ارشيف من :آراء وتحليلات

عندما تنكشف نوايا الأميركيين حيال الانسحاب من الغجر

عندما تنكشف نوايا الأميركيين حيال الانسحاب من الغجر
حسان ابراهيم
كشفت صحيفة "هآرتس" الصهيونية، بصورة غير مباشرة، ما لم يكن يراد كشفه اسرائيليا: الاميركيون وراء اعادة احياء الحديث عن انسحاب الجيش الاسرائيلي من شمال قرية الغجر، الجزء اللبناني المحتل من القرية. فبحسب الصحيفة "التقى نائب المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، بيرد هوف، الذي عمل في الأشهر الأخيرة على تحفيز عملية الانسحاب من شمال الغجر، بمسؤولين رفيعي المستوى في وزارة الخارجية والمؤسسة الأمنية الاسرائيليتين، من أجل مواصلة الاتصالات لبلورة التسوية الأمنية في الغجر".
وبحسب الصحيفة عينها أيضا، فان "هوف، المسؤول عن ملفي سوريا ولبنان، التقى الوزير بلا حقيبة في الحكومة الاسرائيلية، "يوسي بيليد"، الذي جرى تعيينه مؤخرا للتنسيق والارتباط ما بين الحكومة وسكان الغجر، من أجل معالجة الموضوع".
تكشف لقاءات ومساعي المسؤول الأميركي الاخيرة ومواقفه حيال الانسحاب من شمال الغجر، ـ وهو المسؤول عن ملف سوريا ولبنان لدى المبعوث الأميركي للشرق الاوسط، والجهود المبذولة من قبله خلال الاشهر الماضية من اجل بلورة التسوية الأمنية والانسحاب الاسرائيلي من القرية، تنكشف الجهة التي اعادت احياء ملف الانسحاب، وبالتالي تنكشف استهدافاتها بناء على مصالحها في لبنان وسوريا، اذ لا يخفي على احد "نظرية" سحب الذرائع التي تعمل عليها الادارة الأميركية حيال سلاح المقاومة منذ سنوات، والتي تلتقي في المقاصد مع جهات في لبنان تعادي المقاومة، وبحسب هذه النظرية، فان الانسحاب من الاراضي اللبنانية المحتلة باتفاق مع الاسرائيليين، "سينزع عن المقاومة شرعية سلاحها"، وبالتالي يؤدي الى ضغط اضافي على حزب الله، ضمن معادلة "لا داعي للمقاومة اساسا، في حال لم تكن هناك ارض يحتلها الاسرائيليون".. وضمن الظروف القائمة حاليا في لبنان، ترتبط المصلحة الأميركية أيضا، وقد تكون هي الاساس في تحقيق الانسحاب من شمال الغجر، بتفعيل ضغط اضافي على المقاومة، يتعلق بشرعية سلاحها، بناء على منطق الأميركيين، تزامنا مع قرب صدور القرار الاتهامي ضد عناصر في حزب الله.
عندما تنكشف نوايا الأميركيين حيال الانسحاب من الغجراثارة الانسحاب من شمال الغجر، بناء على النظرية الأميركية – الاسرائيلية، تستهدف تحقيق الآتي:
ـ افهام اللبنانيين بامكان الوصول الى تحقيق مكاسب مادية من كيان الاحتلال، بناء على مبادرات واتفاقات وتسويات سياسية، بعيدا عن منطق المقاومة وسلاحها، بمعنى أن أصحاب نظرية "التسويات السياسية" مع العدو الصهيوني في لبنان، سيكون لديهم سابقة عملية وحقيقية في تحصيل مكاسب من العدو، من دون "المخاطرة" بالابقاء على السلاح المقاومة في لبنان.
ـ اظهار المحتل الغاصب للأرض بصورة "الدولة" الجارة للبنان التي تسعى للسلام، وبامكانه الاقدام على خطوات تتجاوز الانسحاب من الغجر باتجاه انسحابات أخرى تعيد الحقوق للبنان، في تلال كفر شوبا ومزارع شبعا وغيرها من المطالب اللبنانية ان وجدت، في حال البدء بالمفاوضات المباشرة معها، والوصول الى تسوية سياسية بينية، على غرار اتفاقات التسوية التي عقدتها تل أبيب مع عدد من الدول العربية، أي أنها خطوة تمهيدية باتجاه تحريك ملف المفاوضات مع لبنان، وهو ملف قد اعرب أكثر من مسؤول اميركي في الاونة الأخيرة، عن "الامل بتحريكه"، بالتزامن مع بدء المفاوضات المباشرة بين الكيان الغاصب والسلطة الفلسطينية.
ـ اما الاستهداف الأكثر ارتباطا بالخطوة، ويتزامن مع المساعي الأميركية الحثيثة والمفعلة حاليا في لبنان، فهي ايجاد بيئة ضغط اضافية على المقاومة، تتزامن مع صدور القرار الاتهامي ضد عناصر من حزب الله، بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والتي تصر واشنطن على صدوره وبالصيغة المعلن عنها في وسائل الاعلام وبناء على التسريبات. فغاية القرار الاتهامي وغيره من الخطوات الأميركية والاسرائيلية ضد حزب الله، هي في الاساس رافعة ضغط تستهدف سلاح المقاومة تحديدا، وبالتالي على واشنطن وتل أبيب أن تجد ما يؤازر القرار ويعضد منه، خاصة في ظل نتائج الهجوم الاستباقي الذي شنه حزب الله ضد قرار اتهامه ظلما، وعملية قضم شرعية القرار، التي تتواصل في لبنان.
لكن هل خطوة الانسحاب من الغجر، بحجم الامال الأميركية والاسرائيلية؟.
الواضح أن الخطوة أكبر بكثير مما يمكن أن تحتمل، خاصة أنها كما يظهر شكلية ولا تعيد السيادة الى لبنان، وهي انسحاب بلا انسحاب، كما أن حصر الجهد والمساعي في "سحب ذرائع" لن يجدي نفعا، في "سحب" شرعية المقاومة، الا في حال سحبت عدائية كيان العدو الغاصب وشهيته المتواصلة للاعتداء على لبنان.
2010-11-23