ارشيف من :أخبار لبنانية
الفتنة المطلوبة
صحيفة تشرين ـ عبدالله خالد
ما أن غادر فيلتمان لبنان بعد أن وزع إملاءاته على بقايا «ثورة الأرز» التي استتبعت بنصائح كلينتون حتى حضر كوشنير إلى بيروت في زيارة مفتعلة لا هدف لها إلا للتذكير بثنائية فيلتمان- ايميه وحكم القناصل الذي يفضح حقيقة الحرية والاستقلال والسيادة التي طالما تغنى بها «منظرو» بقايا 14 آذار.
المطلوب من أدوات المشروع الأميركي- الصهيوني في لبنان أن يصمدوا في وجه القوى الوطنية بزعم أن أموراً كثيرة ستتغير في المستقبل القريب. ولتأكيد هذا المطلب لا مانع من تجديد خطاب الهجوم واستعادة مناخ الإملاءات رغم أن المتغيرات التي حصلت لا توحي بوجود قدرة أميركية على وضعها موضع التنفيذ.
الأمر المؤسف أن البعض في لبنان لا يريد أن يأخذ الدروس والعبر مما حصل، ويرفض أن يرى المتغيرات الجذرية التي حصلت والتي فرضت توازن قوى جديداً في المنطقة قلص إلى حد كبير نهج الهيمنة والاستئثار الذي ساد حقبة 2005-2010 وهذا ما جعله يغرق من جديد في مراهنات وهمية.
لقد شرب فريق 14 آذار وتحديداً بقايا قرنة شهوان الطعم بعد التحريض الأميركي السافر الذي صب في إطار عدم الخضوع لمطالب المعارضة بضرورة إحالة ملف شهود الزور إلى المجلس العدلي رغم أنه جزء من ملف جريمة اغتيال الحريري المحال أصلاً إليه في عهد حكومة الرئيس عمر كرامي، كما مرت ثلاثة أشهر على اعتراف الرئيس الحريري بملف شهود الزور وتقديمه الاعتذار لسورية. ولكن خطوة جدية واحدة في هذا الإطار لم تتحقق واستمرت المماطلة والتسويف دون أي مسوغ وكأن البعض ينتظر حدثاً ما يعيد خلط الأوراق من جديد ويسمح بمحاصرة وتطويق المقاومة التي تشكل هاجساً للأميركيين والصهاينة وليس لشركائنا في الوطن.
فجأة ودون مقدمات أصبح ما جرى في العيادة الطبية النسائية في الضاحية حدثاً دولياً يستوجب أن يبحث في مجلس الأمن ويستحق تصريحات متكررة من أكثر من مسؤول في الأمم المتحدة وعلى رأسهم الأمين العام بان كي مون وإدانات من وزارات الخارجية الأوروبية ومطالبة جادة من أكثر من طرف بتسريع إصدار القرار الظني الذي يتهم حزب الله بجريمة الاغتيال مستنداً إلى أدلة ثبت أن العدو الصهيوني قادر على فبركتها وتصنيعها أسوة بما حصل في ملف شهود الزور خصوصاً بعد أن أدان المجتمع الدولي القرصنة الصهيونية لقطاع الاتصالات في لبنان.
ترى أليس من حقنا أن نتوجس من الحرص على تمييع ملف شهود الزور ونعتبره محاولة مكشوفة لتمرير الملف الثاني المتعلق بالقرار الظني باعتبار أنه لم تجر ملاحقة ومعاقبة من ارتكب الجريمة الأولى خصوصاً أن إدانة مرتكبيها من شأنه أن يفسح المجال لإمكانية مرتكبي الجريمة الثانية.
مرة أخرى انكشفت ازدواجية المعايير لدى المجتمع الدولي ومدى الترابط العضوي بين الإدارة الأميركية والصهاينة الذي يمنع مساءلة الكيان الصهيوني باعتبار أن جرائمه لا تطولها القوانين.
ومرة جديدة نكتشف مدى استهانة الأميركيين بالدم العربي واللبناني خصوصاً بعد أن أكدت التصريحات الأميركية أنها غير مبالية بنتائج انفجار الوضع الأمني في لبنان وما يمكن أن يسببه من إزهاق للأرواح وتدمير، اللهم إلا إذا كانت الفتنة المذهبية هي الطلقة الأخيرة للمشروع الأميركي- الصهيوني الهادف لحماية الكيان الصهيوني ونزع سلاح المقاومة.