ارشيف من :أخبار لبنانية

"الإفك"... رافعة أساسية من روافع محور الشر الأميركي!

"الإفك"... رافعة أساسية من روافع محور الشر الأميركي!

عقيل الشيخ حسين

عندما يظهر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في مكان ما، يضيق المكان بأصحاب مشاريع الهيمنة، ولا يبقى أمامهم غير الرحيل بعيداً. ذلك ما حدث العام الماضي، عندما انسحبت وفود البلدان الغربية من قاعة المؤتمرات في مقر الجمعية العمومية للأمم المتحدة، رداً على تصريحات أحمدي نجاد التي أدان فيها سياسات الهيمنة.

وذلك ما تكرر حدوثه في اجتماعات الدورة الحادية والستين للجمعية العمومية التي انعقدت مؤخراً في نيويورك، عندما ذكر أحمدي نجاد، بين أمور أخرى، أن معظم الناس في أميركا والعالم يعتقدون بأن الحكومة الأميركية كانت وراء الهجمات على برجي التجارة العالمية في نيويورك ومقر البنتاغون في واشنطن، وأن هذه الهجمات قد دبرت بهدف إنعاش الاقتصاد الأميركي المتدهور، وإنقاذ النظام الصهيوني المنهار، وبالتالي تشديد القبضة الأميركية الصهيونية على المنطقة.

وبعد الانسحاب من الجلسة، لم يجد العديد من المسؤولين الغربيين رداً على تصريحات الرئيس الإيراني غير إطلاق الشتائم ووصف تلك التصريحات بأنها مقيتة ومعادية للسامية أو بأنها هلوسات. لكن ذلك لا يغني من الحقيقة شيئاً، فالرئيس نجاد لم يفعل غير إطلاق رأي قال به الكثيرون ممن قدموا أدلة تتناقض مع الرواية الرسمية الأميركية حول تلك التفجيرات التي نسبت لبن لادن وتنظيم القاعدة.

وإذا كانت النظريات المشككة بمصداقية الرواية الرسمية قد بقيت مغمورة إلى حد كبير في ظروف الجلبة التي تثيرها الحرب التي أعلنت على الإرهاب بالانطلاق تحديدا من تلك الرواية، فإن تصريحات الرئيس أحمدي نجاد، بما هو رئيس الجمهورية الإسلامية بكل ما لها من وزن إقليمي ودولي وتاريخي، من جهة، وبما أطلقت من أعلى منبر من منابر الشرعية الدولية، من جهة ثانية، قد أسهمت في نفض الركام عن تلك النظريات. فهذه النظريات تستحق أن تؤخذ بعين الاعتبار في تحقيق دولي يتصدى لكشف الحقيقة حول أحداث نيويورك وواشنطن، بعد أن أخلت الإدارات الأميركية المتعاقبة بوعودها بصدد نشر الأدلة التي تثبت مسؤولية بن لادن وتنظيم القاعدة عن التفجيرات، لتكتفي بنشر رواية بلا مصداقية.

لا بل إن أسماء جديدة لمحللين ومراقبين معروفين قد أضيفت إلى اللائحة التي يتصدرها، في جملة المشككين بمصداقية الرواية الرسمية الأميركية، أمثال روبرت فيسك الذي أدهشه عدم تماسك تلك الرواية، وفيليب شينون الذي كتب عن لجنة التحقيق الأميركية بأنها تسعى إلى طمس الحقيقة أكثر مما تسعى إلى كشفها.

من تلك الأسماء، اسم إريك مارغوليس، وهو أميركي له كتابات وظهورات متميزة في العديد من وسائل الإعلام الكبرى، وعمل صحافياً في صحيفة تورنتو صن الكندية لمدة 27 عاماً، وأقيل من وظيفته مؤخراً بعد أن نشر كتاباً بعنوان "أم جميع المصادفات"، أدرج فيه ملاحظاته حول تفجيرات 11/9.

ويخلص مارغوليس إلى استنتاجات منها أننا لا نعرف حتى الآن حقيقة ما جرى؛ وأن الرواية الرسمية الأميركية لا تتمتع بالمصداقية؛ وأن ما حدث استخدم كمبرر لحروب أميركا في أفغانستان والعراق؛ وأن هذه الحروب قد شنت لأسباب منها السيطرة على منابع وخطوط نقل النفط، وملء صناديق الصناعات العسكرية الأميركية بالأموال؛ وأن كل ذلك كان بهدف تعزيز مواقع المحافظين الجدد وإحكام القبضة الأميركية الإسرائيلية على المنطقة والعالم.

