ارشيف من :آراء وتحليلات
فليأتِ القرار الظني.. ولكل مقال مقام!!
لؤي توفيق حسن(*)
"عندما تقع الحروب لا يكون السؤال من هو على خطأ او على صواب بل من سيبقى على قيد الحياة". (راسيل)
بعض الغيارى الذين يخشون بأن يتسبب (القرار الإتهامي) بحريق داخلي في لبنان. يأخذهم الحرص والقلق والحماسة بالآن عينه، للمجاهرة بالرأي ومؤداه: "إذا كان قرار المحكمة الدولية سيشعل نيراناً في الداخل اللبناني إرضاءً لشهوة إسرائيل فلماذا لا تستبقه المقاومة بحريقٍ تشعله داخل إسرائيل فيما المسجد الأقصى المهدد بالتداعي ينتظر من ينقذه من العرب والمسلمين. وليتحمل المتقاعسون منهم مسؤولية تخاذلهم فيما بعد".
وينطلق هؤلاء الغيارى من ثقتهم بقدرات المقاومة وصدق قائدها الذي أكد بأن "إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت".
لا يبدو ما سبق مخالفاً في الشكل للمنطق القائم على الفعل ورد الفعل. ولا يبدو مستهجناً لمن يتفهم مشاعر جمهور المقاومة وقلقه. ونعني بالجمهور هنا شرائح تطال جميع الطوائف والمناطق. غير أن المسألة أبعد من كل هذا فقضايا الحرب والسلم دونها حسابات معقدة لا نملك معطياتها حتى نسمح لأنفسنا بالغوص فيما سبق.
لكن ما يمكننا البحث فيه الآن هو عما إذا كانت الولايات المتحدة تدرك بأن أي قرار اتهامي يطال حزب الله يملك فرصاً لإثارة فتنة سنية – شيعية بالمعنى الحقيقي للكلمة، وكما تشتهي اسرائيل.
لقد بات واضحاً – وهذا هو المهم في هذه اللحظة ـ بأن عدة اسباب تحول دون تلك الفتنة. أما الموضوعي منها فهو على الأقل انتفاء شروط الإحتكاك. لجهة الفرز حيث تأييد المقاومة مسألة عابرة للطوائف هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى فإن الإصطفافات الممكنة غير متقاربة في موازين القوى الساسية والتنظيمية وغيرها.
لكن لا بد من التحوط لأن ما سبق لن يستبعد فكرة الفتنة من بعض العقول الجهنمية في واشنطن وكل المؤسسة الصهيونية في تل أبيب. ولا يسهى عن بالنا بأن سجل أمريكا في الشرق الأوسط حافل بسوابق دفعت فيها ( أصدقاءها) من العرب الى مغامرات غير محسوبة. ولا عجب فمصير هؤلاء هو آخر الهموم الأميركية. و7 أيار 2008 شاهد على ذلك.
ربما استوعب البعض الدرس باكراً في لبنان. وهو ان الرهان على أمريكا يقود الى متاهات سراديبها السياسية. ويبدو الآن ان بعض العرب قد أخذ طريقه الى الإستيعاب وينصحون بذلك حلفاءهم في الداخل اللبناني. فهم يقاربون موضوع المحكمة الدولية بعقلانية. ولكنها ما زالت تفتقر حتى اللحظة الى الشجاعة والحزم.
اما العقلانية فلأنها تتناول الأمر من منحيين: اقتصادي، وامني خلافاً للحال حتى وقت قريب او بالأحرى استثناءً لحالة إدمان الرهان على أمريكا منذ وقت طويل والتي أدت الى تعطيل عقول بعض (أصدقائها) من العرب.
اما الإقتصادي فينطلق من ان اية هزة عنيفة في لبنان بحجم ما تخطط له امريكا واسرائيل سيطيح بكمٍ غير قليل من استثمارات الأموال النفطية فيه (واستطالاتها) من رساميل لبنانية. مصالح لا تتماشى مع وضع لبناني مضطرب. هذا وبصرف النظر عن رأينا في جدوى هذه الإستثمارات ذات الطابع العقاري او المصرفي، وكلاهما لا يعطيان الإقتصاد الوطني قيمة مضافة.
