ارشيف من :أخبار لبنانية
197 ألف يهودي هاجروا من "إسرائيل" إلى المانيا
" جدتي كانت في الثالثة من عمرها حين تحتم عليها الهروب من جحيم المانيا النازية مع عائلتها الى الامن الذي وعدت به العائلات اليهودية في إسرائيل ولكن الان من حقي ان اسأل: أين هو هذا الأمن؟.
هناك في وسط برلين كان مكتب جدي كان يعمل محاميا وكان يهوي ان يغني لي اغاني واهازيج وانا طفل صغير بعد ان اضطر الى الهروب من جحيم البلاد التي كان يعشقها ليسافر الى اسرائيل بحثا عن وطن جديد واليوم استطيع ان اقول انني لا اجد ملامح هذا الوطن."
السطور القليلة الماضية جاءت على لسان "شيري روزين" و"إليلان فايس" احفاد اليهود الذين هربوا من جحيم المانيا النازية اليىوعود الاستقرار والحرية والامن التي تعهد مؤسسو "دولة اسرائيل" بمنحها للمهاجرين، فقال فايس في مقابلة اجرتها معه وكالة الانباء الفرنسية ان جده وغيره كثيرين فروا من واقع مرير سعيا وراء حلم ارض الميعاد.
واضافت الوكالة انه وبعد سنوات من هجرة الاجداد بدأ الاحفاد نوع اخر من الهجرة المضادة فبدلا من ان يتشبثوا بحلم الاجداد بدأ الاحفاد في الهجرة مرة اخرى ولكن من اسرائيل الى المانيا.
واوضحت الوكالة ان مدينة برلين ـ العاصمة الحالية لالمانيا بعد اتحاد شطريها ـ كانت تعج باليهود فقبل تولي الزعيم الالماني السابق اودولف هتلر مقادير الحكم في عام1933 كان يعيش في برلين نحو170 الف يهودي يعملون في مهن مختلفة ما بين اطباء ومحامين وفنانين ولكن مع تولي هتلر مقاليد الحكم تحول الحال بالنسبة لليهود وبات عليهم الفرار بحياتهم الى "ارض الميعاد" التي وعدتهم بها اسرائيل.
ولكن هذه الحالة لم تستمر كثيرا على حد وصف الوكالة التي أوضحت أنه منذ انهيار جدار برلين باتت المانيا وليس اسرائيل الوجهة الاولى ليهود شرق اوروبا الذين يفضلونها عن الهجرة الى اسرائيل مشيرة الى ان الجالية اليهودية في المانيا تعد من اكثر الجاليات اليهودية نموا في العالم.
واوضحت الوكالة ـ في تقريرها الذي هدفت منه الى رصد الهجرة المضادة لليهود من اسرائيل الى المانيا ـ انه منذ سقوط سور برلين في عام1989 هاجر نحو200 الف يهودي من دول الاتحاد السوفياتي سابقا الى المانيا حيث وجدوا لهم موطنا جديدا وغنيا يمد لهم يد العون والرعاية ويتبني تكاليف اندماجهم الباهظة في المجتمع الالماني.
وتعود هذه المعاملة الخاصة التي خصت بها الحكومات الالمانية يهود شرق اوروبا الى رغبتها في تعويض المواطنين اليهود نظرا لما عانوه من ملاحقة واضطهاد في الحقبة النازية على حد تعبير المتحدث باسم وزارة الداخلية الالمانية.
واضافت الوكالة الفرنسية ان المراقبين والعاملين في مجال السياسة الداخلية الالمانية لم يتركوا مجالا للشك في طبيعة الاسباب التي تدفع يهود شرق اوروبا الى التخلي عن حلم الهجرة الى ارض الميعاد وتفضيل الهجرة الى المانيا فالارقام تتحدث لغة لا لبس في صحتها ـ على حد وصف الوكالة ـ لان الحكومة الالمانية تنفق منذ عشر سنوات اكثر من 1.8 مليار يورو سنويا على عملية دمج هؤلاء المهاجرين الجدد الذين وصل عددهم الى 197 الف مهاجر.
ولرصد هذه الظاهرة تحدثت الوكالة مع عدد من اليهود الذين نفذوا الهجرة المضادة, فقال فايس الذي هاجر من اسرائيل منذ نحو20 عاما عائدا الى المانيا: إن المانيا باتت اليوم جنة لاحفاد هؤلاء الذين هاجروا يوما ما من هذا البلد بسبب شعورهم بالخطر.
واضافت الوكالة انه على الرغم من الحذر الملحوظ والحساسية التي تتعامل بها النخبة السياسية الالمانية مع القضايا اليهودية الا انه يوجد اقرار سياسي بضرورة الحد من الهجرة غير المقيدة ليهود شرق اوروبا الى المانيا.
