ارشيف من :آراء وتحليلات
محطة أخيرة تنتظر المسعى السوري ـ السعوديوواشنطن: المحكمة قبل لبنان
مصطفى الحاج علي
هل بدأ الغموض الذي يلف مآل الأمور داخلياً ينجلي، وبالتالي هل حسم الأطراف خياراتهم ما بين التفاهم على تسوية ما، أو المضي في المواجهة حتى النهاية؟
لا شك، وفي الحد الأدنى، أن الأمور اليوم باتت أوضح بكثير من الفترة القريبة الماضية، على الأقل، لجهة تبين تقدم خيار على خيار آخر، وذلك استناداً الى جملة معطيات ووقائع أبرزها التالي:
أولاً: القصة التي بدأت بزيارة مساعد وزيرة الخارجية الاميركية جيفري فيلتمان الى الرياض حيث قيل ان لقاءه مع الملك عبد الله كان متوتراً على خلفية تقدير كل منهما لما واجب القيام به في لبنان.
فالملك عبد الله ـ وكما بات متناولاً اعلامياً ـ اختار مسار تطور العلاقات الايجابية مع الرئيس السوري بشار الأسد، كمدخل للبحث عن تسوية ما للأزمة اللبنانية، تنطلق من التفاهم على المخارج المحتملة للب هذه الأزمة أي القرار الاتهامي والمحكمة الدولية، وذلك من ضمن تفاهم أشمل يضم أزمة الحكم في العراق، وتوزيع الصلاحيات فيه، والتوازنات التي يجب أن تنحكم اليه، هذه المساعي والاتصالات على صعوبتها كانت تراكم مؤشرات ايجابية فتحت أبواب الأمل أمام إمكان الخروج من الأزمة اللبنانية، لم يرض فيلتمان الذي يعتبر أو يوصف بأنه والسفير الفرنسي في لبنان هما الأبوان الروحيان لفريق الرابع عشر من آذار، ولما يسمى بثورة الأرز، بهذا التطور الايجابي، ولذا سارع الى زيارة سريعة الى لبنان من دون أن تكون أصلاً في برنامج جولته ركزت على جملة مطالب شملت رئيس الجمهورية والنائب جنبلاط، كما شملت اتصالات لأركان الرابع عشر من آذار لا سيما رأس حربتها الحالي رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع، وسرعان ما تتالت زيارة مسؤولين عسكريين اميركيين استهدفت قائد الجيش. وفي نفس الإطار، تحركت الولايات المتحدة في أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، واعادت تفعيل تنسيقها مع باريس بما يذكرنا بتنسيقها خلال أعوام 2005 حتى الآن.
وفجأة انطلق الكرم الاميركي بتقديم عشرة ملايين دولار اميركي الى المحكمة الدولية، وتحركت حملة ضغوط منسقة اعلامية وديبلوماسية باتجاه سوريا وحزب الله، وصولاً الى التلويح بجهوزية العدو الاسرائيلي واستعداده لشن حرب جديدة على لبنان في سياق ملاقاة أي تطورات دراماتيكية في الساحة اللبنانية لمصلحة المعارضة.
هذه الاتصالات والتحركات الاميركية استهدفت جملة أمور أبرزها:
أ ـ ايقاف المحكمة الدولية والقرار الاتهامي على قدميهما، بعدما بدا مؤخراً أنهما آخذان في الترنح ، حيث اعتبرت واشنطن ان مجرد قبول الرياض بالتفاوض حولهما اعطى دمشق والمعارضة اشارات خاطئة تفيد بإمكان التنازل عنهما، وبالتالي فإن واشنطن ارادت البعث برسائل مضادة من خلال التأكيد بأنهما خارج التفاوض، وأن لا أحد يستطيع محر ما كتب لأنه قد كتب، وبالتالي إبلاغ من يعنيه الأمر، بأنها ماضية في مخططها الجهنمي في تسييس المحكمة والقرار الاتهامي وتحويلها الى أداة في المشروع الاميركي ـ الصهيوني في المنطقة لا سيما وفي وجه خصومها الاستراتيجيين وتحديداً حركات المقاومة والدول الممانعة.
