ارشيف من :خاص
العقوبات المالية في اجتماع أدمغة العالم من أجل إيران
إعداد: علي شهاب
خمسون من أهم الباحثين الغربيين المتخصصين في شؤون الجمهورية الاسلامية الايرانية التقوا في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2010 لوضع دراسة فريدة من نوعها رعاها 20 مركز دراسات أجنبيا وثماني جامعات أميركية وعدد كبير من ممثلي الحكومة الأميركية. شملت مجالات الدراسة مختلف جوانب الملف الإيراني بدءًا من الاجندة السياسية الى الملف النووي فالاقتصاد والمجتمع والتسلح.
الدراسة، التي أرّخت أيضا لعلاقات واشنطن بطهران خلال عهد ستة رؤساء اميركيين وبحثت في علاقات ايران الخارجية، قدمت توصيات عديدة للتعامل مع الجمهورية الاسلامية.
في ما يلي فصل من الدراسة التي لم تُنشر جميعها بعد، تحت عنوان ""إيران – مبادئ القراءة: القوة والحكم وسياسة الولايات المتحدة" – العقوبات المالية:
تفرض الولايات المتحدة الأميركية منذ العام 2005 وبصورة متزايدة عقوبات مالية على البنوك الإيرانية بسبب تمويلها للبرامج الصاروخية والنووية الإيرانية والجماعات "الإرهابية". كما أن العقوبات قد جاءت أيضا ردا على الممارسات المالية الخادعة لإيران والتي تهدد بتقويض استقرار النظام المصرفي الدولي.
تشمل الإجراءات الأمريكية أيضا عقوبات غير رسمية لزيادة قوى السوق بإلقاء الضوء على المجازفة بتشويه السمعة بسبب التعامل التجاري مع بنك متورط في سلوك مالي محظور.
العقوبات البنكية وحدها لن تحل مشكلة البرنامج النووي الإيراني. لكنها جنبا إلى جنب مع الأدوات الدبلوماسية والعسكرية يمكن أن تعطل الأنشطة المحظورة لإيران، وأن تعيق الأطراف الثالثة من تسهيل تلك الأنشطة، وأن تحث إيران على إعادة التفكير بشأن مواصلتها لتلك الأنشطة المحظورة.
في الاقتصاد المتعولم هذه الأيام نجد أنه حتى الإجراءات الأمريكية الأحادية ضد إيران تصعِّب من قدرة طهران على الدخول في تجارة أو عمل أو تمويل دولي، لكن الجهود المتعددة الأطراف ما تزال هي المفضلة للشرعية الدولية التي تضفيها وللتأثيرات الضاغطة التي يمكنها فعلها.
نظرة عامة
تمثل الإجراءات المالية العقابية أقوى تكتيك غير عسكري متاح لتعطيل البرنامج النووي لإيران على المدى القصير. كما أنها تمثل التكتيك الأكثر قابلية للتطبيق لإقناع النظام بأنه لا يتحمل تنفيذ أنشطة انتشار من شأنها أن تتسبب في زعزعة الاستقرار على المدى الطويل. وقد أثبتت العقوبات المالية أنها أداة فعالة في تعطيل الأنشطة المحظورة للأنظمة الأخرى المارقة مثل كوريا الشمالية. لكن طهران أكثر عرضة للإجراءات العقابية المالية من بيونج يانج لأن الجمهورية الإسلامية مندمجة كليةً في النظام المالي العالمي، وهكذا فإن حرمان إيران من الوصول إلى هذا النظام يعتبر أداة قوية.
ويرجع تاريخ عقوبات إيران إلى الوراء عند عام 1979. لكن الولايات المتحدة أطلقت جهودا أكثر امتداداً بعد انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد في 2005. فبعد أن تولى السلطة مباشرة استأنف النظام جهوده لتخصيب اليورانيوم مُنهيا بذلك وبشكل مفاجئ الاتفاقية التي عقدتها طهران مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا لوقف برنامجها المثير للجدل.
وردا على ذلك قام الكونجرس بتمرير مشروع قانون في نيسان/ أبريل 2006 يوسع ويقوي من "قانون عقوبات إيران" الصادر في آب/ أغسطس 1996 (وقد أضعفت إدارة كلينتون قانون عقوبات إيران في 1999 و2000 في محاولة لكسب ود الحكومة الإصلاحية السابقة.) وقد تم التوقيع على النسخة المعدلة لمشروع القانون هذا لتحويله إلى قانون في 30 أيلول/ سبتمبر 2006 بعد ثلاثة أسابيع من فصل وزارة الخزانة الأمريكية لبنك صادرات الإيراني عن النظام المالي الأمريكي لتحويله أموالا إلى منظمات إرهابية. وقد تلت ذلك جولة من عقوبات الأمم المتحدة في 23 كانون الأول/ ديسمبر 2006.
