ارشيف من :آراء وتحليلات

فريق "14 آذار" اللبناني ـ العربي: رقص على حبال أشكنازي

فريق "14 آذار" اللبناني ـ العربي: رقص على حبال أشكنازي

صوفيا ـ جورج حداد*

انفض يوم السبت الماضي اجتماع القمة الثلاثي في بيروت والذي ضم الرئيس اللبناني وضيفيه الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد. وكان الضيفان قد استقبلا بمراسم تكريم مميزة خلال زيارتهما المشتركة القصيرة للبنان، ثم ودعا بمزيد من التكريم. وقد شارك في الاجتماع وزراء خارجية البلدان الثلاثة ورؤساء اجهزة المخابرات وغيرهم من كبار المسؤولين، واحيط بجدار من السرية الكبيرة ولم يرشح عنه سوى بعض التسريبات، التي فهم منها ان المحادثات تركزت على اوضاع لبنان في ضوء القرار الظني المتوقع ان تصدره خلال الاشهر المقبلة المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، والذي يتوقع ان يوجه فيه الاتهام الى حزب الله، او كوادر وعناصر من الحزب، بارتكاب جريمة الاغتيال
.
وكانت جريدة ديرشبيغل الألمانية قد نشرت تحقيقا نسبته لنفسها، وادعت فيه أن ما يسمى المحكمة الدولية (التي لا تمتلك من المقومات القانونية سوى اسمها) ستصدر قريبا قرارها الظني الذي تتهم فيه كوادر وعناصر حزب الله بتنفيذ جريمة الاغتيال، استنادا الى شهادات جديدة وشهود جدد لدى المحكمة. ولكن المعارض السوري المعروف والكاتب في الجريدة الالكترونية السورية المعارضة "الحقيقة"، نزار نيوف، نشر لاحقا مقالا مطولا بيّن فيه ان "دير شبيغل" "لطشت" التحقيق من جريدة " الحقيقة" ذاتها، وان التحقيق الأصلي كان قد كتبه نزار نيوف. طبعا ان اهداف كل من نزار نيوف و"دير شبيغل" تختلف عن بعضها البعض. ودون ان ننحرف نحو البحث في هذه النقطة، فإن هدف "دير شبيغل" كان يقصد فعلا اتهام حزب الله، بعد ان خفت اتهام سوريا والجنرالات الاربعة بارتكاب الجريمة. وبناءً على تقديرات نزار نيوف فإن هناك رابطا بين الكشف عن شبكات وخلايا عملاء المخابرات الاسرائيلية في لبنان واغتيال أحد كبار ضباط الامن اللبنانيين، والاتهامات التي ستوجه الى حزب الله باغتيال رفيق الحريري.

وبالرغم من التشكيك بصدقية "دير شبيغل"، فإن فريق 14 اذار اخذ يطبل ويزمر لتحقيق دير شبيغل واتهام حزب الله بجريمة اغتيال الحريري، والمطالبة بضرورة "تعاون" حزب الله مع المحكمة الدولية. ووصل الأمر إلى حد طرح عقد صفقة لاجتناب الفتنة محورها ان تتنازل عائلة الحريري عن حقوقها

الشخصية مقابل تسليم كوادر وعناصر حزب الله الى المحكمة بوصفهم عناصر "غير منضبطة" ونزع سلاح حزب الله او تسليمه للجيش. ولم يهدأ الضجيج الاعلامي المفتعل الا بعد ان تدخل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وافهم القاصي والداني:

1ـ ان حزب الله لن يذعن للمحكمة الدولية وهو لا يثق بها لأنها محكمة مسيسة تستعمل الشهود الزور، وترفض تسليمهم للقضاء.

2ـ اذا كانت "اسرائيل" فشلت في حرب تموز 2006، فانها ايضا فشلت في "الحرب البديلة" ومحاولة اشعال الفتنة في 7 ايار 2008.

3ـ ان المقاومة مستعدة للرد على اي عدوان اسرائيلي جديد او محاولة اشعال فتنة جديدة. وبعد ان هدأت الأبواق المحلية مؤقتا، دخلت "اسرائيل" على الخط مباشرة، وصرح ايهود باراك بأن سوريا تسرب صواريخ سكود الى حزب الله، وان "اسرائيل" لن تقف مكتوفة الايدي، ثم نشر الجيش الاسرائيلي خرائط للمناطق اللبنانية ادعى فيها ان حزب الله يموضع الصواريخ قرب المدارس والمستشفيات والأبنية السكنية. بكل ما يعنيه ذلك من تهديد للبنان وتبرير مسبق للجرائم المزمع ارتكابها ضد المدنيين اللبنانيين بحجة الرد على صواريخ حزب الله.

