ارشيف من :آراء وتحليلات
الدروب الملتوية في الانتخابات البرلمانية المصرية
القاهرة ـ مجدي رياض
بعد ايام قليلة تتكشف الدروب الملتوية والوعرة لمسار الانتحابات البرلمانبة المصرية، فالصفقات التى عقدتها الحكومة وحزبها مع الاحزاب الرسمية سوف تبرز، والممارسات الامنية من عنف واعتقال وتزوير سوف يرفع الغطاء عنها، ومحاولة اقصاء جماعة الاخوان المسلمين عن مجلس الشعب سوف تتضح نتائجها ويتحدد حجمها واتجاهاتها فى المرحلة المقبلة، اما التحرك الامريكى على استحياء والصمت الاوروبي على الرقابة الدولية فسوف ينجلي وتتضح ابعاده للجميع، بايجاز غير مخل سوف يخرج الجميع من مستنقع الحكومة ودروبها الملتوية ويواجهون حساباتهم فى المرحلة القادمة، اما الجماهير الحاضر/ الغائب في المشهد الانتخابي فلها حسابات اخرى.
فالناس قد ضاقت بها السبل وطرقت كل ابواب التعبير عن الغضب مما يجري ولم تستجب الحكومة، لكنهم انتظروا التغيير عبر صناديق الاقتراع الا انهم لمسوا مظاهر التضييق والعبث فانتظروا يترقبون النتائج ليتضح حدود ومدى التغيير، ولم لا ؟ فالانتخابات هي عملية لصنع القرار يقوم بها الشعب باختيار فرد منهم لمنصب رسمي، وهي ما تسلكه الديمقراطية الحديثة لملء المقاعد في المجلس التشريعي، وأحيانا في السلطة التنفيذية والسلطة القضائية، والحكم المحلي والإقليمي.
وفى الوقت ذاته فللعملية الانتخابية مقوِّمات يجب ان تراعي ويمكن الاستدلال بها، منها نوع النظام الانتخابي، وحقّ الاقتراع، وسجلّ الناخبين، والقواعد المنظِّمة للأحزاب والمرشَّحين والحملات والعمليات الانتخابية.. الخ.
الاقصاء والصفقات
منذ بداية العام استعدت الحكومة وحزبها للحوار مع الاحزاب المعارضة الرسمية كالوفد والتجمع والناصري، وتواترت الانباء عن صفقات تتم ومقايضات تدور برز جزء من ملامحها في انتخابات وتعيينات مجلس الشورى.
القاسم المشترك بين هذه الاطراف المتحاورة هو كيفية اقصاء جماعة الاخوان المسلمين عن مجلس الشعب، وفي اسوأ الاحوال كيفية تقليص عدد المرشحين الفائزين في المجلس وتوزيع اماكن مقاعدهم على تلك الاحزاب، وكانت تجربة التجمع واسلوب الدكتور رفعت السعيد وراء هذا الحوار وتلك الصفقة، وظل السعيد وقيادات الاحزاب المشاركة معه في الصفقة يقفون بشدة وحزم ضد كل دعوة لمقاطعة الانتخابات او أي سعي نحو التنسيق مع القوى والاحزاب الاخرى، فوجئ اصحاب الصفقة باتفاقات منفردة بين الوفد والحزب الوطني، فكان للوفد الغلبة بحكم امكانياته المالية الضخمة وقدراته الدعائية الكبيرة والتغيرات التي احدثها في قياداته وسياسته الاعلامية، صحيح ان الوفد قد تعرض للتضييق والحصار ومنها عدم الموافقة على بث الدعاية الإنتخابية له على تليفزيون الدولة في بدء الدعاية الانتخابية، لكن هذه الواقعة تم توظيفها لمصلحة الوفد ليظهر كبديل قوي للحزب الوطني والمعارضة وجماعة الاخوان، وكلها مؤشرات تظهر كيف أن النتيجة سوف تكون محسومة.
