ارشيف من :آراء وتحليلات
في ذكرى هيروشيما وناكازاكي: النووي... أميركي وإسرائيلي أم إيراني!
عقيل الشيخ حسين
عند سماع كلمة "نووي" في أيامنا هذه، لا يتبادر إلى ذهن السواد الأعظم من البشر الذين غسلت أدمغتهم آلة التسميم المعرفي والإعلامي غير انطباع واحد: الملف النووي الإيراني.
ولا تفضي التداعيات الذهنية عند أولئك السامعين إلى غير رفع منسوب الغرائزية الحاقدة على الإسلام، بما هو الرافعة الأساسية، إن لم نقل الوحيدة، للوقوف في وجه سياسات الهيمنة الغربية ـ الصهيونية، وما يرتبط بها من سياسات تابعة.
فالملف النووي الإيراني، كما هو معروف، تحيط به الإثارات المدروسة ويطغى بشكل يومي على اهتمامات السياسيين المعادين للإسلام، وعلى اهتمامات من يتملقونهم طمعاً في مكسب أو في تدعيم كرسي من كراسي الحكم. كما يطغى، بطبيعة الحال، على نشرات الأخبار والتعليقات والتحليلات، بما هي حملات حقيقية للتسميم المعرفي والإعلامي.
لكن البرنامج النووي الإيراني، كما يعلم الحاقدون والمضللون على السواء، ليس الوحيد في العالم. وهو يظل كذلك حتى ولو صحت المخاوف المزعومة من احتمال سعي إيران إلى صنع سلاح نووي.
فالسلاح النووي يمتلكه عدد غير قليل من البلدان، وفي طليعتها تلك البلدان التي تعادي إيران وتفرض عليها العقوبات، قبل أن يكون لديها برنامج نووي سلمي، وتحديداً منذ اللحظة التي أطاحت فيها الثورة الإسلامية بالنظام الشاهنشاهي الذي طالما كان جسراً للغرب في العالم الإسلامي، وحليفاً أساسياً للكيان الإسرائيلي في المنطقة، وعدواً لدوداً لحركات التحرر في العالم العربي.
ولما كان السلاح النووي الذي لا يمكن ـ بالنظر إلى وحشيته وهمجيته ـ تبرير استخدامه أياً كانت الدوافع، أبعد ما يكون عن أن يكون مفخرة للبلدان التي تمتلك هذا السلاح، فإن هذه البلدان التي ترفع، رياءً ونفاقاً، شعارات الإنسانية والمحبة والرحمة، تصر عل الزعم بأنها تصنع الأسلحة النووية وتطورها لا بقصد استخدامها بل بقصد التوظيف في قدراتها الردعية ووضعها في خدمة قضية السلام.
لكن هذه الدعوى تتناقض بشكل صارخ مع السلوك الفعلي للدولة التي تمتلك أكبر ترسانة نووية عسكرية في العالم، بعد أن كانت السباقة إلى صنعه واستخدامه.
فنحن نعيش في هذه الأيام أجواء الذكرى الخامسة والستين لقيام الجيش الأميركي بقصف هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين بقنبلتين أسفرتا عن مقتل مئات الألوف من الأشخاص. ولا يزال الآلاف يموتون كل عام، بسبب الإشعاعات التي ما تزال تحتفظ بقدراتها الفتاكة.
وبالطبع، لم يكن الردع أو مجرد الرغبة في إلحاق الهزيمة باليابان كسبيل وحيد وإجباري لإنهاء الحرب العالمية الثانية، هو ما دفع الأميركيين إلى إغراق اليابان بذلك المطر من الدمار الذي لم يشهد أحد مثله من قبل على الكرة الأرضية، على ما قاله آنذاك الرئيس الأميركي هاري ترومان.
فاليابان كانت في تلك اللحظة تعرض الاستسلام عبر وساطة روسية لم يعرها الأميركيون أي اهتمام، مدفوعين في ذلك بلا شيء غير شهوة القتل والرغبة في الانتقام.
فثقافة الانتقام هي ميزة أساسية من مميزات السياسة الأميركية على ما قاله مؤخراً رئيس الكنيسة الكاثوليكية في اسكتلندا، كيث أوبريان، في معرض انتقاد شديد اللهجة وجهه للساسة الأميركيين بسبب ما يثيرونه من لغط في موضوع إطلاق سراح عبد الباسط المقرحي لاعتبارات إنسانية.
