ارشيف من :آراء وتحليلات
التقارب العربي مع العراق.. وقمة بغداد المقبلة
بغداد ـ عادل الجبوري
في ظرف ثلاثة اسابيع فقط لا اكثر زار العراق خمسة ساسة عرب يشغلون مواقع متقدمة في بلدانهم، هؤلاء الساسة هم وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط، ورئيس الوزراء الاردني سمير الرفاعي، والامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، ورئيس الوزراء الكويتي ناصر محمد الصباح، ورئيس الوزراء السوري محمد ناجي العطري، اضافة الى زيارة وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي، وزيارات اخرى قريبة مرتقبة لكل من وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو والرئيس عبد الله غول.
وهذه الزيارات جاءت بعد وقت قصير من اعلان تشكيل الحكومة العراقية الجديدة برئاسة نوري المالكي، وقبل حوالي شهرين من موعد القمة العربية المقبلة المزمع عقدها في بغداد.
ولا شك ان هذا الربيع الدبلوماسي في بغداد، يحمل رسائل مهمة وينطوي على معان كثيرة، تتمحور في مجملها على حقيقة ان هناك قراءة عربية اكثر واقعية للوضع العراقي راحت تتبلور وتتضح معالمها وملامحها شيئا فشيئا، ويبدو ان استحقاق القمة العربية اعطى زخما كبيرا - واكبر من اي وقت مضى- للحراك العربي تجاه العراق.
لا ترتبط تلك الرسائل بإمكانية توفر الظروف الامنية الملائمة التي تساعد على عقد القمة العربية المقبلة في بغداد والسلام، ولا ترتبط بمدى الحضور والتفاعل والتجاوب العربي ومستوى ذلك الحضور فحسب، ولا ترتبط بما يمكن ان تخرج به القمة من نتائج باتجاه اصلاح الواقع العربي وايجاد حلول ومعالجات لقدر غير قليل من المشاكل والازمات التي يرزح تحت وطأتها ذلك الواقع منذ عقود من الزمن فقط، ولا ترتبط تلك الرسائل حصرا بتحقق مكاسب معنوية للدولة العراقية قد تكون مهمة للغاية في هذه المرحلة.
كل ذلك صحيح ومنطقي وواقعي، ويمثل اهدافا محورية يسعى الجميع للتوصل اليها وترجمتها على ارض الواقع، وان بنسب ومستويات متفاوتة، بيد ان الاهم في دلالات عقد القمة العربية ببغداد هو انها تمثل خطوة حيوية لترميم العلاقات العراقية العربية واصلاحها وتصحيح مساراتها الخاطئة التي انتهجها النظام السياسي السابق في العراق، وابقتها على حالها تقريبا عوامل وظروف مختلفة بعد الاطاحة بذلك النظام في ربيع عام 2003، لسنا هنا بصدد الخوض بتفاصيلها.
ويبدو ان العرب في الاطار العام باتوا يدركون ويفهمون ويتفهمون جملة حقائق موضوعية، تبرز بعض مصاديقها على ارض الواقع، لعل من بينها:
ـ ان العراق بات مهيئا اكثر من أي وقت مضى للانخراط من جديد والاندماج مع محيطه العربي والاقليمي.
ـ ان هناك مصالح سياسية واقتصادية وامنية، انية واستراتيجية، تربط العرب ومجمل دول الاقليم مع العراق، وان سياسة خلط الاوراق واثارة الفوضى في هذا البلد لم ولن تأتي بأية نتائج ايجابية لاصحابها والمتبنين لها..
ـ ان الحوار والتواصل البناء افضل سبيل لحل المشاكل ومعالجة الازمات ايا كانت طبيعتها، فعلى مدى ثلاثة عقود او اكثر، كانت الحروب والمؤامرات والحملات الاعلامية والتسقيط والتشهير واثارة الفتن هي القائمة بين العراق واكثر من دولة عربية واقليمية، وكانت الحصيلة عشرات الالاف من الضحايا، والمليارات من الاموال الضائعة، وعشرات المدن المخربة، وما استتبع ذلك من التخلف والفقر والجوع والمرض والعوق الذي لحق بأعداد كبيرة من الناس، وما نشهده في العراق حاليا يعد من ابرز مصاديق ومخلفات السياسات الهمجية الرعناء لنظام البعث الصدامي المقبور.