عقوبات مستهدفة
ركزت الإجراءات المالية المفروضة ضد إيران على سلوك محظور معين وعناصر محظورة معينة وهي التي تعرَّف بالعقوبات المستهدفة وليس النظام بأكمله. فقد بدأت العقوبات صغيرة ثم أصبحت تدريجيا أشد صرامة عندما استمرت إيران في التورط في ثلاثة أنواع من الأنشطة وهي:
ـ عندما رفضت التفتيش الدولي على منشآتها النووية.
ـ عندما تورطت في سلوك مالي خادع يضر بالنظام المالي الدولي.
ـ عندما رفضت الاقتراحات والمفاوضات الدبلوماسية.
وتمثل العقوبات المفروضة منذ 2006 تحسنا ملحوظا بالنظر إلى مستوى العقوبات الشاملة التي تتم على مستوى الدولة مثل تلك التي فُرضت على العراق والتي تفاداها وأساء استخدامها الرئيس صدام حسين بسهولة. وعليه فقد تم سن العقوبات المستهدفة ضد إيران مع وضع ثلاثة أهداف بالاعتبار: أولاً، هي تهدف إلى تعطيل الأنشطة المحظورة لإيران، وثانياً، هي تسعى لإعاقة الأطراف الثالثة من العمل على تمكين إيران من ممارسة أنشطتها المحظورة، وثالثاً، هي تهدف إلى إجبار إيران على إعادة تقدير مكاسبها مقارنة بخسائرها وإعادة التفكير بالتالي فيما إذا كانت ستواصل أم لا أنشطتها المحظورة. وقد تم توجيه العقوبات المستهدفة ضد شركات وقطاعات وأفراد إيرانيين محددين لتورطهم في سلوك محظور.
كما أن العقوبات المستهدفة ضد إيران قد تمت تدريجيا بمعنى أنها نُفذت على مراحل، حيث تعتمد كل جولة على سابقتها وذلك للتضييق التدريجي على الإمداد الجوي للنظام ما يتركه يلهث لالتقاط أنفاسه بينما هو شديد الحاجة إلى الإذعان. والأسلوب التدريجي الذي يشمل كلاً من الجهود الأحادية والأخرى المتعددة الأطراف المقصود منه ليس ببساطة هو العقاب وإنما تشجيع النظام الإيراني على تغيير سلوكه.
الالتفاف
تشمل القيود المالية المستهدفة منع الصفقات التي تلتف بها إيران بأسلوب مراوغ حول العقوبات. فالبنوك الإيرانية محظور عليها الدخول في صفقات مالية مع البنوك الأمريكية بناء على العقوبات التي تم تمريرها بعد اقتحام السفارة الأمريكية في طهران في 1979. لكن البنوك الأمريكية قد تم السماح لها بمعالجة صفقات دولارية معينة لكيانات إيرانية ببساطة بغرض غسيل تلك الصفقات. وقد أشير إلى هذا الترخيص على أنه استثناء التفافي. فهو يطبق ما دام أنه لا يوجد بنك أمريكي مدين أو دائن بحساب لطرف إيراني بصورة مباشرة. ومع ذلك فإنه في 2006 حرمت وزارة الخزانة الأمريكية "بنك صادرات الإيراني" من استخدام هذه الوسيلة الالتفافية، ما منعه بالفعل من القدرة على العمل بالدولار وهو العملة الدولية لأسواق النفط.
وقد تحججت وزارة الخزانة بالروابط التي تربط البنك بالإرهاب وتحديدا أثبتت أن بنك الصادرات قد سهل تحويل إيران ملايين الدولارات إلى حزب الله وجماعات أخرى متطرفة للعديد من السنوات. وما يسمى برخصة الالتفاف ظلت متاحة لكل البنوك الإيرانية الأخرى للعامين التاليين لكن في أواخر 2008 وبعد استمرار الأنشطة المحرمة لإيران أنهت وزارة الخزانة رخصة الالتفاف. وقد حرم هذا التقييد الجديد بالفعل كل البنوك الإيرانية من القدرة على استخدام الدولارات في أية صفقات تتصل باقتصاد النفط العالمي.
