ارشيف من :أخبار لبنانية
الإمام موسى الصدر رائد التنمية والتجديد
"النهار" - المطران سليم غزال
الرجال الرجال لا يغيبون ولو غابت أجسادهم، فأفكارهم وأعمالهم تبقى حيّة في القلوب والعقول لسنوات وأجيال. وفكر سماحة السيد موسى الصدر يحملنا على التبصر في الكثير من المواقف والمحطات التي أعلن فيها رغبة في إحداث تغيير وتجديد بُنيوي في المجتمع والمؤسسات الرسمية والأهلية حين قال: "الحياة لا تقوى على البقاء والاستمرار إلاّ إذا خرجت بين الحين والحين من صورها الرثّة المهترئة وجددت نفسها بصورة فتية ومعافاة".
بداية تعرّفي الى الامام الصدر كان مطلع ستينات القرن الماضي إثر حادثة مؤسفة وقعت في بلدة روم (قضاء جزين) عندما اطلق أحد رجال الأمن النار لتفريق متظاهرين احتجاجاً على انقطاع المياه عن البلدة فأصابت الرصاصة مقتلاً من أحد المواطنين الشيعة فقضى على الفور. وفي اليوم التالي حضر سماحة السيد الصدر الى البلدة ليؤم الصلاة، وكنت أنا في ذلك الحين خادم كنيسة البلدة فتلاقينا وتعارفنا. وما أثار اعجابي واعجاب المشاركين جميعاً في أثناء العزاء كلمته التي طرحت خطاباً جديداً وهو أمر لم يكن مألوفاً بعد في فكر رجال الدين وممارساتهم. وقد تكون الصدفة خيراً من ألف ميعاد، لأن هذه الحادثة كانت فاتحة لقاءات ومسيرة عمل طويلة مع السيد موسى الصدر والمطران غريغوار حداد في نشر برنامج الحركة الاجتماعية وافكارها على صعيد الجنوب بأسره من خلال المستوصفات، والنوادي، ومكافحة الأمية، واللقاءات الثقافية بين الشباب من مختلف الطوائف والمذاهب. وقد وجدت الحركة الاجتماعية في السيد الصدر فكراً نيراً، وعقلاً منفتحاً، وقلباً كبيراً، يعيش هموم الفقراء والمحرومين أياً تكن هويتهم، فالحرمان لونه واحد كما ان الظلم الاجتماعي لونه واحد أيضاً. فلم يترك محراباً لدير وكنيسة او مسجد او ناد حسيني إلا وجعل منه منبراً اجتماعياً انسانياً يطرح عبره الأفكار التنموية لرفع الظلم عن الانسان وكسر طوق الحرمان والتخلف، هكذا تكلم في دير المخلص وفي كنيسة صيدا وفي الكبوشية في بيروت، كما تكلم في حسينيات معركة وصور وجويا والنبطية، وقرى بعلبك والبقاع، والجنوب والشمال ومدنها، وفي الندوة اللبنانية في بيروت، لأن المعركة واحدة، معركة ضد التخلف والفقر والحرمان. هذا النهج سيكون له كبير الأثر في التحولات السياسية والاجتماعية والوطنية التي هبّت على الوطن في السنوات اللاحقة.
والآن أريد أن اتوقف بايجاز عند بعض المفاصل الأساسية في مسيرة هذا الرجل الملهم والشجاع التي أعلن فيها بدون تردد تصوراته لبناء لبنان الجديد والدولة المعاصرة.
أولاً - العنف
رفض العنف ورفض التغيير عن طريق العنف، إذ قال: "لأن الوطن الصغير حرام عليه العنف والبنية اللبنانية معقدة التركيب ولا يجوز مسك النار بالاصابع ما دامت الوسائل الديموقراطية متوافرة وممكناً استعمالها". ورأى لبنان الغد في نظام سياسي جديد على أساس الديموقراطية والحرية ووضع قانون انتخاب يراعي التنوع وشمولية التمثيل مع الحفاظ على الوحدة الوطنية وصيغة العيش المشترك، فقد حذّر من أن كل عمل في غير هذا الاتجاه يصب مباشرة في مصلحة اسرائيل واعداء لبنان وهم كثر. وهذا الطرح المتقدم كان بمنزلة نبؤة ملهمة لما سيؤول اليه الوضع اللبناني خارج هذه المرتكزات، وهذا ما نشهده اليوم فعلياً من صراع بين الفئات اللبنانية حول هوية لبنان وعلاقته بمحيطه العربي والمجتمع الدولي وفي طبيعة نظامه السياسي القائم على التعددية والتوافق والشراكة الكاملة بين طوائفه وفئاته السياسية.
