ارشيف من :خاص
تهويل اسرائيلي من نوع جديد: دراسات تركز على ويلات الحرب وخسائرها
حسان ابراهيم
صدر في الاونة الاخيرة مجموعة من الدراسات والابحاث تناولت "الحرب المقبلة" بين العدو الصهيوني وحزب الله، وبحسب الكتاب المباشرين لهذه الابحاث، التي صدرت عن مراكز ومعاهد دولية معروفة، ستكون الحرب مغايرة للحرب الماضية، ولا يمكن قياسها لجهة الخسائر البشرية والمادية بحرب عام 2006، اذ ستشهد ساحة المواجهة حربا شبيهة بحرب عام 1973، لجهة الخسائر، وتحديدا للجانب الاخر، لكن على كيان العدو ان ينتصر فيها ولا يمكنه ان يعيد سيناريو الحرب الماضية لجهة نتائجها وتداعياتها.
تظهر هذه الدراسات، على كثرتها في الاونة الاخيرة، نوعا من "عرض عضلات" اسرائيلية امام المقاومة.. اذ تركز على الهوة القائمة من ناحية مادية عسكرية بين المقاومة والعدو الصهيوني، مع سرد مسهب لقدرات الكيان الغاصب وحوافزها وتدريباتها وغيرها، ويمكن وصف هذه الدراسات بانها نوع من استعراض للقوة الاسرائيلية، مع التشديد على الخسائر المادية التي ستجبيها في الحرب ضد حزب الله من اللبنانيين والبنية التحتية لديهم، ورغم ان هذه الدراسات تتحدث عن خسائر في الجانب الاسرائيلي قد تكون غير مسبوقة، لكن الوجهة العامة لهذه الدراسات هي التركيز اساسا على الخسائر في الجانب الاخر، بل وتجاوز ذلك للحديث عن سيناريوهات ما بعد الحرب، انطلاقا من فرضية مركزية هي ان كيان الاحتلال لا يستطيع الا ان ينتصر فيها.
وكي لا يقع قراء هذه الدراسات في لغط يريده كتابها ومروجوها، من المفيد الاشارة الى نقاط ضابطة للحكم على اي دراسة او موقف او تصريح، يتعلق بالحرب المقبلة وإمكاناتها:
لا خلاف ان حافزية "اسرائيل" ومصلحتها في ضرب المقاومة، وليس فقط من منطلق رد الاعتبار جراء فشل عام 2006، مرتفعة الى حدود غير مسبوقة.. وهذه الحافزية هي التي تحرك صانع القرار الاسرائيلي نحو التطلع للمواجهة العسكرية تحديدا، بل ويمكن ان يفسر مساعيه وجهوده في احراز جهوزية معتبرة لخوض الحرب المقبلة.. اذ لا يخفي الاسرائيليون معاني التهديد الذي يملكه حزب الله على الكيان الاسرائيلي، جراء ما يملك من قدرات من شأنها ان تمنع عن تل ابيب تحقيق واملاء مصالحها في لبنان، بل وايضا في المنطقة، وبحسب الاقرار الاسرائيلي، تشكل قدرات حزب الله وارادته في استخدامها، حائلا لا يتيح لها ان تفرض ارادتها السياسية وتوسعها في المنطقة.. وقد تحولت القدرة نفسها الى هدف اسرائيلي بامتياز يعمل عليه ليل نهار، دون اشارات دالة على نجاح في ذلك، قياسا على ما اقر به قائد المنطقة الشمالية في الجيش الاسرائيلي، غادي ايزنكوت، عام 2008 في مقابلته الشهيرة التي اطلقت خلالها ما اسماه "عقيدة الضاحية"، اذ اكد ان "اسرائيل تفحص كل يوم شن حرب على حزب الله منذ انتهاء الحرب عام 2006".
