ارشيف من :أخبار لبنانية
العلاقة الروسية الإسرائيلية الجديدة ومدى تأثيرها على سورية وإيران
إعداد: د.خالد ممدوح العزي (*)
لأول مرة في تاريخ العلاقات الروسية – الإسرائيلية منذ أكثر من 60 عام تشهد العلاقات الروسية الإسرائيلية تحسن ملحوظ يتوج بإبرام اتفاقية عسكرية –أمنية على هذا المستوى بين وزارتا الدفاع ، لقد تحسنت العلاقات ابتدأ من العام 1990 منذ انهيار الاتحاد السوفياتي ووصول الديمقراطيين الجد إلى سدة السلطة، ولكن الملفت للنظر هو زيارة وزير الدفع الإسرائيلي الأولى لوزير دفاع إلى العاصمة القيصرية، بالرغم من إن قادة العدو الصهيوني آخذو على الزيارات الكرتونية إلى موسكو التي أصبحت تقليدا مميزا لكل رؤساء الوزارة، لكن زيارة أيهود بارك تعتبر من الزيارات الناجحة جدا بسب توقيعه على هذا الاتفاقية الكبيرة التي أدهشت كل المراقبين والنظريين إلى الدولة الروسية والتي أدخلت إسرائيل في عملية شراكة مشتركة بين البلدين "مدة 5 سنوات قابلة للتجديد" وتأتي هذه الاتفاقية بعد 4 أيام من بداء التفاوض الإسرائيلي الفلسطيني الذي فتحت أولى جلساتها الحوارية في 2 أيلول/ سبتمبر.
إسرائيل وعلاقتها مع روسيا:
بدأت العلاقات الروسية – الإسرائيلية تتغير نحو الأحسن منذ أنهير الاتحاد السوفياتي،وحافظ رؤساء وزراء العدو بزيارة موسكو بشكل روتيني، ولكن في العام 1995م، تم توقيع اتفاقات واسعة جدا مع اسرائيل من قبل وزارة الدفاع الروسي، والتي تشمل توريد سلاح وتطويره لدى الاسرائيلين، من خلال زيارة قام بها وزيرالدفاع السابق بافل غراتشوف التي لاقت صدى ايجابيا لدى الاسرائلين" بالرغم من ان الصناعات الحربية الروسية تشكلتنافس كبير لصناعة الدولة العبرية في سوق المبيعات، ففي العام 2003 م قامت روسيا بإطلاق قمر صناعي إسرائيلي "عاموس 2" لكونها أصبحت مركزا أساسيا لإطلاق الصواريخ إلى القمر وهذا وكانت قد أطلقت صواريخ لكل من إيران والسعودية وغيرهم من الدول...
السوق السوداء:
وفقا للإستراتيجية الروسية الجديدة، عمدت الدولة إلى الانفتاح على الدول الأخرى، فكان الافتتاح على أسواق السلاح أيضا، من خلال عقد صفقات كبيرة لشراء أسلحة حديثة تريد روسيا إدخالها على قواتها العسكرية المختلفة، فكانت الصفقة العسكرية مع اسرئيل بشراء 48 طيارة بدون طيار وتدريب خبراء روسا لإدارتها، وفي اليوم التالي أعلن في فرنسا بان وزير الخارجية سرغي لافروف الذي أعلن من فرنسا بان روسيا اشترت من فرنسا 4 غواصات بحرية نقلات طائرات "من نوع امسترال" وسوف يتم تجميعهم في فرنسا وروسيا، وكذلك سوف يتم شراء أنوع أخرى من دول مختلفة "
موقع روسيا الدولي:
إسرائيل تعي جيدا بأن روسيا قوة مركزية عالمية في العالم، ولها تأثيرها ونفوذها في الشرق الأوسط، والرباعية الدولية، ولها علاقاتها الوطيدة والطيبة مع حلفائها العرب والعديد من الدول الإسلامية لهذا السبب قامت إسرائيل.
أولا: بنسج علاقات مميزة مع روسيا، لكون الحالة تبدلت تدرجيا من العام 1990 من خلال زيارات مكوكية لقادة العدو إلى موسكو وإبرام اتفاقات مختلفة ومحاولتهم الدءوبة لعقد صفقات مع الجانب الروسي.