ثقافة انتقام وتوظيف للسلاح الجهنمي كوسيلة لإرهاب الشعوب في الفترة اللاحقة وإجبارها على الرضوخ للسياسات الأميركية.
وعلى الرغم من مشاهد الهول في هيروشيما وناكازاكي، ومن كل الخطاب الرسمي الأميركي الذي يغرق العالم بالمزاعم حول المشاعر الإنسانية وحقوق الإنسان، لا تزال الولايات المتحدة ترفض الاعتذار عن الجريمة التي اقترفتها، بلا سبب مشروع، بحق اليابان.
لا بل إن السفير الأميركي في اليابان أصر، خلال الاحتفالات بالذكرى الخامسة والستين لأول استخدام للسلاح النووي، على القول بأن إكليل الزهور الذي وضعه على الموقع الذي سقطت فيه القنبلة في هيروشيما، هو تعبير عن الاحترام لجميع ضحايا الحرب العالمية الثانية، مساوياً في ذلك بين الجلاد والضحية، وغير ملتفت للفارق النوعي الذي شكله لجوء البيت الأبيض إلى استخدام ذلك السلاح الرهيب.
كما أن الكولونيل بول تييتس الذي قام بإلقاء القنبلة على هيروشيما، وزميله تشارلز سويني الذي ألقى القنبلة على ناكازاكي، واصلا بعد ذلك إطلاق التصريحات التي عبرا فيها عن عدم الندم وعن الاستعداد للقيام مجدداً بالعمل نفسه، فيما لو أعاد التاريخ نفسه... دون أن يشكل ذلك استفزازاً لمشاعر أحد.
ذلكم هو الملف النووي الأميركي الذي يندى له جبين البشرية. وإلى جانبه الملف النووي لكل من فرنسا و"إسرائيل" اللتين أجريتا عشرات التجارب على الأحياء في الصحراء الجزائرية. ولـ "إسرائيل" التي تمتلك ترسانة نووية ضخمة وثقافة انتقام أضخم بكثير من ثقافة الانتقام الأميركية.
لكن التسميم الإعلامي والمعرفي يطمس هذه الحقائق الصارخة ويستخدم كل وسائل التهويش والتضليل في إلصاق التهمة النووية بإيران التي لا تفعل غير اعتماد برنامج نووي للأغراض العلمية والصحية السلمية.
عند سماع كلمة "نووي" في أيامنا هذه، لا يتبادر إلى ذهن السواد الأعظم من البشر الذين غسلت أدمغتهم آلة التسميم المعرفي والإعلامي غير انطباع واحد: الملف النووي الإيراني.
ولا تفضي التداعيات الذهنية عند أولئك السامعين إلى غير رفع منسوب الغرائزية الحاقدة على الإسلام، بما هو الرافعة الأساسية، إن لم نقل الوحيدة، للوقوف في وجه سياسات الهيمنة الغربية ـ الصهيونية، وما يرتبط بها من سياسات تابعة.
فالملف النووي الإيراني، كما هو معروف، تحيط به الإثارات المدروسة ويطغى بشكل يومي على اهتمامات السياسيين المعادين للإسلام، وعلى اهتمامات من يتملقونهم طمعاً في مكسب أو في تدعيم كرسي من كراسي الحكم. كما يطغى، بطبيعة الحال، على نشرات الأخبار والتعليقات والتحليلات، بما هي حملات حقيقية للتسميم المعرفي والإعلامي.
لكن البرنامج النووي الإيراني، كما يعلم الحاقدون والمضللون على السواء، ليس الوحيد في العالم. وهو يظل كذلك حتى ولو صحت المخاوف المزعومة من احتمال سعي إيران إلى صنع سلاح نووي.
فالسلاح النووي يمتلكه عدد غير قليل من البلدان، وفي طليعتها تلك البلدان التي تعادي إيران وتفرض عليها العقوبات، قبل أن يكون لديها برنامج نووي سلمي، وتحديداً منذ اللحظة التي أطاحت فيها الثورة الإسلامية بالنظام الشاهنشاهي الذي طالما كان جسراً للغرب في العالم الإسلامي، وحليفاً أساسياً للكيان الإسرائيلي في المنطقة، وعدواً لدوداً لحركات التحرر في العالم العربي.
