ارشيف من :آراء وتحليلات
وسائل الإعلام الغربية... الكيل بمكيالين !
ترجمة عقيل الشيخ حسين*
في ما يلي ثلاث حالات تشكل أمثلة تثبت تحيز المعلومة وتوجيها من قبل وسائل الإعلام الغربية، لأغراض مخجلة:
1ـ حالة تيريزا لويس
شجب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد "صمت وسائل الإعلام" عن حالة تيريزا لويس، وهي أميركية سينفذ فيها حكم الإعدام لمشاركتها في قتل زوجها وقارن نجاد بين وضع تيريزا ووضع الإيرانية سكينة محمد آشتياني.
ونقلت وكالة أنباء إيرنا الإيرانية الرسمية أن نجاد أشار، خلال لقاء مع شخصيات إسلامية في الولايات المتحدة، إلى تقرير ذكر أن ثلاثة ملايين وسبعمائة ألف صفحة نشرت على الانترنت بخصوص الإيرانية سكينة آشتياني التي ما تزال قضيتها قيد النظر من قبل العدالة في إيران. وذلك في إطار حملة إعلامية واسعة ضد إيران. وأضاف نجاد أن أحداً لا يحتج على إعدام تيريزا لويس. كما أكد نجاد أن 53 إمرأة سينفذ فيهن حكم الإعدام في الولايات المتحدة.
وقد تطرق العديد من البرلمانيين الإيرانيين في الأيام الأخيرة إلى الحديث عن حالة تيريزا لويس، وقارنوا بينها وبين حالة سكينة آشتياني، وأدانوا لجوء المسؤولين الغربيين ووسائل الإعلام الغربية إلى الكيل بمكيالين في التعامل مع إيران.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه من المقرر تنفيذ حكم الإعدام بحق تيريزا لويس الخميس، في 7 تشرين الأول/أكتوبر، في فرجينيا (جنوب شرق الولايات المتحدة)، لأنها ساعدت عشيقها في قتل زوجها وابن زوجها.
2- حالة سكينة محمدي آشتياني
قديماً كانت فرنسا تتبجح بأنها تنجب مثقفين كباراً يحملون إلى العالم عناصر تفكير جديدة. لكنها اليوم واقعة في إسار من يفرضون آراءهم ولا يتورعون عن إطلاق الأكاذيب ليرسوا عليها أطروحاتهم حول صدام الحضارات الذي يشهد المواجهة بين الغرب الرائع وقطعان الهمج من المسلمين والإسلاميين والشيوعيين! من هؤلاء المثقفين ألين فنكيلكروت وبرنار هنري ليفي، وهما وجهان بارزان يعملان على احتكار الكلام من أجل تسويق وتبرير الساسة العدوانية المعتمدة من قبل الولايات المتحدة ونتنياهو.
فهما يريدان فرض أفكار جاهزة لمنع انبثاق أي فكر نقدي. وهذا الإرهاب الفكري يؤتي ثماره على مستوى الرأي العام.
ما تحاط به عقوبة الرجم التي يمكن أن تنفذ بحق سكينة محمدي آشتياني هو من النمط المعروف في الدعاية الصهيونية: فوراً يصعد أمثال برنار هنري ليفي و إ. بادنتير فوق المنابر ويسعون لإظهار إيران على أنها بلد مقيت يستحسن محوه من الخارطة.
ثم تنبري كارلا ساركوزي لترفع لواء هذه القضية. فالآن جاء دور مجموعة من المثقفين اليمينيين الذين لا تجيش مشاعرهم إلا عندما يناسبهم ذلك، ويغضون الطرف عن البؤس والظلم اللذين يستشريان في العالم. لكن المعروف أن تلك المرأة قد حوكمت وحكم عليها تحديداً لارتكابها جرم التواطؤ في مقتل زوجها على يد عشيقها.