وفي أيلول/ سبتمبر 2010 استهدفت وزارة الخزانة 16 بنكا إيرانياً وتشمل ما يلي:
"بنك ميلات": وهو تجاري مملوك للدولة ومعناه بنك الدولة، وقد أنشئ في 1980. وقد وُصم بالإرهاب في تشرين الأول/ أكتوبر 2007 لأنه حول أموالا لبرنامج إيران النووي وقدم خدمات مالية لمنظمة "الطاقة الذرية لإيران" وشركة "نوفين للطاقة". وقد استهدفت وزارة الخزانة الفرع الماليزي لـ"بنك ميلات" وهو بنك "فيرست إيست إكسبورت" في تشرين الثاني/ نوفمبر 2009 وأيضا "بنك ميلات" المرتبط بـ"ميلات" في أرمينيا و"البنك الدولي الفارسي" في المملكة المتحدة في تشرين الأول/ أكتوبر 2007.
"بنك ملِّي": وهو أول بنك وطني لإيران أنشئ في 1927 وملِّي الآن هو أكبر بنك تجزئة تجاري في الدولة. ويقدم ملِّي نطاقا عريضا من الخدمات المالية لكيانات متورطة في البرامج النووية والصاروخية الباليستية لإيران من بين أنشطة أخرى محظورة. وقد تم إدراجه في القائمة السوداء في 2008. و"بنك أريان" في أفغانستان و"بنك كارجوشي" في إيران و"بنك ملِّي إيران" في روسيا و"بنك المستقبل" في البحرين و"بنك ملِّي" في المملكة المتحدة كلها قد أدرجت في القائمة السوداء أيضا لكونها مملوكة أو مدارة من قبل "بنك ملِّي".
"بنك سِبه": افتتح لأول مرة في 1925 وقام "صندوق معاشات الجيش الإيراني" بتمويل رأسماله الأصلي. وقد دخل البنك القائمة السوداء في كانون الثاني/ يناير 2007 لكونه يقدم خدمات لشركات إيرانية محظورة متورطة في أنشطة الانتشار النووي. و"سبه" هو أكبر خامس بنك مملوك للدولة في إيران. وقد استهدفت وزارة الخزانة الفرع المملوك كلية له وهو "بنك سبه الدولي" في المملكة المتحدة في نفس اليوم الذي استهدفت فيه "بنك سبه".
"بنك صادرات": هو أحد أكبر بنوك إيران وكان أول بنك يتم فصله عن النظام المالي الأمريكي كلية في أيلول/ سبتمبر 2006. وقد استهدفت وزارة الخزانة "بنك صادرات" المملوك للدولة لتحويله أموالا إلى "حزب الله" ومنظمات إرهابية أخرى. وقد أنشئ "بنك صادرات" في 1952.
وكذلك ضمت وزارة الخزانة إلى القائمة المحظورة بنك Banco Internacional de Desarollo, C.A. في فنزويلا وبنك إيران لتنمية الصادرات ''توسعة صادرات' في تشرين الأول/ أكتوبر 2008 وأيضا ''بنك البريد'' في حزيران/ يونيو 2010.
"فيلق الحرس الثوري الإسلامي": كان "فيلق الحرس الثوري الإسلامي" أيضا بؤرة تركيز كبيرة لكل من عقوبات الأمم المتحدة والعقوبات الأمريكية. فالحرس الثوري متورط بشكل عميق في أنشطة انتشار الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية للدولة. وهم أيضا يحافظون على فرع خاص يسمى قوة القدس التي تقدم الأموال والأسلحة والتدريب للجماعات الإرهابية.
وفي السنوات الأخيرة أصبح الحرس الثوري أحد أكبر العناصر الاقتصادية في إيران حيث يتحكم في أصول مالية وموارد ضخمة. ومعظم الأموال الفعلية لـ"فيلق الحرس الثوري الإسلامي" وأصوله تكمن خارج السيطرة في إيران لكن أنشطته الصناعية والتجارية ـ وخاصة تلك المرتبطة بصناعات النفط والغاز ـ تعتمد بصورة كبيرة على النظام المالي الدولي. وتمثل الإجراءات المالية المستهدفة ضد فيلق الحرس الثوري الإسلامي مبادرة من النوع الذي يعادي النظام ويصادق الشعب بحيث تتم معاقبة أولئك المتورطين في سلوك عدائي.
العقوبات المتعددة الأطراف
العقوبات المتعددة الأطراف ضد المؤسسات المالية الإيرانية هي أداة فعالة بشكل عظيم في محاربة الأنشطة المحظورة لإيران. على سبيل المثال فإن قرار الأمم المتحدة 1929 الذي تم تمريره في 9 حزيران/ يونيو 1929 قد ضم إلى القائمة السوداء 40 كيانا إيرانيا متصلا ببرامج طهران للصواريخ الباليستية والأسلحة النووية وتشمل الفرع الماليزي لـ"بنك ميلات" وهو بنك "فيرست إيست إكسبورت".