ولأجل تشجيع فريق 14 اذار على التحرك لاجل "انقاذ لبنان!!!" عن طريق تسليم حزب الله الى "العدالة الدولية" تدخل رئيس اركان الجيش الاسرائيلي كابي اشكنازي وصرح (قبل شهرين او اكثر) وقال بأن المحكمة الدولية ستصدر في شهر ايلول/سبتمبر المقبل قرارها الظني الذي تتهم فيه عناصر من حزب الله بارتكاب الجريمة، ما سيكون له انعكاسات سلبية على الامن والاستقرار في لبنان حسبما تنبأ اشكنازي.

وعلى الاثر تحرك فريق 14 اذار "العربي" كله، من مصر الى الاردن الى السعودية، لدعم فريق 14 اذار " المحلي"، بحجة حماية لبنان وتأمين الاستقرار له، وترمي كل التحركات السياسية داخل لبنان وخارجه الى ما يلي:

1ـ اضعاف وتفكيك الجبهة المؤيدة للمقاومة داخل لبنان.

2ـ اضعاف وتفكيك التلاحم بين المقاومة والجيش (والدولة).

3ـ الضغط على سوريا واضعاف التحالف بينها وبين المقاومة.

4ـ عزل المقاومة والاستفراد بها من قبل "فريق الفتنة" وربما "اليونيفيل" أيضا داخليا، و"اسرائيل" والمحكمة الدولية خارجيا. ولا يشكنّ احد في ان فريق 14 اذار اللبناني ـ العربي، لن يتورع عن القيام بأي شيء للوصول الى اهدافه، ونشير في هذا الصدد الى ان عائلة رياض الصلح (جد الامير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود ـ لجهة الام) اصدرت مؤخرا كتابا بعنوان "رياض الصلح والنضال من اجل الاستقلال العربي"، بقلم الكاتب باتريك سيل. وأحد اهداف هذا الكتاب تبرير الاتصالات التي كانت قائمة بين اليهود و"اسرائيل" وبين عائلة رياض الصلح من جهة، والطعن بوطنية الشهيد الكبير انطون سعادة والادعاء بأن إعدامه انما تم بسبب اتصالاته مع اليهود و" اسرائيل".

واستنادا الى "الاخلاق" نفسها التي املت على باتريك سيل ان يخط بقلمه مثل هذه الأكاذيب، واملت على المحكمة الدولية استخدام الشهود الزور، واستنادا الى زرع لبنان بشبكة طويلة عريضة من الجواسيس والعملاء، ماذا يمنع المحكمة الدولية والشهود الزور والعملاء من تلفيق اي تهمة لأي

مناضل واي شخصية مناوئة لفريق 14 اذار؟

XXX

فيما مضى كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري من اقرب "حلفاء المصلحة" لسوريا. وبدون ذلك لم يكن بالامكان ان يكون رئيس الوزراء اللبناني. وفي الوقت ذاته كان الجنرال ميشال عون من ألد خصوم الوجود السوري في لبنان. وحينما كان رفيق الحريري في السلطة وفي اوج قوته، كان ميشال عون

مبعدا عن لبنان، ويعمل لاخراج السوريين منه. وقد قال الجنرال عون يوما ان "الاميركيين جاؤوا بالسوريين الى لبنان، والاميركيين يخرجونهم". وانه لمن المؤسف جدا ان دم رفيق الحريري قد استخدم كوسيلة سياسية من اجل إخراج السوريين من لبنان، تحت شعار ما سمي "ثورة الارز".
ومن المؤسف اكثر ان فريق "14 اذار" اللبناني والعربي يعمل بشكل محموم، جنبا الى جنب "اسرائيل"، لاغتيال رفيق الحريري مرة اخرى واستخدام دمه كوسيلة لنزع سلاح حزب الله وتغطية العدوان على لبنان"دولة" و"شعبا".

XXX

والى جانب ذلك يتذاكى بعض اطراف فريق "14 اذار" مدعين بأن الوطنية ليست حكرا على احد، وانهم لا يعارضون المقاومة من حيث المبدأ، بل يعارضون فقط ان تكون مسلحة اكثر من الجيش، بفضل الدعم الايراني، وبدورنا نسأل هؤلاء:

ـ ان السعودية هي اغنى من ايران، ولم يعد يوجد حواجز ايديولوجية بينها وبين روسيا؛ فلماذا لا تقوم السعودية بتقديم قرض كبير للجيش اللبناني، كافٍ لتسليحه بأفضل واقوى من المقاومة، لاجل حماية لبنان فعليا من " اسرائيل"، وليس فقط بالكلمات الجوفاء كما هي الحال في الدول العربية

الاخرى.

*كاتب لبناني مستقل

2010-08-06