لكن ما هو أكثر أهمية هو الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه القضية في لعبة العلاقات بين إيران وبلدان الغرب. فما يلاحظه الجميع أن هذه العلاقات متوترة أكثر من أي وقت مضى، والسبب الرئيسي في ذلك هو الملف النووي الإيراني الذي يعني في الواقع بروز إيران كقوة إقليمية، الأمر الذي لا يروق للولايات المتحدة وللدول السائرة في ركابها.
في هذا السياق، تصبح جميع الفرص مناسبة للتهجم على الجمهورية الإسلامية. ومن هنا، تلجأ وسائل الإعلام الغربية إلى استخدام تصريحات الرئيس الإيراني التي تلصق بها تهمة اللاسامية، خصوصاً في ظل اللغط الذي أحاط بانتخابه قبل عام، كأسلحة لشيطنة إيران. وفي هذا المجال، تستخدم وسائل الإعلام كل التخريجات وتلجأ إلى جميع التلاعبات بهدف إثارة شعوب الغرب ودفعها إلى الصراخ مطالبة بالثأر.
حالة سكينة محمدي آشتياني مناسبة تماماً لهذا النموذج الإعلامي القائم على إثارة الرأي العام العالمي حول قضية تلك المرأة "الأم لطفلين". فهي تسمح بتعزيز الصورة الظالمة لـ "ديكتاتورية دموية" تستحق، أكثر من أي وقت مضى، أن تحتل موقعها في "محور الشر" الذي ابتدعته الإدارة الأميركية السابقة في ظل المحافظين الجدد. هيلاري كلينتون أعلنت أنها "معنية بعمق" بتلك القضية ودعت إيران إلى احترام الحريات الأساسية.
وهي غير مخطئة. فالإعدام ليس مقبولاً وأنا أسمح لنفسي، وفقاً لهذا العنوان، أن أرثى لحال ليندا كارتي، تلك المرأة البريطانية التي تعيش في الولايات المتحدة، والبالغة من العمر 59 عاماً، والمحكوم عليها بالإعدام حقناً بمادة الليتيوم، رغم أنها لا تكف عن إعلان براءتها.
ثم إن الذين يرفعون عقائرهم ضد إيران يصمتون عندما ترتكب المجازر بحق الفلسطينيين، تحديداً في عملية الرصاص المنصهر، حيث كان الجنود الإسرائيليون يطلقون قذائفهم على الأطفال وهم يخرجون من مدارسهم، كما ولو أنهم يصطادون الأرانب (على ما ذكره أحد مراسلي إذاعة فرنسا الدولية)، وذلك في تلك العملية التي سقط فيها 1400 قتيل وعدة آلاف من الجرحى الفلسطينيين. أمر يستحق التصفيق في نظر من يعتبرون "تساحال" (الجيش الإسرائيلي)، "الجيش الأكثر أخلاقية في العالم"، وفق ما وصفه به مؤخراً برنار هنري ليفي !!!!
3- حالة الـ 14 بالمئة من الأطفال الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيليية والذين يتعرضون لاعتداءات غير اخلاقية :
اعتقلت القوات الإسرائيلية خلال عام واحد 700 طفل فلسطيني وأحالتهم على المحكمة العسكرية بتهمة إلقاء حجارة على عربات إسرائيلية أو جنود إسرائيليين. 97 بالمئة من هؤلاء الأطفال تعرضوا للتعذيب، بينما تعرض 14 بالمئة منهم لاعتداءات غير اخلاقية أو لتهديدات بمثل هذه الاعتداءات.
كشفت عن ذلك الصحافية الإسرائيلية أميرة هاس التي ذكرت أن هذه المشكلة عرضت أمام المحاكم الإسرائيلية قبل عامين، بعد قيام الجيش الإسرائيلي باعتقال أطفال فلسطينيين في أحد المخيمات للاشتباه بانهم ألقوا حجارة على عربات عسكرية إسرائيلية.