لقد اصبح الحديث عن الضمانات لنزاهة الانتخابات غير ذي بال وتعالت الاصوات التي تشجب الرقابة الاجنبية، وتقلصت الاحلام الى ما دون الحد الادنى، فتم استبعاد القضاة وتشكلت لجنة حكومية عليا للانتخابات علق على صلاحياتها أحد قضاة مصرالمستشار احمد مكي نائب رئيس محكمة النقض وفق ما نشرته جريدة اليوم السابع في 26 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي قائلا (ان صلاحيات اللجنة العليا للانتخابات محدودة، ولن تقوم فى مصر مؤسسة قادرة على حماية نزاهة الانتخابات إذا رأت الحكومة تزويرها، مستطردا أن مؤسسات الدولة ذات نظم فردية وهذا هو حجمها الحقيقي).
ـ إن الجو العام للانتخابات القادمة يشكك في نزاهتها، فبعد استحداث تلك اللجنة تمت محاصرة الإخوان والضغط عليهم لتخليهم عن الشعار الذين يرفعونه وهو"الاسلام هو الحل"، ومن ثم الزج بأعداد منهم في السجون والتحقيق معهم، فكل شيء سببه الاخوان المسلمون ( بينما يسمح للحزب الوطني وحكومته والمتحالفين معه من الاحزاب الاخرى ان يقولوا ما يروه في الاسلام وفي الشعارات المختلفة)، فالكل متورط في معركة الشعارات المغلقة والكل لا يجدد أفكاره او برنامجه، لكنهم لا يعترفون ويختزلون الإدانة في الاخوان وفي افكارهم وضرورة اقصائهم بالعقبات الادارية والامنية والقضائية.
ـ الخلاف مع الاخوان يمكن ان يصاغ عبر النقاش او تفنيد ارائهم فكريا او اعلاميا وكذلك سياسيا، لكن لا احد يريد ذلك؟؟ ولا يسعى لتحقيق ذلك؟؟ والحكومة لا تبذل جهدا فى هذا لان كل ما تبغيه هو ازاحة خصم جماهيري ومنظم من المنافسة المؤثرة بالانتخابات، والمتحالفون معها من الاحزاب اغرتهم اللعبة حيث يطمحون لملء فراغ غيبة الاخوان بلا جهد او مشقة، وهكذا هدف الجميع الانتخابات وهدف الحكومة الانتخابات والحكم ولا مانع من الاتفاق مع الاخوان اذا ما فازوا، والتنسيق في قرارات واحكام مجلس الشعب ولا ضرر من معارضة او نقد منهم او غضب الشعب فالمهم هو الحكم.
وشهدت الاستعدادات لانتخابات مجلس الشعب، تزايد المصادمات بين قوات الأمن وأنصار مرشحي جماعة الإخوان في عدد من المحافظات، وتبادل الاتهامات بين الجماعة ووزارة الداخلية، بالاضافة الى اعتقال أجهزة الأمن لمئات من اعضاء الجماعة في عدد من المحافظات، واتهم الدكتور إبراهيم العراقي مرشح الجماعة، قوات الأمن باستخدام البلطجية، وبينما تواصل الصحف الحكومية والقنوات التلفزيونية الحديث عن الدين والسياسة وضرورة المشاركة بالانتخابات وتستفتي علماء ورجال دين حول تلك القضايا، فوجئ الجميع بدائرة قصر النيل بوسط القاهرة بتقديم جمال طه، المرشح المستقل على مقعد العمال، ومرشح حزب التجمع على المقعد نفسه، شكوى إلى اللجنة العليا للانتخابات، ضد عبد العزيز مصطفى، وكيل مجلس الشعب، مرشح الحزب الوطني، على مقعد العمال بالدائرة، يتهمانه فيها باستغلال منصبه وموقعه كرئيس مجلس إدارة مسجد نبيهة يكن وتنظيم ورشة عمل داخل حرم المسجد واستغلال الحرفيين، الذين يقومون بأعمال التجديد والترميم، في صناعة لافتات دعاية انتخابية له باستخدام خامات ترميم المسجد.