ب ـ ايقاف أدوات هذا المشروع داخلياً من خلال بعث الثقة بنفسه، والتأكيد له بأنه ليس متروكاً، ويمكنه الرهان على واشنطن مجدداً، ولذا فجأة عادت هذه الأدوات لاستعادة أدوارها السابقة في عقد اللقاءات واصدار النداءات والبيانات، والتأكيد على التساند المتبادل بين تيار المستقبل ومسيحيي الرابع عشر من آذار، هذا التساند لا يجد له تفسيراً إلا في حاجة كل منهما الى تزخيم الثقة المتبادلة التي يبدو أن مسيحيي 14 آذار بدأوا يطرحون علامات استفهام كبيرة حولها مؤخراً على خلفية امكان بيعهم بثمن بخس عند أول استحقاق رئيسي.
ج ـ العمل على تشجيع قيادة الجيش على لعب دور في التصدي للمعارضة، وبالتالي أخذ طرف على حساب طرف آخر، وبمعزل عن النتائج التي يمكن ان تفضي اليها تصرفات كهذه على بنية الجيش، ومنه على الدولة اللبنانية.
د ـ تجنيد حملة ضغوط ديبلوماسية واعلامية ضد دمشق والمعارضة لحملها على عدم اتخاذ أي ردود فعل على القرار الاتهامي، والاستمرار في استهدافها للمحكمة الدولية تحت عنوان الدعوة الى تصويب عملها باتجاه الجناة الحقيقيين، وبالتالي، تصويب عملها باتجاه تحقيق العدالة الفعلية.
هـ ـ استحضار العدو الاسرائيلي الى المعادلة اللبنانية لاستخدامه كأداة تهويل وضغط للحيلولة أيضاً دون قيام المعارضة بردود فعل متوقعة.
الخلاصة، ان مجمل هذه الاستراتيجية تريد ايجاد البيئة الملائمة لإمرار القرار الاتهامي بعد أن يتم تكتيف دمشق والمعارضة وتعطيل عملية التواصل السورية ـ السعودية والتأثير سلباً عليها، بكلمة أخرى هم يعملون جاهدين على تعطيل أسباب المخاوف التي دفعت أطرافا محلية وخارجية الى القبول بالبحث عن التسويات المطلوبة، واذا ما نجحوا في ذلك يكونون قد نجحوا في: أولاً إمرار القرار ـ الافتراء، ثانياً، إلحاق هزيمة معنوية وسياسية بالمعارضة لمصلحة فريقهم، وبالتالي انعاش مشروعهم مجدداً في لبنان، وفتح الأجواء أمام اللعب مجدداً بالتوازنات التي نشأت عقب اتفاق الدوحة، وفي حال الفشل، فلن يكون أمام واشنطن إلا أحد الخيارات التالية: أولاً: العودة الى طاولة التفاوض لكن بعد أن تكون قد رممت أوراقها ما يحسن من شروط التفاوض نسبياً لمصلحتها، ثانياً: ان تصر على الذهاب الى النهاية في سياق الاستراتيجية العامة الاميركية القائمة في المنطقة والمتمحورة حول تهديم الدول كمقدمة ومدخل ضروري لفتح الصراعات الأهلية والاجتماعية على الواسع، وبما يمهد بالفعل لعدوان اسرائيلي جديد.
ثانياً: هذه النتيجة نجدها ساطعة في الوقائع والمعطيات والمعلومات التي توالى نشرها مؤخراً من خلال كتابين صدرا في باريس، وثالث صدر في الولايات المتحدة للرئيس الاميركي بوش، الذي أكد ما هو معروف لكثير بين من أن الهدف المركزي لعدوان تموز، وللانقلاب الذي قام به فريق الرابع عشر من آذار في لبنان، هو ضرب المقاومة، ونقل لبنان الى المقلب الآخر النقيض لخيار المقاومة، واعتبار الكيان الاسرائيلي عدواً، وبما يمهد الطريق لجعل لبنان جزءاً لا يتجزأ من منظومة عرب التسوية في المنطقة.
وفي هذا السياق يأتي التعرض لدمشق وايران وحركات المقاومة في المنطقة لا سيما في فلسطين المحتلة.
