ارشيف من :خاص
شبكات التجسس الاسرائيلية وتشويه صورة المقاومة .... منظومة متكاملة وهدف واحد
سعد حمية
لماذا ازدياد عدد شبكات التجسس!! سؤال مشروع يطرحه غالبية اللبنانيين بعد اكتشاف الاجهزة الأمنية اللبنانية لـ"عميل الاتصالات" في احدى الشركتين المشغلتين لقطاع الاتصالات في لبنان. كشف جديد يندرج في سياق حرب خفية متواصلة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي تهاوت خلالها العديد من شبكات التجسس، ووصل عدد الموقوفين بتهمة التعامل مع استخبارات العدو خلال سنتين فقط إلى ما يقارب مئة وعشرين موقوفاً.
رقم يستدعي التوقف عنده، كما يستحق التأمل وإمعان النظر فيه كونه يدل على ظاهرة خطيرة داخل المجتمع اللبناني تتجاوز أبعادها الشأن التقني ـ المهني لاعمال الجاسوسية، لتطال بنى فكرية وثقافية وسياسية شكلت دوافع لسلوك مدان وفق المعايير الوطنية والقومية والقانونية وحتى الدينية لدى شعوب العالم جميعاً خصوصاً تلك التي عانت مرارة الاحتلال ومن ممارسات المتعاونين معه سراً أو علانية واتخذت اجراءات سمتها الأساس التشدد وعدم إظهار أي نوع من التساهل القانوني أو السياسي وعدم اخضاع المسائل الجاسوسية لحسابات سياسية مهما كبرت أو صغرت كما انه لا يتم التعاطي معها وفق اعتبارات طائفية أو مذهبية أو عرقية في المجتمعات االتعددية كما هو الواقع اللبناني.
ما يثير الاستغراب، لا بل العجب، أن قضايا الجاسوسية ما زالت مدرجة لدى بعض القوى اللبنانية ضمن حساباتها الضيقة، واعتباراتها الطائفية تارة والمناطقية أخرى، وهي تتعمد إظهار نوع من التساهل أو القبول بهذا الواقع للتقليل من خطورته، وتمتنع عن توجيه إدانة للمتورطين أو من يقف وراءهم على الرغم من إدراكهم خطورة هذه الشبكات على لبنان بجميع مكوناته وقواه السياسية. أكثر من ذلك هذه القوى تذهب إلى ابعد من ذلك، إذ تعتبر أن الحديث عن خطر شبكات التجسس الاسرائيلية يتسم بالتضخيم والمبالغة لأغراض سياسية ولممارسة ضغط في هذا الملف أو ذلك.
الحديث عن تنامي ظاهرة شبكات التجسس لا يمكن عزله عن الواقع السياسي في لبنان في مراحله المتعددة، بدءاً من الحرب الأهلية المتزامنة مع احتلال "اسرائيل" جنوب لبنان وبقاعه الغربي خلال عقدين من الزمن، وتداعيات الانقسام في حينه وما افرزه من رؤى دفعت البعض للانخراط في المشروع الإسرائيلي على خلفية طائفية لتحقيق اهدافها المشبوهة. هذه الرؤى لم تغب عن الساحة مع اتفاق الطائف، والاتفاق على هوية لبنان ودوره بين دولة شقيقة ودولة معادية.
بعد التحرير عام ألفين واندحار الاحتلال الاسرائيلي جاءت مسألة العملاء اللحديين، واتخذت المقاومة الاسلامية قراراً بترك محاكماتهم للقضاء، فجاءت المحاكمات شبه صورية ومتساهلة إلى ابعد الحدود حتى بات أصحاب الجرائم الجنائية يتمنون أن يحاكموا بتهم العمالة ، وفي حينه كانت مواقف بعض القوى المعروفة واضحة تجاه العملاء والحديث عن اختلال التوازن ! وتقديم حجج وذرائع للتخفيف عن المتعاملين وتصنيفات تتحدث عن عميل بحكم الأمر الواقع وعميل ذهب بنفسه للتعامل وغيره من التبريرات التي تتناقض مع ابسط القيم الوطنية.
مع تأزم الوضع في لبنان خلال السنوات الخمس المنصرمة وما رافقه من عدم استقرار أمني وسياسي، انتشعت بيئة حاضنة لهذه الشبكات في مناطق عدة، واستفادت من اجواء السياسية السائدة لاستهداف المقاومة من خلال العناوين المحلية ما اعطى هذه الشبكات نوعاً من الامان ما انعكس على تواجدها في اكثر من منطقة لبنان حتى في مناطق تعتبر بعيدة عن ساحة المواجهة مع الاحتلال في جنوب لبنان أو بيروت.