ثانياً - التنمية
التنمية هي مسألة شديدة الأهمية في فكر السيد الصدر حين يقترح: "خطة ليس فيها شيء من المعجزة أو الأعجوبة لتعميم العدالة وتهيئة الفرص المتكافئة في السياسة والعمران والتربية والثقافة. لقد قاد برنامج مكافحة التسوّل في مدينة صور وكانت ظاهرة بارزة آنذاك من خلال رفضه رؤية الانسان ذليلاً ومهاناً على قارعة الطريق. لأن كرامة الانسان فوق كل اعتبار، لا مستقبل للوطن من دون عدالة اجتماعية، من دون تنمية، من دون توزيع عادل في الموارد بين المناطق. وكل جزء ضعيف من الوطن يعيق مسيرة الوطن بأسرها في التقدم والاستمرار، لذلك من الواجب ازاحة كابوس الفقر". وسمعناه أيضاً يصرّح في بلدة شقرا الجنوبية في 16/ 8/ 64: "إن الدين لا يقتصر على العبادة في المسجد والكنيسة والاعتكاف فيهما، بل إن كل عمل صالح يعتبر عبادة والعبادة اجزاء افضلها العمل، فلنصرف رأسمالنا الدنيوي الوحيد وهو عمرنا لاصلاح ذات البين، وتوحيد القلوب، والاعمار، والتثقيف لأن هذه الاعمال هي عبادة حقة".
ثالثاً - في المصالحة الوطنية ودعم صيغة العيش المشترك
إن لبنان الغد لا يقوم على المصافحات واللقاءات الاعلامية او الفولكلورية، بل يجب الدخول في صلب الأسباب الحقيقية للخلافات ووضع الحلول الموضوعية بوضوح وجرأة، لأن قضية الوطن هي قضية الوجود والمصير ولا تحتمل تضييع الوقت بالشعارات والألفاظ ذات المعاني المبهمة، وقد دعا سماحته الى نبذ الاقتتال والفتن الداخلية والى التسامح والتلاقي وحل المشاكل بين اللبنانيين عن طريق الحوار.
وفي 26/ 5/ 69 توجه الامام الصدر الى البطريرك مكسيموس الخامس حكيم بالقول حسب ما جاء في جريدة "الحياة": "نحن نقف اليوم أمام اعداء خطيرين نشعر أكثر من أي وقت آخر بضرورة التنظيم والحاجة الى التعاون، فالعدو الصهيوني الخطر جاثم على حدودنا يهدد مصيرنا ويستغل جميع الوسائل ونقاط الضعف في أمتنا، وفي طليعة هذه النقاط مرضان خطيران وعدوان لدودان يهددان مصيرنا من الداخل وهما الفساد والانشقاق، فالفساد يستشري بين أبنائنا وبناتنا ويؤدي الى انهيارهم وانقطاعنا عن المستقبل وبالتالي يؤدي الى القضاء علينا من الداخل، والانشقاق أيضاً سبيلٌ لتحطيمنا وتصادم طاقاتنا بعضها ببعض".
على رغم النيات الحسنة عند الجميع من مسؤولين وغير مسؤولين قد يبدو مستقبل البلد لا يوحي الكثير من الاطمئنان، لأن عامل المصالحة والمصارحة والثقة لم يتوطّد لغاية اليوم، بل على العكس من ذلك نرى تأجيج المشاعر الطائفية والمذهبية في مناسبات عدة، مما يعيدنا سنوات وسنوات الى الوراء وكأننا ما تعلمنا شيئاً من دروس الحرب والمحنة.
