ارشيف من :خاص

معضلة العدو الصهيوني: كيفية بناء قوة الجيش والضغط على سوريا دون دفعها إلى الرد العنيف

معضلة العدو الصهيوني: كيفية بناء قوة الجيش والضغط على سوريا دون دفعها إلى الرد العنيف
كتب محرر الشؤون العبرية
في إطار مقاربته للتهديدات التي تواجه كيان العدو في ساحات الصراع المحتملة تناول رئيس مجلس الأمن القومي ورئيس شعبة العمليات الأسبق في هيئة أركان الجيش، اللواء غيورا ايلاند، الساحة السورية محاولا رسم حدود استعمال القوة في أي حرب مع سوريا ولافتا إلى العوامل التي تسمح لإسرائيل بتحقيق تفوق نسبي في مقابل الدول المواجهة لها.
انطلق ايلاند في تحديد أهمية سلاح الجو بالقياس إلى طبيعة العدو. إذ كلما كان العدو يرتكز إلى قدرات عسكرية تقليدية، دبابات مقرات قيادات، مدافع، مطارات، طائرات وسفن وموانئ، وفي حال كان العدو دولة، أي له مؤسسات حكم، فإن سلاح الجو هو الأجدى في المواجهة.
نتيجة لذلك يرى آيلاند أن سلاح الجو هو الوسيلة الأجدى في أي حرب تنشب بين "إسرائيل" وسوريا في المستقبل ايضا، خاصة وان القدرة على التوصل إلى انجازات برية في الحرب مع سوريا، محدودة. من دون أن يعني ذلك أن المناورة البرية لا حاجة إليها، لكن مكانتها تبقى ثانوية في ترتيب الأولوية في  مواجهة سوريا، كما يرى ايلاند.
في المقابل، لفت رئيس مجلس الأمن القومي إلى انه يمكن للعدو التوصل إلى انتصار بمعنى الموافقة على هدنة. عبر المس بالقدرات الاستراتيجية للنظام، مثل منظومة صواريخ ارض – ارض، ومنظومة الدفاع الجوي والمطارات والموانىء والقواعد الأخرى.
بعد هذا العرض اعتبر ايلاند أن هناك حدوداً لإسرائيل لا تستطيع تجاوزها في استخدام تفوقها العسكري والتكنولوجي بحيث لا تحشر النظام السوري وتهدد وجوده او اشعاره بأن سوريا على أبواب كارثة قومية، لأنه في هذه الحالة سيستخدم كامل قوته النارية التي تهدد العمق الإسرائيلي وصولا إلى الأسلحة الكيميائية.
وخلص آيلاند إلى أن المعضلة الكبرى التي تواجهها "إسرائيل" تكمن في تحديد العملية التي تسمح بالضغط على النظام السوري من دون أن تدفعه إلى استخدام الأسلحة الكيميائية.
..و معضلات بناء قوة الجيش
كما تناول رئيس مجلس الأمن القومي ورئيس شعبة العمليات المعضلات التي يواجهها الكيان العبري في بناء قوة جيشه، مشيرا إلى انه ليس على "إسرائيل" أي قيود تقنية أو بشرية، رغم وجود مشكلات ما في نسبة المجندين إلزامياً، وغير المجندين، التي لا يرى فيها نقطة ضعف حقيقية، وان القيد الوحيد هو قيد الموازنة، باعتبار أن قدرة دولة إسرائيل في النهاية هي نتاج الموازنة، لافتا إلى أن الموازنة ليست المبلغ العام فقط بل تركيبتها والتوازنات داخلها.
في التفصيل، يعرض ايلاند بعض المعضلات في شأن الموازنة وطريقة بناء القوة وفق النقاط التالية:
أ- كيف نقسم الموازنة بين أذرع البحر والبر والجو.
ب - كيف نقسم الموازنة على أنواع التهديدات: محاربة الإرهاب، والحرب التقليدية مع الدول، والحرب مع دول بعيدة مثل إيران.