في هذه الفترة طورت الشبكات حدود عملها أفقياً وعامودياً، إذ واصلت الشبكات التقليدية عملها المعتاد المتعلق بالرصد والمراقبة الميدانية في مناطق عدة، فيما كانت شبكات اخرى تعمل على اختراق قطاع المصارف وأخيراً قطاع الاتصالات.
وظهرت في تركيبة بعض الشبكات رتب عسكرية كبيرة لضباط متقاعدين في الجيش والامن العام وكذلك شخصيات اجتماعية تتولى مناصب محلية لعبت ادواراً مشبوهة في تأجيج التوتر السياسي بين الاطراف اللبنانية.
تنوع طبيعة ومهام هذه الشبكات والأشخاص المتورطين وانتمائهم إلى شرائح اجتماعية مختلفة وفي قطاعات متنوعة إضافة إلى توسع دائرتها لتشمل مناطق مختلفة، ينفي أن يكون المال وحده هو السبب الأساس لانخراط هؤلاء في شبكات التجسس، انما هي الاسباب التي ذكرت انفاً إضافة إلى اسباب أخرى أعمق وأخطر، لعل اهمها الحرب الإعلامية والعقائدية الشاملة التي تشنها الولايات المتحدة الاميركية ومعها الكيان الإسرائيلي ضد حزب الله في محاولة واضحة لكسر عزيمته وإرادته.
هو تكامل بين في الأدوار بين واشنطن وتل ابيب يرمي إلى تحقيق هدف واحد وهو القضاء على المقاومة، تارة عبر الحروب المباشرة كما في حرب تموز عام الفين وستة، واخرى عبر الشبكات التجسسية، وثالثة الاتفاقات الامنية الموقعة أو تشويه الصورة وفق ما اقر به به مساعد وزير الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان الذي دفع خمسمئة مليون دولار لوسائل اعلام وكتاب لبنانيين، للترويج لثقافة الاستسلام والسلام المزعوم فضلاً عن الدفاع عن المتعاملين وشبكات التجسس وتقديم الاعذار والتبريرات لسلوكهم المشين وطنياً واخلاقياً ودينياً.
لماذا ازدياد عدد شبكات التجسس!! سؤال مشروع يطرحه غالبية اللبنانيين بعد اكتشاف الاجهزة الأمنية اللبنانية لـ"عميل الاتصالات" في احدى الشركتين المشغلتين لقطاع الاتصالات في لبنان. كشف جديد يندرج في سياق حرب خفية متواصلة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي تهاوت خلالها العديد من شبكات التجسس، ووصل عدد الموقوفين بتهمة التعامل مع استخبارات العدو خلال سنتين فقط إلى ما يقارب مئة وعشرين موقوفاً.
رقم يستدعي التوقف عنده، كما يستحق التأمل وإمعان النظر فيه كونه يدل على ظاهرة خطيرة داخل المجتمع اللبناني تتجاوز أبعادها الشأن التقني ـ المهني لاعمال الجاسوسية، لتطال بنى فكرية وثقافية وسياسية شكلت دوافع لسلوك مدان وفق المعايير الوطنية والقومية والقانونية وحتى الدينية لدى شعوب العالم جميعاً خصوصاً تلك التي عانت مرارة الاحتلال ومن ممارسات المتعاونين معه سراً أو علانية واتخذت اجراءات سمتها الأساس التشدد وعدم إظهار أي نوع من التساهل القانوني أو السياسي وعدم اخضاع المسائل الجاسوسية لحسابات سياسية مهما كبرت أو صغرت كما انه لا يتم التعاطي معها وفق اعتبارات طائفية أو مذهبية أو عرقية في المجتمعات االتعددية كما هو الواقع اللبناني.
ما يثير الاستغراب، لا بل العجب، أن قضايا الجاسوسية ما زالت مدرجة لدى بعض القوى اللبنانية ضمن حساباتها الضيقة، واعتباراتها الطائفية تارة والمناطقية أخرى، وهي تتعمد إظهار نوع من التساهل أو القبول بهذا الواقع للتقليل من خطورته، وتمتنع عن توجيه إدانة للمتورطين أو من يقف وراءهم على الرغم من إدراكهم خطورة هذه الشبكات على لبنان بجميع مكوناته وقواه السياسية. أكثر من ذلك هذه القوى تذهب إلى ابعد من ذلك، إذ تعتبر أن الحديث عن خطر شبكات التجسس الاسرائيلية يتسم بالتضخيم والمبالغة لأغراض سياسية ولممارسة ضغط في هذا الملف أو ذلك.