رابعاً - الدعوة الى العمل وتحمل المسؤولية
يؤكد الامام الصدر أهمية العمل والانتاج والمشاركة في الشأن العام ويرى أن أسباب التأخر هي في سياسة الدولة وليس في الطاقات والامكانات المتنوعة عند الافراد، فيقول: "وعلينا أن نربي أجيالنا على حب العمل والنظام واحترام المُلك العام والمصلحة العامة والمشاركة في التغيير والتجديد".
في النهاية، أود ان اتوقف عند بعض الكلمات التي آمن بها سماحته حين كان يردد: "فلنسأل الساحات، لنتذكر المحن والازمات، لنستنطق العقول والقلوب والمواقف. إني أدرك جيداً أن الوقوف في وجه الطغيان يكلّف، وأن التطلع الى رفع مستوى الجماهير ورفع وعيهم يكلّف، ومع ذلك فإنني أدرك أيضاً أن هذه هي رسالتي وأمانتي ومعنى حياتي. سوف لا أحمل شيئاً من رصيدي الى القبر، سأبدده في خدمة الوطن، أناس الوطن، كرامة الوطن. سأبقى المعول الذي يهدم الحواجز المصطنعة بين المواطنين، والسيف الذي يقلع الصلف من وجوه الطغاة، سأرفض تقسيم لبنان وتشتيت ابنائه ودفعهم الى الهجرة وتحويله الى سلعة في بازار المصالح الدولية. سأشكل مع القوى الخيّرة في لبنان وهي كبيرة جداً جبهة البناء وجسر عبور لغد أفضل يحقق كرامة الوطن وكرامة الانسان ودولة المواطنة".
المطلوب ان نصنع مستقبلاً لا ينتمي الى ما انتهى اليه الماضي، يتمكن فيه الوطن من مواجهة التحديات الدولية والأطماع الاسرائيلية: العسكرية والثقافية والاقتصادية، ويحفظ رسالة لبنان وينميها. فإن المطلوب خطة عمل لا ينتصر فيها المسلم أو المسيحي، ولا الموالاة أو المعارضة، ولا الأفراد أو الأحزاب بل ينتصر فيها لبنان بجميع ابنائه دون استثناء من أجل مستقبل أفضل لأجيالنا الطالعة، فلبنان أمانة بين أيدينا جميعاً".
الرجال الرجال لا يغيبون ولو غابت أجسادهم، فأفكارهم وأعمالهم تبقى حيّة في القلوب والعقول لسنوات وأجيال. وفكر سماحة السيد موسى الصدر يحملنا على التبصر في الكثير من المواقف والمحطات التي أعلن فيها رغبة في إحداث تغيير وتجديد بُنيوي في المجتمع والمؤسسات الرسمية والأهلية حين قال: "الحياة لا تقوى على البقاء والاستمرار إلاّ إذا خرجت بين الحين والحين من صورها الرثّة المهترئة وجددت نفسها بصورة فتية ومعافاة".
بداية تعرّفي الى الامام الصدر كان مطلع ستينات القرن الماضي إثر حادثة مؤسفة وقعت في بلدة روم (قضاء جزين) عندما اطلق أحد رجال الأمن النار لتفريق متظاهرين احتجاجاً على انقطاع المياه عن البلدة فأصابت الرصاصة مقتلاً من أحد المواطنين الشيعة فقضى على الفور. وفي اليوم التالي حضر سماحة السيد الصدر الى البلدة ليؤم الصلاة، وكنت أنا في ذلك الحين خادم كنيسة البلدة فتلاقينا وتعارفنا. وما أثار اعجابي واعجاب المشاركين جميعاً في أثناء العزاء كلمته التي طرحت خطاباً جديداً وهو أمر لم يكن مألوفاً بعد في فكر رجال الدين وممارساتهم. وقد تكون الصدفة خيراً من ألف ميعاد، لأن هذه الحادثة كانت فاتحة لقاءات ومسيرة عمل طويلة مع السيد موسى الصدر والمطران غريغوار حداد في نشر برنامج الحركة الاجتماعية وافكارها على صعيد الجنوب بأسره من خلال المستوصفات، والنوادي، ومكافحة الأمية، واللقاءات الثقافية بين الشباب من مختلف الطوائف والمذاهب. وقد وجدت الحركة الاجتماعية في السيد الصدر فكراً نيراً، وعقلاً منفتحاً، وقلباً كبيراً، يعيش هموم الفقراء والمحرومين أياً تكن هويتهم، فالحرمان لونه واحد كما ان الظلم الاجتماعي لونه واحد أيضاً. فلم يترك محراباً لدير وكنيسة او مسجد او ناد حسيني إلا وجعل منه منبراً اجتماعياً انسانياً يطرح عبره الأفكار التنموية لرفع الظلم عن الانسان وكسر طوق الحرمان والتخلف، هكذا تكلم في دير المخلص وفي كنيسة صيدا وفي الكبوشية في بيروت، كما تكلم في حسينيات معركة وصور وجويا والنبطية، وقرى بعلبك والبقاع، والجنوب والشمال ومدنها، وفي الندوة اللبنانية في بيروت، لأن المعركة واحدة، معركة ضد التخلف والفقر والحرمان. هذا النهج سيكون له كبير الأثر في التحولات السياسية والاجتماعية والوطنية التي هبّت على الوطن في السنوات اللاحقة.