على ذلك، فان السؤال الواجب طرحه هو: ما الذي يمنع "اسرائيل" من شن الحرب، في ظل الحافزية المرتفعة لديها لشنها.. ولا يجب ان يكون السؤال هل ستقدم "اسرائيل" او تريد شن هذه الحرب.. الجواب على ذلك هو محدد من المحددات التي تمكن المتابع وقراء التصريحات والدراسات الاسرائيلية او شبه الاسرائيلية، من فهمها وفهم مرادها واستهدافاتها.
وردا الى تصريح "ايزنكوت" نفسه، فان "اسرائيل" تفحص كل يوم امكان شن حرب على حزب الله، لكن بحسب النتيجة العملية لعدم شن الحرب، فهي تجد ان لا مصلحة لديها او لا قدرة ليها، على هذه الحرب، وبالتالي تمتنع عن شنها. المعني الكلي لهذه النقطة ان جهوزية وقدرة المقاومة، لجهة حجم قدراتها ونوعها وقدرتها التدميرية، هي الحائل امام "اسرائيل" لاستخدام خياراتها العسكرية، التي لا خلاف انها تسعى اليها وتريدها من ناحية فعلية.
من ناحية ثانية، وكضابطة ايضا، يجب الاشارة الى ان أصل الكلام الاسرائيلي حول الحرب وويلاتها والقدرة الاسرائيلية على شنها ووجوب الانتصار فيها، هو كلام يرتبط باهداف اخرى غير مرتبطة بالحرب وتوقيتها والقدرة عليها، اذ ان وظيفة التهديدات الاسرائيلية بينة جدا، وإحداها تمكين وايجاد الظرف الملائم لانجاح الخيارات البديلة الاخرى عن الحرب المتعذرة اسرائيليا، ومنها على سبيل المثال تواصل التصويب على سلاح المقاومة والتشويش على اداء حزب الله وحرف اهتماماته واولوياته عن الاستعداد للدفاع عن لبنان وغيرها من المسائل.
من ناحية ثالثة، يوجد في الحديث الاسرائيلي المباشر وغير المباشر (الدراسات عن مراكز اجنبية)، وظيفة في طمأنة الداخل الاسرائيلي نفسه.. اذ ينفلت في الاعلام الاسرائيلي تقارير دالة على حالة من الهلع وعدم الاستقرار والخشية من الحرب المقبلة مع حزب الله، رغم إعمال الرقابة العسكرية على هذه التقارير. ما يستدعي من صانع القرار في تل ابيب ان يسهل او يوجد بشكل مباشر، مادة طمأنة لجمهور المستوطنين، ما يفسر التغطية الواسعة جدا من قبل وسائل الاعلام الاسرائيلية والمحللين الاسرائيليين، لهذه الدراسات والترويج واعادة انتاج مضمونها اعلاميا، كما تدل عليه تقارير التغطية الاسرائيلية الاعلامية لهذه الدراسات وغيرها.
صدر في الاونة الاخيرة مجموعة من الدراسات والابحاث تناولت "الحرب المقبلة" بين العدو الصهيوني وحزب الله، وبحسب الكتاب المباشرين لهذه الابحاث، التي صدرت عن مراكز ومعاهد دولية معروفة، ستكون الحرب مغايرة للحرب الماضية، ولا يمكن قياسها لجهة الخسائر البشرية والمادية بحرب عام 2006، اذ ستشهد ساحة المواجهة حربا شبيهة بحرب عام 1973، لجهة الخسائر، وتحديدا للجانب الاخر، لكن على كيان العدو ان ينتصر فيها ولا يمكنه ان يعيد سيناريو الحرب الماضية لجهة نتائجها وتداعياتها.
