ارشيف من :آراء وتحليلات

المرجعات الدينية.. دعوات متواصلة لإصلاح الواقع

المرجعات الدينية.. دعوات متواصلة لإصلاح الواقع

بغداد ـ عادل الجبوري


لا تتردد كبرى المرجعيات الدينية في مدينة النجف الأشرف في إظهار استيائها وتذمرها وعدم رضاها عن الوضع القائم بجوانبه الأمنية والسياسية والخدمية، ولعل منابر خطب صلاة الجمعة والمناسبات الدينية تشهد إشارات على الكثير من مواطن الضعف والقصور والتقصير في الاداء الحكومي والانعكاسات السلبية للصراعات السياسية بين القوى والأحزاب المختلفة على الواقع الحياتي اليومي للمواطن العراقي العادي.

المؤتمر الفصلي الثامن عشر للمبلغين والمبلغات الذي نظمته مؤسسة شهيد المحراب للتبليغ الاسلامي الخميس الماضي في مدينة النجف الأشرف على اعتاب شهر محرم الحرام، كان فرصة ومناسبة لاعادة التأكيد على ما هو مطلوب، وتوجيه النقد لما هو خاطئ وسلبي.
وتضمن المؤتمر كلمات لعدد من كبار مراجع الدين في النجف الأشرف تمحورت أفكارها ومضامينها عند نقاط محددة وواضحة تعكس الهم العام للشعب العراقي.

فآية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم دعا الساسة وأصحاب الشأن بالعملية السياسية وتشكيل الحكومة الى النهوض بأعباء الامانة وعدم النكوص بأداء الواجب الخطير لمصالح حزبية وفئوية، وأن يضعوا نصب أعينهم المصالح العليا للشعب العراقي، وحث المرجع الحكيم السلطة السياسية بكافة مفاصلها على السعي الجاد لمكافحة الارهاب والتصدي للمجرمين والجديّة في معالجة النقص في الخدمات وتخفيف المعاناة عن المواطنين.

اما آية الله العظمى الشيخ محمد اسحاق الفياض فقد دعا الحكومة العراقية الجديدة الى توفير الخدمات الحياتية الأساسية كالسكن والخدمات والوقود، وحث على نبذ الفتنة الطائفية والصراعات والنزاعات والعيش في سلام وامان بين جميع ابناء البلد الواحد. وفي الوقت ذاته طالب السياسيين بالتخلي عن المصالح الشخصية والمنافع الخاصة وإعطاء الأولوية لمصالح الشعب قبل مصالحهم.

والمسألة المهمة التي دعا اليها الشيخ الفياض، هي تخفيض رواتب وامتيازات كبار المسؤولين من وزراء ووكلاء وزارات وأعضاء برلمان فضلا عن الرئاسات الثلاث، وأعضاء مجالس المحافظات وأصحاب الدرجات الخاصة وتقليل الهوة بين تلك الرواتب ورواتب عموم موظفي الدولة.

من جهته شدد آية الله العظمى الشيخ بشير النجفي على ضرورة تشكيل حكومة وطنية رصينة والاستفادة من أخطاء الماضي وسد النقص في الخدمات والبطاقة التموينية والبطالة والاهتمام بالصناعة والزراعة وعدم الاعتماد على الاستيراد، كما دعا السياسيين الى حفظ الأمانة وعدم الخيانة، كون ذلك واجبا شرعيا ووطنيا، وتوزيع المناصب على أساس الكفاءة والنزاهة والوطنية والتدين لا الحزبية والفئوية، مؤكداً ان مراجع الدين لن يهدأ لهم بال في ظل هذا الوضع وانهم لن يتركوا وسيلة معقولة لاصلاح امور هذا الشعب.

وكان المرجع الديني الكبير اية الله العظمى السيد علي السيستاني قد دعا في وقت سابق الى ابعاد التشكيلة الحكومية الجديدة عن الاجندات والمصالح الحزبية الفئوية وابعادها عن التدخلات الخارجية. اضف الى ذلك ان مختلف خطباء الجمعة وائمة المساجد ركزوا في خطبهم خلال الأسابيع القليلة الماضية على مجمل المشاكل والازمات التي يعيشها الشعب العراقي، ووجهوا انتقادات حادة ولاذعة لمؤسسات الدولة بسبب الاداء الضعيف والبعيد عن المهنية والحافل بمختلف مظاهر الفساد الاداري والمالي خلال الأعوام الخمسة الماضية.

واكثر من ذلك فانه طيلة الشهور التسعة الماضية، التي اعقبت اجراء الانتخابات البرلمانية العامة في السابع من شهر اذار/مارس الماضي، تحدث مراجع الدين الكبار بصورة واضحة وعبروا عن عدم رضاهم عن أساليب بعض أو معظم القوى والشخصيات السياسية في التعاطي مع مسألة تشكيل الحكومة، وعدم اكتراثهم لمشاكل وهموم الناس المتعلقة في مجملها بالجوانب الخدمية الحياتية والامنية.

وتنقل بعض الاوساط القريبة الى المرجعيات الدينية في النجف الأشرف أن الأخيرة ليست متفائلة كثيرا بمسارات العملية السياسية، لسبب بسيط وهو ان مبدأ الشراكة الوطنية الذي يتحدث عنه الجميع، راح يقحم في قالب المحاصصة بعناوينها الطائفية والقومية والدينية والحزبية وحتى المناطقية، ناهيك عن ان مبدأ الكفاءة والنزاهة المطلوب لاختيار الوزراء واصحاب المواقع العليا اخذ يفرغ من محتواه ومضمونه كما في السابق جراء المساومات السياسية بين الاطراف المعنية بتشكيل الحكومة.
2010-12-07