ارشيف من :آراء وتحليلات

اعترافات فيلتمان: قال المريب خذوني

اعترافات فيلتمان: قال المريب خذوني

بثينة عليق

لم يعد الحديث عن غرفة اعلامية اميركية سوداء تنظم وتنسق العمل الاعلامي لفريق 14 اذار ضربا من المبالغة والاتهام الذي يفتقر الى الدلائل. لقد قال المريب خذوني. اعلنها فيلتمان امام الكونغرس في سياق تعداد "انجازاته" في لبنان وعلى رأسها تشويه صورة حزب الله والمقاومة ومحاولة اختراق البيئة الحاضنة للمقاومة، وتحديدا البيئة الشيعية. اكتشف الاميركيون من خلال موظّفهم النجيب فيلتمان ان المسألة لا تحل بالحرب العسكرية، والدليل فشل حرب تموز عام الفين وستة. كما ان الحرب السياسية التي استنفدت كل اغراضها منذ العام 2005 لا تفي بالغرض. اذاً القضية ثقافية واجتماعية, لذلك لا بد من اعادة النظر في ثقافة المجتمع، ومن اعداد جيش من المثقفين والاعلاميين يعملون ليل نهار في مختلف وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة لتغيير ثقافة الناس. ان الخلل يكمن في ثقافة المقاومة التي يجب ان تتغير وفي صورة المقاومة التي يجب ان تُشوه.

لنجد انفسنا امام منظومة فكرية متكاملة تسعى الى قبول الهيمنة الاميركية ومن خلالها القبول بـ"اسرائيل" وباحتلالها للأراضي وللثروات كأمر واقع لا يمكن مقاومته او تغييره. ولنشهد محاولات لا تنتهي من فبركة الروايات التي تصب في تشويه صورة المقاومة واقحامها في قضايا لا ناقة لها فيها ولا جمل وصولا الى حد اثارة الفتنة المذهبية والطائفية التي يمكن لها إن استيقظت ان تحرق الاخضر واليابس.
وتتكرر الافكار والمقولات والمعلومات والاسئلة في كل وسيلة اعلامية وعند كل اعلامي، ما يطرح تساؤلا حول كيفية حدوث ذلك.
اخر جولات الحرب الاعلامية هذه تتركزعلى ثلاثة محاور:

الاول: ملف الأموال الاميركية التي اثارها فيلتمان وكل الاداء الاعلامي الناطق باسم 14 اذار يصب في خانة تسخيف هذا الامر والتقليل من اهميته، والحديث عن ان الأموال هي مجرد مساعدات خيرية للبلديات ولجمعيات المجتمع المدني حتى وصل الامر بغسان حجار مدير التحرير في صحيفة النهار الى اعتبار فتح الملف سيحرم اللبنانيين من المساعدات الاميركية! اما زميله علي حمادة فلم يستوقفه من الموضوع الا تساؤله حول ما اذا كان حزب الله يحتاج لمن يشوه صورته، وكأن الكاتب مصر على تحقيق رغبات فيلتمان وامانيه.

ثانيا: في ملف اسطول الحرية، انبرت اقلام للترحيب بمقاومة سفينة مرمرة التركية ليس ايمانا منها بضرورة استخدام كل اساليب المقاومة في مواجهة "اسرائيل"، انما لابرازها كنقيض للمقاومة العسكرية. ولم يكتف هؤلاء عند هذا الحد اذ سرعان ما انقلبوا على انفسهم وبتناغم غريب مع الموقف الاميركي، فراحوا يهاجمون المساهمات اللبنانية في هذا النوع من المقاومة من خلال سفينتي مريم وناجي العلي، معتبرين ان هذه الخطوة يمكن ان تعطي ذريعة لحرب اسرائيلية على لبنان، وانها تاتي في سياق "الهوبرة" ليس الا، كما انه لا يمكن مقارنة لبنان بتركيا وان الامر يختلف لو ان كل الدول العربية ترسل سفنها الى غزة.

ثالثا: في ملف النفط، نرى ونقرأ ونسمع العجائب، فما من بلد في العالم يمكن ان يشهد سلوكا اعلاميا حول قضية الثروات الوطنية كالذي يؤديه اعلام 14 اذار. لقد وضعت قضية النفط في خانة القضايا العشوائية, وتم تطييفها ومذهبتها, اضافة الى تبن واضح وسافر لوجهة النظر الاسرائيلية التي رأت في الملف مزارع شبعا جديدة وذريعة جديدة للتمسك بخيار المقاومة للحفاظ على سيادة لبنان وحقه بكل ثرواته!

وفي هذا السياق يحق لأي متابع ازاء هذا الوضع ان يتخيل لو ان قضية النفط مطروحة بين لبنان وسوريا بدل "اسرائيل"، ولو ان سوريا بدأت بعمليات التنقيب متخطية حدودها البحرية، ولو ان احد المسؤولين فيها شكك بحق لبنان في هذه الثروة، كيف سيكون عندئذ رد الفعل المحلي والدولي والاقليمي؟ كيف سيكون اداء هذا الاعلام؟ هل سيلتزم احد سياسي 14 اذار الصمت او الحياد؟ وما هي التهم التي ستساق لاعلامي او سياسي سيطلب عدم تضخيم الامور؟

2010-06-30