ارشيف من :ترجمات ودراسات
الخليج الإماراتية : الولايات المتحدة تلعب دورا لا تستحقه
الولايات المتحدة تلعب دوراً لا تستحقه وغير مؤهلة له، فرضت نفسها وسيطاً بالقوة، وأسبغ عليها العرب صفة "الوسيط النزيه" بعدما محضوها تفويضاً وتنازلاً باعتبارها تمتلك 99 في المئة من أوراق قضيتهم، وقبلوا بأن تتنحى الأمم المتحدة جانباً رغم أنها هي وحدها المسؤولة عن هذه القضية والمعنية بمتابعتها وتنفيذ قراراتها .
منذ اللحظة الأولى لتولي الولايات المتحدة دور "الوسيط النزيه" في أعقاب حرب أكتوبر/ تشرين الأول ،1973 ومن ثم في أعقاب مؤتمر مدريد، كان واضحاً للجميع أنها دولة منحازة بالمطلق للكيان الصهيوني وتفتقد أدنى مقومات النزاهة والصدقية والأمانة . وكان حال العرب مع هذا الوسيط كحال الذي يعين لصاً لحماية أملاكه . ففي كل المفاوضات التي أدارتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة مع العرب أو مع الفلسطينيين كان واضحاً أنها تفاوض نيابة عن "إسرائيل"، وفي المراحل التي كانت تجد نفسها مضطرة لاتخاذ موقف كانت ترضخ للمطالب "الإسرائيلية" وتستسلم لإرادة الكيان الصهيوني، بل وتعمد إلى مكافأته بالدعم العسكري والسياسي، وتفرض عليه طوقاً دبلوماسياً من الحماية للحؤول دون معاقبته أو محاسبته جراء اعتداءاته وفظائعه ومجازره .
يتبدى الآن، وبشكل فظ، فشل الولايات المتحدة وعدم أهليتها للقيام بدور "الوسيط" من خلال عجزها عن تنفيذ ما كان الرئيس أوباما نفسه قد وعد به بشأن تجميد الاستيطان، ثم من خلال رضوخها لكل شروط حكومة نتنياهو، وأيضاً الضغوط التي تقوم بها عالمياً للحؤول دون الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، بعد أن بادرت البرازيل والأرجنتين إلى ذلك، وهذا يفضح أن دعوتها لقيام "دولة فلسطينية" تأتي في سياق حملة نفاق متواصلة لذر الرماد في العيون وإبقاء العرب والفلسطينيين رهن مفاوضات تدور في حلقة مفرغة، ووعود كاذبة بجهود تؤدي إلى تسوية عادلة .
لقد انكشف الستر الآن، بعد كل الذي جرى خلال جولات المفاوضات الأخيرة، ولم يعد بإمكان أحد أن يغطي شمس الحقيقة بالغربال بل لم يعد لدى أحد من ذريعة لتبرير استمرار الوساطة الأمريكية .
لكن، متى يمكن للعرب أن يسحبوا من أمريكا الأوراق المجانية التي منحوها إياها للعب بقضيتهم التي أوصلتها إلى التهلكة؟ ال 99 في المئة من الأوراق في أيديهم وليس في يد أمريكا إذا أحسنوا استعمالها، ولديهم القدرة إذا قرروا .