هذا الهدف سيبقى محور كل المخططات الاميركية والاسرائيلية ومن يدور في فلكها من أنظمة عربية وقوى محلية، وبالتالي، لا شيء يدعونا الى الاقتناع بأن هؤلاء قد تخلوا عن هذا الهدف، وهم سيعملون كل ما بوسعهم إما لضرب خط المقاومة في حال كان بمقدورهم ذلك، وإما لوضع الموانع والعقبات أمامه لمنعه من مراكمة المزيد من الانجازات والأرباح، وإما لابقائه في حالة انشغال متواصلة، وفي حالة استنزاف متمادية للجهود والطاقات، بما يسمح بتحقيق الهدف الآنف، وتمهيد الطريق للهدف الأول، ومن الواضح، ان اختيار الأخير كهدف لا يكون إلا في حال تعذر توجيه ضربات قوية وسريعة وحاسمة لحركات المقاومة، وكذلك في زمن التراجع، وعد الخسائر، والعمل على احتوائها، تماماً كما هي طبيعة المرحلة الحالية.
ثالثاً: ان الجمع بين مجمل هذه الوقائع والمعطيات يقودنا الى الخلاصات المحتملة التالية:
أ ـ ان الولايات المتحدة لا ترغب ولا تريد اخراج لبنان من دائرة التجاذب والاشتباك الكبير الدائر فيه وحوله، لأنها تريد ابقاء لبنان مكاناً لاستنزاف المعارضة والمقاومة بانتظار موعد الخيارات الكبيرة الحاسمة التي قد يكون منها خيار عدوان اسرائيلي جديد على لبنان.
ب ـ ان الولايات المتحدة تريد ابقاء لبنان ساحة في لعبة تفاوض أشمل وأوسع، وبالتالي، كل محاولاتها لإنعاش اوراقها فيه، هي لرفع الأثمان، والتمكن من الحصول على التنازلات المطلوبة.
ج ـ كل ما تقدم يؤكد، أن الوضع الداخلي سيبقى خاضعاً لمسار من التجاذب والاشتباك الكبيرين، وأن التوتر سيكون سيد المرحلة المقبلة، في ظل التعقيدات الموجودة أساساً، أو التي استجدت بفعل التدخل الاميركي، إلا اذا كان ما نشهده هو حشرجات اللحظات الأخيرة لتسوية يجري طبخها خلف هذا الدخان الكثيف، والتي قد تكون بواكير مؤشراتها ما سيحدث في العراق.
هل بدأ الغموض الذي يلف مآل الأمور داخلياً ينجلي، وبالتالي هل حسم الأطراف خياراتهم ما بين التفاهم على تسوية ما، أو المضي في المواجهة حتى النهاية؟
لا شك، وفي الحد الأدنى، أن الأمور اليوم باتت أوضح بكثير من الفترة القريبة الماضية، على الأقل، لجهة تبين تقدم خيار على خيار آخر، وذلك استناداً الى جملة معطيات ووقائع أبرزها التالي:
أولاً: القصة التي بدأت بزيارة مساعد وزيرة الخارجية الاميركية جيفري فيلتمان الى الرياض حيث قيل ان لقاءه مع الملك عبد الله كان متوتراً على خلفية تقدير كل منهما لما واجب القيام به في لبنان.
فالملك عبد الله ـ وكما بات متناولاً اعلامياً ـ اختار مسار تطور العلاقات الايجابية مع الرئيس السوري بشار الأسد، كمدخل للبحث عن تسوية ما للأزمة اللبنانية، تنطلق من التفاهم على المخارج المحتملة للب هذه الأزمة أي القرار الاتهامي والمحكمة الدولية، وذلك من ضمن تفاهم أشمل يضم أزمة الحكم في العراق، وتوزيع الصلاحيات فيه، والتوازنات التي يجب أن تنحكم اليه، هذه المساعي والاتصالات على صعوبتها كانت تراكم مؤشرات ايجابية فتحت أبواب الأمل أمام إمكان الخروج من الأزمة اللبنانية، لم يرض فيلتمان الذي يعتبر أو يوصف بأنه والسفير الفرنسي في لبنان هما الأبوان الروحيان لفريق الرابع عشر من آذار، ولما يسمى بثورة الأرز، بهذا التطور الايجابي، ولذا سارع الى زيارة سريعة الى لبنان من دون أن تكون أصلاً في برنامج جولته ركزت على جملة مطالب شملت رئيس الجمهورية والنائب جنبلاط، كما شملت اتصالات لأركان الرابع عشر من آذار لا سيما رأس حربتها الحالي رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع، وسرعان ما تتالت زيارة مسؤولين عسكريين اميركيين استهدفت قائد الجيش. وفي نفس الإطار، تحركت الولايات المتحدة في أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، واعادت تفعيل تنسيقها مع باريس بما يذكرنا بتنسيقها خلال أعوام 2005 حتى الآن.