كما يؤكد الموقف الإسرائيلي الذي يطالب بمساعدة الحكومة الالمانية في تشجيع يهود شرق اوروبا على الهجرة الى اسرائيل هذا الموقف نظرا للمخاوف الإسرائيلية من تغيير ديموغرافي يصب في صالح مواطنيها غير اليهود في المستقبل ويغير على هذا النحو من هويتها اليهودية.
ويأتي هذا التطور في ظل الغضب الإسرائيلي الشديد الناتج عن قيام50 الف مواطن إسرائيلي بالعودة الى الدول التي عاشوا فيها سابقا في اوروبا الشرقية, وبحرق جوازات سفرهم ثم تقديم طلبات هجرة الى المانيا وهو ما دفع احد ممثلي الجالية اليهودية في المانيا الى التعليق بشكل تهكمي على ذلك قائلا: "كل يهود شرق اوروبا يودون الهجرة الى الجنة.. الجنة الالمانية وليس إلى إسرائيل".
وذكرت الوكالة انه في عام 2008 حصل نحو2000 إسرائيلي على الجنسية الالمانية وتضاعف هذا العدد عام 2009.
ووفقا للسفارة الإسرائيلية في المانيا يوجد الآن نحو13 الف إسرائيلي يعيشون في مدينة برلين وحدها, غالبيتها احفاد ليهود المان اضطروا الى الهروب من المانيا ليفروا بحياتهم من طغيان الرايخ الالماني.
وعن الاسباب التي تجذب اليهود الالمان الى هذه الهجرة المعاكسة قالت شيري روزين التي تبلغ من العمر60 عاما. وقد هاجرت من إسرائيل منذ نحو15 عاما: نحن نهرب مرة اخرى, نهرب من العنف في الشرق الاوسط والحروب التي تدخل فيها اسرائيل واحدة بعد الاخريى, لقد خاضت إسرائيل سبعة حروب في60 سنة ـ هي عمر الدولة اليهودية ـ في أعوام1948 و1956 و1967 و1973 و1982 و2006 و2008 و.2009
واضاف فايس: ليس الامن وحده والذي كنا نبحث عنه حين قررنا العودة الى المانيا انه نمط الحياة البوهيمية, الحرية, امتلاك الكثير من وسائل الحياة المريحة.
وتختتم الوكالة تقريرها بكلمات يهودي آخر يدعي آفي إفروني ليفي قال فيها: لدي الكثير من الاشياء التي تشغل بالي الآن اكثر من التفكير في الماضي.. اريد أن أحقق شيئا ما للمستقبل اعلم ان جراح الماضي لاتزال موجودة ولكن علينا أن نعمل على علاجها.
وكالة الأنباء الفرنسية
المصدر: الاهرام، مصر، 21/6/2010
هناك في وسط برلين كان مكتب جدي كان يعمل محاميا وكان يهوي ان يغني لي اغاني واهازيج وانا طفل صغير بعد ان اضطر الى الهروب من جحيم البلاد التي كان يعشقها ليسافر الى اسرائيل بحثا عن وطن جديد واليوم استطيع ان اقول انني لا اجد ملامح هذا الوطن."
السطور القليلة الماضية جاءت على لسان "شيري روزين" و"إليلان فايس" احفاد اليهود الذين هربوا من جحيم المانيا النازية اليىوعود الاستقرار والحرية والامن التي تعهد مؤسسو "دولة اسرائيل" بمنحها للمهاجرين، فقال فايس في مقابلة اجرتها معه وكالة الانباء الفرنسية ان جده وغيره كثيرين فروا من واقع مرير سعيا وراء حلم ارض الميعاد.
واضافت الوكالة انه وبعد سنوات من هجرة الاجداد بدأ الاحفاد نوع اخر من الهجرة المضادة فبدلا من ان يتشبثوا بحلم الاجداد بدأ الاحفاد في الهجرة مرة اخرى ولكن من اسرائيل الى المانيا.
واوضحت الوكالة ان مدينة برلين ـ العاصمة الحالية لالمانيا بعد اتحاد شطريها ـ كانت تعج باليهود فقبل تولي الزعيم الالماني السابق اودولف هتلر مقادير الحكم في عام1933 كان يعيش في برلين نحو170 الف يهودي يعملون في مهن مختلفة ما بين اطباء ومحامين وفنانين ولكن مع تولي هتلر مقاليد الحكم تحول الحال بالنسبة لليهود وبات عليهم الفرار بحياتهم الى "ارض الميعاد" التي وعدتهم بها اسرائيل.
ولكن هذه الحالة لم تستمر كثيرا على حد وصف الوكالة التي أوضحت أنه منذ انهيار جدار برلين باتت المانيا وليس اسرائيل الوجهة الاولى ليهود شرق اوروبا الذين يفضلونها عن الهجرة الى اسرائيل مشيرة الى ان الجالية اليهودية في المانيا تعد من اكثر الجاليات اليهودية نموا في العالم.
