ارشيف من :ترجمات ودراسات

لماذا لم توسِّع "إسرائيل" نطاق المواجهة مع الجيش اللبناني؟

لماذا لم توسِّع "إسرائيل" نطاق المواجهة مع الجيش اللبناني؟
كتب المحرر العبري
منذ اللحظات الاولى التي بدأت فيها المعلومات تتوالى حول تصدي الجيش اللبناني لجيش العدو الإسرائيلي، قرب بلدة العديسة الجنوبية، ومقتل قائد كتيبة برتبة مقدم اضافة إلى جرح آخر، من صفوف الأخير، بدأت التساؤلات حول ما إذا كانت هذه المواجهة سيتوسع نطاقها سواء من الناحية الجغرافية أو الاطراف المستهدفة.
الآن وبعدما انتهت التداعيات الميدانية لهذه المواجهة، بدأ السؤال يُطرح بصيغة أخرى: لماذا لم يستغل العدو هذه المواجهة لتوسيع نطاقها؟
لا بد من التأكيد على حقيقة أن أي حادثة موضعية، مهما كانت نتائجها العسكرية، لا تتطور إلى حرب واسعة إلا في حال وجود قرار سياسي لدى احد طرفي الصراع، على الأقل. نعم يمكن لحادثة موضعية ان تتطور نحو مواجهة أوسع لكن سرعان ما يعود الهدوء للميدان في حال كان إرادة الطرفين تجنب نشوب حرب واسعة.
الواقع، انه كان من الواضح قبل نشوب مواجهة العديسة، ان العدو، في هذه المرحلة ليس في وارد المبادرة إلى حرب واسعة ضد لبنان لأسباب متعددة منها ما يتعلق بمعادلات القوة واخرى سياسية.
في هذا المجال لا يمكن القفز فوق حقيقة ان الوضع السائد على الحدود بين لبنان والكيان الإسرائيلي، محكوم ومسقوف بالمعادلات القائمة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، وبالتالي لا يمكن للأخير إلا أن يأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار لدى دراسة خياراته حول المدى الذي يمكن الذهاب اليه في أي مواجهة تنشب على الحدود.
من جهة اخرى، حتى لو كان العدو يستبطن قرارا باستغلال اي حادثة امنية لتوسيع دائرة المعركة، وهو امر مستبعد في هذه المرحلة، ما كان ليفعل ذلك من خلال حادثة اشتباك مع الجيش اللبناني. خاصة وان ذلك سوف يوفر لحزب الله غطاء داخليا لبنانيا شاملا، ولن يكون في مصلحة كافة القوى المحلية والاقليمية المعادية للمقاومة، ان يكون عنوان المعركة هو ان حزب الله هب لنجدة الجيش اللبناني في مواجهة الاعتداء الإسرائيلي الذي عجز عن مواجهة الترسانة الإسرائيلية لما ينطوي على ذلك من تعزيز لمشروعية سلاح حزب الله. فضلا عن ان لا مصلحة للكيان الإسرائيلي في ان تبدو مشكلته وكأنها مع الدولة اللبنانية، ممثلة بالجيش اللبناني.
يُضاف إلى ما تقدم العامل الدولي، والاميركي تحديدا، الذي يحرص في هذه المرحلة على عدم نشوب أي حرب في المنطقة... لذلك بادرت الولايات الامتحدة وفرنسا، وفقا للتقارير الاعلامية الإسرائيلية، إلى اجراء اتصالات مكثفة يوم حادثة العديسة ووجهتا رسائل حادة إلى "إسرائيل" ولبنان مفادها أنه يجب وقف الاشتباكات فورا. واجرى رئيس دائرة الشرق الأوسط في البيت الأبيض، دان شبيرو، اتصالا مع السفير الإسرائيلي في واشنطن، مايكل أورن، وطلب منه نقل رسالة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية مفادها أن الإدارة الأمريكية تطلب من "إسرائيل" الحفاظ على ضبط النفس وتجنب تصعيد الوضع. كما تم نقل رسالة مماثلة إلى السفير اللبناني في واشنطن أنطوان شديد.
وبشكل مواز، أجرى وزير الخارجية الفرنسية برنارد كوشنر اتصالا مع وزير الحرب الإسرائيلي إيهود باراك، وطلب منه الحفاظ على ضبط النفس وتجنب التصعيد. ومن جهته طلب باراك من وزير الخارجية الفرنسية نقل رسالة إلى لبنان مفادها أن "إسرائيل" سترد بشدة على أي "عملية استفزازية أخرى"  كما بعثت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين اشتون، برسائل مماثلة إلى الطرفين.
وعليه، يمكن القول ان "الرد" الإسرائيلي على مقتل الضابط وجرح اخر، كان يمكن ان يكون اشد بكثير مما شهدناه، لولا تداخل هذه الاعتبارات المشار اليها.
2010-08-08