وخلال التحقيقات تبين أن الجنود الإسرائيليين لم يشاهدوا الأطفال الفلسطينيين وهم يقومون بإلقاء الحجارة. كما اعترف الجنود بأنهم ألقوا القبض على عدد من الأطفال وهم في داخل حرم إحدى المدارس المحاذية للمخيم. وثم تبين، وفق معطيات قدمها محامي الدفاع، أن جميع الأطفال قد اعتقلوا داخل حرم المدرسة المذكورة.
وتؤكد أميرة هاس أن ذلك لا يشكل غير واحدة من المسائل التي تظهر ضخامة التجاوزات في المحاكم العسكرية الإسرائيلية، وخصوصاً تلك التي ترتكب بحق الأطفال الفلسطينيين، حيث أيدت تلك المحاكم إجراءات التوقيف بناءً على دعاوى تقدم بها جنود إسرائيليون ثم تبين أنها دعاوى كاذبة. ومع ذلك، وفي العديد من الحالات الأخرى، انتهت المحاكم الإسرائيلية إلى إصدار أحكام ظالمة بالتجريم والحبس بحق الأطفال الفلسطينيين. هذا، ويصل عدد الأطفال الفلسطينيين الذين يحتجزهم الجيش الإسرائيلي إلى 700 طفل سنوياً.
كما كشفت الصحافية الإسرائيلية عن أن 65 بالمئة من هؤلاء الأطفال يتم اعتقالهم بين منتصف الليل والساعة الرابعة فجراً. ومنذ لحظة اعتقالهم يتعرضون لمختلف أشكال سوء المعاملة والتعذيب : 97 بالمئة منهم صرحوا بأنم كبلوا بالقيود، و92 بالمئة اشتكوا من عصب أعينهم لفترات طويلة. و69 بالمئة من هؤلاء اشتكوا من تعرضهم للأذى الجسدي على أيدي الجنود والمحققين. و50 بالمئة تعرضوا للسباب والإهانات اللفظية. و94 بالمئة تلقوا تهديدات بممارسات عنفية في حال عدم الاعتراف، و32 بالمئة وقعوا على اعترافات مكتوبة بالعبرية دون أن يعرفوا مضمون تلك الاعترافات.
إن كل هذا الزعيق الإعلامي حول قضية سكينة آشتياني ليس دعوة لتحقيق العدالة بقدر ما هو استراتيجية تهدف إلى تغذية فكرة "صدام الحضارات": كل شيء جائز من أجل إعطاء إيران أكبر صورة ظلامية ممكنة، متناسين أن البنية الديموغرافية في إيران مشابهة لتلك البنية في أغلب البلدان المتقدمة (طفلان لكل أسرة في المتوسط، وعدد من النساء مساو لعدد الرجال في الجامعات). لكن كل الوسائل جائزة عندما يكون القصد هو تبرير اعتداء ممكن.
إن حالتي تيريزا وسكينة هي من اختصاص المحاكم المحلية. ومع هذا لا مجال إلا لإدانة عدم إلغاء عقوبة الإعدام هنا أو هناك.
أما حالة الـ 14 بالمئة من الأطفال الفلسطينيين الذين يتعرضون لسوء المعاملة، فهي تعبير عن سياسة ظالمة تعتمدها الدولة الإسرائيلية بهدف طرد الفلسطينيين من بلدهم بكل الوسائل، بما فيها الوسائل الأكثر خبثاً.
* * *
* الإشارة ضرورية إلى أن أية وسيلة إعلام غربية لم تشر من قريب أوبعيد إلى حالة تيريزا لويس، والـ 14 بالمئة من الأطفال الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية والذين يشكون من اعتداءات جنسية. وبالتالي فإن هاتين القضيتين غير معروفتين في الغرب
.
* وبالمقابل، فإن حالة سكينة محمدي آشتياني تحظى باهتمام إعلامي كبير هدفه إظهار إيران على أنها بلد مقيت يستحسن محوه من الخارطة.
