ارشيف من :أخبار لبنانية

الانقلاب على الانقلاب الدولي

الانقلاب على الانقلاب الدولي

"الوطن"السورية - نزار سلوم


رغم أهمية المتغيرات التي شهدها لبنان، وخصوصاً تلك التي أعقبت حرب تموز 2006، وتلك التي نتجت من عملية السابع من أيار 2008، وصولاً إلى الحكومة الوطنية الراهنة، يبقى لبنان أسير الانقلاب الدولي الذي وقع فيه عام 2005، ويتمثل ذلك على الأقل في ملمحين رئيسين:
الأول: استمرار مفعول القرار الدولي 1559 مسلطاً فوق السيادة اللبنانية، ما يجعل الاستقلال السياسي الرسمي للدولة اللبنانية مهدداً في كل وقت، إن لم يكن مختطفاً بالمعنى الواقعي، وقيد إرادة الدول الكبرى- وخصوصاً منها الولايات المتحدة- التي ترى لبنان الجيو- سياسي من خلال منظار القرار 1559، والذي لا يملك في متنه أي حيثيات (لبنانية) اقتضته واستوجبت إصداره.

الثاني: المحكمة الدولية الخاصة بالتحقيق بجريمة اغتيال رفيق الحريري، والتي تشكلت تحت أحكام (البند السابع)- أسوة بالعقوبات المفروضة على العراق والتي لا تزال مستمرة؟- والتي إلى هذا اليوم لم يصدر عنها إلا كل ما هو ملفق ومضلّل من تقارير استندت بشكل رئيسي إلى أقوال شهود زور مرتزقة، كما إلى أقوال سياسيين ليسوا سوى الممثلين الرسميين المحليين لقادة الانقلاب الدولي ووكلائهم في لبنان.

وعلى ذلك، تندرج الإطلالات المتكررة للسيد حسن نصر الله، والتي اختص آخرها بإعادة التذكير بالقرائن التي تجعل من (إسرائيل) متهمة في اغتيال الحريري، تندرج هذه الإطلالات في سياق مجهود سياسي- إعلامي مواجه لآخر تمظهرات الانقلاب الدولي واتجاهه لتنفيذ إحدى إستراتيجياته البديلة والمتمثلة بمحاولة صياغة قرار ظني يصدر عن المحكمة الدولية ويتهم حزب اللـه باغتيال الحريري، في وقت لم يتمكن فيه هذا الانقلاب ومن خلال القرار 1559 من إنهاء حالة المقاومة وتجريدها من سلاحها، وإعادة لبنان ليكون (ملعباً) للجيش الإسرائيلي؟

من المؤكد أن حجماً لا يستهان به من المعلومات التي أوردها السيد نصر اللـه مؤخراً، معروف عبره أو عبر غيره، من السياسيين سواء منهم وكلاء الانقلاب الدولي، أو منهم المستفيدون منه، أو منهم المتآلفون مع بيئته واتجاهه، وغير قادرين على التراجع خلفاً خوفاً من حجم الخسائر السياسية التي اقتنصوها في عام 2005، والتي من المؤكد أنهم سيدفعونها كاملة. يكفي العودة في هذا المجال، إلى تحقيقات وزارة الداخلية اللبنانية، فور وقوع حادث الاغتيال للتيقن من كثير من المعلومات المهمة، وللتيقن أكثر من اتجاه هذه المعلومات وإلى أين ستصل؟!

قد تكون حملة (القرار الظني) التي تشترك فيها إسرائيل على نحو مباشر، والتي تستهدف حزب الله، أحد أشكال فعاليات الانقلاب الدولي في لبنان، ولكنها وفي الوقت نفسه، قد تكون الحدث الذي سيتم الاستناد إليه في عملية الانقلاب المعاكسة، وهي عملية يمكن أن تتسارع إذا ما قرر بعض من ينضوي في إطار مفاعيل الانقلاب الدولي، التحرر منه دفعة واحدة ابتداءً من تحرير قضية اغتيال الحريري من مقتضيات هذا الانقلاب وإستراتيجياته المرتبطة بالقرار 1559، بإعادتها إلى سكة التحقيقات الأولية التي بدا أخيراً أنها وحدها قادرة على دفع قطار الحقيقة نحو غايته.

2010-08-16