ارشيف من :أخبار لبنانية
قوانين حضارية!
لعل المتتبع للأحداث، لا يكتشف جديداً في القانون الدولي، أو ما يراه البعض عادة (قانون الدول المتحضرة)، فهذا القانون (مطاط) لدرجة أنه لا أحد يعرف إلى أين يصل في زئبقيته، أو في ثغراته، عندما تُخرق حقوق الدول والشعوب وأبسط حقوق الإنسان والأعراف المتبعة، ونلحظ التمييز والمواربة والممالأة، لهذا الطرف دون ذاك، ثم نجد من يعظنا (بنزاهة قوانين) هذه الدول المتحضرة.
لسنا بوارد التنظير بقدر ما نتحدث عن حقائق ووقائع، فيها الاختبار الحقيقي للقانون الذي نراه قاسياً جداً عندما يتعلق الأمر بطرف عربي أو قضية ما عربية، ونراه في الوقت نفسه مرناً جداً وماكراً جداً في تبرئة الإسرائيلي.. الخ.
في المثال الألماني بالأمس... لا تحتمل قضية الإسرائيلي يوري برودسكي الملاحق بجريمة اغتيال محمود المبحوح في دبي، أكثر من ساعتين أمام القضاء فور تسلمه من بولونيا، ليطلق سراحه بما يشبه الاعتذار منه خلال مطالبته بمغادرة ألمانيا إلى تل أبيب على وجه السرعة.
هذه المحاكمة كانت (مسخرة) بكل ما تعني الكلمة، رغم أن الجوازات المزورة في الجريمة أهانت الدولة التي حملت اسمها، لكن المهم كان تبرئة إسرائيل!.
إن مقولة: (قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر.. وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر)، نلمسها الآن كما كان الأمر منذ عشرات السنين.. فدعاة القانون والزاعمون الحرص على العدل وحقوق الإنسان، لا يرون إساءة لمشاعر البشر عندما تدوس قوات الاحتلال الإسرائيلي القانون والقرارات الدولية، ولا حتى عندما تتعرض هذه القوات لنشطاء السلام الأجانب، قتلاً وضرباً (راشيل كوري مثلاً) ولا يحركون ساكناً تجاه عمليات الإرهاب اليومي في الأراضي العربية المحتلة، ولا في مواجهة جرائم إسرائيل بحق لبنان وقطاع غزة.
في قوانينهم (المطاطة) يُطالب باعتقال الرئيس البشير، ويُمنع أي حديث عن ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، أو متابعة تقرير غولدستون، ثم لا يرون ضيراً في أن يكون الجلاد هو نفسه قاضياً للنظر في الجريمة الإرهابية بحق أسطول الحرية، ثم لا يعقبون على قول أحد الجلادين (اشكنازي): (الخطأ الوحيد الذي ارتكبه الجنود الإسرائيليون أنهم لم يطلقوا النار فوراً) أي على نشطاء السلام المرافقين للأسطول في المياه الدولية!.
ودعاة الحقوق والعدل والحرص على القانون لا يرون حرجاً في المطالبة باستمرار بإطلاق سراح الأسير الإسرائيلي جلعاد شاليط، ويتغافلون بما يشبه الوقاحة عن أكثر من أحد عشر ألف أسير فلسطيني في سجون الاحتلال!.
مئات الشواهد على الفضائح التي تطعن بصدقية وأخلاقية (الغيورين) على حقوق الإنسان، هؤلاء دعاة النزاهة مازالوا يسوغون الإجرام الإسرائيلي، ولا همّ لهم إلا ممالأة إسرائيل ولو أبادت آلاف العرب.