ارشيف من :أخبار لبنانية

هدايا مجانية لاسرائيل

هدايا مجانية لاسرائيل

هل بدأت وسائل إعلام 14 آذار تنفيذ خطة إعلامية ثقافية لمواكبة الجولة الجديدة من المفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية والاسرائيليين وبرعاية اميركية؟

الدافع للسؤال هو استخدام وسيلتين إعلاميتين محسوبتين على 14 آذار هما جريدة النهار وتلفزيون الـ Mtv مصطلح المدنيين لتوصيف القتلى المستوطنين الذين اصطادتهم المقاومة الفلسطينية عشية انطلاق المفاوضات خلال عملية جريئة في الضفة الغربية.

وكأن الوسيلتين الاعلاميتين المتواجدتين في قلب منطقة الصراع - والمفترض انهما عالمتان بتاريخه وتطوراته ومساراته- تريدان إهمال وإنكار أن كلّ "سكان اسرائيل" هم محتلّون بحسب توصيف القانون الدولي لكونهم جيش الاحتياط لهذا الكيان الغاصب. والمستوطنون اضافةً إلى صفة الاحتلال،   يمتازون بكونهم الاكثر تطرفاً وتعصباً وعنصريةً وهمجيةً كما أنهم مدججون بالسلاح الخفيف والثقيل. أما المستوطنون القتلى، فيقيمون في مستوطنات تعتبرها سلطات العدو الاسرائيلي، نفسها، غير شرعية وهذا ما اشارت اليه صحيفة "يونغا فيلت" الالمانية عندما قالت في احدى مقالتها ان "المستوطنين القتلى كانوا متوجهين الى مستوطنة مغتصبة وغير شرعية".

هدايا مجانية لاسرائيل

حقيقة تدركها صحيفة المانية وتتجاهلها صحيفة النهار وتلفزيون الـ Mtv. أما السبب فيبدو انه بكل بساطة الخطة الإعلامية الأميركية الإسرائيلية التي رافقت كل جولات المفاوضات بين الفلسطينيين  والاسرائيليين وكان هدفها التأسيس للتطبيع الثقافي ولتغيير الأسس والمفاهيم المرتبطة بالصراع العربي الاسرائيلي وتقديم تصور مختلف لتاريخ الصراع  واكثر ما سعت اليه هذه العملية التطبيعية هو تحويل وجود إسرائيل الى حق طبيعي وتحويل الصراع على الأرض والقضية الفلسطينية إلى خلاف بين طرفين قد يكون الحق إلى جانب أي منهما. وهنا يكمن خطر تعميم مصطلح "المدنيين".

هدايا مجانية لاسرائيل

المطلوب تحويل المحتلّين الاسرائيليين إلى "مدنيين" مثلهم مثل المدنيين في لبنان او سوريا او مصر  او اي سكان طبيعيين في اي بلد في العالم. ولا يتحقق هذا الا بكيّ الوعي لدى المواطن العربي من خلال الاعلام. والبداية المنطقية هي اللعب على المصطلحات الاعلامية والمفاهيم اللغوية ضمن عمليّة خداع لغوية تساهم بقوة في تغيير سلم القيم وهنا جوهر الترجمة المطلوبة لشعار التطبيع الثقافي. وبذلك تصبح المقاومة "عنفاً " والمقاومون "ارهابيين " وسلاح المقاومة " خارجا عن الشرعية " وغيرها من المصطلحات والتعابير التي يزخر بها اعلام التسوية المصرّ في كل المناسبات على الترويج لثقافة الاستسلام .

إن استخدام مصطلح المدنيين والهجوم المستمر على حركات المقاومة في لبنان وفلسطين والمحاولة المستمرة لتشويه صورتيهما، وتوجّه بعض الزعماء العرب، الفاقدين لأي شرعية شعبية، للرأي العام الاسرائيلي قبل ان يكلفوا انفسهم عناء التوجه لشعوبهم، وتشويه فكرة الشهادة والشهداء، ورفض انجازات المقاومة وانتصاراتها، كل هذا هدايا مجانية تقدّم لـ"اسرائيل" التي تستمر باحتلال الارض والتي ترفض وقف الاستيطان والتي لم ترتو من دماء الفلسطينيين.

بعض الاعلام اللبناني مصرّ على الانخراط في هذا النهج الخطير في التطبيع والذي يستدعي المواجهة والمناهضة .


 بـثـيـنـة عـلـيـق


2010-09-10