ولما كان السلاح النووي الذي لا يمكن ـ بالنظر إلى وحشيته وهمجيته ـ تبرير استخدامه أياً كانت الدوافع، أبعد ما يكون عن أن يكون مفخرة للبلدان التي تمتلك هذا السلاح، فإن هذه البلدان التي ترفع، رياءً ونفاقاً، شعارات الإنسانية والمحبة والرحمة، تصر عل الزعم بأنها تصنع الأسلحة النووية وتطورها لا بقصد استخدامها بل بقصد التوظيف في قدراتها الردعية ووضعها في خدمة قضية السلام.
لكن هذه الدعوى تتناقض بشكل صارخ مع السلوك الفعلي للدولة التي تمتلك أكبر ترسانة نووية عسكرية في العالم، بعد أن كانت السباقة إلى صنعه واستخدامه.
فنحن نعيش في هذه الأيام أجواء الذكرى الخامسة والستين لقيام الجيش الأميركي بقصف هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين بقنبلتين أسفرتا عن مقتل مئات الألوف من الأشخاص. ولا يزال الآلاف يموتون كل عام، بسبب الإشعاعات التي ما تزال تحتفظ بقدراتها الفتاكة.
وبالطبع، لم يكن الردع أو مجرد الرغبة في إلحاق الهزيمة باليابان كسبيل وحيد وإجباري لإنهاء الحرب العالمية الثانية، هو ما دفع الأميركيين إلى إغراق اليابان بذلك المطر من الدمار الذي لم يشهد أحد مثله من قبل على الكرة الأرضية، على ما قاله آنذاك الرئيس الأميركي هاري ترومان.
فاليابان كانت في تلك اللحظة تعرض الاستسلام عبر وساطة روسية لم يعرها الأميركيون أي اهتمام، مدفوعين في ذلك بلا شيء غير شهوة القتل والرغبة في الانتقام.
فثقافة الانتقام هي ميزة أساسية من مميزات السياسة الأميركية على ما قاله مؤخراً رئيس الكنيسة الكاثوليكية في اسكتلندا، كيث أوبريان، في معرض انتقاد شديد اللهجة وجهه للساسة الأميركيين بسبب ما يثيرونه من لغط في موضوع إطلاق سراح عبد الباسط المقرحي لاعتبارات إنسانية.
ثقافة انتقام وتوظيف للسلاح الجهنمي كوسيلة لإرهاب الشعوب في الفترة اللاحقة وإجبارها على الرضوخ للسياسات الأميركية.
وعلى الرغم من مشاهد الهول في هيروشيما وناكازاكي، ومن كل الخطاب الرسمي الأميركي الذي يغرق العالم بالمزاعم حول المشاعر الإنسانية وحقوق الإنسان، لا تزال الولايات المتحدة ترفض الاعتذار عن الجريمة التي اقترفتها، بلا سبب مشروع، بحق اليابان.
لا بل إن السفير الأميركي في اليابان أصر، خلال الاحتفالات بالذكرى الخامسة والستين لأول استخدام للسلاح النووي، على القول بأن إكليل الزهور الذي وضعه على الموقع الذي سقطت فيه القنبلة في هيروشيما، هو تعبير عن الاحترام لجميع ضحايا الحرب العالمية الثانية، مساوياً في ذلك بين الجلاد والضحية، وغير ملتفت للفارق النوعي الذي شكله لجوء البيت الأبيض إلى استخدام ذلك السلاح الرهيب.
كما أن الكولونيل بول تييتس الذي قام بإلقاء القنبلة على هيروشيما، وزميله تشارلز سويني الذي ألقى القنبلة على ناكازاكي، واصلا بعد ذلك إطلاق التصريحات التي عبرا فيها عن عدم الندم وعن الاستعداد للقيام مجدداً بالعمل نفسه، فيما لو أعاد التاريخ نفسه... دون أن يشكل ذلك استفزازاً لمشاعر أحد.
ذلكم هو الملف النووي الأميركي الذي يندى له جبين البشرية. وإلى جانبه الملف النووي لكل من فرنسا و"إسرائيل" اللتين أجريتا عشرات التجارب على الأحياء في الصحراء الجزائرية. ولـ "إسرائيل" التي تمتلك ترسانة نووية ضخمة وثقافة انتقام أضخم بكثير من ثقافة الانتقام الأميركية.
لكن التسميم الإعلامي والمعرفي يطمس هذه الحقائق الصارخة ويستخدم كل وسائل التهويش والتضليل في إلصاق التهمة النووية بإيران التي لا تفعل غير اعتماد برنامج نووي للأغراض العلمية والصحية السلمية.