ارشيف من :آراء وتحليلات
لبنان وسط تفاؤل محسوب: التسوية مرجحة والعقبات صعبة
مصطفى الحاج علي
الاشتباك السياسي الداخلي حول العناوين الخلافية الأساسية وفي طليعتها القرار الاتهامي والمحكمة الدولية لم يحجب منسوب الكلام المرتفع حول أرجحية احتمال انجاز تسوية قريبة يتم توليدها على أيدي القابلة السورية ـ السعودية، ولا سيما أنه لأول مرة ـ وبمعزل عن دقة ما يقال ـ يتم تسريب تصورات لمبادئ وتفاصيل ما يطبخ في الكواليس من تفاهمات أو مخارج للأزمة الحالية، وفي ضوء هذا المناخ تشكلت جملة وقائع واتجاهات يمكن اجمالها وفق التالي:
ـ لا يزال التجاذب قائماً بين جبهتين: جبهة المدافعين عن القرار الاتهامي، والمحكمة الدولية بمعزل عن التداعيات والنتائج، بل ثمة من يدعو الى عدم الوقوف عندها، والمضي قدماً في اصدار القرار الاتهامي، وذلك في ظل تقدير لدى هؤلاء بأن تهديدات المعارضة بالخيارات الجدية ما هي إلا من قبيل الحرب النفسية، وبالتالي، فهي ـ لا سيما حزب الله ـ لن تقدم على خيارات من هذا النوع، كما يمكن ادراج هذه المواقف في سياق سياسة حافة الهاوية، ومحاولة كل طرف ابطال أوراق الطرف الآخر، لتحسين شروط التفاوض أو الاشتباك.
في المقابل، ثمة ما يشبه التسليم العام داخلياً بأن الأمور هي في طور المراوحة بانتظار ما ستؤول اليه الاتصالات السعودية ـ السورية، ما يعني بدوره أن أبواب التسويات لم تقفل نهائياً، وبالتالي، فإن استمرار التجاذب الداخلي يريد أن يخدم لعبة التفاوض الدائرة، بقدر ما قد يبدو أنه يفتح اللعبة على كل الاحتمالات.
ما يؤكد تقدم أسهم احتمالات التوصل الى تسوية جملة معطيات ومؤشرات أبرزها:
أ ـ لأول مرة تشق سيناريوهات تتعلق بصيغ التسوية الى وسائل الاعلام، ما يدل على أن الأمور قد بلغت مرحلة متقدمة، وهي قد دخلت في التفاصيل.
ب ـ يمكن ادراج الكلام الاعلامي والسياسي حول التسوية واقتراب موعد التوصل اليها في سياق ايجاد المناخ السياسي والاعلامي الملائم لتسويقها لدى مختلف الأطراف.
ج ـ تتقاطع المصادر الاعلامية والسياسية والديبلوماسية عند التأكيد بأن الملك عبد الله على قناعة كبيرة بضرورة التوصل الى تسوية في أسرع وقت ممكن، وذلك استناداً الى حرص الرياض على حفظ ما تبقى من مصالح لها في لبنان، لا سيما بعدما قرأت جيداً تطورات الملف العراقي، حيث لم يراعِ حليفها الأوثق، أي الاميركي، حساباتها ولا مصالحها، ومضى وحيداً في تسهيل التسوية هناك مراعياً مصالحه فقط.
د ـ ان في بعض مواقف الحريري الأخيرة، وما نقل عنه من مواقف داخلية، يشير الى أنه بدوره على قناعة بضرورة التسوية، وهو يعمل على تمهيد الطريق لها.
هـ ـ استمرار الاتصالات السعودية ـ السورية، التي ما كان لها أن تستمر لولا قناعة الطرفين بجدواها، وضرورة الوصول بها الى نتائج وتوافقات تخدم كل الأطراف.
ز ـ اقتناع المعنيين الرئيسيين بأن فشل التسوية سيفتح الباب أمام الخيارات الصعبة، وهي خيارات لا يريدها أي طرف إلا مضطراً، وبالتالي، فإن الجميع يفضل التسوية لأنها أهون الشرور.
ح ـ استمرار المراوحة في ملف شهود الزور، واستمرار مواقف جنبلاط تحديداً على ما هي عليه والى حد ما مواقف رئيس الجمهورية، فهذه المواقف لكانت أخذت وجهة مغايرة في ما لو تعطلت الاتصالات السعودية ـ السورية ووصلت الى حائط مسدود.
