ارشيف من :آراء وتحليلات
المبادرة السعودية.. بين الرفض المقبول والقبول المرفوض!
بغداد ـ عادل الجبوري
نشر موقع ايلاف الالكتروني السعودي استفتاء عن مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز لرعاية اجتماع للقوى السياسية العراقية في الرياض بعد عيد الاضحى،
طرح فيه ثلاثة اسئلة، هي:
ـ المبادرة ستقود الى المزيد من الفوضى
ـ ستقود الى الاستقرار
ـ لا أهتم
من الطبيعي أنه لا يمكن الاخذ والتسليم باستفتاء الكتروني لا تتوفر فيه كافة المعايير العلمية والموضوعية للتوصل الى نتائج دقيقة بشأن قضية سياسية حساسة
ومهمة. بيد ان الأرقام الأولية التي أظهرها الاستفتاء تظهر صورة قريبة من واقع مزاج وتوجه الشارع العراقي والنخب السياسية والثقافية العراقية من المبادرة، بعيدا عن المواقف وردود الأفعال التي تأخذ إطاراً دبلوماسيا تفرضه في بعض الأحيان حسابات سياسية مختلفة.
واذا اردنا أن نتوقف قليلا عند ردود الأفعال والمواقف السياسية للقوى العراقية، فإننا نجد أنها تراوحت بين الرفض للمبادرة الذي أعلنته كتلة "ائتلاف دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، مع التيار الصدري بزعامة السيد مقتدى الصدر والتحالف الكردستاني، وبين الترحيب السريع من دون اي شروط أو مقدمات كما في موقف "القائمة العراقية" بزعامة رئيس الوزراء الاسبق "إياد علاوي"، وبين الترحيب في الاطار العام بأية مبادرات من شأنها حلحلة الأمور بما لا يتنافى واستقلالية القرار العراقي، وهذا كان موقف المجلس الأعلى الإسلامي العراقي بزعامة السيد عمار الحكيم.
ولأن هناك مبادرة تتحرك على أرض الواقع، هي مبادرة رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني المتمثلة بالطاولة المستديرة التي دعا الى عقدها رئيس المجلس
الأعلى بعيد إجراء الانتخابات البرلمانية العامة في السابع من اذار/ مارس الماضي، فإن مواقف الترحيب والرفض لمبادرة الملك السعودي اقترنت بالحديث عن
مبادرة البارزاني.
ومن زاوية أخرى وارتباطا بالمزاج العام، فإن المبادرة السعودية يمكن أن تقرأ من الحقائق والمعطيات التالية:
رابعا: تعكس المبادرة السعودية توجها سعوديا ـ اميركيا تتبناه وتدعمه بعض الأطراف العربية لصياغة معادلات سياسية معينة على مقاسات غير المقاسات العراقية التي تفرزها الانتخابات وطبيعة الواقع السياسي لهذا البلد.
خامسا: اذا كانت الرياض حريصة على العراق ومصالح العراقيين، فقد كان الأولى بها قبل طرح المبادرة الاخيرة ـ وهذا ما يقوله الكثيرون ـ ان تبادر الى اسقاط الديون المترتبة لها على العراق، والتي هي عبارة عن مليارات الدولارات التي كانت الرياض قد دفعتها الى نظام صدام في ثمانينيات القرن الماضي لادامة حربه ضد ايران، ناهيك عن أن السعودية وبتقدير ساسة ومتخصصين في الشؤون الأمنية وقضايا الإرهاب، كان لها دور كبير في دعم الإرهاب في العراق خلال الاعوام التي اعقبت سقوط نظام صدام، ولم تتخذ اجراءات جادة من شأنها الحد من ضخ الأموال والاسلحة والانتحاريين الى العراق، ناهيك عن التحريض الديني والاعلامي من قبل مؤسسات سعودية رسمية وغير رسمية ضد بعض المكونات العراقية، حتى وثيقة مكة التي انبثقت عن مؤتمر ديني لمختلف اتباع المذاهب الاسلامية العراقية عقد برعاية المملكة العربية السعودية عام 2007، لم تترجم الى واقع عملي على الارض مثلما كان مأمولا ومتوقعا.
بعبارة موجزة ومختصرة، اذا تعاطينا مع المبادرة السعودية بصورة مجردة فيمكن النظر اليها ايجابيا، بيد انها لم تأت من خلفيات مناسبة، ولم تتأسس على أرضيات قوية، أي انها مثلت خطوة من دون مقدمات، ومن الطبيعي انه اذا لم تكن هناك مقدمات فهذا يعني أنه لن تكون هناك نتائج، واذا كانت المقدمات غير سليمة فالنتائج لن تكون غير ذلك.