ارشيف من :آراء وتحليلات

14 آذار، "إسرائيل" وزيارة أحمدي نجاد

14 آذار، "إسرائيل" وزيارة أحمدي نجاد
14 آذار، "إسرائيل" وزيارة أحمدي نجادبثينة عليق


ليست المرة الاولى التي يحصل فيها التطابق الى حد الشبهة بين الجوقة السياسية والاعلامية لفريق 14 آذار و" إسرائيل". فقد توالت المحطات التي أظهرت أن هذا الفريق دخل تدريجياً مرحلة جديدة في معاداته للمقاومة وحلفائها، وهو مسار عنوانه عدم الخجل من التماهي مع المواقف الاسرائيلية.

من المحطات البارزة في هذا المسار، رفض هذه المجموعة المطلق لاحتمال أن تكون "إسرائيل" من بين المشتبه بهم باغتيال الرئيس رفيق الحريري بعد أن أعلن الامين العام لحزب الله سلسلة القرائن على هذا المستوى. ووصل الأمر بالبعض إلى التعبير عن استحالة أن تقوم "إسرائيل" بهذه الجريمة مع ما يتضمّنه هذا الحكم من إساءة للرئيس الحريري.


المحطة الثانية كانت حادثة العديسة التي شكلت نقطة مضيئة ومشرّفة في تاريخ الجيش اللبناني وتحديداً في تصدّيه للعدو الصهيوني. وقد أعلن الجيش روايته الرسمية للأحداث التي بدأت باعتداءات اسرائيلية واضحة على السيادة اللبنانية فقام جنوده بما يقتضيه الواجب الوطني المنسجم مع عقيدة الجيش القتالية وحصل التصدي للعدو الاسرائيلي.

وحدها الجوقة الاعلامية والسياسية لـ 14 آذار ومن خلال منسّق هيئتها العامة فارس سعيد اعتبرت أن ما جرى فخ نصبه حزب الله للجيش اللبناني واستدرجه اليه. وهذا ما شكّل تناغماً واضحاً مع الموقف الاسرائيلي الذي عبّرت عنه بيانات الخارجية الاسرائيلية ومقالات الكتاب والمحللين الاسرائيليين.

المحطة الثالثة هي ما نعيشه هذه الايام تعليقاً على الزيارة المرتقبة للرئيس الإيراني احمدي نجاد. وفي تعليقات هذا الفريق ما يثير العجب والاستغراب. فالزيارة تأتي بناءً على دعوة رسمية من رئيس الجمهورية اللبنانية، وهي دعوة موجهة لرئيس بلد بينه وبين لبنان علاقات دبلوماسية قديمة ناهيك عن العلاقات التاريخية والثقافية.

إضافة طبعاً الى الدور الواضح وغير الملتبس الذي لعبته الجمهورية الاسلامية في دعم لبنان في مواجهته مع العدو الصهيوني ومساهمتها في اعادة اعمار ما دمّره هذا العدو في حروبه المتتالية على الاراضي اللبنانية. كما أنه لا يمكن اهمال عنصر بالغ الاهمية ومرتبط بحساسية التركيبة الطائفية للبنان. فهناك طائفة أساسية ومكوّنة للكيان اللبناني لها علاقات دينية وثقافية مع هذا البلد. وعادةً ما يحترم اللبنانيون هذه الخصوصيات. كما أن رؤساء آخرين زاروا لبنان وأعطوا لهذا البعد اهميته، فالرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك لم يكتف بزيارة العاصمة كما هي العادة في الزيارات الرئاسية بل زار منطقة كسروان وبكركي لرمزيتهما المارونية وانسجاماً مع العلاقة التاريخية التي جمعت الموارنة بفرنسا.

الا انه وعلى الرغم من هذه العوامل، فإن فريق 14 آذار مصرّ على المواقف التي تخدم توجهات العدو الصهيوني فأعلنت الأمانة العامة لـ14 آذار أن الزيارة تثير القلق لدى "اللبنانيين" لكون الرئيس الإيراني ممانعاً للسلام. وهنا تطرح أسئلة عديدة: من أعطى هذا الفريق حق الكلام باسم اللبنانيين؟ وهل لبنان الرسمي منخرط في ما يسمى بعملية السلام؟ وأين أصبحت هذه العملية الفاشلة والمربكة والتي أصبحت باعتراف كل المحللين عبئاً على المنخرطين فيها؟

بدوره عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل مصطفى علوش قال للمؤسسة اللبنانية للارسال، إنّ زيارة نجاد تريد تأكيد أن لبنان هو الحديقة الخلفية لإيران، وإن نظرية "الحديقة الخلفية" تعود لهتلر. وهنا يظهر تأثر النائب السابق بالأدبيات الإسرائيلية التي تصف أي مناهض للمشروع الصهيوني بهتلر، ما يدفع للتساؤل عن جدوى تبنّي اللبنانيين لهذا المنطق الاسرائيلي.

طبعاً لا تنتهي سلسة التصريحات عند هذا الحدّ وعند هذه الشخصيات، ولكن نكتفي بهذا القدر لأن البعض وصل في تصريحاته إلى مستوى يعكس غباءً سياسيا ووطنياً لا يستحق مجرد الذكر وإن كانت القاعدة التي تحكم هذا الأداء الإعلامي هي الإصرار على تشكيل مرآة تعكس المواقف والأدبيات وحتى المصالح الإسرائيلية.


2010-10-07