المال السياسي
على صعيد آخر طالب النائب مصطفي بكري، المستشار السيد عبد العزيز عمر رئيس اللجنة العليا للانتخابات، بتفعيل أحكام القانون فيما يتعلق بمخالفة الدعاية الانتخابية، والتي تتمثل في شطب اسم المرشح من قائمة المرشحين في الدائرة الانتخابية إذا ثبت إنفاق الأموال العامة وأموال شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام والشركات التي تسهم الدولة في رأس مالها في أغراض الدعاية الانتخابية.
وقال بكري، "إن ما تم صرفه في دعاية الوزير مشعل حتى الآن يصل إلى 40 مليون جنيه من أموال الإنتاج الحربي التي هي أموال الدولة وهي الوحيدة صاحبة التصرف فيها، مطالبا رئيس الوزراء بوقف إهدار المال العام الذي يقوم به الدكتور سيد مشعل في حملته الانتخابية".
عندما تحركت عجلة الانتخابات بدأت معها مظاهر انسياب المال من رشى المرشحين للناخبين او لنقل قيادات الناخبين في الاحياء الشعبية والقرى والمناطق النائية، وتعالت الاصوات في جلسات الاستعداد او المزايدات او المفاوضات مع تداول الارقام والمبالغ المتوقعة والمرصودة، وفتح ملف المال السياسي على مصراعيه واجتاح الجميع الرغبة فى الكتابة او التعليق والترجمة لهذه المسألة .
وفوجئنا باموال تبرز وتضخ، حتى ان دراسة أعدها مركز «الجبهة للدراسات» توقعت أن يصل حجم الإنفاق المالي بانتخابات مجلس الشعب الحالية إلى 19 مليار جنيه (3.5 مليار دولار)، ذلك فى ظل الارتفاع المجنون للاسعار وانكفاء الشعب على عملية حساب المصروفات والالتزامات لاسبوع او ليوم.
صحيح ان الحكومة بلجنتها الانتخابية العامة قد وضعت سقفا لإنفاق المرشح على الدعاية، وهو 200 ألف جنيه بحد أقصى لكل مرشح في الجولة الأولى، ومئة ألف جنيه في انتخابات الإعادة، لكن هذا السقف اذا ما التزم المرشح به فان أعداد المرشحين ستتضاعف، ففي انتخابات 2005 بلغ نحو 4300 مرشح، وقدر حجم إنفاقهم وقتها على الدعاية بنحو 6 مليارات جنيه، ويزيد عدد المرشحين على 5 آلاف مرشح فى انتخابات 2010، فمن يقدر على هذه الانتخابات؟ ومن إين تاتي المعارضة باموال تغطى الدعاية؟
ثم ماذا سيجني المرشح الذي يدفع ربع مليون وفق قول الحكومة وقد يتعدى البعض 20 مليون جنيه على حد رصد بعض الدراسات.
ان المال السياسي يميل كفته دوما وفي مجال الدعاية الانتخابية تحديدا لمصلحة مالكي رؤوس الاموال وعدم وجود سقف محدد للصرف على الانتخابات، فضلا عن مصادر التمويل الاجنبية، او مصادر التمويل المجهولة، وهناك من يتهم بعض الكتل باستغلال المال العام.
ان المال السياسى غير المنضبط او الذي لا تحكمه رؤية سياسية وقانونية يشكل في النهاية احد منابع ومظاهر الفساد المالي والسياسي.