ج - هل نبني القوة وفق التفوق النسبي أم وفق الرد على الفروق. يقتضي العمل في الحالة الأولى على تعزيز سلاح الجو (كونه يمثل عنصر تفوق) ودفع أعداء إسرائيل بذلك إلى عدم العمل على بناء أسلحة جو جيدة لانه يحكم على نفسه بالخسارة في هذا المجال، بل أن ينفق على نظم دفاعية مضادة للطائرات. ومن جهة أخرى توجد فروق في غير صالح إسرائيل، إذ أن هناك مخاطر لا تحتمل، مثل تلك النابعة من الأسلحة القوسية، (الصواريخ). وبالتالي أين هو التوازن الصحيح بين سد الفروق وبين تعزيز التفوق النسبي؟
المعضلات الأخرى فيما يتعلق ببناء القوة:
- هل من الصحيح أن نبني القوة وفق سيناريو (او سيناريوات) أم وفق قدرات أصلية. اذا بنينا على السيناريوات يمكن أن نبني القوة على نحو دقيق جدا، لكن ذلك سينطوي على مخاطر مثل إمكانية أن يحدث أشياء مختلفة عن السيناريوات المتوقعة. وإذا بنينا وفق القدرات الأصلية العامة من كل الوجوه، إننا نقدم ردا واسعا لكن من جهة مقابلة، تهدر إسرائيل موارد كثيرة. والسؤال هو ايضا: أين يوجد التوازن؟ هل نحن مستعدون لتطابق سلبي في بناء القوة؟ وإذا كان كذلك فما هو؟ على سبيل المثال، يوجد نظام قديم وتم شراء نظام جديد في مقابلته – توجد طائرات قديمة ونشتري طائرات جديدة، أفلا نخرج القديمة حتى تصبح الجديدة قادرة على العمليات؟ أم أنه ينبغي البدء في اخراج القديمة بحيث ينشأ فرق بين الإخراج والاستيعاب من أجل توفير الموارد. ما هو حجم التطابق السلبي الذي يستطيع الجيش الإسرائيلي أن يسمح به لنفسه؟ وفي هذا الموضوع أيضا: ما هو مبلغ التبادلية داخل مبنى القوة؟ أي إلى أي حد تستبدل الطائرات بلا طيار بالطائرات العادية؟ والى أي حد تستبدل الطائرات بلا طيار بالدبابات؟ أهذه التبادلية تسري على كل سيناريو؟ وما هي الكتلة الحرجة التي يجب إبقاؤها من كل نظام؟
الموضوع الأخير والرئيس، الذي وقعت فيه أخطاء أيضا جرى التعبير عنها في حرب لبنان الثانية، وكنت مشاركا فيها لانني كنت رئيس شعبة التخطيط في السنوات التي سبقت ذلك. وأقصد بذلك الرد الأفضل على أربعة أبعاد التي يختلف زمن الرد عليها بشكل جوهري.
أ - مستوى الاستعداد والأمن الجاري. هذا المجال مرن ويمكن احداث تغييرات فيه في غضون ساعات. مثلا اذا كانت توجد اليوم كتيبة على طول جبهة ما وتبين أن التهديد قد ازداد فانه يمكن في غضون ساعات معدودة الإتيان إلى هناك بكتيبتين او بعشر كتائب. واذا كان يوجد اليوم عدد من الطائرات على استعداد وصدر إنذار جديد، يمكن في غضون ساعات معدودة جعلها ثلاثة أضعاف. أي أن زمن الرد في الاستعداد والأمن الجاري سريعة جدا.
ب- مستوى الجاهزية – الجاهزية أكثر تعقيدا من مستوى التدريبات، وكمية قطع الغيار، ومستويات الاحتياط وجاهزية التقنية. ويتطلب التغيير في الجاهزية عدة أشهر.
ج - حجم الجيش. عدة كتائب، وعدة وحدات جوية، وعدة سفن. زمن الرد في هذا الشأن خمس سنين تقريبا. أي أنه اذا استقر الرأي على نقض فرقة لسبب ما، ووجدت حاجة بعد سنتين الى انشاء الفرقة من جديد فان ذلك يدوم خمس سنين.
د - الاستثمار في مشروعات جديدة. يبدأ البحث والتطوير على أمل أن يتحقق انجازات بعد عشر سنين.
يتعلق التوازن الصحيح بادراك موضوع زمن الرد. يمكن المخاطرة الكبيرة في الموضوع الاول لان زمن الرد عدة أيام؛ والمخاطر المتوسطة ممكنة في موضوع الاستعداد لأن زمن الرد عدة أشهر؛ لكن المخاطر المباحة في موضوع حجم الجيش، تبقى صغيرة، لأن الرد على ذلك يستغرق سنوات. وعليه إن القضية تتعلق بفن بناء القوة العسكرية.
2010-10-18