وتعد خطوة مهمة ان يعيد العرب وغير العرب قراءاتهم، وينظرون بشكل مختلف واكثر واقعية للعراق، ويخرجون انفسهم من عقد ومشاكل وازمات الماضي التي لا بد ان يطويها النسيان، او ان تحل بطريقة ما، لتمهد الطريق لمرحلة جديدة تبنى فيها العلاقات على اساس المصالح المتبادلة والقواسم المشتركة والاحترام المتبادل وعدم تدخل هذا الطرف بالشؤون الداخلية للطرف الاخر، فضلا عن احترام وتقدير خصوصياته السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية والمذهبية، وتجنب سياسات الفرض والاملاءات والتهديدات، لانها لم تجد نفعا في السابق، ولن تجدي نفعا في أي وقت وفي أي مكان.
ـ ان الاوضاع السياسية وغير السياسية في العراق باتت تتجه نحو الهدوء والاستقرار اكثر فأكثر، وان الفرقاء السياسيين العراقييين اصبحوا اقرب الى بعضهم البعض، واخذت تضمحل وتتلاشى النزعات والمواقف المتطرفة التي كانت سببا في تأجيج الفتنة الطائفية وتوسيع رقعة الارهاب في الشارع العراقي.
وشيء طبيعي انه متى كان العراق قويا ومتماسكا ومستقرا داخليا، كان اقدر على التواصل مع الخارج، واكثر قدرة على استقطاب وجذب الاخرين للانفتاح عليه والتوجه اليه.
ومن دون شك فان القضايا العالقة بين العراق والدول الاخرى مثل الكويت وايران ومصر والعربية السعودية وسوريا ليست قليلة، وهي ربما تكون في بعض الاحيان على درجة كبيرة من التعقيد والتشابك والتداخل فيما بينها، بحيث لا يمكن حلها وحسمها خلال وقت قصير، ولا بد ان تتوفر الارضيات المناسبة والمناخات الملائمة لذلك، على اساس من الثقة المتبادلة.
فهناك قضايا ترسيم الحدود، وهناك قضايا الديون والتعويضات، وهناك قضايا الارهاب ومصادر تمويله ودعمه، وغيرها بين العراق ومحيطه العربي والاقليمي، وكلها اثرت وسوف تؤثر سلبا على واقع العلاقات العراقية ـ العربية ـ الاقليمية، وعلى مجمل الوضع العام في المنطقة.
وطبيعي ان كل واحد من الساسة الذين جاؤوا مؤخرا الى بغداد، حمل في جعبته جملة رؤى وتصورات وافكار لفك العقد واحتواء المشاكل والازمات بين بلاده والعراق، ولعل ذلك كان اكثر وضوحا مع رئيس الوزراء الكويتي الذي تزامنت زيارته مع ازمة اعتقال ومقتل عدد من البحارة العراقيين من قبل السلطات البحرية الكويتية، وهو الامر الذي كاد ان يفجر ازمة جديدة لولا التحرك السريع لاحتواء الموقف.
مع ذلك فان هذا الحراك العربي تجاه بغداد، لا يعني ان الطرق باتت سالكة نحو حلول ومعالجات جذرية وسريعة، اذ ما زال الوقت مبكرا جدا على الحديث عن اغلاق كامل لملفات الازمات، بل واكثر من ذلك ان الواقع العربي لم يشهد خلال تاريخه الحديث اغلاقا حقيقيا وكاملا لأي ملف، وهذا أمر طبيعي في ظل الخرائط الملغومة التي رسمتها الحقبة الاستعمارية للمنطقة.
وكذلك فإن الوقت ما زال مبكرا الى حد ما على الحديث عن الانعقاد الحتمي للقمة العربية المقبلة في بغداد، فتأكيدات الامين العامة لجامعة الدول العربية عمرو موسى بأن الحكومة العراقية قد اكملت استعداداتها لاستضافة القمة، يمثل امرا مهما، بيد انه غير كاف لاقناع كل ـ او حتى معظم ـ الاطراف العربية بجدوى وامكانية وفائدة الذهاب الى بغداد، لان القضية اكبر من حسابات امنية ترتبط بتأمين الحماية الكافية للوفود المشاركة، بل انها حسابات تفصيلية ومملة ومعقدة، وهي عبارة عن متاهات لها بداية وليس لها نهاية.