الانتخابات البرلمانية المصرية تسلك نفس الدروب وتستخدم ذات الاساليب المتبعة في تجاربها السابقة، وفي هذه الدورة الحكومة تضيق ذرعا بالصوت المعارض ولا تقبل بوجوده، وتسعى بالصفقات وبالمال وبابعاد الرقابة الخارجية نحو الانفراد بالقرار والحكم وتنفيذ مخططاتها،
بعد ايام قليلة تتكشف الدروب الملتوية والوعرة لمسار الانتحابات البرلمانبة المصرية، فالصفقات التى عقدتها الحكومة وحزبها مع الاحزاب الرسمية سوف تبرز، والممارسات الامنية من عنف واعتقال وتزوير سوف يرفع الغطاء عنها، ومحاولة اقصاء جماعة الاخوان المسلمين عن مجلس الشعب سوف تتضح نتائجها ويتحدد حجمها واتجاهاتها فى المرحلة المقبلة، اما التحرك الامريكى على استحياء والصمت الاوروبي على الرقابة الدولية فسوف ينجلي وتتضح ابعاده للجميع، بايجاز غير مخل سوف يخرج الجميع من مستنقع الحكومة ودروبها الملتوية ويواجهون حساباتهم فى المرحلة القادمة، اما الجماهير الحاضر/ الغائب في المشهد الانتخابي فلها حسابات اخرى.
فالناس قد ضاقت بها السبل وطرقت كل ابواب التعبير عن الغضب مما يجري ولم تستجب الحكومة، لكنهم انتظروا التغيير عبر صناديق الاقتراع الا انهم لمسوا مظاهر التضييق والعبث فانتظروا يترقبون النتائج ليتضح حدود ومدى التغيير، ولم لا ؟ فالانتخابات هي عملية لصنع القرار يقوم بها الشعب باختيار فرد منهم لمنصب رسمي، وهي ما تسلكه الديمقراطية الحديثة لملء المقاعد في المجلس التشريعي، وأحيانا في السلطة التنفيذية والسلطة القضائية، والحكم المحلي والإقليمي.
وفى الوقت ذاته فللعملية الانتخابية مقوِّمات يجب ان تراعي ويمكن الاستدلال بها، منها نوع النظام الانتخابي، وحقّ الاقتراع، وسجلّ الناخبين، والقواعد المنظِّمة للأحزاب والمرشَّحين والحملات والعمليات الانتخابية.. الخ.
الاقصاء والصفقات
منذ بداية العام استعدت الحكومة وحزبها للحوار مع الاحزاب المعارضة الرسمية كالوفد والتجمع والناصري، وتواترت الانباء عن صفقات تتم ومقايضات تدور برز جزء من ملامحها في انتخابات وتعيينات مجلس الشورى.
القاسم المشترك بين هذه الاطراف المتحاورة هو كيفية اقصاء جماعة الاخوان المسلمين عن مجلس الشعب، وفي اسوأ الاحوال كيفية تقليص عدد المرشحين الفائزين في المجلس وتوزيع اماكن مقاعدهم على تلك الاحزاب، وكانت تجربة التجمع واسلوب الدكتور رفعت السعيد وراء هذا الحوار وتلك الصفقة، وظل السعيد وقيادات الاحزاب المشاركة معه في الصفقة يقفون بشدة وحزم ضد كل دعوة لمقاطعة الانتخابات او أي سعي نحو التنسيق مع القوى والاحزاب الاخرى، فوجئ اصحاب الصفقة باتفاقات منفردة بين الوفد والحزب الوطني، فكان للوفد الغلبة بحكم امكانياته المالية الضخمة وقدراته الدعائية الكبيرة والتغيرات التي احدثها في قياداته وسياسته الاعلامية، صحيح ان الوفد قد تعرض للتضييق والحصار ومنها عدم الموافقة على بث الدعاية الإنتخابية له على تليفزيون الدولة في بدء الدعاية الانتخابية، لكن هذه الواقعة تم توظيفها لمصلحة الوفد ليظهر كبديل قوي للحزب الوطني والمعارضة وجماعة الاخوان، وكلها مؤشرات تظهر كيف أن النتيجة سوف تكون محسومة.
