ارشيف من :ترجمات ودراسات

الدستور الأردنية : قرار غريب وتساؤلات مشروعة

الدستور الأردنية : قرار غريب وتساؤلات مشروعة

ضياء الفاهوم - صحيفة الدستور الاردنية


وافق مجلس النواب الأميركي مؤخرا على القرار التالي :"إن المجلس يجدد اعتراضه الشديد على أية محاولة أو السعي إلى الاعتراف بدولة فلسطينية خارج إطار اتفاق تفاوضي بين إسرائيل والفلسطينيين" وحث القرار القادة الفلسطينيين على"وقف كل الجهود لعرقلة عملية التفاوض" ودعا الدول الأجنبية إلى"عدم منح اعتراف من هذا النوع".

وبذلك يكون المجلس قد تغافل عن أن الذين يعرقلون عملية التفاوض هم المسؤولون الإسرائيليون الذين رفضوا تجميد الاستيطان وليس الفلسطينيون الذين أكدوا عدم فائدة التفاوض في الوقت الذي يواصل فيه الإسرائيليون ارتكاب جرائمهم بتهويد مدينة الأقصى المبارك ويقيمون مدنا كاملة في الأراضي العربية المحتلة ، وبذلك أيضا يضع مجلس النواب الأميركي نفسه أمام تساؤلات مشروعة حول موافقته على مثل هذا القرار أولها : هل لم يعلم المجلس بعد أن الذين يتحدون الولايات المتحدة الأميركية كلها هم الإسرائيليون وليس الفلسطينيون ؟ وثانيها : هل هذا المجلس يمثل مصالح الشعب الأميركي أم الصهيونية العالمية التي لا تقيم وزنا لأحد ؟ وثالثها : هل أراد مجلس النواب الأميركي باتخاذ مثل هذا القرار أن ينسف كل الوعود التي قطعتها الولايات المتحدة الأميركية على نفسها بأنها ستعمل على حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين ؟ ورابعها : هل يجوز لمجلس نواب دولة تدعي ليل نهار أنها حامية للديمقراطية أن يتطاول على أغلبية دول العالم التي أيدت ضرورة وقف الاستيطان الإسرائيلي في القدس والضفة الغربية والجولان وأكدت عرقلة إسرائيل لعملية السلام ؟ وخامسها : هل لم يسمع المجلس بإدانة الأمم المتحدة لعرقلة إسرائيل لجهود السلام وتأييدها الكامل لإنهاء النزاع العربي الإسرائيلي على أساس حل الدولتين ؟ وسادسها : هل وعى مجلس النواب الأميركي معنى رفض إسرائيل لطلب الولايات المتحدة بوقف الاستيطان والشروع في مفاوضات جدية تعالج قضايا الحل النهائي ؟ وسابعها : هل أخذ المجلس المحترم مصالح الشعب الأميركي الذي يمثله بعين الاعتبار عند اتخاذه هذا القرار العجيب الغريب ؟

إنه فعلا قرار عجيب غريب لمجلس النواب الأميركي الذي نأمل أن يعيد النظر فيه بما يجعله ممثلا للشعب الأميركي وليس لصهاينته إذا أراد أن تكون بلاد العم سام من البلدان التي تقف ضد الظلم الفاحش الذي أحاط بالشعب الفلسطيني أكثر من ستين عاما وإلى جانب الحرية والديمقراطية الصحيحة وكافة القضايا الإنسانية التي تتنافى مع العدوان ومحاولات إخضاع شعوب الأرض لغير ما تريده شعوبها أصحاب الحق الأول والأخير في الذود عن بلادهم ومصالحها الحقيقية .

أصبح الناس في كثير من أنحاء هذا العالم الذي ابتلي بعنصرية صهيونية هائلة يرون أن هذه الصهيونية البغيضة هي التي تسير أميركا كما تشاء وأن مجلس النواب الأميركي لم يعد يخجل من ذلك خاصة بعد أن تحدى اللوبي الإسرائيلي في أميركا بلادهم التي لولا مساعداتها الضخمة للكيان الغاصب في قلب ديار العروبة والإسلام لما استطاع الاستمرار في اغتصاب وطن غيره وتشريد أهله وقتل أبنائه بمن فيهم الأطفال والنساء وسجن الآلاف منهم والاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية في رحابه .

على كل حال الفلسطينيون قرروا ، بمساندة عربية جماعية ، السعي لاستصدار قرار من مجلس الأمن يضع حدا للاستيطان في الأراضي العربية المحتلة واتخاذ ما يلزم من إجراءات لتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة . ومن خلال ذلك ستتضح لهم الصورة تماما إزاء من يؤيد الحق والعدل وجنوح العرب للسلام القائم على العدل ومن يعارض ذلك .

ومن حق العرب عندئذ أن يقرروا من هم أصدقاؤهم ومن هم أعداؤهم وأن يتصرفوا بناء على ذلك في القادم من الأيام بتنسيق كامل وتضامن شامل وعزم كبير يضع حدا لكل أشكال المهاترات والخداع ، وإن غدا لناظره قريب .

2010-12-18