والآن أريد أن اتوقف بايجاز عند بعض المفاصل الأساسية في مسيرة هذا الرجل الملهم والشجاع التي أعلن فيها بدون تردد تصوراته لبناء لبنان الجديد والدولة المعاصرة.
أولاً - العنف
رفض العنف ورفض التغيير عن طريق العنف، إذ قال: "لأن الوطن الصغير حرام عليه العنف والبنية اللبنانية معقدة التركيب ولا يجوز مسك النار بالاصابع ما دامت الوسائل الديموقراطية متوافرة وممكناً استعمالها". ورأى لبنان الغد في نظام سياسي جديد على أساس الديموقراطية والحرية ووضع قانون انتخاب يراعي التنوع وشمولية التمثيل مع الحفاظ على الوحدة الوطنية وصيغة العيش المشترك، فقد حذّر من أن كل عمل في غير هذا الاتجاه يصب مباشرة في مصلحة اسرائيل واعداء لبنان وهم كثر. وهذا الطرح المتقدم كان بمنزلة نبؤة ملهمة لما سيؤول اليه الوضع اللبناني خارج هذه المرتكزات، وهذا ما نشهده اليوم فعلياً من صراع بين الفئات اللبنانية حول هوية لبنان وعلاقته بمحيطه العربي والمجتمع الدولي وفي طبيعة نظامه السياسي القائم على التعددية والتوافق والشراكة الكاملة بين طوائفه وفئاته السياسية.
ثانياً - التنمية
التنمية هي مسألة شديدة الأهمية في فكر السيد الصدر حين يقترح: "خطة ليس فيها شيء من المعجزة أو الأعجوبة لتعميم العدالة وتهيئة الفرص المتكافئة في السياسة والعمران والتربية والثقافة. لقد قاد برنامج مكافحة التسوّل في مدينة صور وكانت ظاهرة بارزة آنذاك من خلال رفضه رؤية الانسان ذليلاً ومهاناً على قارعة الطريق. لأن كرامة الانسان فوق كل اعتبار، لا مستقبل للوطن من دون عدالة اجتماعية، من دون تنمية، من دون توزيع عادل في الموارد بين المناطق. وكل جزء ضعيف من الوطن يعيق مسيرة الوطن بأسرها في التقدم والاستمرار، لذلك من الواجب ازاحة كابوس الفقر". وسمعناه أيضاً يصرّح في بلدة شقرا الجنوبية في 16/ 8/ 64: "إن الدين لا يقتصر على العبادة في المسجد والكنيسة والاعتكاف فيهما، بل إن كل عمل صالح يعتبر عبادة والعبادة اجزاء افضلها العمل، فلنصرف رأسمالنا الدنيوي الوحيد وهو عمرنا لاصلاح ذات البين، وتوحيد القلوب، والاعمار، والتثقيف لأن هذه الاعمال هي عبادة حقة".
