ارشيف من :أخبار لبنانية
مواقف صفير وجعجع تلتقي مع تطرف فيلتمان على رفض س ـ س
سركيس ابوزيد
دخل لبنان في العام 2011 وهو ما زال في السباق المحموم بين القرار الظني والتسوية بين الانفراج والانفجار السياسي. وهو ما زال في حيرة وسباق على فك ألغاز الاتصالات الاقليمية والدولية والغموض الكثيف الذي يلف معادلة "س. س" ونتائج المساعي السورية السعودية التي تعمل على معالجة تداعيات القرار الظني والحؤول دون تحوله شرارة للفتنة في وضع لبناني سريع الاشتعال...
نجح حزب الله عبر حملة مركزة ومنهجية في تهشيم صورة المحكمة والنيل من صدقيتها، كما نجح في إفراغ القرار الظني من مفاعيله السياسية والمعنوية ومن عنصر المفاجأة.
بالمقابل يواجه الرئيس سعد الحريري اختبارا دقيقا، وبدل ان يكون القرار الظني ورقة تفاوضية في يده أصبح عبئا ولغما معدا للتفجير في وجه حكومته أولا.
أخطأ الحريري في تقدير موقف حزب الله ومدى الخطورة التي يمثلها القرار الظني على صورته ومكانته ودوره والتي تعادل خطورة اتفاق ١٧ أيار.
... والنتيجة ان البلد وقع في مأزق وورطة بدليل انه يرقص على حافة الهاوية تعمل قوى 8 اذار على تفادي السقوط فيها، بينما قوى الاعتدال في 14 اذار ما زالت مترددة وحائرة لذلك تماطل وتؤجل وتسوف.
... الخلاصة ان الوضع الذي يختزن عناصر التوتير والتفجير ما زال محافظا على تماسكه ولا ينفجر. وهذا يعني ان قوة الضبط ما زالت أكبر من عوامل التفجير والانهيار، وان الفتنة خط أحمر... والاستقرار الأمني حاجة وضرورة وطنية.
مع نهايات العام 2010، ظهرت بدايات أزمة حكم في لبنان ونماذج من الأزمات الآتية وما يمكن ان يكون عليه الوضع في حال صدر قرار ظني يتهم حزب الله ولا يكون مسبوقا بتسوية تلجم تداعياته. كما توقفت أعمال مجلس الوزراء وبات في حكم المعطل وباتت الحكومة فعليا "حكومة تصريف أعمال" غير قادرة على الاجتماع، واذا اجتمعت غير قادرة على اتخاذ قرارات. كما تعطلت هيئة الحوار الوطني وبدا ان الوضع وصل الى طريق مسدود والى مأزق فعلي لم يعد الخروج منه ممكنا الا مع انجاز تسوية سياسية شاملة بعدما جرى ربط الأمور بعضها ببعض. وهذه التسوية اللبنانية غير ممكنة الا في اطار معادلة ال "س. س" (سوريا السعودية). وقد اعلن حزب الله وسائر قوى 8 اذار عن تشجيعهم للمساعي السورية السعودية لانها بارقة الامل الوحيدة لاخراج لبنان من محنته بينما انقسمت قوى 14 اذار بين داعم بخجل ومشكك لانه متضرر من اي تسوية او حل. وتنكب مهمة التعطيل ثنائي التطرف المتمثل بالبطريرك صفير وسمير جعجع اللذين يتحركان على ايقاع المحافظين الجدد في الادارة الاميركية.
وقد عبر جعجع في اكثر من تصريح عن تحفظه على المساعي السورية السعودية، محيدا "الاخوة في السعودية " لان " كل همهم ان يبقى الاستقرار قائما في لبنان... لكن في النهاية الامر يعود الينا، ... ونقول نحن في انتظار السين - السين، وكأنه لم يعد هناك لبنان ولا دولة لها دستور وانظمة ومؤسسات، وكأننا أصبحنا مجموعة بدو رحل..." ويتابع جعجع تشكيكه بالقول "أن المسعى السعودي - السوري في اجازة".
من جهته يؤكد البطريرك صفير "ان الرهان على المسعى السوري - السعودي لا يكفي"
وقد تزامنت هذه التصاريح مع معلومات نقلتها جريدة النهار جاء فيها حرفيا:
"وقد كشف تحرك مساعد نائب وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، السفير سابقاً لدى لبنان جيفري فيلتمان، معطوفاً على تقرير "CBC" الكندية، وتصاريح مكتومة الهوية، رفض الإدارة الأميركية قيام تسوية على حساب المحكمة الدولية، تصب في مصلحة ايران- سوريا، وحليفهما اللبناني "حزب الله".
وحمل تقرير "CBC" الكندية رسالة واضحة ومباشرة الى الرئيس سعد الحريري، وعبره الى المملكة العربية السعودية، وفيها ان كل "تلاعب" من دون "البركة" الأميركية قد يفضي الى اتهام العقيد وسام الحسن بالضلوع في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، وبالتالي ارتداد الجريمة على آل الحريري أنفسهم، اذا لم تبرز معطيات أخرى عن تعاون الحسن مع منظمات أصولية وهّابية، سعودية المنشأ، تولت تنفيذ الجريمة مباشرة.
والرسالة تعني بوضوح ان كل اتفاق مع السوريين ممنوع، من دون ان تقدم دمشق المزيد من التنازلات في غير ملف عالق في المنطقة، وان التعاون السوري الإيراني القائم في العراق ليس كافياً، لأن تداخل الملفات، ودور سوريا وايران فيها، يعطيان الأخيرتين دوراً محورياً تحتاج اليه ادارة أوباما المتآكلة بفضل الضغوط الإسرائيلية عليها، حتى باتت عاجزة عن وقف الاستيطان أياماً أو أسابيع، لا وقفه في شكل نهائي."
وهكذا تتقاطع مواقف المتطرفين في الادارة الاميركية (فيلتمان) مع المتطرفين اللبنانيين (صفير- جعجع) على رفض المساعي السورية السعودية التي قد تفضي الى تسوية-حل يتضرر منها نجوم المرحلة السابقة التي اشرفت على نهاياتها.