تظهر هذه الدراسات، على كثرتها في الاونة الاخيرة، نوعا من "عرض عضلات" اسرائيلية امام المقاومة.. اذ تركز على الهوة القائمة من ناحية مادية عسكرية بين المقاومة والعدو الصهيوني، مع سرد مسهب لقدرات الكيان الغاصب وحوافزها وتدريباتها وغيرها، ويمكن وصف هذه الدراسات بانها نوع من استعراض للقوة الاسرائيلية، مع التشديد على الخسائر المادية التي ستجبيها في الحرب ضد حزب الله من اللبنانيين والبنية التحتية لديهم، ورغم ان هذه الدراسات تتحدث عن خسائر في الجانب الاسرائيلي قد تكون غير مسبوقة، لكن الوجهة العامة لهذه الدراسات هي التركيز اساسا على الخسائر في الجانب الاخر، بل وتجاوز ذلك للحديث عن سيناريوهات ما بعد الحرب، انطلاقا من فرضية مركزية هي ان كيان الاحتلال لا يستطيع الا ان ينتصر فيها.
وكي لا يقع قراء هذه الدراسات في لغط يريده كتابها ومروجوها، من المفيد الاشارة الى نقاط ضابطة للحكم على اي دراسة او موقف او تصريح، يتعلق بالحرب المقبلة وإمكاناتها:
ما الذي يمنع "اسرائيل" من شن الحرب، في ظل الحافزية المرتفعة لديها لشنها.. ولا يجب ان يكون السؤال هل ستقدم "اسرائيل" او تريد شن هذه الحرب..
|
على ذلك، فان السؤال الواجب طرحه هو: ما الذي يمنع "اسرائيل" من شن الحرب، في ظل الحافزية المرتفعة لديها لشنها.. ولا يجب ان يكون السؤال هل ستقدم "اسرائيل" او تريد شن هذه الحرب.. الجواب على ذلك هو محدد من المحددات التي تمكن المتابع وقراء التصريحات والدراسات الاسرائيلية او شبه الاسرائيلية، من فهمها وفهم مرادها واستهدافاتها.
وردا الى تصريح "ايزنكوت" نفسه، فان "اسرائيل" تفحص كل يوم امكان شن حرب على حزب الله، لكن بحسب النتيجة العملية لعدم شن الحرب، فهي تجد ان لا مصلحة لديها او لا قدرة ليها، على هذه الحرب، وبالتالي تمتنع عن شنها. المعني الكلي لهذه النقطة ان جهوزية وقدرة المقاومة، لجهة حجم قدراتها ونوعها وقدرتها التدميرية، هي الحائل امام "اسرائيل" لاستخدام خياراتها العسكرية، التي لا خلاف انها تسعى اليها وتريدها من ناحية فعلية.
من ناحية ثانية، وكضابطة ايضا، يجب الاشارة الى ان أصل الكلام الاسرائيلي حول الحرب وويلاتها والقدرة الاسرائيلية على شنها ووجوب الانتصار فيها، هو كلام يرتبط باهداف اخرى غير مرتبطة بالحرب وتوقيتها والقدرة عليها، اذ ان وظيفة التهديدات الاسرائيلية بينة جدا، وإحداها تمكين وايجاد الظرف الملائم لانجاح الخيارات البديلة الاخرى عن الحرب المتعذرة اسرائيليا، ومنها على سبيل المثال تواصل التصويب على سلاح المقاومة والتشويش على اداء حزب الله وحرف اهتماماته واولوياته عن الاستعداد للدفاع عن لبنان وغيرها من المسائل.
من ناحية ثالثة، يوجد في الحديث الاسرائيلي المباشر وغير المباشر (الدراسات عن مراكز اجنبية)، وظيفة في طمأنة الداخل الاسرائيلي نفسه.. اذ ينفلت في الاعلام الاسرائيلي تقارير دالة على حالة من الهلع وعدم الاستقرار والخشية من الحرب المقبلة مع حزب الله، رغم إعمال الرقابة العسكرية على هذه التقارير. ما يستدعي من صانع القرار في تل ابيب ان يسهل او يوجد بشكل مباشر، مادة طمأنة لجمهور المستوطنين، ما يفسر التغطية الواسعة جدا من قبل وسائل الاعلام الاسرائيلية والمحللين الاسرائيليين، لهذه الدراسات والترويج واعادة انتاج مضمونها اعلاميا، كما تدل عليه تقارير التغطية الاسرائيلية الاعلامية لهذه الدراسات وغيرها.