السبب الثاني: المحاولة الدائمة والمستمرة لقطع الطريق إمام أعدائها الدائمين العرب، والحاليين "إيران سورية، حماس، حزب الله" من اجل منعهم من الحصول والتزود بسلاح وعتاد، من خلال بكاء إسرائيل الدائم على الإطلال، ونعيها المستمر من خلال إعلامها القوي والمهاجم للعرب والمدافع عن الوجود الصهيوني كـ "انظر إلى إيران التي تحاولون تزويدها بصواريخ أس 300 وهي لا تنقطع عن القول بأنها سوف تقتلع إسرائيل من الوجود" أما سورية التي ندير معها مفوضات من اجل السلام تدهشنا بمحاولة توقيع صفقة أسلحة منكم بقيمة 5 مليار دولار وتحاول تغير وتحديث 80% من عتاد جيشها"، وكأنها تقول لنا بأنها مستعدة للحرب وهذه السلاح سوف يقع في يد أعدائنا الإرهابيين "حماس، حزب الله"و هنا تكمن أهمية الاتفاق العسكري والأمني الذي وقع مع روسيا في 6 أيلول سبتمبر 2010م.
الاتفاق العسكريـ الأمني:
وقعت إسرائيل صفقة عسكرية وأمنية بينها وبين روسيا وتنص الاتفاقية التي تخدم 5 سنوات قابلة للتجديد على الشكل التالي:
1ـتزود إسرائيل روسيا الاتحادية 12 طائرة دون طيار ويتم تدريب 50 خبير روسيا على استعمل هذه الطائرات التي تبلغ قيمة العقد بحوالي مئة مليون دولار، وعلى أن تسلم إسرائيل 36 طائرة مع نهاية العام.
2ـ تشمل الاتفاقية، إعداد الكوادر الفنية والحربية، وتبادل المعلومات، وتطوير الاتفاقات العسكرية، والمسح الطبوغرافيا، ودراسات التاريخ العسكري، وتبادل المعلومات والخبرات حول الإرهاب والجريمة المنظمة، لان إسرائيل وروسيا تواجه أخطار من متشددين تسميهم إرهابيون إسلاميون حسب التعبير الصهيوني وهو" الإرهاب الإسلامي".
3ـ دخول إسرائيل بشراكة مباشرة مع روسيا من خلال التصنيع الحربي والتي تحاول إسرائيل من خلاله التأثير على روسيا في عدم تسليح حلفائها، وهذا يعني الامتناع عن تنفيذ الاتفاقيات والعهود المبرمة بين روسيا وحلفائها "سورية وإيران " بتزويدهم بالسلاح والعتاد والتجهيزات كـ "صواريخ أس 300 " وغيرها من السلاح الاستراتيجي، فالاستفادة الإسرائيلية من ذلك تكمن في قطع الطريق أمام أصدقاء روسيا وإحراجها معهم، بعدم تسليمهم وتزويدهم بسلاح جديد وفعال والذي يخل بالتوازن الاستراتجي فالدخول مع روسيا بهذه الشراكة يدخلها بأسواق جديدة بيع الأسلحة كالهند وتركيا... ودول أخرى... فاعلان فلاديمير بوتين بقوله بأن روسيا تجهز الطائرات الإسرائيلية بأجهزة الليزر وكذلك أقامت محطات ليزر قادة على العمل بنظام "غلوناس "في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فالتعاون بين روسيا وإسرائيل يسير بصورة تدرجية جيدة، وهناك مشاريع في مجال النقل الجوي وهذا المشرع يأتي في إطار تزويد الهند بطائرات الاليوشن 78 تحمل رادارات.
ـ الاستفادة الروسية من الصفقة سياسيا: يمكن لروسيا ان تستفيد من هذه الصفقة العسكرية مع إسرائيل والمدفوع ثمنها مئة مليون دولار بالتالي:
1ـ تمتلك إسرائيل خبرة واسعة في استعمال هذا النوع من الطيران دون طيار، لذا تحبذ روسيا استيراد هذه الخبرة الجاهزة من خلال هذه الصفقة، إضافة لتدريب الخبراء الروس في إسرائيل البالغ عددهم 50 خبير.
2ـ تحاول روسيا الاستفادة الغير مباشرة من خيارة المهاجرين الروس الذين غادروا روسيا إبان انهيار الاتحاد السوفياتي والهجرة إلى ارض الأجداد.
