ارشيف من :أخبار لبنانية
لتعثروا على القتلة فتشوا عن الموساد!
لم تقل كلمة السيد حسن نصر الله (كل) ما في الجعبة من حقائق ووثائق وقرائن ودلائل تدين -لا تشير فقط- القتلة الصهاينة في جريمة اغتيال الشهيد الحريري وعشرات غيره في الساحة اللبنانية طوال سنوات عديدة مشحونة (بنجاحات) سجلها الموساد في هذا الاختصاص (لا نستثني جرائم اغتيال الشهداء الفلسطينيين واللبنانيين ومنهم الشهيد غسان كنفاني والقادة الثلاثة في عملية فردان-كمال ناصر، كمال عدوان، يوسف النجار) بل إن اليد الصهيونية القاتلة تصرفت وفق منهج يقول: إن الكرة الأرضية ساحة حرب مفتوحة ضد الفلسطينيين وكل عربي يحارب الاحتلال الصهيوني ويقف في صف خيارات الشعب الفلسطيني في المقاومة والكفاح حتى التحرير.
ومن هنا يمكننا قراءة عمليات الاغتيال في لندن وباريس وروما وسواها من الدول والمدن خلال العقود الأربعة الماضية.
في لبنان كان العدو يسرح ويمرح -لأسباب تتعلق بالجغرافية والدور- خاصة بعد احتضان لبنان المقاومة الفلسطينية- ومن ثم التوكيد على التلاحم السوري اللبناني لذلك لابد -بداية- وحين تتم عملية اغتيال في الساحة اللبنانية من التساؤل الآتي: من المستفيد؟ وما تداعيات الحدث على الشارع اللبناني على الوحدة اللبنانية وعلى المقاومة وعلى العلاقة المتميزة بين دمشق وبيروت؟
حين تمت عملية اغتيال الشهيد رفيق الحريري قلنا مباشرة (فتشوا عن الموساد) لكن الضجيج المتعالي والمتصاعد والمرسوم -في خضم الفوضى التي أريد لها أن تتسيد المشهد عمد إلى بناء عملية تضليل مدهشة (الشهود.. والبيانات.. والأقوال والصخب والقرار الدولي وحملة الاعتقالات التي طالت شخصيات وطنية في مراكز أمنية مهمة وحساسة وألقيت الملامة والمسؤولية على «سورية» ومن يواليها ويؤيد خطها الرافض للاستسلام والتفريط أو من يطالب بالتروي والهدوء وبالبحث عن الفاعل الحقيقي -المستفيدالأول من تدهور العلاقات السورية- اللبنانية ومحاولة إعادة تأجيج نيران الحرب الأهلية واتهام قوى المقاومة أو المحسوبة عليها.
وبعد أربع سنوات تغير المقياس والمؤشر وتبين أن الشهود كانوا شهود زور وأن الشخصيات الأربع التي أودعت التوقيف بريئة فأطلق سراحها لكن الجرح الصهيوني النازف مما تلقته خاصرته في أثناء حرب 2006 كان يستعد لأمر آخر تماماً.
فإذا كانت لعبة اتهام سورية قد فشلت وعلى هذا النحو المدوي فإن السعي إلى الترصد للإيقاع بمن أوجع المحتلين الصهاينة في قلوبهم (وبشهادة تقرير فينوغراد) كان قد وصل إلى مرحلة التسريب، تهيئة ضرورية لإعادة خلط الأوراق في الساحة اللبنانية والسعي لضرب العلاقة التلاحمية بين المقاومة ومحيطها وحاضنتها في الوقت عينه وبالطبع كان التمويه مقصوداً -ولاحظوا كيف أن التسريبات الخاصة بالاتهام الظني كانت تأتي بشكل مفصل ومثير للدهشة من الصحافة وأجهزة الإعلام الصهيونية (مباشرة كانت في تل أبيب) أم غير مباشرة (دير شبيغل) في العاصمة الألمانية مثلاً وغيرها من العواصم التي تسيطر فيها الحركة الصهيونية على حيز كبير من المساحة الإعلامية.
حسن جداً: إذا كانت المحكمة (دولية وخاصة ومهنية ومسؤولة) فإن من أهم واجباتها أن تعمد إلى دراسة ما أعلنه السيد نصر الله بصدق وبموضوعية وبكثير من العناية والحيادية حيث يفترض أن يكون هدفها وهدف كل اللبنانيين والعرب أجمعين وربما العالم أيضاً هو معرفة الجاني الحقيقي.
وليس (الظن) في هذه الحالة سوى نوع من (الإثم) بما يعني أنه مغرض لأنه في الأساس (مجرد ظن لا يستند إلى وقائع ملموسة بل ربما حتى ولا ظرفية) وهو بالتالي مقصود ويهدف إلى نسف الراهن اللبناني التوافقي وصرف الأنظار عن الفاعل الحقيقي، ولا يكفي إصدار تصريح يتسم بعبارات عمومية وهي ليست أكثر من كلمات منمقة تستخدم في (العلاقات العامة) وببعض من كلمات الشك أو تلك العبارات القابلة لعدد من التفسيرات التي قد تكون متضاربة.
إن الموساد الصهيوني وراء كل أو معظم عمليات الاغتيال والقتل في الساحة اللبنانية وفي رأسها جريمة اغتيال الشهيد رفيق الحريري- إلى جانب الكثير من جرائم اغتيال الشخصيات غير اللبنانية في الوطن العربي- وبالتالي إما أن يتم التوجه بالضغط اللبناني الرسمي الشديد للمحكمة وادعائها العام لدراسة ومتابعة موضوعه اتهام الموساد بالجريمة وإما التوجه إلى مجلس الأمن لإرغام محكمته الخاصة على دراسة احتمال قيام الموساد بالاغتيال وبموازاة هذا يتم تشكيل لجنة تحقيقية ولجنة محاكمة لبنانية وطنية لكون لبنان وشعبه وقواه ومستقبله وأمنه يتطلب معرفة الجناة والقتلة الحقيقيين ومن يقف وراءهم لتقديمهم للعدالة.