ارشيف من :آراء وتحليلات
لبنان: احتواء ام فوضى؟
سركيس ابوزيد
دخل لبنان في هدنة الاعياد والتي ترافقت مع تسريبات اعلامية عن تقدم المسعى السعودي - السوري، وقد لوحظ تراجع المواقف الحادة، وانحسار الخطابات التصعيدية. السؤال المطروح: ماذا بعد عطلة الميلاد ورأس السنة؟ احتواء، تسوية، صفقة ام فوضى؟
الحراك الدولي والاقليمي يعكس خطورة الوضع وارتباط الحالة اللبنانية بالاستنفار الاممي.
الرئيس الفرنسي ساركوزي يجري اتصالات مع الرئاسة السورية والقيادة السعودية والادارة الاميركية من اجل ترتيب الحلول للازمة اللبنانية.
أكد المجلس الاستراتيجي التركي - السوري في انقرة على استقرار لبنان وكذلك الامر في المحادثات القطرية الايرانية في طهران ، حيث اجرى امير دولة قطر محادثات مع الامام الخامنئي والرئيس الايراني حول الاستقرار في لبنان.
اما في لبنان تخيم أجواء متناقضة حول أزمة المحكمة وملحقاتها ... ففي البلد اليوم، مشروعان متوازيان لا يلتقيان على اي نقطة مشتركة... الأول، يسوق له فريق الحريري، ويروج أن كل الأجواء الدولية داعمة له، ومستنفرة لدعمه. والثاني على نقيضه، ويؤكد أن التسوية على نار حامية وتشمل كل الملفات الخلافية، من بيروت الى دمشق وواشنطن، مرورا ببغداد ورام الله... وتحمل حلولا للمحكمة وتعيينات أمنية، وتشكيلات قضائية، وتنازلات وضحايا...... وهذه الصفقة تتضمن إعادة إنتاج السلطة الفلسطينية وتشكيل الحكومة العراقية وغيرها من المقايضات الاقليمية على حساب الحلقة الاضعف.
لذلك الحلول مؤجلة والانتظار قد يطول ويتأخر شهرين أو أكثر... ورغم ذلك ارتفعت مؤخرا اصوات التطرف من الحلف الثلاثي المستعاد - صفير، جعجع، الجميل- إنها حشرجة الانعزالية الجديدة بعد شعورها بفوات اوانها ومحاولة اخيرة منها لتحسين شروطها في المساومة المقبلة عبر استدراج الخارج والاستقواء به.
وفي انتظار جلاء الصورة، انتهت السنة الحكومية والجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء قد لا تنعقد بعد ان أكدت مصادر السرايا أن لا جلسة قبل الاعياد ولا خلالها.
هكذا تنتهي السنة والحكم مجمد في براد المحكمة وشهود الزور وشظايا القرار الأميركي الإسرائيلي المفخخ.
سوريا والسعودية يسعيان الى احتواء الازمة اللبنانية بصمت وسرية، وتدعم جهودهما قطر وتركيا وإيران وفرنسا، وكلها دول تتوخى نزع فتيل الأزمة، باستثناء واشنطن وتل أبيب وبعض العرب واللبنانيين من فصيل الخراب، لانهم باختصار يتضررون من اي حل او تسوية.
تباينت التوقعات بشأن ما هو آت في المرحلة المقبلة، بينما يبقى لبنان في موقع الراصد المنتظر، بعد افشال مبادرات داخلية كانت ستساهم في تحريك الجمود المتشعب الناتج عن عدم بت ملف شهود الزور.
وهكذا وضعت الأزمة اوزارها بين عطلة العيدين. والحكومة تترنح بين مساعي الاحتواء التي يجهد لها قادة ال س س، واستحالة التسوية المشرفة لافتقار المعطيات والظروف، واستبعاد الصفقة التي تقايض القرار الظني بسلة الفساد، والخوف من فوضى غير مضبوطة.
مع هذا الجمود الحائر اكد رئيس مكتب الشؤون العامة في المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري كريستيان ثورالد انه عندما يقدم المدعي العام قراره سيكون مدعوما بملفات ومستندات كثيرة قد يأخذ بها قاضي الاجراءات التمهيدية او يردها او يأخذ ببعضها ويرد بعضها الآخر ويطلب مستندات اضافية، ونصح ثورالد اللبنانيين ان لا يتوقعوا ابدا عندما يسمعون بتسلم فرانسين القرار ان يحصلوا على تفاصيله فورا.
اي قرار ظني بالتقسيط - اذا صدر - والمزيد من الالتباس والانتظار، مما يوفر للادارة الاميركية فرصة ابتزاز اضافية تعمل خلالها على تسييس المحكمة واستعمالها كاداة ضغط وتهويل ومساومات في بازار صفقاتها في المنطقة .