ـ في المقابل، لا يعني ان ولادة التسوية ستكون سهلة لاعتبارات عدة أبرزها:
ـ طبيعة التسوية نفسها التي لا بد من ان تراعي التوازن بحيث لا يظهر طرف منتصرا على طرفٍ آخر، وبالتالي لا بد لها من التجسير بين المواقف المتناقضة لا سيما في ما يتصل بالموقف من القرار الاتهامي والمحكمة الدولية.
وما يزيد الأمور صعوبة هنا، هو أن كل الأطراف حتى الآن مصرة على البقاء حيث هي، وإن بدت مواقف الحريري من ملف شهود الزور قد فتحت ثغرة بهذا الاتجاه، إلا أنها لم تكتمل بعد، وهي كما يبدو مرهونة بما سيقابلها.
ثم، إن التسوية التي يجري الكلام عنها تضم ملفات متنوعة وليس فقط ملف القرار الاتهامي والمحكمة الدولية.
ـ ان الحريري عرضة لضغوط قوية، فعن يمينه تقف الولايات المتحدة، وعن يساره يقف حلفاؤه في الداخل لا سيما جعجع والبطريرك صفير، ومن ورائه يقف السنيورة وما يطلق عليه بالتيار الاميركي ـ المصري داخل تيار المستقبل، ومن أمامه تقف القاهرة، هذا الواقع من شأنه أن يصعّب على الحريري عملية الموازنة والاختيار بين ما يريده هؤلاء وما يريده الملك عبد الله، وان كان من المرجح أنه سيستجيب لمطالب الملك أكثر من سواه.
ـ هناك أيضاً العامل الاسرائيلي الذي لا يمكن اغفاله او تجاهله، والذي يملك أوراقاً كثيرة في الداخل اللبناني تبدأ بالأمن ولا تنتهي بالسياسة، والتي يمكن ان يستخدمها على الأقل للتشويش على أي حل، ولإرباك الساحة الداخلية.
ـ احتمال اصدار القرار الاتهامي على نحوٍ مفاجئ وسريع، ما يفرض ضمناً نقل الأوضاع في الداخل اللبناني، الى مرحلة مختلفة بالكلية.
كل ما تقدم يؤكد بأنه بقدر ما أن التفاؤل قد يكون مبرراً وله موجباته، فإن التشاؤم له حيثياته أيضاً، والسباق بين الاثنين قادم، وطلائع نهايته آخذة في الظهور للعيان، والحسم النهائي ستبلوره المرحلة القريبة المقبلة.
الاشتباك السياسي الداخلي حول العناوين الخلافية الأساسية وفي طليعتها القرار الاتهامي والمحكمة الدولية لم يحجب منسوب الكلام المرتفع حول أرجحية احتمال انجاز تسوية قريبة يتم توليدها على أيدي القابلة السورية ـ السعودية، ولا سيما أنه لأول مرة ـ وبمعزل عن دقة ما يقال ـ يتم تسريب تصورات لمبادئ وتفاصيل ما يطبخ في الكواليس من تفاهمات أو مخارج للأزمة الحالية، وفي ضوء هذا المناخ تشكلت جملة وقائع واتجاهات يمكن اجمالها وفق التالي:
ـ لا يزال التجاذب قائماً بين جبهتين: جبهة المدافعين عن القرار الاتهامي، والمحكمة الدولية بمعزل عن التداعيات والنتائج، بل ثمة من يدعو الى عدم الوقوف عندها، والمضي قدماً في اصدار القرار الاتهامي، وذلك في ظل تقدير لدى هؤلاء بأن تهديدات المعارضة بالخيارات الجدية ما هي إلا من قبيل الحرب النفسية، وبالتالي، فهي ـ لا سيما حزب الله ـ لن تقدم على خيارات من هذا النوع، كما يمكن ادراج هذه المواقف في سياق سياسة حافة الهاوية، ومحاولة كل طرف ابطال أوراق الطرف الآخر، لتحسين شروط التفاوض أو الاشتباك.
في المقابل، ثمة ما يشبه التسليم العام داخلياً بأن الأمور هي في طور المراوحة بانتظار ما ستؤول اليه الاتصالات السعودية ـ السورية، ما يعني بدوره أن أبواب التسويات لم تقفل نهائياً، وبالتالي، فإن استمرار التجاذب الداخلي يريد أن يخدم لعبة التفاوض الدائرة، بقدر ما قد يبدو أنه يفتح اللعبة على كل الاحتمالات.
ما يؤكد تقدم أسهم احتمالات التوصل الى تسوية جملة معطيات ومؤشرات أبرزها:
أ ـ لأول مرة تشق سيناريوهات تتعلق بصيغ التسوية الى وسائل الاعلام، ما يدل على أن الأمور قد بلغت مرحلة متقدمة، وهي قد دخلت في التفاصيل.