والهيئات المتعددة الأطراف مثل "قوة مهمة العمل اﻟﻤﺼرﻓﻲ" قد تم استخدامها أيضا لاستهداف إيران. "قوة مهمة العمل اﻟﻤﺼرﻓﻲ" ومقرها باريس هي منظمة دولية أنشئت في 1989 لإقامة معايير لمحاربة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. وتشمل عضويتها 34 دولة وتجمعا إقليميا. وفي سلسلة من التحذيرات بين 2007 و2009 قامت "قوة مهمة العمل اﻟﻤﺼرﻓﻲ" بإخطار أعضائها لحث مؤسساتهم المالية على أن يكونوا على حذر تام عند التعامل مع إيران.
وفي 2009 فإنها قد فعلت ما هو أكثر من ذلك عندما حثت الدول على بدء تطوير إجراءات مضادة للتعامل مع الأنشطة المالية الإيرانية المحظورة. وقد قامت "قوة مهمة العمل اﻟﻤﺼرﻓﻲ" أيضاً برفض التشريعات المالية الإيرانية التي من المفترض أنه يتم تحديثها حيث وصفت التغييرات بأنها هزيلة كما علقت على أوجه القصور الكبيرة فيها.
عامل الخطر
تصبح العقوبات أكثر فعالية عندما تكون من أطراف متعددة. لكن الوصول إلى إجماع أمر صعب والعمل الناتج عن ذلك غالبا ما يمثل أدنى مقام مشترك. ولهذا فإن الإجراءات التكميلية – وتشمل الجهود الإقليمية من هيئات مثل الاتحاد الأوروبي والأعمال الفردية مثل قوائم الإرهاب الأمريكية – مهمة في رفع مخاطر الدخول في أعمال أو صفقات مع إيران. كما أن العقوبات الأحادية يُحس أثرها دوليا بسبب قوى السوق المتكاملة والمتعولمة.
وتعتمد سمعة البنوك الدولية والمؤسسات المتعددة الجنسيات وشركات التأمين على اتخاذهم الحذر المطلوب. فمخاطر التعامل مع كيان تم الكشف علنا عن تورطه في نشاط محظور تفوق في الغالب هوامش الربح المتوقعة. وقد قرر مُديرو المؤسسات الأجنبية وقف التعامل مع الكيانات التي فُرضت عليها عقوبات أحادية حتى لو لم يكن ثمة إلزام قانوني صريح يُلزمها بفعل ذلك.
وبعد أن وقع الرئيس أوباما مسودة قانون عقوبات أحادية في منتصف 2010 فإن شركة "لويدز أوف لندن" البريطانية للتأمين قد منعت التأمين أو إعادة التأمين على شحنات البترول المتجهة إلى إيران. كما أن المجلس العام لـ"لويدز" قد أقر أن الولايات المتحدة سوق مهمة لـ"لويدز" وأن "لويدز" سوف تستجيب دائما للعقوبات المطبقة. وقد تعرضت قدرة إيران على تطوير احتياطي الطاقة الضخم لديها والمربح بشكل هائل أيضا لضربة موجعة بسبب تخفيضات الاستثمار عقب العقوبات الأمريكية الأحادية والإجراءات الأوروبية.
كما أدت الإجراءات الأمريكية أيضا إلى العديد من القضايا العديدة التي برزت إعلاميا ضد كبرى المؤسسات المالية الدولية. ففي أوائل 2009 تم تغريم شركة مجموعة "لويدز" المصرفية 350 مليون دولار لأنها قامت بمعالجة مبالغ نشأت في إيران (وذلك بتغيير معلومات التحويلات المالية لإخفاء هوية العميل). وفي كانون الأول/ ديسمبر 2009 دفعت مجموعة "كريدي سويس" 536 مليون دولار كتسوية بسبب تهم مشابهة. وفي آب/ أغسطس 2010 وافق بنك بركليز على دفع 298 مليون دولار لتسوية التهم الموجهة إليه بسبب تغييره سجلات مالية لإخفاء مدفوعات مالية من دول مفروض عليها عقوبات من بينها إيران.