اما البعد الأمني فهو مرتبط بالإقتصادي حتماً. وحيث لبنان (بارومتر) المنطقة. بمعنى ان هزة سياسية وامنية فيه وفق الإصطفاف المطلوب أميركياً واسرائيلياً سيتداعى هذه المرة على الداخل في أكثر من بلد عربي.
هذه مقاربات جديدة أخذ البعض يضعها أمامه فيما كانت غائبةً حتى الأمس القريب. غائبة وكنا ندرك غيابها بالتحليل العقلي، وباستشفاف المواقف من الواقع. وقبل وثائق "ويكيليكس" التي كشفت المستور!!. ومنها مثلاً التحريض على (تصفية) المقاومة. والحث على ضرب إيران. ترى اية جهنم كان سيفتحها هذا البعض على نفسه لو قبلت امريكا بنصيحتهم!. بل لعلنا لا نغالي إذا ما قلنا بأن امريكا في هذه النقطة بالذات كانت ابعد نظرا من هؤلاء العرب!.
ما يهمنا ـ ونحن أبناء اليوم ـ أن يتحلى من يهمهم الأمر بقدرٍ من الحزم والشجاعة كي يخرجوا من مأزق الوقوع بين مطرقة الضغوط الأمريكية وسندان مصالحهم الإقتصادية والأمنية.
أما الآخرون في الداخل اللبناني من بقايا الميلشياويين، ولفيفهم من شتات اللقاءات المنقرضة، فهم يجدّون في إداء المطلوب منهم موفِّين ما ينالونه من أُعطيات عوكر!. لكن بالرغم من هذا فإن أعينهم تظل مشدودة الى الإحتمال الصعب أي (لحظة الذروة). يحذوهم المثل الشعبي الشهير: (ما متنا. شفنا مين مات). إذ عند ساعة الحقيقة سيدركون جيداً بأنه ليس بوسع اسرائيل ان تقدم لهم شيئاً. أما أمريكا فقد تمنحهم بعض الإسعافات الأولية تعويضاً عن جراحهم.
(*) كاتب من لبنان
"عندما تقع الحروب لا يكون السؤال من هو على خطأ او على صواب بل من سيبقى على قيد الحياة". (راسيل)
بعض الغيارى الذين يخشون بأن يتسبب (القرار الإتهامي) بحريق داخلي في لبنان. يأخذهم الحرص والقلق والحماسة بالآن عينه، للمجاهرة بالرأي ومؤداه: "إذا كان قرار المحكمة الدولية سيشعل نيراناً في الداخل اللبناني إرضاءً لشهوة إسرائيل فلماذا لا تستبقه المقاومة بحريقٍ تشعله داخل إسرائيل فيما المسجد الأقصى المهدد بالتداعي ينتظر من ينقذه من العرب والمسلمين. وليتحمل المتقاعسون منهم مسؤولية تخاذلهم فيما بعد".
وينطلق هؤلاء الغيارى من ثقتهم بقدرات المقاومة وصدق قائدها الذي أكد بأن "إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت".
لا يبدو ما سبق مخالفاً في الشكل للمنطق القائم على الفعل ورد الفعل. ولا يبدو مستهجناً لمن يتفهم مشاعر جمهور المقاومة وقلقه. ونعني بالجمهور هنا شرائح تطال جميع الطوائف والمناطق. غير أن المسألة أبعد من كل هذا فقضايا الحرب والسلم دونها حسابات معقدة لا نملك معطياتها حتى نسمح لأنفسنا بالغوص فيما سبق.
لكن ما يمكننا البحث فيه الآن هو عما إذا كانت الولايات المتحدة تدرك بأن أي قرار اتهامي يطال حزب الله يملك فرصاً لإثارة فتنة سنية – شيعية بالمعنى الحقيقي للكلمة، وكما تشتهي اسرائيل.
لقد بات واضحاً – وهذا هو المهم في هذه اللحظة ـ بأن عدة اسباب تحول دون تلك الفتنة. أما الموضوعي منها فهو على الأقل انتفاء شروط الإحتكاك. لجهة الفرز حيث تأييد المقاومة مسألة عابرة للطوائف هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى فإن الإصطفافات الممكنة غير متقاربة في موازين القوى الساسية والتنظيمية وغيرها.
