتها، في مساع حثيثة لتأجيل استحقاقات باتت واقعة لا محالة، بعد ان تبين تعذر منعها، وفي مقدمتها فك الحصار عن قطاع غزة، الحصار الذي استمر طويلا منذ ان فازت حركة حماس في الانتخابات وشكلت الحكومة، الامر الذي يعتبر إعلانا وتتويجا لخسارة اسرائيلية بيّنة، حيال المواجهة مع الفصائل الفلسطينية المقاومة في القطاع، وفي المقابل اعلانا ايضا عن انتصار هذه الفصائل في مواجهة مريرة وصعبة جدا، استمرت سنوات من الحصار والتضييق، للاسف شاركت فيه ايضا جهات عربية، وفي مقدمتها مصر.
كانت المراهنة الاسرائيلية على حصار قطاع غزة طموحة جدا، وكانت ترمي من بين امور اخرى، وفي محصلة نهائية، الى إسقاط حكم حركة حماس على القطاع، وبالتالي انهاء الخيار المقاوم بأداة فلسطينية داخلية من خلال تأليب الجمهور الفلسطيني على المقاومين، وعملية اللجوء الى الحصار جاءت بعد ان ادرك العدو في حينه، وما زال، ان اي عملية عسكرية محدودة او واسعة النقاط، لن يكتب لها النجاح ولن توصل الى الاهداف المرجوة منها، خاصة في ظل عدم وجود ـ وامكانية وجود، استراتيجية خروج سياسي من القطاع ما بعد اجتياحه عسكريا، وبالتالي كان الحصار هو المخرج المؤاتي في ظل فقدان الادوات العسكرية الناجعة.
مرت ثلاث سنوات على الحصار، اثبت المقاومون في قطاع غزة، كما اثبت الغزاويون عموما، ان قدرة الصمود الفلسطينية غير محدودة وتفوق التصور، جرى الدمج ما بين الارادة والصمود والاستعداد للتضحية، وبين تلاحم الشعب مع المقاومة. لقد ثبت ايضا وبالملموس ان الجمهور الفلسطيني جمهور معطاء وعلى استعداد دائم لتقديم التضحيات، لكنه بحاجة الى قيادة مستنيرة وقادرة على ادارة الصراع بحكمة ونجاعة.. والحصار الاسرائيلي في هذا الاطار جاء بنتيجة نقيضة لما اراده الاسرائيلي، ودفع الفلسطينيين دفعا نحو الصمود برغم ان صمودهم يصل الى حدود الاشباع في الاساس، اذ لم تدع تل ابيب خيارات اخرى امامهم.
اثبت الغزاويون عموما، ان قدرة الصمود الفلسطينية غير محدودة وتفوق التصور |
تأتي مجزرة سفينة مرمرة والتداعيات التي اعقبتها، لتنقل الكيان الصهيوني من مكان الى اخر.. من سياسة الحصار المطبق على القطاع الى الاقرار بفك الحصار.. ويجب في هذا الاطار الاشارة وتصويب الامور، فليست مجزرة مرمرة، برغم اهميتها، الا حادثة كان من شأنها ان تكشف عدم جدوى الحصار اساسا، نتيجة صمود الفلسطينيين، وعدم جدوى المراهنة عليه، وبالتالي مكّن "اصحاب الضغوط" على العدو، الذين احرجهم الموقف والاداء التركي المتميز، ومعظمهم من مؤيدي خنق الفلسطينيين في الاساس، بان يدفعوا باتجاه فك الحصار، خاصة ان لا نتيجة متوخاة لديهم من الحصار تستأهل مواصلة دعم الظلم والعدوان الاسرائيليين، وبشكل سافر كما كان في الفترة الماضية.
المقاومة الفلسطينية قد استحصلت بالفعل على فك الحصار، انما بطريقة لم تحدد بشكل نهائي |
في هذا الاطار، وصلت المسائل الى المرحلة الاخيرة من الاخذ والرد، باتجاه الاقرار النهائي بما يتعلق بشكل انهاء الحصار على قطاع غزة.. اي يمكن القول ان المقاومة الفلسطينية قد استحصلت بالفعل على فك الحصار، انما بطريقة لم تحدد بشكل نهائي، وتحديدا ما يتعلق بالبضائع والسلع والحاجات المدنية الفلسطينية.. اذ تجهد سلطة الاحتلال كي تبقي على صورة الحصار الى حد ما قائمة، كي لا يكون الانكسار الاسرائيلي في هذا الموضوع فاضحا جدا، اي في عدم استخدام ميناء غزة لايصال البضائع الى القطاع، وبالتالي العمل على اقرار طريقة ما تضمن إمرار هذه البضائع عبر الموانئ الاسرائيلية، حتى وإن كان ذلك باشراف دولي يضمن نقلها لاحقا الى الغزاويين.
اما عمليات تفتيش السفن لمنع دخول الوسائل القتالية لقطاع غزة، التي تصر عليها تل ابيب، فهي عمليات وجهود غير ذات صلة، ولن تضر كثيرا بالمقاومين، ويجب التذكر جيدا ان المقاومين قد تزودوا خلال سنوات الحصار الاخيرة، وبرغم قساوة الحصار، بقدرات عسكرية يقر العدو انها لم تكن مسبوقة.. ويجب التذكر ايضا، بأن الحصار لم يكن موجها تحديدا نحو الحيلولة دون وصول قدرات عسكرية الى الفصائل الفلسطينية المقاومة في القطاع، برغم اهمية ذلك لدى الاسرائيلي، بل موجها نحو الجمهور الفلسطيني نفسه باتجاه تجويعه كي ينقلب على خياراته ومقاومته.. وفي هذه الناحية، يمكن القول ان اسرائيل قد فشلت فشلا ذريعا.
سفينة مرمرة والمجزرة الاسرائيلية على متنها، كانت محركا للعوامل القائمة والموجودة اساسا باتجاه فك الحصار عن قطاع غزة.. وما كانت "مرمرة" او اي عامل او حادث اخر لينجح في اطلاق عملية فك الحصار، ما لم يكن مصحوبا ومسبوقا بصمود فلسطيني، اثبت نفسه خلال السنوات الثلاث الماضية.