واوضحت الوكالة ـ في تقريرها الذي هدفت منه الى رصد الهجرة المضادة لليهود من اسرائيل الى المانيا ـ انه منذ سقوط سور برلين في عام1989 هاجر نحو200 الف يهودي من دول الاتحاد السوفياتي سابقا الى المانيا حيث وجدوا لهم موطنا جديدا وغنيا يمد لهم يد العون والرعاية ويتبني تكاليف اندماجهم الباهظة في المجتمع الالماني.
وتعود هذه المعاملة الخاصة التي خصت بها الحكومات الالمانية يهود شرق اوروبا الى رغبتها في تعويض المواطنين اليهود نظرا لما عانوه من ملاحقة واضطهاد في الحقبة النازية على حد تعبير المتحدث باسم وزارة الداخلية الالمانية.
واضافت الوكالة الفرنسية ان المراقبين والعاملين في مجال السياسة الداخلية الالمانية لم يتركوا مجالا للشك في طبيعة الاسباب التي تدفع يهود شرق اوروبا الى التخلي عن حلم الهجرة الى ارض الميعاد وتفضيل الهجرة الى المانيا فالارقام تتحدث لغة لا لبس في صحتها ـ على حد وصف الوكالة ـ لان الحكومة الالمانية تنفق منذ عشر سنوات اكثر من 1.8 مليار يورو سنويا على عملية دمج هؤلاء المهاجرين الجدد الذين وصل عددهم الى 197 الف مهاجر.
ولرصد هذه الظاهرة تحدثت الوكالة مع عدد من اليهود الذين نفذوا الهجرة المضادة, فقال فايس الذي هاجر من اسرائيل منذ نحو20 عاما عائدا الى المانيا: إن المانيا باتت اليوم جنة لاحفاد هؤلاء الذين هاجروا يوما ما من هذا البلد بسبب شعورهم بالخطر.
واضافت الوكالة انه على الرغم من الحذر الملحوظ والحساسية التي تتعامل بها النخبة السياسية الالمانية مع القضايا اليهودية الا انه يوجد اقرار سياسي بضرورة الحد من الهجرة غير المقيدة ليهود شرق اوروبا الى المانيا.
كما يؤكد الموقف الإسرائيلي الذي يطالب بمساعدة الحكومة الالمانية في تشجيع يهود شرق اوروبا على الهجرة الى اسرائيل هذا الموقف نظرا للمخاوف الإسرائيلية من تغيير ديموغرافي يصب في صالح مواطنيها غير اليهود في المستقبل ويغير على هذا النحو من هويتها اليهودية.
ويأتي هذا التطور في ظل الغضب الإسرائيلي الشديد الناتج عن قيام50 الف مواطن إسرائيلي بالعودة الى الدول التي عاشوا فيها سابقا في اوروبا الشرقية, وبحرق جوازات سفرهم ثم تقديم طلبات هجرة الى المانيا وهو ما دفع احد ممثلي الجالية اليهودية في المانيا الى التعليق بشكل تهكمي على ذلك قائلا: "كل يهود شرق اوروبا يودون الهجرة الى الجنة.. الجنة الالمانية وليس إلى إسرائيل".
وذكرت الوكالة انه في عام 2008 حصل نحو2000 إسرائيلي على الجنسية الالمانية وتضاعف هذا العدد عام 2009.
ووفقا للسفارة الإسرائيلية في المانيا يوجد الآن نحو13 الف إسرائيلي يعيشون في مدينة برلين وحدها, غالبيتها احفاد ليهود المان اضطروا الى الهروب من المانيا ليفروا بحياتهم من طغيان الرايخ الالماني.
وعن الاسباب التي تجذب اليهود الالمان الى هذه الهجرة المعاكسة قالت شيري روزين التي تبلغ من العمر60 عاما. وقد هاجرت من إسرائيل منذ نحو15 عاما: نحن نهرب مرة اخرى, نهرب من العنف في الشرق الاوسط والحروب التي تدخل فيها اسرائيل واحدة بعد الاخريى, لقد خاضت إسرائيل سبعة حروب في60 سنة ـ هي عمر الدولة اليهودية ـ في أعوام1948 و1956 و1967 و1973 و1982 و2006 و2008 و.2009
واضاف فايس: ليس الامن وحده والذي كنا نبحث عنه حين قررنا العودة الى المانيا انه نمط الحياة البوهيمية, الحرية, امتلاك الكثير من وسائل الحياة المريحة.
وتختتم الوكالة تقريرها بكلمات يهودي آخر يدعي آفي إفروني ليفي قال فيها: لدي الكثير من الاشياء التي تشغل بالي الآن اكثر من التفكير في الماضي.. اريد أن أحقق شيئا ما للمستقبل اعلم ان جراح الماضي لاتزال موجودة ولكن علينا أن نعمل على علاجها.
وكالة الأنباء الفرنسية
المصدر: الاهرام، مصر، 21/6/2010