في ظرف ثلاثة اسابيع فقط لا اكثر زار العراق خمسة ساسة عرب يشغلون مواقع متقدمة في بلدانهم، هؤلاء الساسة هم وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط، ورئيس الوزراء الاردني سمير الرفاعي، والامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، ورئيس الوزراء الكويتي ناصر محمد الصباح، ورئيس الوزراء السوري محمد ناجي العطري، اضافة الى زيارة وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي، وزيارات اخرى قريبة مرتقبة لكل من وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو والرئيس عبد الله غول.
وهذه الزيارات جاءت بعد وقت قصير من اعلان تشكيل الحكومة العراقية الجديدة برئاسة نوري المالكي، وقبل حوالي شهرين من موعد القمة العربية المقبلة المزمع عقدها في بغداد.
ولا شك ان هذا الربيع الدبلوماسي في بغداد، يحمل رسائل مهمة وينطوي على معان كثيرة، تتمحور في مجملها على حقيقة ان هناك قراءة عربية اكثر واقعية للوضع العراقي راحت تتبلور وتتضح معالمها وملامحها شيئا فشيئا، ويبدو ان استحقاق القمة العربية اعطى زخما كبيرا - واكبر من اي وقت مضى- للحراك العربي تجاه العراق.
لا ترتبط تلك الرسائل بإمكانية توفر الظروف الامنية الملائمة التي تساعد على عقد القمة العربية المقبلة في بغداد والسلام، ولا ترتبط بمدى الحضور والتفاعل والتجاوب العربي ومستوى ذلك الحضور فحسب، ولا ترتبط بما يمكن ان تخرج به القمة من نتائج باتجاه اصلاح الواقع العربي وايجاد حلول ومعالجات لقدر غير قليل من المشاكل والازمات التي يرزح تحت وطأتها ذلك الواقع منذ عقود من الزمن فقط، ولا ترتبط تلك الرسائل حصرا بتحقق مكاسب معنوية للدولة العراقية قد تكون مهمة للغاية في هذه المرحلة.
كل ذلك صحيح ومنطقي وواقعي، ويمثل اهدافا محورية يسعى الجميع للتوصل اليها وترجمتها على ارض الواقع، وان بنسب ومستويات متفاوتة، بيد ان الاهم في دلالات عقد القمة العربية ببغداد هو انها تمثل خطوة حيوية لترميم العلاقات العراقية العربية واصلاحها وتصحيح مساراتها الخاطئة التي انتهجها النظام السياسي السابق في العراق، وابقتها على حالها تقريبا عوامل وظروف مختلفة بعد الاطاحة بذلك النظام في ربيع عام 2003، لسنا هنا بصدد الخوض بتفاصيلها.
ويبدو ان العرب في الاطار العام باتوا يدركون ويفهمون ويتفهمون جملة حقائق موضوعية، تبرز بعض مصاديقها على ارض الواقع، لعل من بينها:
ـ ان العراق بات مهيئا اكثر من أي وقت مضى للانخراط من جديد والاندماج مع محيطه العربي والاقليمي.
ـ ان هناك مصالح سياسية واقتصادية وامنية، انية واستراتيجية، تربط العرب ومجمل دول الاقليم مع العراق، وان سياسة خلط الاوراق واثارة الفوضى في هذا البلد لم ولن تأتي بأية نتائج ايجابية لاصحابها والمتبنين لها..
ـ ان الحوار والتواصل البناء افضل سبيل لحل المشاكل ومعالجة الازمات ايا كانت طبيعتها، فعلى مدى ثلاثة عقود او اكثر، كانت الحروب والمؤامرات والحملات الاعلامية والتسقيط والتشهير واثارة الفتن هي القائمة بين العراق واكثر من دولة عربية واقليمية، وكانت الحصيلة عشرات الالاف من الضحايا، والمليارات من الاموال الضائعة، وعشرات المدن المخربة، وما استتبع ذلك من التخلف والفقر والجوع والمرض والعوق الذي لحق بأعداد كبيرة من الناس، وما نشهده في العراق حاليا يعد من ابرز مصاديق ومخلفات السياسات الهمجية الرعناء لنظام البعث الصدامي المقبور.