لكن لا بد من التحوط لأن ما سبق لن يستبعد فكرة الفتنة من بعض العقول الجهنمية في واشنطن وكل المؤسسة الصهيونية في تل أبيب. ولا يسهى عن بالنا بأن سجل أمريكا في الشرق الأوسط حافل بسوابق دفعت فيها ( أصدقاءها) من العرب الى مغامرات غير محسوبة. ولا عجب فمصير هؤلاء هو آخر الهموم الأميركية. و7 أيار 2008 شاهد على ذلك.
ربما استوعب البعض الدرس باكراً في لبنان. وهو ان الرهان على أمريكا يقود الى متاهات سراديبها السياسية. ويبدو الآن ان بعض العرب قد أخذ طريقه الى الإستيعاب وينصحون بذلك حلفاءهم في الداخل اللبناني. فهم يقاربون موضوع المحكمة الدولية بعقلانية. ولكنها ما زالت تفتقر حتى اللحظة الى الشجاعة والحزم.
اما العقلانية فلأنها تتناول الأمر من منحيين: اقتصادي، وامني خلافاً للحال حتى وقت قريب او بالأحرى استثناءً لحالة إدمان الرهان على أمريكا منذ وقت طويل والتي أدت الى تعطيل عقول بعض (أصدقائها) من العرب.
اما الإقتصادي فينطلق من ان اية هزة عنيفة في لبنان بحجم ما تخطط له امريكا واسرائيل سيطيح بكمٍ غير قليل من استثمارات الأموال النفطية فيه (واستطالاتها) من رساميل لبنانية. مصالح لا تتماشى مع وضع لبناني مضطرب. هذا وبصرف النظر عن رأينا في جدوى هذه الإستثمارات ذات الطابع العقاري او المصرفي، وكلاهما لا يعطيان الإقتصاد الوطني قيمة مضافة.
اما البعد الأمني فهو مرتبط بالإقتصادي حتماً. وحيث لبنان (بارومتر) المنطقة. بمعنى ان هزة سياسية وامنية فيه وفق الإصطفاف المطلوب أميركياً واسرائيلياً سيتداعى هذه المرة على الداخل في أكثر من بلد عربي.
هذه مقاربات جديدة أخذ البعض يضعها أمامه فيما كانت غائبةً حتى الأمس القريب. غائبة وكنا ندرك غيابها بالتحليل العقلي، وباستشفاف المواقف من الواقع. وقبل وثائق "ويكيليكس" التي كشفت المستور!!. ومنها مثلاً التحريض على (تصفية) المقاومة. والحث على ضرب إيران. ترى اية جهنم كان سيفتحها هذا البعض على نفسه لو قبلت امريكا بنصيحتهم!. بل لعلنا لا نغالي إذا ما قلنا بأن امريكا في هذه النقطة بالذات كانت ابعد نظرا من هؤلاء العرب!.
ما يهمنا ـ ونحن أبناء اليوم ـ أن يتحلى من يهمهم الأمر بقدرٍ من الحزم والشجاعة كي يخرجوا من مأزق الوقوع بين مطرقة الضغوط الأمريكية وسندان مصالحهم الإقتصادية والأمنية.
أما الآخرون في الداخل اللبناني من بقايا الميلشياويين، ولفيفهم من شتات اللقاءات المنقرضة، فهم يجدّون في إداء المطلوب منهم موفِّين ما ينالونه من أُعطيات عوكر!. لكن بالرغم من هذا فإن أعينهم تظل مشدودة الى الإحتمال الصعب أي (لحظة الذروة). يحذوهم المثل الشعبي الشهير: (ما متنا. شفنا مين مات). إذ عند ساعة الحقيقة سيدركون جيداً بأنه ليس بوسع اسرائيل ان تقدم لهم شيئاً. أما أمريكا فقد تمنحهم بعض الإسعافات الأولية تعويضاً عن جراحهم.
(*) كاتب من لبنان