*مقالة نشرت بالفرنسية على موقع "آغورا فوكس" بتاريخ 7-10-2010
في ما يلي ثلاث حالات تشكل أمثلة تثبت تحيز المعلومة وتوجيها من قبل وسائل الإعلام الغربية، لأغراض مخجلة:
1ـ حالة تيريزا لويس
شجب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد "صمت وسائل الإعلام" عن حالة تيريزا لويس، وهي أميركية سينفذ فيها حكم الإعدام لمشاركتها في قتل زوجها وقارن نجاد بين وضع تيريزا ووضع الإيرانية سكينة محمد آشتياني.
ونقلت وكالة أنباء إيرنا الإيرانية الرسمية أن نجاد أشار، خلال لقاء مع شخصيات إسلامية في الولايات المتحدة، إلى تقرير ذكر أن ثلاثة ملايين وسبعمائة ألف صفحة نشرت على الانترنت بخصوص الإيرانية سكينة آشتياني التي ما تزال قضيتها قيد النظر من قبل العدالة في إيران. وذلك في إطار حملة إعلامية واسعة ضد إيران. وأضاف نجاد أن أحداً لا يحتج على إعدام تيريزا لويس. كما أكد نجاد أن 53 إمرأة سينفذ فيهن حكم الإعدام في الولايات المتحدة.
وقد تطرق العديد من البرلمانيين الإيرانيين في الأيام الأخيرة إلى الحديث عن حالة تيريزا لويس، وقارنوا بينها وبين حالة سكينة آشتياني، وأدانوا لجوء المسؤولين الغربيين ووسائل الإعلام الغربية إلى الكيل بمكيالين في التعامل مع إيران.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه من المقرر تنفيذ حكم الإعدام بحق تيريزا لويس الخميس، في 7 تشرين الأول/أكتوبر، في فرجينيا (جنوب شرق الولايات المتحدة)، لأنها ساعدت عشيقها في قتل زوجها وابن زوجها.
2- حالة سكينة محمدي آشتياني
قديماً كانت فرنسا تتبجح بأنها تنجب مثقفين كباراً يحملون إلى العالم عناصر تفكير جديدة. لكنها اليوم واقعة في إسار من يفرضون آراءهم ولا يتورعون عن إطلاق الأكاذيب ليرسوا عليها أطروحاتهم حول صدام الحضارات الذي يشهد المواجهة بين الغرب الرائع وقطعان الهمج من المسلمين والإسلاميين والشيوعيين! من هؤلاء المثقفين ألين فنكيلكروت وبرنار هنري ليفي، وهما وجهان بارزان يعملان على احتكار الكلام من أجل تسويق وتبرير الساسة العدوانية المعتمدة من قبل الولايات المتحدة ونتنياهو.
فهما يريدان فرض أفكار جاهزة لمنع انبثاق أي فكر نقدي. وهذا الإرهاب الفكري يؤتي ثماره على مستوى الرأي العام.
ما تحاط به عقوبة الرجم التي يمكن أن تنفذ بحق سكينة محمدي آشتياني هو من النمط المعروف في الدعاية الصهيونية: فوراً يصعد أمثال برنار هنري ليفي و إ. بادنتير فوق المنابر ويسعون لإظهار إيران على أنها بلد مقيت يستحسن محوه من الخارطة.
ثم تنبري كارلا ساركوزي لترفع لواء هذه القضية. فالآن جاء دور مجموعة من المثقفين اليمينيين الذين لا تجيش مشاعرهم إلا عندما يناسبهم ذلك، ويغضون الطرف عن البؤس والظلم اللذين يستشريان في العالم. لكن المعروف أن تلك المرأة قد حوكمت وحكم عليها تحديداً لارتكابها جرم التواطؤ في مقتل زوجها على يد عشيقها.