ثالثاً - في المصالحة الوطنية ودعم صيغة العيش المشترك
إن لبنان الغد لا يقوم على المصافحات واللقاءات الاعلامية او الفولكلورية، بل يجب الدخول في صلب الأسباب الحقيقية للخلافات ووضع الحلول الموضوعية بوضوح وجرأة، لأن قضية الوطن هي قضية الوجود والمصير ولا تحتمل تضييع الوقت بالشعارات والألفاظ ذات المعاني المبهمة، وقد دعا سماحته الى نبذ الاقتتال والفتن الداخلية والى التسامح والتلاقي وحل المشاكل بين اللبنانيين عن طريق الحوار.
وفي 26/ 5/ 69 توجه الامام الصدر الى البطريرك مكسيموس الخامس حكيم بالقول حسب ما جاء في جريدة "الحياة": "نحن نقف اليوم أمام اعداء خطيرين نشعر أكثر من أي وقت آخر بضرورة التنظيم والحاجة الى التعاون، فالعدو الصهيوني الخطر جاثم على حدودنا يهدد مصيرنا ويستغل جميع الوسائل ونقاط الضعف في أمتنا، وفي طليعة هذه النقاط مرضان خطيران وعدوان لدودان يهددان مصيرنا من الداخل وهما الفساد والانشقاق، فالفساد يستشري بين أبنائنا وبناتنا ويؤدي الى انهيارهم وانقطاعنا عن المستقبل وبالتالي يؤدي الى القضاء علينا من الداخل، والانشقاق أيضاً سبيلٌ لتحطيمنا وتصادم طاقاتنا بعضها ببعض".
على رغم النيات الحسنة عند الجميع من مسؤولين وغير مسؤولين قد يبدو مستقبل البلد لا يوحي الكثير من الاطمئنان، لأن عامل المصالحة والمصارحة والثقة لم يتوطّد لغاية اليوم، بل على العكس من ذلك نرى تأجيج المشاعر الطائفية والمذهبية في مناسبات عدة، مما يعيدنا سنوات وسنوات الى الوراء وكأننا ما تعلمنا شيئاً من دروس الحرب والمحنة.
رابعاً - الدعوة الى العمل وتحمل المسؤولية
يؤكد الامام الصدر أهمية العمل والانتاج والمشاركة في الشأن العام ويرى أن أسباب التأخر هي في سياسة الدولة وليس في الطاقات والامكانات المتنوعة عند الافراد، فيقول: "وعلينا أن نربي أجيالنا على حب العمل والنظام واحترام المُلك العام والمصلحة العامة والمشاركة في التغيير والتجديد".
في النهاية، أود ان اتوقف عند بعض الكلمات التي آمن بها سماحته حين كان يردد: "فلنسأل الساحات، لنتذكر المحن والازمات، لنستنطق العقول والقلوب والمواقف. إني أدرك جيداً أن الوقوف في وجه الطغيان يكلّف، وأن التطلع الى رفع مستوى الجماهير ورفع وعيهم يكلّف، ومع ذلك فإنني أدرك أيضاً أن هذه هي رسالتي وأمانتي ومعنى حياتي. سوف لا أحمل شيئاً من رصيدي الى القبر، سأبدده في خدمة الوطن، أناس الوطن، كرامة الوطن. سأبقى المعول الذي يهدم الحواجز المصطنعة بين المواطنين، والسيف الذي يقلع الصلف من وجوه الطغاة، سأرفض تقسيم لبنان وتشتيت ابنائه ودفعهم الى الهجرة وتحويله الى سلعة في بازار المصالح الدولية. سأشكل مع القوى الخيّرة في لبنان وهي كبيرة جداً جبهة البناء وجسر عبور لغد أفضل يحقق كرامة الوطن وكرامة الانسان ودولة المواطنة".
المطلوب ان نصنع مستقبلاً لا ينتمي الى ما انتهى اليه الماضي، يتمكن فيه الوطن من مواجهة التحديات الدولية والأطماع الاسرائيلية: العسكرية والثقافية والاقتصادية، ويحفظ رسالة لبنان وينميها. فإن المطلوب خطة عمل لا ينتصر فيها المسلم أو المسيحي، ولا الموالاة أو المعارضة، ولا الأفراد أو الأحزاب بل ينتصر فيها لبنان بجميع ابنائه دون استثناء من أجل مستقبل أفضل لأجيالنا الطالعة، فلبنان أمانة بين أيدينا جميعاً".