ب ـ يمكن ادراج الكلام الاعلامي والسياسي حول التسوية واقتراب موعد التوصل اليها في سياق ايجاد المناخ السياسي والاعلامي الملائم لتسويقها لدى مختلف الأطراف.
ج ـ تتقاطع المصادر الاعلامية والسياسية والديبلوماسية عند التأكيد بأن الملك عبد الله على قناعة كبيرة بضرورة التوصل الى تسوية في أسرع وقت ممكن، وذلك استناداً الى حرص الرياض على حفظ ما تبقى من مصالح لها في لبنان، لا سيما بعدما قرأت جيداً تطورات الملف العراقي، حيث لم يراعِ حليفها الأوثق، أي الاميركي، حساباتها ولا مصالحها، ومضى وحيداً في تسهيل التسوية هناك مراعياً مصالحه فقط.
د ـ ان في بعض مواقف الحريري الأخيرة، وما نقل عنه من مواقف داخلية، يشير الى أنه بدوره على قناعة بضرورة التسوية، وهو يعمل على تمهيد الطريق لها.
هـ ـ استمرار الاتصالات السعودية ـ السورية، التي ما كان لها أن تستمر لولا قناعة الطرفين بجدواها، وضرورة الوصول بها الى نتائج وتوافقات تخدم كل الأطراف.
ز ـ اقتناع المعنيين الرئيسيين بأن فشل التسوية سيفتح الباب أمام الخيارات الصعبة، وهي خيارات لا يريدها أي طرف إلا مضطراً، وبالتالي، فإن الجميع يفضل التسوية لأنها أهون الشرور.
ح ـ استمرار المراوحة في ملف شهود الزور، واستمرار مواقف جنبلاط تحديداً على ما هي عليه والى حد ما مواقف رئيس الجمهورية، فهذه المواقف لكانت أخذت وجهة مغايرة في ما لو تعطلت الاتصالات السعودية ـ السورية ووصلت الى حائط مسدود.
ـ في المقابل، لا يعني ان ولادة التسوية ستكون سهلة لاعتبارات عدة أبرزها:
ـ طبيعة التسوية نفسها التي لا بد من ان تراعي التوازن بحيث لا يظهر طرف منتصرا على طرفٍ آخر، وبالتالي لا بد لها من التجسير بين المواقف المتناقضة لا سيما في ما يتصل بالموقف من القرار الاتهامي والمحكمة الدولية.
وما يزيد الأمور صعوبة هنا، هو أن كل الأطراف حتى الآن مصرة على البقاء حيث هي، وإن بدت مواقف الحريري من ملف شهود الزور قد فتحت ثغرة بهذا الاتجاه، إلا أنها لم تكتمل بعد، وهي كما يبدو مرهونة بما سيقابلها.
ثم، إن التسوية التي يجري الكلام عنها تضم ملفات متنوعة وليس فقط ملف القرار الاتهامي والمحكمة الدولية.
ـ ان الحريري عرضة لضغوط قوية، فعن يمينه تقف الولايات المتحدة، وعن يساره يقف حلفاؤه في الداخل لا سيما جعجع والبطريرك صفير، ومن ورائه يقف السنيورة وما يطلق عليه بالتيار الاميركي ـ المصري داخل تيار المستقبل، ومن أمامه تقف القاهرة، هذا الواقع من شأنه أن يصعّب على الحريري عملية الموازنة والاختيار بين ما يريده هؤلاء وما يريده الملك عبد الله، وان كان من المرجح أنه سيستجيب لمطالب الملك أكثر من سواه.
ـ هناك أيضاً العامل الاسرائيلي الذي لا يمكن اغفاله او تجاهله، والذي يملك أوراقاً كثيرة في الداخل اللبناني تبدأ بالأمن ولا تنتهي بالسياسة، والتي يمكن ان يستخدمها على الأقل للتشويش على أي حل، ولإرباك الساحة الداخلية.
ـ احتمال اصدار القرار الاتهامي على نحوٍ مفاجئ وسريع، ما يفرض ضمناً نقل الأوضاع في الداخل اللبناني، الى مرحلة مختلفة بالكلية.
كل ما تقدم يؤكد بأنه بقدر ما أن التفاؤل قد يكون مبرراً وله موجباته، فإن التشاؤم له حيثياته أيضاً، والسباق بين الاثنين قادم، وطلائع نهايته آخذة في الظهور للعيان، والحسم النهائي ستبلوره المرحلة القريبة المقبلة.