ارشيف من :ترجمات ودراسات
لغز الطائرات الإسرائيلية في سماء رومانيا..
المصدر: موقع عرب 48 ـ ظافر الخطيب
لست في وارد أن أحسن الظن بـ"إسرائيل"، فكل ما تقوم به إنما هو ذو دلالة أو هدف، وعليه فإن في قراءة الأحداث المتكررة الحدوث، أمراً لافتاً يستحق الالتفاتة أولاُ، و من ثم الاستيعاب في أطار وضعها (الأحداث) في سياق الأوضاع والظروف السياسية التي تعيشها المنطقة والعالم.
ففي الثامن والعشرين من تموز حملت وسائل الإعلام خبر سقوط طائرة هيلوكبتر إسرائيلية في رومانيا. وقد اعتبر هذا الحادث في ذلك الوقت حادثا عادياُ يحصل في إطار التدريبات، وربما يعود ذلك لخلل تقني أو لظروف الطقس أو غير ذلك من الظروف التي تؤدي غالبا إلى سقوط الطائرات على اختلاف أنواعها.
واليوم حملت أيضا وسائل الإعلام الصهيونية أيضاً خبراً مفاده أن طائرتي هيلوكبتر اسرائيليتين هبطتا اضطراريا في إحدى القرى الرومانية، و حسب المصدر العسكري الإسرائيلي فإن سبب هذا الهبوط الإضطراري يعود إلى خلل في المؤشر الضوئي لإحدى الطائرات.
ومن باب سوء الظن لا حسنه فإن هذين الحادثين يطرحان عدة علامات استفهام و يحتاجان إلى تفسيرات دقيقة:
إن "إسرائيل" هي دولة من نوع خاص، تمتلك آلة حرب نشطة، حيوية، متقدمة، وأكثر من ذلك غير معتادة على كثرة الحوادث العرضية. وفي قراءة لتاريخ سقوط الطائرات فإن مؤشر سقوط الطائرات الإسرائيلية لا يؤشر إلى الكثير من الحوادث، ربما إلى حادث أو اثنين في السنة في حين أنه خلال خمسة أيام كنا أمام سقوط طائرة وهبوط اضطراري لطائرة أخرى.
أن كلا الحادثين قد وقعا في بلد واحد (رومانيا)، وعلى اعتبار أن وقوع حادثين في فترة زمنية متقاربة إنما يدل على أن هناك حركة جوية مكثفة تقوم بها الطائرات المروحية في رومانيا. وهو ما يثير التساؤل عن سبب ذلك. فهل نكتفي بالتفسير الإسرائيلي أن تلك الطائرات إنما كانت تقوم بطلعات تدريبية ضمن مناورات عسكرية مع البلد المضيف؟ وما هو سبب سقوط أو تعرض الطائرات لأعطال؟ هل هو بسبب الحركة المكثفة التي تقوم بها هذه الطائرات أم بسبب تضاريس البلد المضيف التي تختلف كثيرا عن جغرافيا وتضاريس فلسطين؟
الطائرات التي سقطت هي من نوع واحد و تستخدم عادة في إطار نقل الجنود في عمليات الإنزال خاصة في المناطق البعيدة، خلف مناطق العدو وهي قادرة على نقل حوالي 37 جنديا، وقد استخدمت في أثناء حرب تموز على لبنان. ولما كانت الطائرة التي سقطت أو تعرضت لعطل في رومانيا قد بلغت ثلاثة طائرات، فإن الفرضية تتحدث عن وجود سرب من هذه الطائرات كحد أدنى، وهو ما يبين أن حجم الوجود الإسرائيلي بحجة المناورات أو التدريبات يبلغ كحد أدنى كتيبة من القوات الخاصة.
ولكن لماذا رومانيا بالتحديد و ليس غيرها من الدول؟
تحاكي التدريبات أو المناورات فرضيات مشابهة لجغرافيا وتضاريس مناطق العدو، أي تكييف الوحدات العسكرية على القتال في مناطق شبيهة بمناطق العدو، وهنا يبرز السؤال التالي، إذا كانت مناطق العدو المفترضة هي قطاع غزة، لبنان، سوريا، إيران، فما هي الجغرافيا أو التضاريس المفترضة كهدف لعمليات إنزال؟
أغلب الظن أن التضاريس والطبيعة الرومانية تختلف كثيراً عن مثيلاتها في غزة ولبنان و سوريا، في حين أنها تقترب بخصائصها من جغرافيا و تضاريس إيران، ومع حسبة التوقيت السياسي وكثافة التدريبات و تسارعها، وحركة المسار السياسي الأمريكي و الغربي تجاه إيران و تغير الموقف الروسي والوضع في العراق والمنطقة، وبروز ملامح قبول عرب الاعتدال واستعداد لتغطية الكلفة و اشتباك كل الأوضاع و تعقدها فإن فكرة ضرب إيران تبدو وكأنها تمضي قدماً إلى الإمام.
(*) كاتب فلسطيني وباحث أكاديمي في مجال التاريخ