ارشيف من :أخبار لبنانية
كبير في لبنان..
صحيفة "الوطن" السورية - وضاح عبد ربه
الرئيس بشار الأسد في لبنان.. حدث انتظره الكثيرون.. فقد وصل الرئيس الأسد إلى لبنان مكرماً معززاً وقائداً عربياً كبيراً تماماً كما هو الحال في كل مرة يزور فيها أي دولة عربية أو أجنبية، بعد أن كان سنواتٍ طويلة موضعَ اتهام مباشر من قبل فئة محددة من اللبنانيين بجريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني وحليف سورية في لبنان الراحل رفيق الحريري.
حين وطئت قدما الرئيس الأسد أرض لبنان كان كبيراً بل عملاقاً يترجل من الطائرة ليزور هذا البلد الصغير الذي أساء كثيرون من سياسييه لسورية وللرئيس الأسد شخصياً، وجعلوا من بلدهم جزءاً من مؤامرة دولية كبرى لمحاصرة السوريين والضغط عليهم لإرغامهم على القبول بما لا يقبل.
إنه بشار الأسد.. بقلبه الكبير، الذي خفق بالأمس مجدداً ليحتضن كل لبنان، كما كان سبق أن فعل طوال السنوات الماضية حرصاً على استقراره وتعايش اللبنانيين بأمن واستقرار بعيداً من التشجنات الطائفية والمصطنعة الآتية من الغرب. وهذه هي سورية التي منذ عام ١٩٧٦ عملت لإنقاذ لبنان من الحرب الأهلية وحمايته من الأطماع الإسرائيلية، وهكذا هي سورية اليوم مع الزيارة الثالثة لرئيسها إلى لبنان، وها هي أعلامها تعود لترفرف في سماء المدن اللبنانية وصور رئيسها تعلق في كل أرجاء البلد الجار الذي عاد مجدداً للحضن العربي.
إنها صورة أكثر من رائعة تلك التي شاهدناه يوم الجمعة، حين وصلت الطائرة الملكية السعودية إلى مطار رفيق الحريري الدولي، وخرج منها الملك عبد اللـه بن عبد العزيز والرئيس بشار الأسد، فنزلا سلم الطائرة جنباً إلى جنب، في حين لا نزال نذكر أن المملكة وسورية كانتا منذ أشهر عديدة في حالة جفاء بسبب لبنان وبعض اللبنانيين الذين زيفوا الحقيقة وحرفوا التحقيق الدولي عن مساره الصحيح في محاولة، نجحت في بعض الحالات، لإقناع العالم بأن سورية من اغتال الابن المدلل للسعودية والشخصية اللبنانية التي كان لها موقعها على الساحة الدولية، ونسي العالم كم كان رفيق الحريري مقرباً من سورية وحليفاً ومخلصاً لها، وأن الجهة الوحيدة التي يمكن أن تستفيد من غيابه هي إسرائيل التي كانت تعتبر الراحل عدواً لها لدفاعه المستمر عن المقاومة وحزب اللـه في المحافل الدولية ولدوره في تفاهم نيسان عام ١٩٩٧ بعد عملية عناقيد الغضب حين أعطى المقاومة إلى جانب الرئيس الراحل حافظ الأسد شرعية دولية شهدت عليها فرنسا.
اليوم التحديات جسيمة والتهديدات تتجدد كل ساعة وكل يوم، والفتنة إن وجدت في دولة عربية فستنتقل إلى كل العالم العربي بلا استثناء، والمملكة بثقلها الكبير باتت واعية اليوم لما يحبك للمنطقة وسبق أن كشفت منذ زمن بعيد حقيقة من اغتال رفيق الحريري، فكان لا بد لعاهلها أن يأتي إلى دمشق ويرافق الرئيس الأسد إلى بيروت، ليؤكدا معاً أن العبث بأمن واستقرار لبنان ممنوع، وأن أي اتهام لا يستند إلى دليل مادي قاطع لا لبس فيه غير مقبول أيضاً، وأن ما حصل سابقاً مع سورية لن يحصل مجدداً مع المقاومة ومع حزب اللـه تحديداً، فزمن الزيف انتهى وحان الوقت للاستقرار ولتغليب المصالح العليا للعالم العربي وللبنان وعدم الوقوع في أفخاخ إسرائيل وعدم المشاركة في أي مخططات لا تخدم كل الأمة العربية.
هذا فحوى الصورة، وهذه الرسالة التي إن فهمناها فهمنا أن السياسة السورية كانت على مدى السنوات الأخيرة هي السياسة الصائبة التي تنظر إلى المصالح العليا للعالم وللشعوب العربية وليس الفردية والضيقة التي لا مكان لها في عالم تتحكم به إسرائيل وتحاول من خلاله فرض سيطرتها وسياستها على العرب والعالم.
هذه هي سورية وهذا هو بشار الأسد شامخاً في بيروت وقبلها في باريس وبرازيليا وبوينوس أيرس وكاراكاس وفي كل عواصم العالم يأتي إليها شارحاً مواقف العرب ومدافعاً عن مصالحهم.
فهو قائد عربي ورئيس للجمهورية العربية السورية، وحين يتحلى المرء بصفاته الأخلاقية والسياسية والعربية والسورية، فسيكون قلبه كبيراً ويسامح كل من تعرض إليه أو لشعبه لأنه يعرف كيف يترفع عن جراح الماضي ليتطلع إلى المستقبل وإلى وحدة العرب بمواجهة المخاطر التي تحيط بهم، فهذا القلب الكبير جداً يخفق من أجل حماية وحصانة ومصلحة كل العرب، ومن يرد أن يكون إلى جانبه وإلى جانب الشعوب العربية فأهلاً وسهلاً وأبواب دمشق مفتوحة، ومن لا يرد فعليه أن يعلم أنه عاجلاً أم آجلاً سيأتي إلى سورية ويعترف أمامها أنه كان على خطأ، وستبقى دمشق كما كانت قلعة العرب المنيعة.
لقد استحق الرئيس بشار الأسد هذا التقدير والاحترام السعودي واللبناني من أعلى المستويات، وسورية شعباً ورئيساً تستحق أيضاً مراجعة صريحة لأخطاء بعض من أطلق على نفسه صفة «سياسي لبناني» فأساء إلى سورية، وكما طالب السيد حسن نصر اللـه فإن هذه المراجعة باتت أكثر من ضرورية لكشف الحقيقة وكشف زيف وتآمر من أراد أن يقلب العالم على سورية والسوريين، وفي حال لم يحاكموا في المحاكم الدولية أو اللبنانية فإن المحاكم الشعبية كفيلة بمحاكمة كل من تسبب في قتل سوري بريء في لبنان.. وهذا لن نسامحه.