ارشيف من :آراء وتحليلات

جعجع يقر ولا يعترف

جعجع يقر ولا يعترف
بثينة عليق

على الرغم من أن تجربة المقاومة الإسلامية في لبنان نالت تقديراً عالياً في المحافل العسكرية العالمية، وباتت مادة تدرّس تجربتها في الاكاديميات الحربية لدى بلدان عدة ومنها الولايات المتحدة الاميركية، يصر فريق من اللبنانيين على انكار حقيقة انجاز المقاومة الوطني والتاريخي. إلا أن ما شكل مفاجأة في سياق الإنكار، هو الورقة التي قدمها رئيس "الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية" سمير جعجع الى هيئة الحوار الوطني، إذ قدم جعجع ـ على الارجح من حيث لا يدري ـ شهادة إيجابية بالمقاومة وتجربتها وطريقة عملها. لقد اعترف جعحع في ورقته بأن "الوضع في المنطقة غير مستقر، ويمكن أن يفضي الى العديد من الاحتمالات من بينها احتمال التصعيد العسكري". وفي اعترافه هذا، تطابق مع ما كانت تشير اليه نظرية المؤيدين للمقاومة حول جدية التهديد الاسرائيلي والذي لا علاقة له بوجود الاحتلال فقط، إنما بموقع لبنان وبمجمل الأحداث التي تحصل في محيطه والتي يمكن التعبير عنها "بالوضع غير المستقر في المنطقة".

في نقطة ذات صلة، يدعو جعجع الى "انتشار عملاني قتالي على الأرض لمواجهة العدو الاسرائيلي، وهنا مقاربة جديدة تضرب نظرية جعجع وحلفائه حول حياد لبنان والحماية الدولية.لقد اعترف جعجع صراحة بضرورة وجود قدرة قتالية فعلية عملانية على أرض الجنوب تستطيع مواجهة العدو الاسرائيلي. ولا يكتفي جعجع بهذا القدر، بل يذهب الى حدود الإعلان عن عدم قدرة الجيش اللبناني بصيغته وشكله التنظيمي الحالي على تحقيق "الانتشار العملاني القتالي"، لذا يقترح تشكيل "وحدات خفيفة للقتال الخاص تنتشر داخل مدن الجنوب وبلداته وقراه بلباس مدني اذا اقتضت الحاجة، وفي شكل مموه وتكون جاهزة للقتال في وحدات صغيرة جدا تبعا للحاجة". وفي هذا الكلام إقرار لا لبس فيه بصوابية وضرورة وجود

قوة عسكرية ملتصقة بالناس والجغرافيا وهذا هو التوصيف الدقيق لحالة المقاومة القائمة الحالية.

بعد هذه الاعترافات بدا رئيس مجلس النواب نبيه بري كمن قرأ في فنجان جعجع اعترافا بمنظومة الجيش والشعب والمقاومة، الا ان جعجع سرعان ما انقلب على افكاره وعاد الى عادته القديمة في عدم الاعتراف بالآخر وانجازاته وعدم الانفتاح عليه، فتوجه الى الرئيس بري قائلا: "نحمي المقاومة برموش العين شرط ان تكون مقاومتنا جميعا"، وكأن جعجع لا يستطيع إلا من خلال هذا السلوك تبرير مشروعه التقسيمي الفئوي الضيق

أقر جعجع بجدوى المقاومة أو لم يقر بجدواها، إنه النكد الطائفي والسياسي على الطريقة اللبنانية، وهو بالطبع لدى جعجع وحلفائه أقوى من المصالح الوطنية والاستراتيجية الكبرى.

2010-08-26