ومن بين الشكوك التي يوردها كارغوليس بالرواية الأميركية حول التفجيرات، يستغرب عدم تدخل الدفاع الجوي الأميركي علماً بأنه يتدخل عادة في عمليات اختطاف الطائرات، وتدخل فعلاً في إسقاط طائرة لويزيانا بكل ما فيها من ركاب، ولكن بعد دمار البرجين والبنتاغون.

ويستغرب قدرة طيارين هواة على الطيران على علو منخفض، ويستغرب وجود مصورين إسرائيليين مستعدين لتصوير البرجين أثناء الانهيار، وقيامهم بعملية التصوير وهم يرقصون فرحاً، إضافة إلى وجود الموساد بشكل مكثف في عمليات تتبع للمشتبه بهم خلال فترة طويلة قبل حدوث الهجمات... وصولاً إلى عدم اكتراث كوندوليسا رايس، التي كانت يومها وزيرة لشؤون الأمن القومي الأميركي، بتحذيرات متكررة تلقتها من وكالة الاستخابرات المركزية حول عمل إرهابي وشيك.

ومن المحللين من يرى أن العقلية التي سمحت لجورج بوش الابن أن يقترح على طوني بلير، بعدما تبين للمفتشين الدوليين أن العراق لا يمتلك أسلحة دمار شامل، تلوين طائرات أميركية بألوان الأمم المتحدة ومن ثم التعرض للدفاعات الجوية العراقية على أمل أن يتم إسقاط بعض هذه الطائرات من قبل تلك الدفاعات، لاستغلال ذلك كذريعة لغزو العراق.

وأن العقلية نفسها سمحت لنائبه ديك تشيني بتمويه جنود بحرية أميركيين بألبسة مشابهة لألبسة جنود البحرية الإيرانية، ليهاجموا من على زورق أميركي يحمل العلم الإيراني هدفاً أميركيا، ليقدم ذلك ذريعة لإعلان الحرب على إيران.

ألا يعني ذلك، في ظل اعتقاد المحافظين الجدد بأن الظروف قد نضجت، بعد انهيار المنافس السوفياتي، لاستكمال بناء الإمبراطورية الأميركية العالمية، أن هذا النوع من التلاعبات، يدعم الاعتقاد بأن الإدارة الأميركية لا يردعها رادع عن تنفيذ هجمات 11/9 بصورة أو باخرى لتبرير مخططات مبرمجة سلفاً؟

ألا يعني ذلك،انطلاقاً من السؤال المنهجي: "من المستفيد؟" وفي ظل شبح الهزائم الذي خيم على الغزو الأميركي ـ الدولي لأفغانستان والعراق منذ الأيام الأولى لهذه المغامرة الفاشلة، أن الإدارة الأميركية وامتداداها في المنطقة لا تعفّ عن فبركة سيناريو محكم لإلقاء لبنان، وانطلاقاً منه سائر المنطقة، في أتون الفوضى البوشية الخلاقة.

ألم يتبين مثلاً أن الحرب على أفغانستان كانت مبرمجة، قبل 11/9 للتنفيذ في أواسط تشرين الثاني/ نوفمبر 2010، وأن الهجمات على نيويورك وواشنطن قد نفذت بهدف تسهيل إشعال فتيل تلك الحرب؟

وأن حرب "إسرائيل" على لبنان صيف العام 2006، كانت مبرمجة قبل أسر الجنود الصهاينة، وأن عملية الأسر لم تكن غير مصادفة سهلت إشعال فتيل تلك الحرب؟

بعيداً عن الشتائم والهلوسة التي رمي بها الرئيس أحمدي نجاد، وبعيداً عن نظرية المؤامرة التي استطاع الأميركيون وأتباعهم تبهيتها إلى حد كبير، ينبغي اليوم إفساح المجال، أكثر من أي وقت مضى، لمفهوم عريق هو مفهوم "الإفك" الذي يبدو أنه قد أصبح الرافعة الرئيسية لمحور الشر الحقيقي.



2010-10-15