ارشيف من :أخبار اليوم
العدو يجتر تهديداته لضيق الخيارات
كتب محررالشؤون العبرية
وصف قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، اللواء "غادي ايزنكوت"، في سياق كلمة ألقاها في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي في جامعة حيفا، الشيعة في لبنان بأنهم يشكلون "مركز الثقل الحقيقي" لحزب الله، مشيرا إلى ان الجيش الإسرائيلي سيستهدف القرى في جنوب لبنان، في أي حرب مستقبلية.
حول ذلك يمكن الإشارة إلى النقاط التالية:
ان مفهوم "مركز الثقل" الذي استخدمه ايزنكوت في كلمته، ليس مجرد تعبير لفظي عابر وانما تعبير عن رؤية إسرائيلية لمكامن قوة وضعف حزب الله، وما تركيز القادة الإسرائيليين على هذه القضية في السنوات الأخيرة، إلا جراء فشل كل محاولات القضاء او تحجيم حزب الله. وبحسب القراءة الإسرائيلية إن العامل الأساسي الذي مكَّن حزب الله من الوقوف بوجه كل الرياح العاتية الخارجية والداخلية، يعود إلى تماهيه مع المجتمع الشيعي واحتضان الأخير له، الأمر الذي وفر له مقومات الصمود والقوة التي تمكنه من مواجهة اعتي الجيوش في المنطقة.
في النظريات الكلاسيكية، يتمثل "مركز الثقل" بنقاط الضعف المادية او الأدائية في منظومة الجيوش العملياتية والتي يفترض ان يؤدي مهاجمتها إلى إفقاد العدو حريته في العمل الاستراتيجي ومواصلة القتال أو على الأقل "هز نماذجه القتالية". لكن في حالة حزب الله، الذي يتبنى اخفاء مراكز الثقل العملياتي عبر التحول إلى خلايا مستقلة تضيع معها معالم العمود الفقري الحربي لديه، يصبح من المتعذر توجيه ضربات محدودة او موضعية قاضية مهما كانت شديدة.
أمام انسداد الخيارات حاول العدو تشخيص مراكز ثقل بديلة لدى حزب الله التي يرى ان استهدافها يشكل ضغطا على حزب الله، كمقدمة للتهويل باستهداف القرى الشيعية في الحرب المقبلة. بهدف تحويل مكمن القوة هذه إلى نقطة ضعف عبر تأليبها عليه.
لكن مشكلة العدو انه يستنسخ التجارب والرؤى السابقة، اذ ان حرب العام 2006، لم تكن إلا ترجمة لهذه الرؤية، والا ما معنى هذا التدمير الهائل في الضاحية والعديد من القرى الجنوبية والبقاع، وتحديدا في البقاع الشمالي. ومع ذلك ففد باءت كل هذه المحاولات بالفشل وما تهديد العدو باستهداف مراكز ثقل حزب الله، إلا لضيق الخيارات امامه وانعدام السبل التي يمكن ان يراهن عليها للقضاء على حزب الله.
من جهة أخرى، هناك عامل أساسي استجد بعد حرب العام 2006، يتمثل بتنامي القدرات التدميرية لصواريخ حزب الله، وكمياتها ومدياتها ودقتها في الإصابة، الأمر الذي يُمكِّنه من إنتاج معادلة ردع تماثلي، بعدما بات بإمكان حزب الله الرد على السياسة التدميرية للجيش الإسرائيلي بإتباع سياسة مشابهة تجاه عمق الجبهة الداخلية.
وعليه لم يقدم العدو أي جديد بوصف البيئة الشيعية على أنها مركز ثقل حزب الله، وانما يلجأ إلى التكرار بعدما استنفذ كل خياراته العسكرية والأمنية، ولم يعد أمامه سوى الاجترار والاستناد إلى ما يمكن أن تحققه المحكمة الدولية.