لكن ما هو أكثر أهمية هو الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه القضية في لعبة العلاقات بين إيران وبلدان الغرب. فما يلاحظه الجميع أن هذه العلاقات متوترة أكثر من أي وقت مضى، والسبب الرئيسي في ذلك هو الملف النووي الإيراني الذي يعني في الواقع بروز إيران كقوة إقليمية، الأمر الذي لا يروق للولايات المتحدة وللدول السائرة في ركابها.
في هذا السياق، تصبح جميع الفرص مناسبة للتهجم على الجمهورية الإسلامية. ومن هنا، تلجأ وسائل الإعلام الغربية إلى استخدام تصريحات الرئيس الإيراني التي تلصق بها تهمة اللاسامية، خصوصاً في ظل اللغط الذي أحاط بانتخابه قبل عام، كأسلحة لشيطنة إيران. وفي هذا المجال، تستخدم وسائل الإعلام كل التخريجات وتلجأ إلى جميع التلاعبات بهدف إثارة شعوب الغرب ودفعها إلى الصراخ مطالبة بالثأر.
حالة سكينة محمدي آشتياني مناسبة تماماً لهذا النموذج الإعلامي القائم على إثارة الرأي العام العالمي حول قضية تلك المرأة "الأم لطفلين". فهي تسمح بتعزيز الصورة الظالمة لـ "ديكتاتورية دموية" تستحق، أكثر من أي وقت مضى، أن تحتل موقعها في "محور الشر" الذي ابتدعته الإدارة الأميركية السابقة في ظل المحافظين الجدد. هيلاري كلينتون أعلنت أنها "معنية بعمق" بتلك القضية ودعت إيران إلى احترام الحريات الأساسية.
وهي غير مخطئة. فالإعدام ليس مقبولاً وأنا أسمح لنفسي، وفقاً لهذا العنوان، أن أرثى لحال ليندا كارتي، تلك المرأة البريطانية التي تعيش في الولايات المتحدة، والبالغة من العمر 59 عاماً، والمحكوم عليها بالإعدام حقناً بمادة الليتيوم، رغم أنها لا تكف عن إعلان براءتها.
ثم إن الذين يرفعون عقائرهم ضد إيران يصمتون عندما ترتكب المجازر بحق الفلسطينيين، تحديداً في عملية الرصاص المنصهر، حيث كان الجنود الإسرائيليون يطلقون قذائفهم على الأطفال وهم يخرجون من مدارسهم، كما ولو أنهم يصطادون الأرانب (على ما ذكره أحد مراسلي إذاعة فرنسا الدولية)، وذلك في تلك العملية التي سقط فيها 1400 قتيل وعدة آلاف من الجرحى الفلسطينيين. أمر يستحق التصفيق في نظر من يعتبرون "تساحال" (الجيش الإسرائيلي)، "الجيش الأكثر أخلاقية في العالم"، وفق ما وصفه به مؤخراً برنار هنري ليفي !!!!
3- حالة الـ 14 بالمئة من الأطفال الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيليية والذين يتعرضون لاعتداءات غير اخلاقية :
اعتقلت القوات الإسرائيلية خلال عام واحد 700 طفل فلسطيني وأحالتهم على المحكمة العسكرية بتهمة إلقاء حجارة على عربات إسرائيلية أو جنود إسرائيليين. 97 بالمئة من هؤلاء الأطفال تعرضوا للتعذيب، بينما تعرض 14 بالمئة منهم لاعتداءات غير اخلاقية أو لتهديدات بمثل هذه الاعتداءات.
كشفت عن ذلك الصحافية الإسرائيلية أميرة هاس التي ذكرت أن هذه المشكلة عرضت أمام المحاكم الإسرائيلية قبل عامين، بعد قيام الجيش الإسرائيلي باعتقال أطفال فلسطينيين في أحد المخيمات للاشتباه بانهم ألقوا حجارة على عربات عسكرية إسرائيلية.