لقد اصبح الحديث عن الضمانات لنزاهة الانتخابات غير ذي بال وتعالت الاصوات التي تشجب الرقابة الاجنبية، وتقلصت الاحلام الى ما دون الحد الادنى، فتم استبعاد القضاة وتشكلت لجنة حكومية عليا للانتخابات علق على صلاحياتها أحد قضاة مصرالمستشار احمد مكي نائب رئيس محكمة النقض وفق ما نشرته جريدة اليوم السابع في 26 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي قائلا (ان صلاحيات اللجنة العليا للانتخابات محدودة، ولن تقوم فى مصر مؤسسة قادرة على حماية نزاهة الانتخابات إذا رأت الحكومة تزويرها، مستطردا أن مؤسسات الدولة ذات نظم فردية وهذا هو حجمها الحقيقي).
ـ إن الجو العام للانتخابات القادمة يشكك في نزاهتها، فبعد استحداث تلك اللجنة تمت محاصرة الإخوان والضغط عليهم لتخليهم عن الشعار الذين يرفعونه وهو"الاسلام هو الحل"، ومن ثم الزج بأعداد منهم في السجون والتحقيق معهم، فكل شيء سببه الاخوان المسلمون ( بينما يسمح للحزب الوطني وحكومته والمتحالفين معه من الاحزاب الاخرى ان يقولوا ما يروه في الاسلام وفي الشعارات المختلفة)، فالكل متورط في معركة الشعارات المغلقة والكل لا يجدد أفكاره او برنامجه، لكنهم لا يعترفون ويختزلون الإدانة في الاخوان وفي افكارهم وضرورة اقصائهم بالعقبات الادارية والامنية والقضائية.
ـ الخلاف مع الاخوان يمكن ان يصاغ عبر النقاش او تفنيد ارائهم فكريا او اعلاميا وكذلك سياسيا، لكن لا احد يريد ذلك؟؟ ولا يسعى لتحقيق ذلك؟؟ والحكومة لا تبذل جهدا فى هذا لان كل ما تبغيه هو ازاحة خصم جماهيري ومنظم من المنافسة المؤثرة بالانتخابات، والمتحالفون معها من الاحزاب اغرتهم اللعبة حيث يطمحون لملء فراغ غيبة الاخوان بلا جهد او مشقة، وهكذا هدف الجميع الانتخابات وهدف الحكومة الانتخابات والحكم ولا مانع من الاتفاق مع الاخوان اذا ما فازوا، والتنسيق في قرارات واحكام مجلس الشعب ولا ضرر من معارضة او نقد منهم او غضب الشعب فالمهم هو الحكم.
وشهدت الاستعدادات لانتخابات مجلس الشعب، تزايد المصادمات بين قوات الأمن وأنصار مرشحي جماعة الإخوان في عدد من المحافظات، وتبادل الاتهامات بين الجماعة ووزارة الداخلية، بالاضافة الى اعتقال أجهزة الأمن لمئات من اعضاء الجماعة في عدد من المحافظات، واتهم الدكتور إبراهيم العراقي مرشح الجماعة، قوات الأمن باستخدام البلطجية، وبينما تواصل الصحف الحكومية والقنوات التلفزيونية الحديث عن الدين والسياسة وضرورة المشاركة بالانتخابات وتستفتي علماء ورجال دين حول تلك القضايا، فوجئ الجميع بدائرة قصر النيل بوسط القاهرة بتقديم جمال طه، المرشح المستقل على مقعد العمال، ومرشح حزب التجمع على المقعد نفسه، شكوى إلى اللجنة العليا للانتخابات، ضد عبد العزيز مصطفى، وكيل مجلس الشعب، مرشح الحزب الوطني، على مقعد العمال بالدائرة، يتهمانه فيها باستغلال منصبه وموقعه كرئيس مجلس إدارة مسجد نبيهة يكن وتنظيم ورشة عمل داخل حرم المسجد واستغلال الحرفيين، الذين يقومون بأعمال التجديد والترميم، في صناعة لافتات دعاية انتخابية له باستخدام خامات ترميم المسجد.
