ارشيف من :ترجمات ودراسات
"تشرين" : لبنان بين عوامل التفجير ومساعي التهدئة
صحيفة" تشرين" _ عبد الله خالد
تحت عنوان: "لبنان بين عوامل التفجير ومساعي التهدئة"، رأت صحيفة "تشرين" السورية، أن "من يتابع معطيات الحراك السياسي في لبنان يكتشف وجود محورين يلقيان بظلهما على أسلوب معالجة الأزمة اللبنانية التي نشأت بعد جمود في معالجة ملف شهود الزور في مجلس الوزراء، وتسريب معلومات عن قرب صدور القرار الظني عن المدعي العام بلمار يتهم فيه عناصر من حزب الله باغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري".
وبحسب الصحيفة، فأول هذه المحاور هو السباق المحموم بين عوامل التفجير ومساعي التهدئة التي تأخذ أكثر من شكل والتي يمكن ان تتبلور بأكثر من مظهر ومنها:
1- الدخول الصهيوني المباشرة على خط التفجير سواء عبر التسريبات المتلاحقة عن مضمون القرار الظني وتأكيد أنه سيتضمن اتهاماً مباشراً لـحزب الله بجريمة الاغتيال وذلك انطلاقاً من أدلة قدمها الكيان الصهيوني للجنة التحقيق التي تضم عناصر مرتبطة به من ليمان إلى تايلور وغيرهما أو عبر ضغوط تمارس على بعض قضاة المحكمة وفي طليعتهم رئيس المحكمة القاضي أنطونيو كاسيزي الذي يعد الصديق الحميم للصهاينة أو عبر الطلب من اللوبي الصهيوني ان يمارس ضغوطاً على الإدارة الأميركية لمنع أي تفكير بالتوصل إلى أي حلول يمكن أن ترفع الاتهام الظالم عن حزب الله أو تحريض أدواتها في لبنان على السير وفق هذا المخطط.
2- مسارعة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية السفير جيفري فيلتمان إلى ممارسة ضغوط لعرقلة أي جهد يمكن أن يحقق التوافق بين اللبنانيين ويمنع تفجير الفتنة التي تشكل الهدف الرئيس للقرار الاتهامي الذي سيصدره المدعي العام الدولي القاضي دانييل بيلمار. وضمن هذا الإطار جاءت زيارته للرياض وبيروت وباريس واتصالاته مع قيادات فريق 14 آذار وتحريضها على ممارسة ضغوط على الرئيس الحريري لمنعه من الاستجابة للمسعى السعودي-السوري.
3- دخول بعض النظام الرسمي العربي على خط توجيه النصائح لرئيس الحكومة سعد الحريري وحثه على عدم تقديم أي تنازل قبل صدور القرار الظني، والتلميح له بإمكانية تقديم أي مساعدة ممكنة له في الوقت المناسب انطلاقاً من أهمية وضرورة إضعاف "حزب الله" والقوى التي تسانده.
4- في المقابل تتكثف المساعي السورية-السعودية التي بدأت بعد القمة الثلاثية التي عقدت في قصر بعبدا وتمكنت من صياغة مجموعة من البنود يمكن ان تسهم في تحقيق الحل المنشود أو تؤدي إلى تأجيل القرار الظني بانتظار بلورة ذلك الحل الذي تسعى إيران وتركيا وقطر، وإلى حد ما فرنسا، لدعمه وإزالة العراقيل من طريقه.
ووفق الصحيفة، فالمحور الثاني يتجسد بالحراك الداخلي سواء عبر الحكومة أو المعارضة. وضمن هذا الإطار استمر رفض المعارضة عقد جلسة للحكومة لا يكون بندها الأول بحث ملف شهود الزور والتصويت على إحالته إلى المجلس العدلي وترافق ذلك مع تجميد لجلسات هيئة الحوار الوطني التي كانت تعقد في قصر بعبدا.
وأضافت أنه "رغم ذلك فإن رئيس الحكومة ما زال يرفض إحالة الملف إلى المجلس العدلي ويرفض التصويت في الحكومة الذي سيؤدي حتماً إلى تفجيرها من الداخل. وقد أدى هذا الوضع إلى تجميد الدعوة لأي اجتماع للحكومة سواء في قصر بعبدا أو القصر الحكومي".
واعتبرت "تشرين" أن زيارتي الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لم تستطيعا ان تحققا أي اختراق جدي باستثناء الدعوة إلى التمسك بالوحدة الوطنية وحل القضايا العالقة عبر الحوار وتصريحات متبادلة تؤكد الحرص على عدم تفجير الوضع الأمني والتمسك بالاستقرار.
ورغم تضارب المعلومات وتناقض المصالح فإن الوقت، برأي الصحيفة، يضيق وتضيق معه مساحة التلاعب في المواقف الأمر الذي يعقد الأمور ويمنع وضعها في نصابها الطبيعي: "هل نريد السير بالبلاد إلى الهاوية ام نعمل جميعاً على تقديم المصلحة العامة على المصالح الفئوية الضيقة؟".
ورأت أننا "وصلنا إلى مرحلة لم تعد تنفع فيها المواقف الوسطية أو الملتبسة ولم تعد تصلح معها العبارات الإنشائية التي لا تتحول إلى أفعال ملموسة...المطلوب اليوم وبكل بساطة ترجمة ما جاء في حديث الحريري إلى جريدة الشرق الأوسط وتحويله إلى واقع ملموس".
وذلك يعني، بحسب الصحيفة، أن على من ضلل وأساء وعرض أمن لبنان والعلاقة اللبنانية-السورية للخطر ان يدفع ثمن تزويره مع من فبرك وصنع ملف شهود الزور لحماية المجرمين وتوجيه أصبع الاتهام إلى الأبرياء "سوريا في البداية وحزب الله اليوم"، فالمطلوب اليوم أن يظهر للعلن ما قاله الحريري في مجالسه الخاصة مع الرئيس ميشال سليمان ورئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط عن جهوزيته لتنفيذ ما تتفق عليه السعودية وسوريا وليس الاكتفاء بقول هذا الكلام في الجلسات المغلقة. ولعل المفارقة الكبرى تكمن في مطالبة الحريري حزب الله والمعارضة باتخاذ مواقف معينة ومحددة تساعد على الخروج من الجمود بدلاً من ان يطالب نفسه وفريقه بتنفيذ ما يقوله والذي يشكل المدخل الوحيد لوضع الأمور في نصابها وإنقاذ لبنان من الفتنة.