وخلال التحقيقات تبين أن الجنود الإسرائيليين لم يشاهدوا الأطفال الفلسطينيين وهم يقومون بإلقاء الحجارة. كما اعترف الجنود بأنهم ألقوا القبض على عدد من الأطفال وهم في داخل حرم إحدى المدارس المحاذية للمخيم. وثم تبين، وفق معطيات قدمها محامي الدفاع، أن جميع الأطفال قد اعتقلوا داخل حرم المدرسة المذكورة.
وتؤكد أميرة هاس أن ذلك لا يشكل غير واحدة من المسائل التي تظهر ضخامة التجاوزات في المحاكم العسكرية الإسرائيلية، وخصوصاً تلك التي ترتكب بحق الأطفال الفلسطينيين، حيث أيدت تلك المحاكم إجراءات التوقيف بناءً على دعاوى تقدم بها جنود إسرائيليون ثم تبين أنها دعاوى كاذبة. ومع ذلك، وفي العديد من الحالات الأخرى، انتهت المحاكم الإسرائيلية إلى إصدار أحكام ظالمة بالتجريم والحبس بحق الأطفال الفلسطينيين. هذا، ويصل عدد الأطفال الفلسطينيين الذين يحتجزهم الجيش الإسرائيلي إلى 700 طفل سنوياً.
كما كشفت الصحافية الإسرائيلية عن أن 65 بالمئة من هؤلاء الأطفال يتم اعتقالهم بين منتصف الليل والساعة الرابعة فجراً. ومنذ لحظة اعتقالهم يتعرضون لمختلف أشكال سوء المعاملة والتعذيب : 97 بالمئة منهم صرحوا بأنم كبلوا بالقيود، و92 بالمئة اشتكوا من عصب أعينهم لفترات طويلة. و69 بالمئة من هؤلاء اشتكوا من تعرضهم للأذى الجسدي على أيدي الجنود والمحققين. و50 بالمئة تعرضوا للسباب والإهانات اللفظية. و94 بالمئة تلقوا تهديدات بممارسات عنفية في حال عدم الاعتراف، و32 بالمئة وقعوا على اعترافات مكتوبة بالعبرية دون أن يعرفوا مضمون تلك الاعترافات.
إن كل هذا الزعيق الإعلامي حول قضية سكينة آشتياني ليس دعوة لتحقيق العدالة بقدر ما هو استراتيجية تهدف إلى تغذية فكرة "صدام الحضارات": كل شيء جائز من أجل إعطاء إيران أكبر صورة ظلامية ممكنة، متناسين أن البنية الديموغرافية في إيران مشابهة لتلك البنية في أغلب البلدان المتقدمة (طفلان لكل أسرة في المتوسط، وعدد من النساء مساو لعدد الرجال في الجامعات). لكن كل الوسائل جائزة عندما يكون القصد هو تبرير اعتداء ممكن.
إن حالتي تيريزا وسكينة هي من اختصاص المحاكم المحلية. ومع هذا لا مجال إلا لإدانة عدم إلغاء عقوبة الإعدام هنا أو هناك.
أما حالة الـ 14 بالمئة من الأطفال الفلسطينيين الذين يتعرضون لسوء المعاملة، فهي تعبير عن سياسة ظالمة تعتمدها الدولة الإسرائيلية بهدف طرد الفلسطينيين من بلدهم بكل الوسائل، بما فيها الوسائل الأكثر خبثاً.
* * *
* الإشارة ضرورية إلى أن أية وسيلة إعلام غربية لم تشر من قريب أوبعيد إلى حالة تيريزا لويس، والـ 14 بالمئة من الأطفال الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية والذين يشكون من اعتداءات جنسية. وبالتالي فإن هاتين القضيتين غير معروفتين في الغرب
.
* وبالمقابل، فإن حالة سكينة محمدي آشتياني تحظى باهتمام إعلامي كبير هدفه إظهار إيران على أنها بلد مقيت يستحسن محوه من الخارطة.
*مقالة نشرت بالفرنسية على موقع "آغورا فوكس" بتاريخ 7-10-2010