والتكلفة الفعلية للغرامات الأمريكية ربما لا تضر المؤسسات المالية الكبيرة لكن الشركات قلقة من التكاليف التي تضر بالسمعة لكونها ارتبطت بأنظمة مارقة. كما أن المؤسسات المالية الأجنبية وقطاعات الصناعة في القطاع الخاص تدمج بشكل متزايد قوائم الإرهاب في وزارة الخزانة في قواعد بياناتها ليس لأنه قد طُلب منها أن تفعل ذلك، ولكن لأن هذا ينبع من مصالحها الائتمانية. على أن قدرة طهران على الدخول في صفقات كالعادة قد تلقت ضربة عنيفة حيث أنهت البنوك والمؤسسات المتعددة الجنسيات وشركات التأمين علاقاتها التجارية مع إيران.
عقوبات غير رسمية
وقد بدأت وزارة الخزانة أيضا حملة معلومات طموحة. فقد التقى كبار مسئولي وزارة الخزانة مع قادة القطاع الخاص حول العالم لوضع مخطط عن السلوك المالي الخادع لإيران والمخاطر التي يفرضها هذا السلوك على البنوك والشركات. وقد قدمت وزارة الخزانة الدليل على سبيل المثال على أن بنك "سبه" قد طلب من مؤسسات مالية أخرى شطب اسمه من الصفقات عند معالجتها من خلال النظام المالي الدولي. وحيث إنها مطلعة على المخاطر فإن قوى السوق قد قادت معظم البنوك والمؤسسات للامتناع عن عقد صفقات أو التعامل مع المؤسسات الإيرانية.
وفي ضوء الأدلة المتزايدة فإن منظمة "التنمية والتعاون الاقتصادي" ومقرها باريس والتي تتألف من أقوى 32 نظاما اقتصاديا في العالم قد رفعت من معدل مخاطر إيران في أوائل 2006. وبالإضافة إلى ذلك فإن عددا متناميا من البنوك والمؤسسات التي تريد إجراء صفقات في الولايات المتحدة قد استنتجت أن تعريض عملها الأمريكي للخطر لا يستحق الاستثمار في إيران.
شملت العقوبات المالية التي تستهدف إيران أيضا إجراءات هجومية ودفاعية. فالتكتيكات الهجومية مثل وضع العناصر المستهدفة على القائمة بسبب تورطها في نشاط محظور بداية من الإرهاب وحتى انتشار الأسلحة. كما أن وزارة الخزانة الأمريكية أو نُظراءها في الخارج يحرمون تلك الشركات وبصورة استباقية أو الأفراد من الوصول إلى النظام المالي الدولي.
وأما الأدوات الدفاعية على الجانب الآخر فهي ما يحمي السوق من خلال مقاطعة البنوك أو الشركات أو الأفراد الذين يواصلون التعامل التجاري مع كيانات خطرة مثل إيران رغم معرفتهم بأوجه الخطورة. والفقرة 311 من القانون الوطني الأمريكي على سبيل المثال تعطي وزارة الخزانة السلطة في حرمان الكيانات الميالة للخطر – المعرَّفة على أنها كيانات إما معرضة لغسيل الأموال أو تمويل الإرهاب أو متورطة في هذين النشاطين – من الوصول إلى النظام المالي الأمريكي. والأدوات الدفاعية لا تستهدف بطريقة هجومية الشركات أو الأفراد المنتهكين للحظر لكنها تعمل كإجراءات بديلة مؤقتة لحماية النظام المالي الأمريكي ضد أن يُساء استخدامه. وتبعات الحرمان من الوصول إلى واحد من أهم أسواق العالم يمكن أن تكون قاسية.
في المستقبل
ـ حتى يتحقق لها النجاح يجب أن تكون الإجراءات المالية المستهدفة معقولة وهذا ربما يتطلب جهود متابعة تتراوح من عقوبات إضافية إلى احتمالية القيام بعمل عسكري، في حال أن إيران قد فشلت في الاستجابة للالتزامات التي يفرضها المجتمع الدولي على برنامجها النووي المثير للجدل.
ـ إيجاد التركيبة الصحيحة من العقوبات المالية أمر مهم، وتشمل مجموعة الأدوات عقوبات إقليمية وأحادية ومتعددة الأطراف وأخرى رسمية وأخرى غير رسمية وإجراءات هجومية وأخرى دفاعية وعقوبات مستهدفة وأخرى تشمل الدولة.
ـ بسبب قدرة التكرير غير الكافية فإن إيران ما تزال تستورد 30% من نفطها من معامل تكرير أجنبية بغرض الاستهلاك المحلي. والحد من قدرة إيران على استيراد البترول المكرر يمكن أن يكون أداة قوية في استغلال احدى نقاط الضعف الرئيسية لدى النظام.