المال السياسي
على صعيد آخر طالب النائب مصطفي بكري، المستشار السيد عبد العزيز عمر رئيس اللجنة العليا للانتخابات، بتفعيل أحكام القانون فيما يتعلق بمخالفة الدعاية الانتخابية، والتي تتمثل في شطب اسم المرشح من قائمة المرشحين في الدائرة الانتخابية إذا ثبت إنفاق الأموال العامة وأموال شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام والشركات التي تسهم الدولة في رأس مالها في أغراض الدعاية الانتخابية.
وقال بكري، "إن ما تم صرفه في دعاية الوزير مشعل حتى الآن يصل إلى 40 مليون جنيه من أموال الإنتاج الحربي التي هي أموال الدولة وهي الوحيدة صاحبة التصرف فيها، مطالبا رئيس الوزراء بوقف إهدار المال العام الذي يقوم به الدكتور سيد مشعل في حملته الانتخابية".
عندما تحركت عجلة الانتخابات بدأت معها مظاهر انسياب المال من رشى المرشحين للناخبين او لنقل قيادات الناخبين في الاحياء الشعبية والقرى والمناطق النائية، وتعالت الاصوات في جلسات الاستعداد او المزايدات او المفاوضات مع تداول الارقام والمبالغ المتوقعة والمرصودة، وفتح ملف المال السياسي على مصراعيه واجتاح الجميع الرغبة فى الكتابة او التعليق والترجمة لهذه المسألة .
وفوجئنا باموال تبرز وتضخ، حتى ان دراسة أعدها مركز «الجبهة للدراسات» توقعت أن يصل حجم الإنفاق المالي بانتخابات مجلس الشعب الحالية إلى 19 مليار جنيه (3.5 مليار دولار)، ذلك فى ظل الارتفاع المجنون للاسعار وانكفاء الشعب على عملية حساب المصروفات والالتزامات لاسبوع او ليوم.
صحيح ان الحكومة بلجنتها الانتخابية العامة قد وضعت سقفا لإنفاق المرشح على الدعاية، وهو 200 ألف جنيه بحد أقصى لكل مرشح في الجولة الأولى، ومئة ألف جنيه في انتخابات الإعادة، لكن هذا السقف اذا ما التزم المرشح به فان أعداد المرشحين ستتضاعف، ففي انتخابات 2005 بلغ نحو 4300 مرشح، وقدر حجم إنفاقهم وقتها على الدعاية بنحو 6 مليارات جنيه، ويزيد عدد المرشحين على 5 آلاف مرشح فى انتخابات 2010، فمن يقدر على هذه الانتخابات؟ ومن إين تاتي المعارضة باموال تغطى الدعاية؟
ثم ماذا سيجني المرشح الذي يدفع ربع مليون وفق قول الحكومة وقد يتعدى البعض 20 مليون جنيه على حد رصد بعض الدراسات.
ان المال السياسي يميل كفته دوما وفي مجال الدعاية الانتخابية تحديدا لمصلحة مالكي رؤوس الاموال وعدم وجود سقف محدد للصرف على الانتخابات، فضلا عن مصادر التمويل الاجنبية، او مصادر التمويل المجهولة، وهناك من يتهم بعض الكتل باستغلال المال العام.
ان المال السياسى غير المنضبط او الذي لا تحكمه رؤية سياسية وقانونية يشكل في النهاية احد منابع ومظاهر الفساد المالي والسياسي.
الانتخابات البرلمانية المصرية تسلك نفس الدروب وتستخدم ذات الاساليب المتبعة في تجاربها السابقة، وفي هذه الدورة الحكومة تضيق ذرعا بالصوت المعارض ولا تقبل بوجوده، وتسعى بالصفقات وبالمال وبابعاد الرقابة الخارجية نحو الانفراد بالقرار والحكم وتنفيذ مخططاتها،