الحديث عن تنامي ظاهرة شبكات التجسس لا يمكن عزله عن الواقع السياسي في لبنان في مراحله المتعددة، بدءاً من الحرب الأهلية المتزامنة مع احتلال "اسرائيل" جنوب لبنان وبقاعه الغربي خلال عقدين من الزمن، وتداعيات الانقسام في حينه وما افرزه من رؤى دفعت البعض للانخراط في المشروع الإسرائيلي على خلفية طائفية لتحقيق اهدافها المشبوهة. هذه الرؤى لم تغب عن الساحة مع اتفاق الطائف، والاتفاق على هوية لبنان ودوره بين دولة شقيقة ودولة معادية.
بعد التحرير عام ألفين واندحار الاحتلال الاسرائيلي جاءت مسألة العملاء اللحديين، واتخذت المقاومة الاسلامية قراراً بترك محاكماتهم للقضاء، فجاءت المحاكمات شبه صورية ومتساهلة إلى ابعد الحدود حتى بات أصحاب الجرائم الجنائية يتمنون أن يحاكموا بتهم العمالة ، وفي حينه كانت مواقف بعض القوى المعروفة واضحة تجاه العملاء والحديث عن اختلال التوازن ! وتقديم حجج وذرائع للتخفيف عن المتعاملين وتصنيفات تتحدث عن عميل بحكم الأمر الواقع وعميل ذهب بنفسه للتعامل وغيره من التبريرات التي تتناقض مع ابسط القيم الوطنية.
مع تأزم الوضع في لبنان خلال السنوات الخمس المنصرمة وما رافقه من عدم استقرار أمني وسياسي، انتشعت بيئة حاضنة لهذه الشبكات في مناطق عدة، واستفادت من اجواء السياسية السائدة لاستهداف المقاومة من خلال العناوين المحلية ما اعطى هذه الشبكات نوعاً من الامان ما انعكس على تواجدها في اكثر من منطقة لبنان حتى في مناطق تعتبر بعيدة عن ساحة المواجهة مع الاحتلال في جنوب لبنان أو بيروت.
في هذه الفترة طورت الشبكات حدود عملها أفقياً وعامودياً، إذ واصلت الشبكات التقليدية عملها المعتاد المتعلق بالرصد والمراقبة الميدانية في مناطق عدة، فيما كانت شبكات اخرى تعمل على اختراق قطاع المصارف وأخيراً قطاع الاتصالات.
وظهرت في تركيبة بعض الشبكات رتب عسكرية كبيرة لضباط متقاعدين في الجيش والامن العام وكذلك شخصيات اجتماعية تتولى مناصب محلية لعبت ادواراً مشبوهة في تأجيج التوتر السياسي بين الاطراف اللبنانية.
تنوع طبيعة ومهام هذه الشبكات والأشخاص المتورطين وانتمائهم إلى شرائح اجتماعية مختلفة وفي قطاعات متنوعة إضافة إلى توسع دائرتها لتشمل مناطق مختلفة، ينفي أن يكون المال وحده هو السبب الأساس لانخراط هؤلاء في شبكات التجسس، انما هي الاسباب التي ذكرت انفاً إضافة إلى اسباب أخرى أعمق وأخطر، لعل اهمها الحرب الإعلامية والعقائدية الشاملة التي تشنها الولايات المتحدة الاميركية ومعها الكيان الإسرائيلي ضد حزب الله في محاولة واضحة لكسر عزيمته وإرادته.
هو تكامل بين في الأدوار بين واشنطن وتل ابيب يرمي إلى تحقيق هدف واحد وهو القضاء على المقاومة، تارة عبر الحروب المباشرة كما في حرب تموز عام الفين وستة، واخرى عبر الشبكات التجسسية، وثالثة الاتفاقات الامنية الموقعة أو تشويه الصورة وفق ما اقر به به مساعد وزير الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان الذي دفع خمسمئة مليون دولار لوسائل اعلام وكتاب لبنانيين، للترويج لثقافة الاستسلام والسلام المزعوم فضلاً عن الدفاع عن المتعاملين وشبكات التجسس وتقديم الاعذار والتبريرات لسلوكهم المشين وطنياً واخلاقياً ودينياً.