ارشيف من :ترجمات ودراسات

شهوة العدوان تتجدد

شهوة العدوان تتجدد

عبد الحليم سعود، الصحيفة الثورة السورية

يبدو أن انقضاء السنوات على حرب تموز 2006 لم يساعد حكام العدو الاسرائيلي على نسيان الطعم المر لهزيمة جيشه المغرور على أيدي رجال المقاومة اللبنانية على تخوم القرى والبلدات اللبنانية الجنوبية، فمازال الاسرائيليون يعدون العدة للثأر والانتقام، لأن شهوة العدوان المتجذرة والمتأصلة في العقل الإسرائيلي تأبى إلا أن تفصح عن نفسها بانتظار الفرصة المناسبة.‏

فقبل أيام نشرت وسائل إعلام العدو صورا لمواقع وأبنية داخل مدن وبلدات في جنوب لبنان ادعت أنها مخازن سلاح ومنصات لإطلاق الصواريخ ، وسرعان ما هدد قادة في الجيش الإسرائيلي بضربها في أول حرب يمكن أن تقوم، الأمر الذي يعطي مؤشرا واضحا إلى رغبة واضحة بالعدوان لا ينقصها سوى اختلاق الذرائع والمبررات لإقناع العالم بشرعيته متى وقع.‏

بطبيعة الحال "إسرائيل" لا تحتاج إلى مبررات أو ذرائع، فقد عودتنا خلال سنوات وجودها الطارئ وغير الشرعي في منطقتنا بأنها تفعل ما تريد متى استطاعت إلى ذلك سبيلا، وقد كشفت الأشهر التي تلت حرب تموز أن إسرائيل خططت للحرب وحددت ساعة صفرها ولم يكن موضوع الأسرى سوى الذريعة التي احتاجت اليها آنذاك، بل إن معطيات الحرب نفسها أكدت أن "إسرائيل" كانت تسعى لتغيير خريطة المنطقة بالتعاون والتنسيق مع حليفتها واشنطن، وهذا ما أعلنته صراحة وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك كوندا ليزا رايس عندما تحدثت عن شرق أوسط جديد على قياس إسرائيل وطموحاتها.‏

من الواضح أن افتعال أزمة جديدة في الذكرى الرابعة لانتصار المقاومة في لبنان يهدف بالدرجة الأولى إلى تعكير مسار التوافق القائم في لبنان حاليا والذي مكن اللبنانيين من تجاوز الكثير من مشكلاتهم وأزماتهم، ولا ينفك عن محاولات "إسرائيل" المستمرة لتغيير مهمة القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان بحيث تتحول إلى قوات تدخل في الشأن الداخلي بدل مساندة الجيش اللبناني، والانقضاض على أي فرصة ممكنة للسلام أو التسوية في المنطقة، والأهم من ذلك كله حماية الجبهة الداخلية في إسرائيل من التصدع والانهيار..‏

فمع كل مرة تتجدد فيها شهوة العدوان في الفكر والعقل الإسرائيلي تعود هذه الجبهة للتماسك والالتحام وتتجاوز الاختلافات والتناقضات المتشعبة وكأن شيئاً لم يكن، وهذا ما يكشف عدوانية المجتمع المكون لـ"إسرائيل" والذي برهن بالدليل القاطع كرهه للسلام في أرض السلام، ورغبته المستمرة في إبقاء المنطقة بؤرة للتوتر والحروب .‏


2010-07-12