وتعد خطوة مهمة ان يعيد العرب وغير العرب قراءاتهم، وينظرون بشكل مختلف واكثر واقعية للعراق، ويخرجون انفسهم من عقد ومشاكل وازمات الماضي التي لا بد ان يطويها النسيان، او ان تحل بطريقة ما، لتمهد الطريق لمرحلة جديدة تبنى فيها العلاقات على اساس المصالح المتبادلة والقواسم المشتركة والاحترام المتبادل وعدم تدخل هذا الطرف بالشؤون الداخلية للطرف الاخر، فضلا عن احترام وتقدير خصوصياته السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية والمذهبية، وتجنب سياسات الفرض والاملاءات والتهديدات، لانها لم تجد نفعا في السابق، ولن تجدي نفعا في أي وقت وفي أي مكان.
ـ ان الاوضاع السياسية وغير السياسية في العراق باتت تتجه نحو الهدوء والاستقرار اكثر فأكثر، وان الفرقاء السياسيين العراقييين اصبحوا اقرب الى بعضهم البعض، واخذت تضمحل وتتلاشى النزعات والمواقف المتطرفة التي كانت سببا في تأجيج الفتنة الطائفية وتوسيع رقعة الارهاب في الشارع العراقي.
وشيء طبيعي انه متى كان العراق قويا ومتماسكا ومستقرا داخليا، كان اقدر على التواصل مع الخارج، واكثر قدرة على استقطاب وجذب الاخرين للانفتاح عليه والتوجه اليه.
ومن دون شك فان القضايا العالقة بين العراق والدول الاخرى مثل الكويت وايران ومصر والعربية السعودية وسوريا ليست قليلة، وهي ربما تكون في بعض الاحيان على درجة كبيرة من التعقيد والتشابك والتداخل فيما بينها، بحيث لا يمكن حلها وحسمها خلال وقت قصير، ولا بد ان تتوفر الارضيات المناسبة والمناخات الملائمة لذلك، على اساس من الثقة المتبادلة.
فهناك قضايا ترسيم الحدود، وهناك قضايا الديون والتعويضات، وهناك قضايا الارهاب ومصادر تمويله ودعمه، وغيرها بين العراق ومحيطه العربي والاقليمي، وكلها اثرت وسوف تؤثر سلبا على واقع العلاقات العراقية ـ العربية ـ الاقليمية، وعلى مجمل الوضع العام في المنطقة.
وطبيعي ان كل واحد من الساسة الذين جاؤوا مؤخرا الى بغداد، حمل في جعبته جملة رؤى وتصورات وافكار لفك العقد واحتواء المشاكل والازمات بين بلاده والعراق، ولعل ذلك كان اكثر وضوحا مع رئيس الوزراء الكويتي الذي تزامنت زيارته مع ازمة اعتقال ومقتل عدد من البحارة العراقيين من قبل السلطات البحرية الكويتية، وهو الامر الذي كاد ان يفجر ازمة جديدة لولا التحرك السريع لاحتواء الموقف.
مع ذلك فان هذا الحراك العربي تجاه بغداد، لا يعني ان الطرق باتت سالكة نحو حلول ومعالجات جذرية وسريعة، اذ ما زال الوقت مبكرا جدا على الحديث عن اغلاق كامل لملفات الازمات، بل واكثر من ذلك ان الواقع العربي لم يشهد خلال تاريخه الحديث اغلاقا حقيقيا وكاملا لأي ملف، وهذا أمر طبيعي في ظل الخرائط الملغومة التي رسمتها الحقبة الاستعمارية للمنطقة.
وكذلك فإن الوقت ما زال مبكرا الى حد ما على الحديث عن الانعقاد الحتمي للقمة العربية المقبلة في بغداد، فتأكيدات الامين العامة لجامعة الدول العربية عمرو موسى بأن الحكومة العراقية قد اكملت استعداداتها لاستضافة القمة، يمثل امرا مهما، بيد انه غير كاف لاقناع كل ـ او حتى معظم ـ الاطراف العربية بجدوى وامكانية وفائدة الذهاب الى بغداد، لان القضية اكبر من حسابات امنية ترتبط بتأمين الحماية الكافية للوفود المشاركة، بل انها حسابات تفصيلية ومملة ومعقدة، وهي عبارة عن متاهات لها بداية وليس لها نهاية.