3ـ تضمن روسيا من خلال هذه الصفقة المبرة مع الكيان الصهيوني، بعدم اختراق إسرائيل قد تحققه في حديقة روسيا الخلفية كما حصل مع دولة جورجيا، عندما وجهت روسيا نقدا شديدا إلى إسرائيل بسبب تزويدها بسلاح وطائرات استطلاع "بدون طيار" إلى نظام سكاشفيلي عام 2008م.
ـ الاستفادة الإسرائيلية من ابرام هذه الصفقة:
تعتبر هذه الصفقة بالنسبة إلى نظام الكيان الصهيوني، صفقة عالية المستوى تحقق بظل حكومة اليمين المتطرف وفي وقت واحد مع بدأ مفوضات السلام الفلسطينية ـ الإسرائيلية من خلال التالي:
1ـ حصلت إسرائيل على الدخول بشراكة مع روسيا من خلال هذه الصفقة التي ابرها وزير دفاع العدو أيهود براك مع وزير دفاع روسيا اناتولي سرديوكوف، والذي سمح هذا الاتفاق لإسرائيل بدخول أسواق جديدة لبيع الأسلحة كانت ممنوعة على إسرائيل سابقا، لان روسيا تشكل منافس كبير للسلاح العبري وتحتل ثاني اكبر مصدر للسلاح بعد أمريكا.
2ـ من خلال الشراكة المشتركة مع روسيا تحاول إسرائيل الإمساك بملف عدم تزويد السلاح إلى أعداء إسرائيل الذي يتطلب التزود موافقة الدولتين المصنعتين.
3ـ المحاولة الدائمة والدءوبة من قبل إسرائيل لتعطيل أي اتفاق مع سورية و إيران أو دول أخرى لا ترغب بها إسرائيل وتشكل عليها خطر أني و مستقبلي.
روسيا اليوم :
الإستراتجية الروسية الجديدة التي تقوم عليها السياسة الروسية الحالية والتي تعمل من خلالها موسكو هي الانفتاح على كل الدول بمن فيهم إسرائيل والانتقال من مرحلة سابقة، سادها العداء الإيديولوجي إلى مرحلة جديدة يسودها الانفتاح السياسي والتبادل التجاري والتعاون الاقتصادي "علاقة المنفعة ".
روسيا التي تقول لإسرائيل : " طائراتكم وسلاحكم موجود في السوق السوداء، ونجن نريد شراءه المباشر لتحسين العلاقات بين البلدين وتطويرها، وندفع "كاش" المبالغ المطلوبة. إسرائيل التي تحاول تحسين علاقاتها مع روسيا بشكل جيد والتأثير على روسيا بطريقة غير مباشرة على علاقة روسيا مع دول معادية لإسرائيل، من خلال الحنكة الدبلوماسية والسياسية التي تتمتع بهم إسرائيل، فهي التي تقول بصوتها العالي وبكائها المستمر لم تزودون سورية بهذه الصفقة الكبيرة ونحن نسعى للدخول معها بمفوضات سلام برعاية تركية. ولماذا إيران تريد شراء صواريخ" أس 300"، وهي كل يوم تهددنا بخطابها السياسي من خلال رئيسها بأنهم سوف يزلون إسرائيل عن الخريطة السياسية ويرمون شعبها في البحر. بهذه العبارات وهذه الدعاية الإعلامية المنظمة تحاول إسرائيل من اقنع الروس والعدول عن تنفيذ وعودهم واتفاقاتهم مع حلفاءهم.
