ارشيف من :آراء وتحليلات

الى الرئيس سعد الحريري.. دافع عن صورتك

الى الرئيس سعد الحريري.. دافع عن صورتك

سركيس أبو زيد
الى الرئيس سعد الحريري.. دافع عن صورتك
كشفت الأزمة السياسية اللبنانية الأخيرة عن تأزم خيارات الطبقة السياسية لا سيما عند رئيس الحكومة سعد الحريري، بما يمكن اختصاره بمقولة يريد لكنه غير قادر او قادر لكنه لا يريد او لا يريد وغير قادر!.

شكل التفاهم السعودي السوري مظلة لاحتواء الأزمة اللبنانية المتشعبة والمستمرة. تقارب س.س رسم المعادلة التالية:

1 ـ ضرورة الإستقرار الداخلي الهش والمهدد بالانفجار بسبب عوامل الفتنة والخصومات التي قد تخرج من عقالها عند أي حدث أمني عفوي أو مدبر.

2ـ ضرورة ابعاد كأس القرار الظني المفخخ بتسييس المحكمة وانحياز الاتهام باتجاه حزب الله واستبعاد "اسرائيل" رغم ما قدمه السيد حسن نصر الله من وقائع وأدلة.

اضطر الرئيس سعد الحريري ان يتكيف مع هذا التفاهم من خلال تقربه الدبلوماسي من سوريا، حين زارها عدة مرات وأدلى بتصاريح ومقابلات صحفية لإرضائها نظرياً، دون ان يقوم بخطوات عملية تجاه حزب الله وشهود الزور. وفي الوقت نفسه حافظ تيار المستقبل على خطاب تعبوي متميز من توجه زعيمه الذي أكد مراراً على استمرار تحالفه مع "القوات" والكتائب التي تفاخر بالعداء لسوريا وحزب الله وتتباهى بتحالفاتها السابقة مع "اسرائيل" مما أثار ريبة سوريا وحزب الله وميشال عون وسائر قوى 8 آذار.

هذا المشهد المتناقض وضع رئيس الحكومة في صورة ملتبسة: هل هو مقتنع بتوجهاته الجديدة، وهل يمتلك القدرة لتحويل التزاماته السياسية التي قطعها في الإجتماعات مع الرئيس بشار الأسد وفي الإعلام، الى منهج سياسي واضح لحكومته ولتياره السياسي؟ أم أنه يواجه صعوبات وممانعة ومعارضة من صقور فريقه لا سيما ثلاثي التطرف فؤاد السنيورة وسمير جعجع والأمانة العامة لقوى 14 آذار، والتي تتقاطع مع رغبات عربية لا سيما مصر ودولية لا سيما الولايات المتحدة الأميركية!.

وهذه الجوقة تنظر بريبة الى التفاهم السوري السعودي وترغب بعدم خروج الحريري من هذا السرب، كما خرج قبله وليد جنبلاء مما يؤدي الى إضعاف هذا الفريق وعجزه عن لعب دور في التقلبات الاقليمية القادمة التي يراهن عليها من أجل إعادة الاطباق على السلطة ومحاصرة حزب الله وسوريا، لضربهما عسكرياً أو فرض فكّ التحالف بينهما.

هل الرئيس سعد الحريري مقتنع ويريد تحويل اتجاه تياره ليكون أكثر انسجاماً مع التفاهم السوري السعودي، لكنه غير قادر على فرض قناعاته إلا على ابن عمته نادر وبعض المحيطين به؟ أم انه فعلياً غير مقتنع وبالتالي لا يريد تبديل موقعه بل يسعى الى "بيع الكلام" والتذاكي للملهاة وتضييع الوقت بانتظار حصول تغييرات وتبدلات إقليمية تعيد الوهج الى مشروعه السابق. هذه "الباطنية السياسية" لا تليق برجال الدولة ولا تصنع نجومية سياسية لأنها اولاً تشوه صورتها أمام الرأي العام ولا سيما مناصريها الذين يفقدون الأمل بها ويتحولون عنها إما الى مواقع أخرى أو الى حركات أصولية متطرفة تصبح عبئاً عليها وعلى البلد ككل.

سؤال اخير يطرحه المراقبون: هل الرئيس سعد الحريري لا يريد استمرار التفاهم السوري السعودي وبالتالي غير قادر على المجاهرة، مما يضعه في حالة من العجز والفوضى تم التعبير عنها بالإعتكاف والهروب الى الأمام والتهويل بالإستقالة وكلها مفردات تسيء الى صورة الرجل؟

الرئيس سعد الحريري وضع نفسه، أو وضعه أعوانه ومستشاريه في خانة ضرورة الدفاع عن صورته اولاً قبل أن يجيب بوضوح عن ماذا يريد واذا كان "بيمون" .

القائد يقود أو يقاد... واذا تحول إلى مراقب لانقلاب وانقلابات مضادة أصبح شاهداً مداناً ليس على أزمة سياسية بل أزمة كيان. هو مسؤول اخلاقياً ودستورياً عن ابداع حلول ـ او تسويات على حد تعبير الوزير سليمان فرنجية ـ من أجل انقاذ إلوطن وعدم ضياعه في الفتن والفوضى. فهل يقدم على تسوية شجاعة أم يستسلم للمتطرفين والمغامرين؟

2010-09-20