وفجأة انطلق الكرم الاميركي بتقديم عشرة ملايين دولار اميركي الى المحكمة الدولية، وتحركت حملة ضغوط منسقة اعلامية وديبلوماسية باتجاه سوريا وحزب الله، وصولاً الى التلويح بجهوزية العدو الاسرائيلي واستعداده لشن حرب جديدة على لبنان في سياق ملاقاة أي تطورات دراماتيكية في الساحة اللبنانية لمصلحة المعارضة.
هذه الاتصالات والتحركات الاميركية استهدفت جملة أمور أبرزها:
أ ـ ايقاف المحكمة الدولية والقرار الاتهامي على قدميهما، بعدما بدا مؤخراً أنهما آخذان في الترنح ، حيث اعتبرت واشنطن ان مجرد قبول الرياض بالتفاوض حولهما اعطى دمشق والمعارضة اشارات خاطئة تفيد بإمكان التنازل عنهما، وبالتالي فإن واشنطن ارادت البعث برسائل مضادة من خلال التأكيد بأنهما خارج التفاوض، وأن لا أحد يستطيع محر ما كتب لأنه قد كتب، وبالتالي إبلاغ من يعنيه الأمر، بأنها ماضية في مخططها الجهنمي في تسييس المحكمة والقرار الاتهامي وتحويلها الى أداة في المشروع الاميركي ـ الصهيوني في المنطقة لا سيما وفي وجه خصومها الاستراتيجيين وتحديداً حركات المقاومة والدول الممانعة.
ب ـ ايقاف أدوات هذا المشروع داخلياً من خلال بعث الثقة بنفسه، والتأكيد له بأنه ليس متروكاً، ويمكنه الرهان على واشنطن مجدداً، ولذا فجأة عادت هذه الأدوات لاستعادة أدوارها السابقة في عقد اللقاءات واصدار النداءات والبيانات، والتأكيد على التساند المتبادل بين تيار المستقبل ومسيحيي الرابع عشر من آذار، هذا التساند لا يجد له تفسيراً إلا في حاجة كل منهما الى تزخيم الثقة المتبادلة التي يبدو أن مسيحيي 14 آذار بدأوا يطرحون علامات استفهام كبيرة حولها مؤخراً على خلفية امكان بيعهم بثمن بخس عند أول استحقاق رئيسي.
ج ـ العمل على تشجيع قيادة الجيش على لعب دور في التصدي للمعارضة، وبالتالي أخذ طرف على حساب طرف آخر، وبمعزل عن النتائج التي يمكن ان تفضي اليها تصرفات كهذه على بنية الجيش، ومنه على الدولة اللبنانية.
د ـ تجنيد حملة ضغوط ديبلوماسية واعلامية ضد دمشق والمعارضة لحملها على عدم اتخاذ أي ردود فعل على القرار الاتهامي، والاستمرار في استهدافها للمحكمة الدولية تحت عنوان الدعوة الى تصويب عملها باتجاه الجناة الحقيقيين، وبالتالي، تصويب عملها باتجاه تحقيق العدالة الفعلية.
هـ ـ استحضار العدو الاسرائيلي الى المعادلة اللبنانية لاستخدامه كأداة تهويل وضغط للحيلولة أيضاً دون قيام المعارضة بردود فعل متوقعة.