الصفقة السورية من روسيا:
وقعت الحكومة السورية صفقة للأسلحة المتطورة جدا من روسيا وتقدر قيمة الصفقة بحوالي 5 مليار دولار، وقد وضعت اللمسات الأخيرة على شراء هذه الصفقة من خلال زيارة وزير الدفاع السوري حسن التركماني الذي غادر طهران متوجها إلى موسكو، بمعنى ايران سوف تسدد قيمة هذه الصفقة التي تعتبر الاولى في تاريخ الجيش السوري منذ حرب 1973، والتي سيتم تغير عتاد وتجهيز الجيش السوري بنسبة 80% من أصل التجهيزات بالإضافة إلى إدخال أسلحة جديدة ومتطورة جددا، وهذه الصوايخ الجديدة سوف تمنع الطيران الإسرائيلي من العربدة والتحليق فوق الأراضي السورية وسماء العاصمة، ولهذا العتاد الجديد له قوة وفعلية قوية جدا، ويفسر الخبراء السورين بان اقتناء هذا السلاح الجديد وإدخاله في خدمة الجيش السوري يعني تغير في ميزان القوى العسكري الذي كان يميل دوما لصالح إسرائيل، ويؤكد الخبراء بأن هذا السلاح سوف يكون موقعه ليس قريبا من جبهة القتال،والذي يمن استخدامه من هذه ألامكن حفاظ عليه من الضرب السريع قبل توضيعه، أما الخبراء الإسرائيليون الذين يروا بهذه الصفقة ليس تغير في ميزان التوازن الاستراتيجي في المنطقة ،وإنما السوري ذاهب نحو حرب، وفتح جبهة وليس نحو سلام مرتقب في الوقت القريب. اما الموقف الروسي الذي تمثل بتصريح مخائيل ديمترف رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الدوما الروسي "مجلس النواب" بقوله بان هذه الصفقة إلى الدولة السورية هي عادية جدا، ولا تخل بأي امن أو توازن.
الموقف الإسرائيلي الباكي على الأطلال:
وكان الإسرائيلي الذي يحاول تعطيل هذه الصفقة بشتى الوسائل من خلال الحراك الدبلوماسي الذي ذهب باتجاه موسكو محاولا إقناعها بعدم إتمام الصفقة بكافة الوسائل المتاحة له، من خلال القول بأنه:
1ـ السلطة الإسرائيلية الحالية تستفيد من هذه الحالة كونها تضيق الخناق على سورية والالتفاف عليها عن طريق أصدقائها من خلال هذه الهجمة على صفقتها وكان إسرائيل في حالة حرب معلنة ضدها.
2ـ المزايدة اليمنية الإسرائيلية أمام الشعب اليهودي المتطرف لان إسرائيل تعيش دائما على هضم حقق الآخرين.
3ـ تحاول إسرائيل من خلال صفتها الجديدة هذه، التأثير على الدولة الروسية لعد م تزويد سورية بإكمال صفقة الأسلحة، وعدم المضي قدما بإكمال برنامج إيران النووي.
مدى تأثير السياسة الإسرائيلية على الموقف الروسي:
الجنرال الروسي "ايفانشوف" مدير الأكاديمية للقضايا الجيوـسياسية الروسية يقول: "بان موسكو عند تنفيذ تعاونها العسكري مع حلفائها "سورية وإيران"تأخذ بعين الاعتبار مصالح إسرائيل وأمنها، لان روسيا تبقى عينها على إسرائيل لوجود نحو مليون شخص ناطقون باللغة الروسية تحاول موسكو الاستفادة منهم ومن خبراتهم بعد هجرتهم إلى إسرائيل، عام 1990 م، وان تبقى على علاقة طيبة وجيدة مع العالم العربي ودول الشرق الأوسط .ولكن نحن نقول بأن كل زيارة الى موسكو من قبل قيادات العدو الصهيوني يسود الغموض في تنفيذ العقود المبرمة في إطار التعاون العسكري مع هذه الدول الحليفة قد ينجح أيهود براك نسبيا من خلال إبرام هذه الاتفاقية العسكرية – الأمنية الأخيرة مع روسيا الاتحادية بنعي صفقة السلاح السورية ؟؟؟
وعدم استطاعت سورية من امتلاك السلاح المطلوب والتجديد في القدرات العسكرية القوية في إعادة تجديد وتجهيز جيشها من الأنواع الروسية المطروحة للبيع،لكون سورية منذ فترة تخطط لشراء هذه الكمية .لان الإسرائيلي قد يستطيع التأثير النسبي لأنه دخل مع روسيا بشراكة جديدة لتصنيع السلاح، وعملية التصنيع المشترك سوف يحرم سورية وإيران من استلام أنواع جديدة من السلاح المشترك ،ولان هذا التصنيع المشترك يتوجب موافقة الدولتين على التسليم فتكون إسرائيل نجحت بالحد من كميات وأنواع الأسلحة.
(*) باحث إعلامي، وخبير مختص بالشؤون الروسية ودول الكومنولث
المصدر: مركز الشرق العربي للدراسات