الخلاصة، ان مجمل هذه الاستراتيجية تريد ايجاد البيئة الملائمة لإمرار القرار الاتهامي بعد أن يتم تكتيف دمشق والمعارضة وتعطيل عملية التواصل السورية ـ السعودية والتأثير سلباً عليها، بكلمة أخرى هم يعملون جاهدين على تعطيل أسباب المخاوف التي دفعت أطرافا محلية وخارجية الى القبول بالبحث عن التسويات المطلوبة، واذا ما نجحوا في ذلك يكونون قد نجحوا في: أولاً إمرار القرار ـ الافتراء، ثانياً، إلحاق هزيمة معنوية وسياسية بالمعارضة لمصلحة فريقهم، وبالتالي انعاش مشروعهم مجدداً في لبنان، وفتح الأجواء أمام اللعب مجدداً بالتوازنات التي نشأت عقب اتفاق الدوحة، وفي حال الفشل، فلن يكون أمام واشنطن إلا أحد الخيارات التالية: أولاً: العودة الى طاولة التفاوض لكن بعد أن تكون قد رممت أوراقها ما يحسن من شروط التفاوض نسبياً لمصلحتها، ثانياً: ان تصر على الذهاب الى النهاية في سياق الاستراتيجية العامة الاميركية القائمة في المنطقة والمتمحورة حول تهديم الدول كمقدمة ومدخل ضروري لفتح الصراعات الأهلية والاجتماعية على الواسع، وبما يمهد بالفعل لعدوان اسرائيلي جديد.
ثانياً: هذه النتيجة نجدها ساطعة في الوقائع والمعطيات والمعلومات التي توالى نشرها مؤخراً من خلال كتابين صدرا في باريس، وثالث صدر في الولايات المتحدة للرئيس الاميركي بوش، الذي أكد ما هو معروف لكثير بين من أن الهدف المركزي لعدوان تموز، وللانقلاب الذي قام به فريق الرابع عشر من آذار في لبنان، هو ضرب المقاومة، ونقل لبنان الى المقلب الآخر النقيض لخيار المقاومة، واعتبار الكيان الاسرائيلي عدواً، وبما يمهد الطريق لجعل لبنان جزءاً لا يتجزأ من منظومة عرب التسوية في المنطقة.
وفي هذا السياق يأتي التعرض لدمشق وايران وحركات المقاومة في المنطقة لا سيما في فلسطين المحتلة.
هذا الهدف سيبقى محور كل المخططات الاميركية والاسرائيلية ومن يدور في فلكها من أنظمة عربية وقوى محلية، وبالتالي، لا شيء يدعونا الى الاقتناع بأن هؤلاء قد تخلوا عن هذا الهدف، وهم سيعملون كل ما بوسعهم إما لضرب خط المقاومة في حال كان بمقدورهم ذلك، وإما لوضع الموانع والعقبات أمامه لمنعه من مراكمة المزيد من الانجازات والأرباح، وإما لابقائه في حالة انشغال متواصلة، وفي حالة استنزاف متمادية للجهود والطاقات، بما يسمح بتحقيق الهدف الآنف، وتمهيد الطريق للهدف الأول، ومن الواضح، ان اختيار الأخير كهدف لا يكون إلا في حال تعذر توجيه ضربات قوية وسريعة وحاسمة لحركات المقاومة، وكذلك في زمن التراجع، وعد الخسائر، والعمل على احتوائها، تماماً كما هي طبيعة المرحلة الحالية.
ثالثاً: ان الجمع بين مجمل هذه الوقائع والمعطيات يقودنا الى الخلاصات المحتملة التالية:
أ ـ ان الولايات المتحدة لا ترغب ولا تريد اخراج لبنان من دائرة التجاذب والاشتباك الكبير الدائر فيه وحوله، لأنها تريد ابقاء لبنان مكاناً لاستنزاف المعارضة والمقاومة بانتظار موعد الخيارات الكبيرة الحاسمة التي قد يكون منها خيار عدوان اسرائيلي جديد على لبنان.
ب ـ ان الولايات المتحدة تريد ابقاء لبنان ساحة في لعبة تفاوض أشمل وأوسع، وبالتالي، كل محاولاتها لإنعاش اوراقها فيه، هي لرفع الأثمان، والتمكن من الحصول على التنازلات المطلوبة.
ج ـ كل ما تقدم يؤكد، أن الوضع الداخلي سيبقى خاضعاً لمسار من التجاذب والاشتباك الكبيرين، وأن التوتر سيكون سيد المرحلة المقبلة، في ظل التعقيدات الموجودة أساساً، أو التي استجدت بفعل التدخل الاميركي، إلا اذا كان ما نشهده هو حشرجات اللحظات الأخيرة لتسوية يجري طبخها خلف هذا الدخان الكثيف، والتي قد تكون بواكير مؤشراتها ما سيحدث في العراق.